رأى نائب رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله أن مسار المعركة الدائرة مع الصهاينة في غزة وفي لبنان هو مسار نصر، فحجم الإرباك والتخبط والفشل والضياع والمأزق العسكري والسياسي والداخلي الذي يعيشه العدو لن يؤدي به إلا إلى الهزيمة، مشددًا على أن الثبات والشجاعة والبسالة التي تبديها المقاومة في ميادين المواجهة لن تؤدي بها إلا إلى نصر واضحٍ وتاريخيٍ.
وخلال خطبة الجمعة في مجمع السيدة زينب (ع) في بئر العبد بالضاحية الجنوبية لبيروت، أكد الشيخ دعموش أنَّ المراوغة التي يقوم بها نتنياهو في المفاوضات لن توصله الى نتيجة، ولن تمكنه من فرض شروطه، وليس أمامه إذا أراد ان يتلافى الأسوء والكارثة التي يمكن ان تصيب كيانه إلا ان يذهب نحو الحل السياسي ويوقف العدوان، وهذا ما بات يقوله العديد من الخبراء والقادة والمسؤولين الصهاينة لنتنياهو للخروج من أسوء ورطة يعيشها الصهاينة في تاريخ كيانهم، تسببت بها جبهات المقاومة من غزة الى لبنان والعراق اليمن.
نص الخطبة
قال الله تعالى: ( إِنَّ هَـذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً ).
وقال تعالى في آية اخرى: (وَهَذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾ .
مما لا شكّ فيه أنّ الإمام الحسين (ع)هوعِدل القرآن والطرف الآخر الموازي للقرآن باعباره القرآن الناطق، كبقية الائمة المعصومين (عليهم السلام)، فهم أحد الثقلين اللذين أوصى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بالتمسُّك بهما لتلافي الوقوع في الضلال بعده، فقد قال رسول الله(ص) : ( يا أيّها النّاسُ إنّي تاركٌ فِيكُم الثَّقَلَيْنِ مَا إنْ تمسّكْتُم بهما لَن تضِلّوا كتاب الله وعِترَتي أهْلَ بَيتي فإنّهما لَن يفتَرقا حتى يَرِدَا عليَّ الحوض) ولذلك فهم مع القرآن والقرآن معهم، لا يفارقهم ولا يفارقونه.
عندما نأتي الى بعض نصوص الزيارات سنجد انها وصفت الحسين بأوصاف قرانية عديدة، تؤكد هذه العلاقة، وأنّ الحسين عليه السلام هو عدل القرآن، من هذه الأوصاف :
اولا: انه العالم بالقرآن: ففي ليلة العاشر من المحرّم: قال عليه السلام: “اللهم إنّي أحمدك على أن أكرمتنا بالنبوّة وعلّمتنا القرآن وفقهتنا في الدين”.
وثانيا: انه شريك القرآن: كما جاء في بعض زياراته عليه السلام: “السلام عليك يا شريك القرآن”. وطبعا معنى انه شريك القران هو انه الطرف الموازي للقرآن وعدل القران، وانه الهادي والدال على الايمان كالقرآن .
وثالثا: انه سند القرآن: في بعض زياراته أيضاً: “كنت للرسول ولداً وللقرآن سنداً”. وخروجه الى كربلاء وملحمته التاريخية انما هي للحفاظ على القرآن وقيمه واحكامه، وصيانة القرآن من التشويه، والدفاع عن القرآن.
ورابعا: انه التالي لكتاب الله حقّ تلاوته: كما في بعض الزيارات أيضاً: “وتلوْتَ الكتاب حقّ تلاوته”.
كل هذه النصوص وغيرها تكشف عن علاقة وثيقة بين الحسين(ع) وبين القرآن الكريم، وعن حجم اهتمام سيّد الشهداء عليه السلام بكتاب الله سبحانه وتعالى .
هذا الاهتمام تجسد في عدة خطوات :
اولا: في تلاوته للقران، فقد كان يتلو ويحب التلاوة ويعشقها، ففي ليلة العاشر من المحرم، عرض عمر بن سعد على الإمام الحسين عليه السلام عبر أخيه أبي الفضل العباس أحد خيارين، اما النزول عند أمر عبيد الله بن زياد ومبايعة يزيد، أو المواجهة والقتال.
