بدأ التحقيق في قضية “الوثائق السرية المسربة” من مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، التي أدت إلى اعتقال عدد من الأشخاص وبينهم المستشار الإعلامي لنتنياهو إيلي فيلدشتاين، بمبادرة الجيش الإسرائيلي، في أعقاب تسرب “معلومات سرية للغاية” من وحدة التنصت الإلكتروني 8200 في الاستخبارات العسكرية، من دون معرفة كيف تم التسريب.
وتوجه نتنياهو برسالة إلى المستشارة القضائية للحكومة يطالب من خلالها بفتح تحقيق في التسريبات من جلسات أمنية؛ ومما جاء في رسالته، أن “هناك سيلا متواصلا من التسريبات الخطيرة والكشف عن أسرار الدولة، على الرغم من طلباتي المتكررة بالتحقيق في التسريبات، إلا أنه لم يتم إجراء أي شيء”.
وأفادت وسائل إعلام إسرائيلية بأن الشاباك اعتقل اليوم، الإثنين، ضابطا في الجيش الإسرائيلي برتبة رائد في قوات الاحتياط، يشتبه بأنه ضالع في القضية، ليصل عدد المعتقلين في القضية إلى خمسة، تم تحويل أحدهم إلى الاعتقال المنزلي.
وأورد موقع “هآرتس”، أن المعتقلين الأربعة يعملون في نفس الوحدة العسكرية، والتي تتمثل وظيفتها الرئيسية في الحفاظ على المعلومات السرية ومنع تسريبها.
وتوجه الجيش إلى الشاباك بهدف معرفة كيفية تسرب معلومات سرية للغاية، ومنع استمرار التسريب، لكن من دون العلم أن التحقيق سيتوصل إلى فيلدشتاين (32 عاما)، الذي كان مستشارا لنتنياهو للشؤون الأمنية في السنة الأخيرة.
والمكان الذي تسربت منه المعلومات لم يكن كبيرا ولم يتواجد فيه أشخاص كثيرون، وكان موقعا معزولا، “الذي فيه قرر عدد قليل من الأشخاص بأنفسهم إعطاء المعلومات السرية إلى شخص غير مخول للاطلاع عليها، ومنه وصلت المعلومات إلى فيلدشتاين، الذي بدوره نقله، حسب الشبهات، إلى صحيفة ’بيلد’ الألمانية”، وفقا لموقع “واينت” الإلكتروني.
وأضاف “واينت” أن الأمر المهم في هذه القضية ليست دقة المعلومات السرية نفسها، التي توصف بأنها “وثائق السنوار”، وإنما المكان الذي تسربت المعلومات منه.
وشدد مصدر مطلع على تفاصيل القضية أنها لا تتعلق بتحقيق حول التسريب، وإنما غاية التحقيق هي معرفة كيف تسربت معلومات سرية للغاية لجهات ليست مخولة بالاطلاع عليها، أي مصدر التسريب. وفي هذه المرحلة، هناك شبهات ضد ضباط في الاحتياط برتب متدنية، حسبما نقل عنه “واينت”.
وأضاف “واينت” أن هذه القضية تمس بأمن الدولة وتلحق ضررا. والوثيقة المسربة “تعالت بواسطة منظومات استخباراتية ولم يُعثر عليها في أنفاق حماس في قطاع غزة، وعندما تسربت لم يعودوا يرون الوثيقة في إسرائيل فقط، وإنما تراها حماس أيضا. وعندما تعلم حماس بأن الوثيقة تسربت، ستدرك ما الذي تراه وتعلم به إسرائيل، وبذلك سيكون بإمكان حماس أن تعلم بهوية الأشخاص في الحركة الذين تسربت المعلومات منهم (على ما يبدو من خلال وسائل تنصت متطورة). وكان هدف الشاباك منذ فتح التحقيق إحباط وإيقاف محور التسريب”.
وتم توظيف فيلدشتاين، في الأيام الأول بعد شن الحرب على غزة، في منصب متحدث لوسائل الإعلام في المواضيع العسكرية والأمنية، وهو منصب لم يكن موجودا من قبل، وذلك رغم أن مكتب وزير الأمن هو الذي كان يقوم بإحاطات كهذه للمراسلين العسكريين.
وفي بداية الأسبوع الثاني للحرب على غزة، طلب مدير عام مكتب رئيس الحكومة ضم فيلدشتاين إلى غرفة الطوارئ القومية في وزارة الأمن كمندوب عن مكتب رئيس الحكومة. وتم تعيينه على أنه ضابط في الاحتياط تابع “لشبكة الطوارئ القومية”.
نتنياهو يلمح لإقالة المستشارة القضائية: “إنها صدامية تجاهنا وأطلب حلا لهذا الوضع”
ووجه رئيس الحكومة الإسرائيلية، خلال اجتماع الحكومة الإثنين، انتقادات شديدة للمستشارة القضائية للحكومة، غالي بهاراف ميارا، واعتبر أنها “صدامية تجاهنا، وأطلب حلا لهذا الوضع”.
وجاء هجوم نتنياهو ضد المستشارة في أعقاب أقوال وزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير، أن “الحل للازدحام في السجون مؤقت، إلى حين يسمحون بالاعتقال داخل المجتمع، الذي سيؤدي إلى إخلاء أماكن كثيرة في السجون، والمشكلة هي أن المستشارة القضائية تعارض، وهي تعارض أي شيء جيد”.
وأضاف أن “المستشارة حاولت منع توزيع السلاح أيضا على مواطنين، والجميع يدركون الآن أهمية ذلك من أجل إنقاذ الحياة”. وحسب الوزير دافيد أمسالم، فإن “كافة الأمور تتوقف عندها، وبسببها انتقلنا إلى العمل بواسطة مشاريع قوانين شخصية”. ودعا وزير الاتصالات، شلومو كرعي، إلى “إقالتها”.
وعقب نتنياهو على أقوال الوزراء، قائلا إن “هذه دائرة استشارة قانونية صدامية. لقد رأينا ما الذي صادقوا عليه في الحكومة السابقة، اتفاقيات غاز غير قانونية (أي اتفاق الحدود البحرية مع لبنان)، تعيينات في حكومة انتقالية. لا يمكن العمل بهذا الشكل. وأطلب من (وزير القضاء) ياريف ليفين تقديم اقتراح حول كيفية حل هذا الوضع. إنها صدامية معنا”.
وقال رئيس المعارضة، يائير لبيد، معقبا إن “تهديدات نتنياهو على المستشارة هي دليل على أن الحكومة تعود إلى الانقلاب على النظام القضائي (إضعاف جهاز القضاء) بكامل القوة. وسنعمل من أجل منع إقالتها بشكل قانوني وشعبي وبأي طريقة. ومحاولات استبدالها هي جزء من محاولة نتنياهو وحكومته أن يهدموا من الأساس الديمقراطية الإسرائيلية أثناء الحرب”.
وحسب رئيس كتلة “المعسكر الوطني”، بيني غنتس، فإن “حقيقة أن نتنياهو منشغل بتحييد حراس العتبة، فيما توجد قضية خطيرة واشتباه بالمس بأمن الدول داخل مكتب، ينبغي أن تقلق جميع مواطني إسرائيل”.
المصدر: عرب 48