الاحتكار بعد الحرب.. نوافذ مفتوحة أمام برد الشتاء فأين الرقابة؟ – موقع قناة المنار – لبنان
المجموعة اللبنانية للإعلام
قناة المنار

الاحتكار بعد الحرب.. نوافذ مفتوحة أمام برد الشتاء فأين الرقابة؟

الاحتكار بعد الحرب
محمد علوش

بعد عدوان صهيوني همجي على لبنان والوصول الى وقف إطلاق في 27 تشرين الثاني الفائت بفضل ثباث المقاومة وصمود الشعب، وجد المواطنون أنفسهم أمام معركة جديدة تختلف عن القصف والدمار، هذه المرة، هي معركة اقتصادية تدور رحاها في الأسواق، حيث شهدت أسعار الزجاج والألمنيوم ارتفاعًا غير منطقي، الأمر الذي أثار استياءً شعبيًا واسعًا.

مأساة المواطنين بين الاحتكار والجشع

في ظل الحاجة الملحة لترميم المنازل التي تضررت في بيروت والجنوب والبقاع ومناطق أخرى، أضحى الزجاج والألمنيوم موادًا أساسية ومطلوبة بشدة، إلا أن الأسعار ارتفعت إلى الضعف أو أكثر وخاصة الزجاج، مما دفع الكثير من المواطنين إلى اتهام التجار بالاحتكار واستغلال الأزمة، إحدى السيدات في منطقة البسطة الفوقا في بيروت طالبت العامل الذي قصدته لإصلاح نوافذ منزلها بوضع ” نايلون” بدلًا من الزجاج بسبب الكلفة الباهظة.

مواطن آخر في الجنوب تواصل مع 3 مصادر من أجل تركيب الزجاج في بيته المتضرر، أحدهم طلب 40 $على المتر (الزجاج العادي السادة) وآخر طلب 38$ وآخر 30$ ويقول المواطن أنه اضطر للتركيب بسبب الشتاء،وهو كان قد دفع 13$ بدل سعر المتر قبل الحرب بقليل اي بفترة الأول من شهر أيلول .

شكاوى أصحاب المحلات الصغيرة

يؤكد أصحاب محلات الألمنيوم الصغيرة أن المسؤولية تقع على كبار التجار والمستوردين الذين يتحكمون بالسوق ويرفعون الأسعار بشكل يومي. وأشار أحد العاملين في تركيب الزجاج والألمنيوم إلى أن “التجار المحتكرين يستغلون حاجة الناس للمواد الضرورية لتحقيق أرباح خيالية”.

ويتحدثون أنهم يقضون وقتاً طويلاً لانتظار دورهم عند التجار للحصول على كمية قليلة من الزجاج ، ويقول أحدهم أن سعر الزجاج المشرط (البرونز) ارتفع من 30$ قبل الحرب إلى 100$ اليوم!!.

تبريرات التجار الكبار

من جانبهم، يشير كبار التجار إلى أن الزيادة في الأسعار تعود إلى ارتفاع تكاليف النقل والتفريغ والتحميل، مؤكدين أن أرباحهم تبخرت بسبب هذه التكاليف. أحد التجار نصح المواطنين بالتمهل قليلًا في شراء الزجاج نظرًا لوصول باخرة جديدة محملة بالزجاج خلال الأيام المقبلة، مما قد يسهم في خفض الأسعار.

وطلبنا من أحد التجار سعر المشرط الأبيض فأجاب أن السعر اليوم 55$ وعليكم ان تراجعونا كل يوم بيومه لان السعر يختلف من يوم إلى يوم !.

وزير الصناعة يدعو المواطنين إلى الابلاغ عن المحتكرين

والتقت المنار وزير الصناعة جورج بوشيكيان الذي جال على تجار الالمنيوم والزجاج، وابلغهم باستعداده لرفع دعاوى جزائية، اذا ما استمروا في استغلال المواطنيين المتضررين. وأكد بوشكيان انه لن يتهاون وسيتابع عن قرب كل تفصيل، ودعا المواطنين إلى إبلاغه عن اي مخالفة ليقوم بالمحاسبة سريعا، واصفا احتكار التجار بـ “العدوان”.

موقف وزارة الاقتصاد

مدير عام وزارة الاقتصاد، الدكتور محمد أبو حيدر، أكد أن” الوزارة تراقب قطاع الزجاج عن كثب، وقد تبين أن ثلاثة مستوردين فقط يستحوذون على 90% من السوق. وقال: “سُطرت محاضر بحق هؤلاء التجار بسبب رفع الأسعار بطريقة خيالية، وسنتخذ إجراءات قانونية ضد من يرفض خفض الأسعار”.

كما أشار إلى توفر تطبيق إلكتروني يمكن للمواطنين من خلاله رفع شكاوى حول الأسعار المرتفعة.

جمعية المستهلك: تجاوزات محدودة!

من جهة أخرى، قال رئيس جمعية المستهلك في لبنان، الدكتور زهير برّو، إن التجاوزات موجودة لكنها ليست بالحجم الكبير الذي يتم تصويره. إلا أن هذا التصريح قوبل بتشكيك واسع من قبل المواطنين الذين يعيشون الأزمة يوميًا.

لتقديم الشكاوى لدى جمعية المستهلك، الاتصال على الرقم (009611750650.)

بين قوانين الاحتكار والواقع المرير

الأزمة كشفت عن ضعف تنفيذ قوانين مكافحة الاحتكار وحماية المستهلك في لبنان. فرغم وجود هذه القوانين، بقيت السلطات عاجزة عن وضع حد لجشع “تجار الأزمات” الذين يزيدون من معاناة المواطنين في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة.

ماذا لو تدخلت الدولة بشكل أكبر؟

وسط كل هذه الفوضى، يبقى المواطن اللبناني الضحية الأكبر، محاصرًا بين جشع التجار وتقصير السلطات. وما لم تُتخذ خطوات جدية لضبط الأسعار وكسر الاحتكار، فإن الأزمة مرشحة للتفاقم، مما سيزيد من الأعباء على كاهل الشعب الذي يكافح لإعادة بناء ما دمرته الحرب.

ونسأل هنا ألا يمكن للدولة اليوم أن تساهم ببعض الإجراءات مثلا اعفاء الجمرك والضرائب عن المواد الأساسية المستعملة في اعادة الاعمار والبناء من اجل التخفيف عن كاهل المواطنين وضبط السوق من خلال رقابة اكبر ومداهمات من الاجهزة الامنية المختصة لكي يخف الاحتكار ؟ الا يستأهل هذا الشعب المضحي والصامد القليل من الاجراءات والتحرك ؟!.

المصدر: موقع المنار