جاءت العملية البطولية على معبر الكرامة بين الاردن وفلسطين المحتلة والتي نفذها الشهيد الأردني ماهر الجازي، لتؤكد من جديد بقاء الشعوب العربية على ثورتها بجانب الشعب الفلسطيني وقضيته المحقة ورفضها للاحتلال الاسرائيلي لهذا الارض ولوجود هذه الغدة السرطانية في جسد الأمة.
ولعل من المسائل المهمة التي أعادت هذه العملية الإضاءة عليها ونحن في أوّج غطرسة العدو ومن يدعمه ويؤيده في الغرب والمنطقة من أنظمة وقيادات، هي ضرورة العودة الى العمل الفدائي المقاوم بكل أشكاله من كل فرد عربي في الداخل الفلسطيني او في الدول المحيطة وخاصة تلك التي عقدت ما يسمى “إتفاقيات سلام” مع العدو.
وقد نبهت هذه العملية البطولية من جديد للحاجة الملحّة للعمل الشعبي المقاوم الفدائي المسلّح سواء كان ضمن الأطر التنظيمية للفصائل المقاومة أم فقط من بنات أفكار وإعداد وتنفيذ نفس الفرد المقاوم الاستشهادي الذي يواجه العدو وقواته الامنية والعسكرية وقدراته اللوجستية والفنية لوحده، فبكل الأحوال فإن هذه العمليات ستؤرق الاحتلال والمستوطنين وستفقد الكيان الأمن والأمان رغم كل تعنته وجبروته وظلمه.
فهذا الزمن هو زمن العمليات ضد الصهاينة على تنوعها، سواء الطعن بالسكين او الدهس بالآليات والسيارات او تفجير العبوات الناسفة او إطلاق الرصاص من مسدس فردي او بارودة او سلاح فردي أيا كان نوعه او شكله، فالهدف يجب ان يكون استهداف وقتل وجرح كل محتل ببدلة عسكرية او بلباس مدني من الصهاينة على أرض فلسطين المحتلة، إن كان في القدس او الضفة المحتلتين او في بقية الارض المغتصبة، او على الحدود المؤدية الى تلك الارض المحتلة سواء قرب الحدود المصرية او الاردنية او اللبنانية والسورية او في البحر إن نجح أحد بذلك، فهذا الزمن هو زمن أسقط فيه العدو الاسرائيلي كل الخطوط الحمر باتجاه أهل غزة والضفة وبالتالي يجب ان يكون الرد من نفس الحجم والنوعية بما يفقد العدو عقله وقدرته على السيطرة وانتظار الضربات الفردية او الجماعية في الداخل او على الحدود.
وحول جدوى مثل هذه العمليات وآثارها على الامة وعلى الشعب العربي ومن ثم على الشعب الفلسطيني وعلى العدو والمستوطنين وامن الكيان الغاصب، هنا لا بد من الإشارة الى عدة نقاط، منها:
-إن هذه العمليات بالتأكيد تزيد من إحياء القضية الفلسطينية الى الواجهة من جديد كما فعلت عملية طوفان الاقصى، وبالتالي فإن هذه العمليات تعيد تصويب البوصلة ان في هذه المنطقة هناك كيان يحتل أرضا عربية منذ عشرات السنين ولا ينفع كل محاولات التطبيع مع العدو التي تغرق بها بعض الانظمة العربية والخليجية، فكل التواطؤ والتخاذل لا يجدي نفعا في إعطاء أي شرعية لهذا الاحتلال مهما طال الزمن ومهما كان الوجوه المطبعة او الخائنة للامة.
-إن العمليات ضد قوات العدو والمستوطنين تعيد التأكيد ان هذا الكيان المصطنع في ارض فلسطين هو كيان غير قابل للحياة الطبيعية هنا ومع سكان الأرض الأصليين في فلسطين وكل المنطقة، ولا حل إلا برحيل الاحتلال وعودة هؤلاء المرتزقة كل الى حيث أتى.
-إن العمليات البطولية تزيد من عزيمة المقاومين في غزة والضفة والقدس ولبنان وسوريا واليمن والعراق وايران وكل “دول الطوق” وتؤكد ان وحدة المقاومة قائمة ولو بغير اتفاق موقع من هذا المقاوم او ذاك، ففلسطين هي الصك الجامع والعقيدة الراسخة لدى شريف وحر في هذه المنطقة وفي كل العالم.
-إن العمليات البطولية المنتظرة من الشعوب العربية والإسلامية لا سيما في الدول المحيطة بفلسطين وخاصة في الدول التي تربط أنظمتها بما يسمى “اتفاقيات سلام” مع العدو الاسرائيلي، هذه العمليات تظهر ان الشعوب(سواء تحركت او سكتت رغما عنها خوفا من القمع والاعتقالات) هي رافضة لكل تواصل او اتصال مع العدو المحتل ولا تقبل بكل ما يجري.
-إن عملية معبر الكرامة في الأردن وغيرها من العمليات المنتظرة ستكون جرس إنذار لايقاظ كل شاب عربي ومسلم انخدع ببعض الدعايات الإعلامية والتلميع الذي يهدف لتبييض صورة العدو والإدارة الأميركية وكل من يتحالف معهم في المنطقة والعالم.
كل ما سبق يوجب قول كفى لكل المطبعين والخانعين سواء في الداخل الفلسطيني وبالتحديد في الضفة المحتلة او خارج حدودها في الدول العربية والإسلامية، لأن كل ما يجري اليوم في غزة ليس فقط تتحمل مسؤوليته “إسرائيل” وإنما كل من سكت وتواطأ على فلسطين ودس رأسه بالتراب كالنعامة كي لا يشاهد ولا يسمع بما يجري.. ولكن دائرة المقاومة ستتسع وفيضها قادم ليجرف معه كما نهر الأردن ونهر النيل كل خائن ومحتل وإن غدا لناظره قريب.
المصدر: موقع المنار