فقال الحسين عليه السلام لأخيه العباس:
ارْجِعْ إِلَيْهِمْ، فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تُؤَخِّرَهُمْ إِلَى الْغُدْوَةِ وَتَدْفَعَهُم عَنَّا الْعَشِيَّةَ لَعَلَّنَا نُصَلِّي لِرَبِّنَا اللَّيْلَةَ وَنَدْعُوهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، فَهُوَ يَعْلَمُ أَنِّي أُحِبُّ الصَّلَاةَ لَهُ وَتِلَاوَةَ كِتَابِهِ وَالدُّعَاءَ وَالِاسْتِغْفَار.
فالامام(ع) في ليلة العاشر يطلب تأجيل المواجهة ليوم غد، لأنه يحب الصلاة وتلاوة القرآن، ويريد أن يقضي ليلته في الصلاة والدعاء والتلاوة،
وهذا يكشف عن مدى اهمية تلاوة كتاب الله، ان نتلوَه ونقرأ آياته ولا نهمل او نتراخى ونبر اهمالنا بانه لا وقت لنا او باننا مشغولون ومضغوطون باعمالنا وووظائفنا وتجارتنا وما شاكل.. فقد ورد عن الامام الصادق (عليه السلام) قال: ما يمنع التاجر منكم المشغول في سوقه إذا رجع إلى منزله أن لا ينام حتى يقرأ سورة من القرآن فتكتب له مكان كل آية يقرؤها عشر حسنات ويمحى عنه عشر سيئات.
وعندما نتلوه ينبغي ان لا يكون همنا آخر السورة لتنته السورة، ولا آخر الكتاب لنسجل في مفكرتنا أننا ختمنا القرآن في وقت قصير، وان تكون تلاوتنا لكتاب الله، التلاوة المتأملة والمتدبرة والهادئة والمتعظة والمعتبرة والمستفيدة.
ومن لم يستطع ان يتلو كتاب الله اما لانه لا يجيد القراءة او لانه مشغول كثيرا ومضغوط ولا يتسنى له الوقت، فليستمع الى تلاوته ولو عبر الهاتف الذي بحوزته..
عندما نستمع إلى آياته، فلنستمع بتأمل، بتفكر، بإنصات، بتدبر، نتفكر بالآيات ومعاني الآيات ومضامين الآيات التي نستمع إليها، وهذا هو في الحقيقة الهدف الأساسي، لان الاستماع والإنصات والقراءة والتلاوة هدفها في النهاية هو الفهم والاستيعاب ووعي المعاني والمفاهيم، لنصل إلى مرحلة العمل .
ثانيا: الحث على قراءته، فقد كان يحثّ على قراءتهوتلاوته الجميع ونحن عندما نريد ان تقتدي بالحسين(ع) يجب ان لا نكون انانيين بان نقرأ نحن ولا نعلم ازواجنا واولادنا وجيراننا وزملائنا واصدقائنا التلاوة ونشجعهم عليها، يجب ان ننشر القرآن في بيوتنا لتسيطر عليها اجواء القرآن.
عن بشر بن غالب الأسديّ، عن الحسين بن عليّ عليهما السلام قال: “مَنْ قَرَأ آيَةً مِنْ كِتابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ في صَلاتِهِ قائِماً يُكْتَبُ لَهُ بِكُلِّ حَرْف مِئَةُ حَسَنَة، فَإِذا قَرَأَها في غَيْرِ صَلاة كَتَبَ اللهُ لَهُ بِكُلِّ حَرْف عَشْرَ حَسَنات، وَإِنِ اسْتَمَعَ الْقُرْآنَ كَتَبَ اللهُ لَهُ بِكُلِّ حَرْف حَسَنَةً، وَإِنْ خَتَمَ الْقُرْآنَ لَيْلاً صَلَّتْ عَلَيْهِ الْمَلائِكَةُ حَتّى يُصْبِحَ، وَإِنْ خَتَمَهُ نَهاراً صَلَّتْ عَلَيْهِ الْحَفَظَةُ حَتّى يُمْسِيَ، وَكانَتْ لَهُ دَعْوَةٌ مُجابَةٌ، وَكانَ خَيْراً لَهُ مِمّا بَيْنَ السَّماءِ إِلىَ الأْرْضِ. قلت: هذا لمن قرأ القرآن، فمن لم يقرأ؟ قال عليه السلام: يا أَخا بَني أَسَد! إِنَّ اللهَ جَوادٌ ماجِدٌ كَريمٌ، إِذا قَرَأَ ما مَعَهُ أَعْطاهُ اللهُ ذلِكَ”.
ثالثا: الحث على تعلمه، فقد روي أن عبد الرحمن السلمي علّم ولدا من أولاد الحسين عليه السلام سورة الحمد، فلمّا قرأها على أبيه أعطاه عليه السلام ألف دينار وألف حُلّة وحشا فاه دُرّاً ، فقيل له في ذلك، فقال عليه السلام : وأين يقع هذا من عطائه ؟ يقصد بذلك تعليمه القرآن.
