بعد ارتكاب العدو الاسرائيلي لمجزرة جديدة في قطاع غزة جراء قصفه بالطيران مدرسة التابعين في رفح ما أدى الى استشهاد اكثر من 125 مدنيا وجرح العشرات، صدرت بعض المواقف الغربية حول ما حصل، ولا بد من عرض نماذج منها:
-وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي دعا “حركة حماس إلى التوقف عن تعريض المدنيين للخطر في قطاع غزة بعد الغارة الإسرائيلية على مدرسة هناك والتي أودت بحياة أكثر من 125 مدنيا…”.
-المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي شون سافيت أعرب عن “القلق البالغ من قصف إسرائيل مدرسة التابعين بغزة.. نشعر بالحزن على كل مدني فلسطيني فقدناه في هذا الصراع، بمن فيهم الأطفال..”، وتابع انهم “على اتصال بنظرائهم الإسرائيليين للحصول على مزيد من التفاصيل”.
-وزارة الخارجية الفرنسية قالت في بيان لها إنه “على مدار أسابيع عدة تم استهداف المباني المدرسية بشكل متكرر ما أدى إلى عدد لا يطاق من الضحايا المدنيين”، واضافت أن “فرنسا تذكر بأن احترام القانون الانساني الدولي واجب على الاحتلال الإسرائيلي”.
وعرض هذه المواقف يأتي في إطار فهم المزيد عن طريقة التعاطي الغربية مع المجازر اليومية التي يرتبكها العدو الصهيوني في غزة، حيث يقتل المدنيين العزّل بمن فيهم من النساء والاطفال دون اي مراعاة لأحكام القانون الدولي الانساني الذي يفرض حماية كاملة ويؤكد على الحفاظ على حياة المدنيين خلال فترة السلم وعدم استخدام القوة المسلحة ضدهم، وهذا ما لا تلتزم به “اسرائيل” وتواصل -بضوء أخضر غربي اميركي بريطاني وبتخاذل وتواطؤ العديد من الانظمة العربية في المنطقة- ارتكاب كل ما نصت عليه القوانين الدولية من جرائم، لا سيما جرائم الحرب وضد الانسانية والابادة والعدوان، والأمثلة باتت أكثر من أن تعد وتحصى، ولكن الغرب الرسمي يصرّ على تأكيد لاإنسانيته في هذه الحرب التي تشن ضد المدنيين في غزة.
وهذا الغرب يعيد التأكيد يوميا ومنذ 10 أشهر، انه لا يؤمن حقيقة بحقوق الإنسان بل هو يرفع شعارات فقط ويستخدمها بحسب ما تتطلبها مصالحه ومصالح الكيان الذي زرعه في هذه المنطقة ويدعمه منذ العام 1948 وحتى اليوم، واللافت ان البعض يحاول إصدار بيانات مواربة بدون ان يكون له القدرة والجرأة على قول الحقائق كما هي على الرغم من كل هذه الاثباتات التي تُبث على الهواء مباشرة وتدلل على مدى الإجرام الإسرائيلي.
وبالتالي نرى بعض الانظمة الغربية وحتى العربية تصدر بيانات تطالب فيها بإنهاء الحرب وتسليم الرهائن وتستنكر ايضا الجريمة، وكأن هناك ما يبرر هذه الجرائم التي ترتكب من قبل العدو، كما نرى بعض الانظمة تصدر بيانات استنكار بعد كل هذه الفترة من العدوان مع دعوة ما يُسمى “المجتمع الدولي” لمحاسبة “إسرائيل”!! علما ان هذه الانظمة تتحالف وتنفذ أجندات هذا “المجتمع” ولم يظهر أنها قامت في لحظة ما بأي محاولة حقيقية او جدية لدفعه للتدخل لوقف العدوان على غزة ناهيك عن المطالبة بمحاسبة العدو.
علما ان كل ما جرى على المدنيين في “مدرسة التابعين” جاء بعد ساعات من “الاعلان المصري القطري الاميركي” الذي تضمن كلاما عن وقف الحرب… حتى بات الأمر وكأن البيان المذكور قد تلقى الرد المباشر من الحكومة الاسرائيلية ورئيسها بنيامين نتانياهو وجيشها المتوحش عبر المزيد من قتل للمدنيين، فهل التفاوض لوقف العدوان يتم بهذه الطريقة؟ وأي طريقة للتفاوض تلك التي تتم على دماء وأشلاء الاطفال والمدنيين في غزة؟
فالموضوع يفسر بأحد أمرين:
-إما انه استهتار إسرائيلي بـ”الاعلان الثلاثي”، وبالتالي رفض صريح ومسبق له بما يتضمنه من تأكيد على رفض وقف العدوان تماشيا مع كلام نتنياهو لوسيلة اعلامية اميركية.
-إما انه محاولات لضغط المقاومة الفلسطينية للقبول بشروط معينة تحت وطأة ضرب المدنيين وقتلهم وبالتالي التفاوض تحت النار، وهذا الامر طالما اعلنت المقاومة وبالتحديد حركة حماس انها لا تقبل به ولا يجدي نفعا معها.
والأكيد انه لا يمكن للعدو ان يحصل في الوقت الضائع من المقاومة ما عجز عن تحصيله طيلة 10 أشهر من العدوان، فهذه المقاومة في فلسطين او في كل جبهة المقاومة لديها من الحكمة والوعي والبصيرة والثبات ما يجعلها تعمل وفق رؤيتها هي لا بحسب ما يريد العدو ومن خلفه، ولا مجال بالتالي لجرها الى مفاوضات على وقع المجازر لتسجيل مكسب من هنا او من هناك، كما لا يمكن جرها لردود فعل متسرعة وفق توقيت ومخططات العدو، فالمقاومة هي التي تحدد ما تريد وكيف ستتصرف لانها تعرف جيدا ما تريد.
المصدر: موقع المنار