ألقى المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان خطبة في مكتبه في دار الافتاء الجعفري، لمناسبة رأس السنة الهجرية لهذا العام، تحدث فيها عن عظَمة الإمام الحسين عليه السلام وإصراره على هدم الظلم والأوثان الفكرية وهياكلها، ومواقفه الطويلة مع المسيحية، “وهو الذي عانق روح المسيح، ودلّ على جوهر كلمته بجوهر كلمة جدّه المصطفى محمد”.
وأضاف الشيخ قبلان أن الإمام الحسين عليه السلام خاطبَ “من كان ومن يكون إلى يوم القيامة، مشيرًا أن من يتشيّع للحسين وأبيه وأمه وأخيه وجده لا يغتاله جهل، […] ولا يترك ساحات القتال الفكري والسياسي والعسكري، لأنّ الإنسانَ إنما يعيش بالكلمة العظمى وعليها يموت”.
وتابع الشيخ قبلان: “أكّد الامام الحسين أن المتشيّع له يعيش بوعي الحقيقة، ويتنفّس عناء الخلق وقضايا المعذّبين، ووصفَ شيعته بخَدَمة الخلق وحملة هموم الناس […] الذين لا يتركون ميادين رفع مظلومية الإنسان، وهو ما نحتاجه اليوم بشدة، لأننا أمام طغيانٍ أميركي عالمي يعتاش على الدماء وعلى الخراب، وعلى استعباد الشعوب، وسط إرهابٍ صهيوني يمارس جنونَ طغيانه على الأطفال والنساء والشيوخ والأبرياء، وما يجري الآن في قطاع غزّة وجبهة لبنان وباب المندب هي حربٌ تاريخيةٌ بين الحقّ والباطل، والحقُّ حسين ومن ينتمي لقيم الامام الحسين، والباطل أميركا و”إسرائيل” ومن ينتمي لهذا الطغيان الشيطاني في الأرض.
وأضاف الشيخ قبلان في خطبته: “”إسرائيل” اليوم وإمكاناتُ بقائها أصبحت ضعيفة، وطبيعة التوازنات في المنطقة تتسارع نحو حرب النهاية، وسيرى العالم بأمّ العين هزيمة “إسرائيل” التاريخية، وهذه اللحظة التاريخية ليست بعيدة، ولندخلنّ المسجد الأقصى ونتبّرُ ما علوا تتبيرًا. وكموقفٍ للتاريخ أقول: مقاومة لبنان تملك من الإمكانات القتالية والخطط الصادمة ما تدخل معه إلى قلب فلسطين المحتلة مع أي حرب مفتوحة، وأيّ خطأ “إسرائيلي” في هذا المجال سيكشف “إسرائيل” عن دمارٍ لا سابق له”.
ووجّه قبلان “التحية والمجد للمقاومة في غزّة ولبنان والعراق وسورية واليمن العظيم، ومركز محور المقاومة الحرّ طهران، وكلّ التحية للشعب اللبناني المساند وللقوى السياسية والشعبية والإعلامية والثقافية والمالية والدينية الشريكة في أهم قتال أخلاقي وسيادي على الإطلاق، والقضية قضية مصالح سيادية إقليمية، ولن نتخلى عن مصالح لبنان الاستراتيجية”.
وخاطب الشيخ قبلان المسيحيين اللبنانيين قائلًا: “أقول للإخوة المسيحيين الأحبة: نحن عائلةٌ لبنانية خبزُها محبةُ المسيح ورحمةُ محمد، والكنيسةُ جارة المسجد، ووهَب المسيحيى عنوانُ المثال التاريخي للفداء الممزوج بدماء الإمام الحسين، ولن نفرّط بالمسيحية وثقلِ وجودها وشراكة العمر التاريخية بيننا، قناعتُنا أن لبنان لا يقوم إلا بالمسلم والمسيحي ، والتراث الديني والأخلاقي أكبر ثروةٍ للتلاقي الإسلامي المسيحي […] ولذا كرّسنا القيمة الوطنية للعائلة اللبنانية، وقلنا لا بدّ من تسوية رئاسية تعكس شراكَتَنا التوافقية، بعيدًا عن منطق “غالب ومغلوب”، “وأكثرية وأقلية”، لأن هذا البلد يعيش بالمحبّة والإلفة لا بالغَلَبة والاستئثار”.
وحذّر قبلان “من كمائن واشنطن وأبواق فتنتها التي تتربّص بالسياسة والمال والإعلام ومراكز النفوذ في هذا البلد، وتاريخ واشنطن في هذا البلد مرّ وعلقم، وأصابع نيرانها بالحرب الأهلية وما تلاها واضحة للعيان، والأمل معقودٌ على تطهير ما أمكن في هذا البلد من نفوذ واشنطن، وما نريده الآن تسوية رئاسية بحجم عائلتنا اللبنانية فقط، ومجلس النواب يمثّل كلّ القوى السياسية، والرئيس نبيه بري في هذا المجال فرصة تاريخية في التسويات، فهو الشخصية القادرة على ابتكار حلولٍ بحجم مصالح العائلة اللبنانية، وما يطلبه الثنائي الوطني في هذا المجال عينُ المصلحة الوطنية، وكما تمرّ المصلحة الوطنية بالثنائي الوطني أيضًا تمرّ بباقي القوى اللبنانية”.
وختم قبلان: “أخيرًا، الشراكة الوطنية ليست صفقة زِواج، والبلد ليس للبيع، والحياد بالمصالح السيادية تضييع للبنان، والمسجد والكنيسة أكبر ضمانات استقرار لبنان ووجوده. عظّم الله أجوركم.. وكلّ عام ولبنان وأنتم بخير”.
المصدر: موقع العهد