تعلم القران وفهم معانيه هو اساس، ففي الرواية الواردة عن الامام الصادق (عليه السلام) : “ويتفهمون معانيه” لأنَّ تفهُّم المعاني والتعرف على المقصود القرآني هو المقدمة للعمل، وللانطلاقة وللحركة، وهنا لا يجوز أن يقصِّر الإنسان، ولذلك يجب أن يكون تفهُّمنا لمعاني القرآن على درجة عالية من الحساسية ومن الاهتمام، لا يكون تفهُّماً عشوائياً أو تفهُّماً غير محسوب أو تفهُّماً متسرعاً، لأنَّه في النهاية هذا التفهُّم سينبني عليه عمل، والعمل ستتقرر فيه نتيجة في الدنيا، ونتيجة في الآخرة.
رابعا: العمل به، فلا يكفي أن نتلوه أو نتفكر فيه دون أن نعمل به، وأيضاً لا يكفي أن نعمل به دون أن نتلوه ، فهناك أناس قد يتصورون انَّهم مؤمنون ومجاهدون ومضحون ولا يحتاجون لأن يقرؤوا القرآن ويجودوه ويرتلوه ويسمعوه، وهذا ليس صحيحا، نحن بحاجة إلى كلا هذين الأمرين
العمل بالقران هو الاساس وهو الجوهر ، عندما يقول الله تعالى:﴿ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاَوَتِهِ أُوْلَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَن يَكْفُرْ بِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ ﴾، او عندما نقول: ان الحسين (ع) هو التالي للكتاب حقّ تلاوته: كما في بعض الزيارات: “وتلوْتَ الكتاب حقّ تلاوته”. فان معنى التلاوة مفهوم، ولكن حق التلاوة ما هو؟ سئل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عن معنى حق التلاوة؟ فقال: «يتَّبعونه حق اتباعه، الاتباع الحقيقي في أعلى درجاته وأعلى مراتبه، وفي نفس هذا السياق الإمام الصادق (عليه السلام) يقول في تفسير قوله تعالى: (الذين آتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوته) : يرتلون آياته، ويتفهمون معانيه، ويعملون بأحكامه، ويرجون وعده، ويخشون عذابه، ويتمثلون قصصه، ويعتبرون أمثاله، ويأتون أوامره، ويجتنبون نواهيه، ما هو والله بحفظ آياته وسرد حروفه، وتلاوة سوره ودرس أعشاره وأخماسه، حفظوا حروفه وأضاعوا حدوده، وإنما هو تدبر آياته يقول الله تعالى: (كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته). هذا هو حق التلاوة.
فنحن عندما نقرأ الآيات، ويرِد وعْدٌ في القرآن عن الجنَّة، او عن النعيم، او عن الخلود، عن الحياة الهانئة، أو عن النصر، عن البشرى، عن المجد، عن الكرامة عن العزة، حتى في الحياة الدنيا هم يرجون وعده،ويتطلعون الى الجنة والنعيم والخلود والنصر والبشرى، ويرون ان ذلك سيتحقق حتما، لأنَّ وعد القرآن هو وعد الله سبحانه وتعالى الذي لا يخلف الميعاد.
والله وعدنا بالنصر، وهذا النصر سيأتي باذن الله تعالى، ومسار المعركة الدائرة اليوم مع الصهاينة في غزة وفي لبنان هو مسار نصر، فحجم الارباك والتخبط والفشل والضياع والمأزق العسكري والسياسي والداخلي الذي يعيشه العدو لن يؤدي به الا الى الهزيمة، اما الثبات والشجاعة والبسالة التي تبديها المقاومة في ميادين المواجهة فلن تؤدي بها الا الى نصر واضح وتاريخي واستراتيجي.
والمرواغة التي يقوم بها نتنياهو في المفاوضات لن توصله الى نتيجة، ولن تمكنه من فرض شروطه، وليس امامه اذا اراد ان يتلافى الأسوء والكارثة التي يمكن ان تصيب كيانه الا ان يذهب نحو الحل السياسي ويوقف العدوان، وهذا ما بات يقوله العديد من الخبراء والقادة والمسؤولين الصهاينة لنتنياهو للخروج من اسوء ورطة يعيشها الصهاينة في تاريخ كيانهم تسببت بها جبهات المقاومة من غزة الى لبنان والعراق اليمن .
المصدر: بريد الموقع