“.. كنتيجة لمعركة أولي البأس نحن امام انتصار كبير للمقاومة اكبر من انتصار تموز..”، كلام واضح لا لبس فيه أعلنه الامين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم في كلمته يوم 30-11-2024، بأن لبنان ومقاومته وشعبه حققوا نصرا كبيرا مبينا على العدوان الاسرائيلي في حربه التي شنها على هذا الوطن ووسعها في ايلول/سبتمبر 2024.
فلا شك ان المتابع لمجريات العدوان وما سبقه وكيف وسعه العدو من حيث الاسلوب الاجرامي الانتقامي باعتماد تفجير الباجيرات ومن ثم العمل على اغتيال العديد من القادة وصولا لاغتيال سيد شهداء الامة الشهيد القائد السيد حسن نصر الله(قده) ومن ثم اغتيال الشهيد السيد هاشم صفي الدين، ورغم كل الدعم العسكري والسياسي والاعلامي الغربي الاميركي للعدو، إلا ان المقاومة استعادت المبادرة ولم تتراجع او تضعف، بل أعطتها دماء الشهداء المزيد من الاصرار والعزيمة والثبات ما جعلها تواصل ضرب كيان العدو بشكل تصاعدي وصولا لاستهداف حيفا وما بعدها حتى تل ابيب، وبالتوازي فإن إفشال المقاومة للعدوان البري الصهيوني على جنوب لبنان والشكل الذي تم التصدي به للعدوان عند قرى الحافة الامامية للحدود مع فلسطين المحتلة، شكّل محطة بارزة في تراجع العدو وتقهقره وسعيه للبحث عن مخارج لوقف الحرب.
وبهذا الانتصار فرح الشعب اللبناني بغالبيته الساحقة من مختلف المناطق والمكونات وبكل قواه الوطنية والحية، باستثناء قلة من السياسيين والاعلاميين التي تصرّ على رفض فكرة ان المقاومة انتصرت، وهي نفس الفئة التي كانت تروج خلال الحرب ان حزب الله انتهى ولا قدرة له على مواجهة “إسرائيل” وانه يجب عليه الاستسلام، وللتذكير فهذه نفس الفئة السياسية التي كانت منذ العام 1982 وصولا للعام 2006 طالما كانت ترفض مواجهة العدو الاسرائيلي، فمن كان يرفع هذه الشعارات الانهزامية ذات الطابع الخياني القابل للخضوع للجلاد المحتل المعتدي، لم يعد باستطاعته النزول عن الشجرة والاعتراف ان المقاومة انتصرت وهزمت العدو، وللأسف ان في لبنان اليوم هناك من راهن على هزيمة أبناء وطنه فقط لاستغلال ذلك في السياسة الداخلية والحصول على بعض المكاسب هنا وهناك ولإرضاء بعض رعاته الاقليميين والدوليين.
وانطلاقا مما سبق يطرح سؤال بديهي، لمن هذا النصر الكبير الذي حققته المقاومة؟؟
حول ذلك، أجاب الشيخ نعيم قاسم في كلمته الأخيرة بشكل واضح ان هذا النصر “هو لكل من ساهم بصنعه بالرصاصة والجرح والدعاء والكلمة والمؤازرة، هو لكل من تمناه لكل شريف وحرّ أيّد المقاومة ودان العدوان…”.
وانطلاقا من ذلك فإن كل من عمل او توقع او أمل وتمنى ان تنتصر المقاومة فهو معني بهذا النصر ويعتبر هذا نصره، ناهيك ان هذا النصر هو لله بالدرجة الاولى، ومن ثم للمقاومين الأبطال والجرحى المضحين وللشهداء الذي ضحوا بأنفسهم كي نحيا حياة كريمة عزيزة، وفي مقدمتهم سيد شهداء الامة السيد حسن نصر الله، والنصر هو لعوائل الشهداء والجرحى والمقاومين، ولجمهور المقاومة من النازحين والمهجرين ولمن صمد منهم في قراهم ومدنهم، وأيضا النصر للبيئة الحاضنة في لبنان من كل المناطق والطوائف ممن استقبل وقدم الخدمة للنازحين ورفع راية الوحدة الوطنية وندد بالعدوان بعيدا عن أي حسابات او خلافات سياسية، هؤلاء بالتأكيد تهدي لهم المقاومة وقيادتها هذا النصر، كما ان النصر هو لشريك المقاومة وحزب الله، المفاوض الحكيم والصلب الرئيس نبيه بري ومن خلفه لحركة أمل وجمهورها وشبابها، وبهذا الإطار أكد الشيخ قاسم ان “حزب الله وحركة أمل جسد واحد في تنظيمين”، فلا فارق بينهما وهما في مركب واحد.. والنصر واحد.
كما ان النصر لا شك يعني كل من دعم لبنان ومقاومته، سواء بالكلمة او الموقف او باحتضان النازحين، ولذلك فالنصر هو لدول وشعوب شقيقية مضحية على رأسهم فلسطين واليمن والعراق وسوريا وإيران، ولكل المتضامين في البحرين وبقية شعوب الجزيرة العربية وشمال إفريقيا وغيرهم من أحرار العالمين العربي والاسلامي وكل العالم أحرار العالم ممن وقفوا ضد الغطرسة الصهيونية الاميركية الغربية التي ارتكبت بالمباشر وغير المباشر جرائم ضد الانسانية يندى لها الجبين تنتمي للقرون الغابرة ونحن في العام 2024.
وبالنهاية يبقى ان نؤكد ما قاله سيد شهداء المقاومة الشهيد الاقدس في مسيرة حزب الله الشهيد السيد حسن نصر الله في كلمة له يوم 5-9-2008 حيث أوضح ان “المقاومة هي تعبير وتجسيد لإرادة الشعب الذي يعرف طريقه وهدفه، والمقاومة عرفت عدوها ولم تخطئ في تشخيصه..”، واكد ان “حزب الله قد ولد وفي جبينه مطبوع النصر”.
المصدر: موقع المنار