ماذا تعني تسمية عملية “يوم الأربعين” في علم الاستراتيجيا؟ – موقع قناة المنار – لبنان
المجموعة اللبنانية للإعلام
قناة المنار

ماذا تعني تسمية عملية “يوم الأربعين” في علم الاستراتيجيا؟

172461415710339200
د.محمد ترحيني

اختار حزب الله توقيت رده على اغتيال القيادي في الحزب فؤاد شكر في يوم ذكرى أربعين الامام الحسين(ع)، هذا التوقيت لم يكن من قبيل الصدفة انما يحمل في طياته رسائل استراتيجية متعددة المعالم والاتجاهات، للداخل اللبناني والخارج والعدو والصديق وحتى على مستوى البنية العسكرية للحزب نفسه.

الأول والاكثر أهمية على مستوى العدو: في هذه النقطة لا بد بداية من توضيح مسألة مركزية في العلوم الاستراتيجية وعلم الجيوبوليتيك ترتبط بمقياس القوة العسكرية لاي دولة أو منظمة، فالقوة العسكرية تقوم على مرتكزين اساسيين هما الديموغرافيا والارادة القتالية باعتبارهما البنى الاساسية لأي تنظيم عسكري تلحقه باقي الجوانب المادية والاقتصادية والتكنولوجية….. والحروب العسكرية تحسم حصرا من خلال قوى البر مهما كان دور القوات الجوية والبحرية مؤثرا، حيث يعتبر العنصر البشري عمادة قوى البر. هنا يتضح دور الديموغرافيا حيث يشكل عديد القوة العسكرية عاملا محوريا في حسم المعارك العسكرية، وانه لمن الاهمية ان نشير هنا ان المقصود بالقوة العسكرية ينقسم الى فرعين: القوة الفعلية والتي تشمل العديد في الخدمة الفعلية والمقاتلين المنظمين والموزعين على التشكيلات القتالية، الفرع الثاني هو القوة الكامنة والتي تشمل العناصر الذين يمكن الحاقهم بالعديد الفعلي للجيوش من خلال انظمة الاحتياط والتعبئة، حيث تلعب الديموغرافيا دورا حاسما في زيادة القوة العسكرية على الفرعين، سواء العديد المحقق والعديد الذي يمكن الحاقه، حيث يتمتع بالافضلية الطرف الذي يمتلك التفوق الديموغرافي ويتمتع بالارادة القتالية المبنية على عقيدة راسخة.

هذه النقطة تحديدا تعتبر نقطة استراتيجية في ابعاد عملية يوم الاربعين ومدلولاتها، فهي اشارة واضحة الى الواحد والعشرين مليونا المحتشدين في كربلاء بعقيدة وولاء وثبات والوافدين من مختلف دول المواجهة وان ميزان القوى البشري يصب في مصلحة محور المقاومة وان هذه القوى تمتلك افضلية النفس الطويل واطالة امد الحرب والاصبر في حروب الاستنزاف لاسيما بما تمتلك من تقدم في التسليح والتكنولوجيا ووسائط ادارة المعركة وهو ما اشار اليه السيد نصرالله متعمدا اكثر من مرة، وبالتالي تمتلك الافضلية في المناورة من خلال عامل الوقت وتعدد الجبهات ورقعة المعارك.

ثانيا على مستوى البنية العسكرية للحزب: جاء اختيار ذكرى اربعين الامام الحسين كتوقيت لساعة الصفر بما يحمل في طياته من معنويات وروحية للعناصر والوحدات المعنية بالتنفيذ والالتزام التام بالخطط الموضوعة اضافة الى ما تضفيه هذه المناسبة من ثقة وروحية لدى المقاتلين وايمانهم بالتسديد والتوفيق والنجاح مما يرفع من نسب نجاح العملية.

ثالثا على مستوى البيئة الحاضنة: ان اختيار ذكرى الاربعين بما تحمله هذه الشعيرة من مكانة ومركزية وابعاد في النهضة الحسينية والتراث الاسلامي ومن معاني البذل والتضحية والصبر جاءت عملية يوم الاربعين لتكريس وتعزيز وحدة الاهداف والتلاحم والوعي الشعبي للبيئة الحاضنة مع الحزب.
بعد هذا العرض لهذه الخلفيات لتوقيت عملية يوم الاربعين يمكن ان نرى الابعاد الاستراتيجية لادارة المعركة من قبل محور المقاومة وانها ترتكز على المناورة بعامل الوقت والاستنزاف بناء على رؤيا واضحة المعالم والاهداف والمرتكزات لا سيما لجهة تعدد الجبهات المتاحة مع توزيع الادوار فيما بينها بما يساعد في الضغط لتحقيق وقف لاطلاق النار في غزة.

د. محمد ترحيني | متخصص في العلاقات الدولية

المصدر: موقع المنار