الجبهة الثانية| مجزرة رفح تقلب تغطية الإعلام الفرنسي: بداية التشكيك بالرواية الإسرائيلية – موقع قناة المنار – لبنان
المجموعة اللبنانية للإعلام
قناة المنار

الجبهة الثانية| مجزرة رفح تقلب تغطية الإعلام الفرنسي: بداية التشكيك بالرواية الإسرائيلية

سكان المخيم يحاولون انتشال المواد الغذائية بعد هجوم الجيش الإسرائلي
سكان المخيم يحاولون انتشال المواد الغذائية بعد هجوم الجيش الإسرائلي

يمكننا ان نعتبر ان مجزرة بركسات في رفح في 26 ايار الماضي شكلت الحدث الفاصل الذي قد قلب التغطية الإعلامية للوسائل الإعلامية الفرنسية للحرب على غزة.

كانت استعملت شتى الطرق طيلة ثمانية اشهر لتكون ملتصقة او قريبة من الرواية الإسرائيلية عبر اعطاء الأولوية لهذه الرواية، منحها العناوين،  التبرير المتواصل بأن الحرب رد على مجزرة 7 اوكتوبر.

مع هذه المجزرة، بدا واضحا انها مذهولة،  لم تعد قادرة على تغطية لا الإجرام الإسرائيلي و لا كذب نتنياهو و الجيش الإسرائيلي. بدا بدأت تنفصل عن الرواية الإسرائيلية.

المزيد مع رئيسة تحرير الموقع الفرنسي ليلى مزبودي:

أغلبية الصحف الفرنسية تناولت المجزرة في اعدادها 28 ايار .

ميزة التغطية انها تصدرت العناوين. لم يكن هناك مجزرة تصدرت العناوين، كان يتم الحديث عنها داخل المقالات ولكن من دون ان تشكل العنوان، كلها بدأت المقالات المخصصة لها بتوصيف المجزرة بابشع الكلمات.

كلها ذكرت انها وقعت على مقربة من مقر اليونوروا في منطقة تل سلطان والتي لم تكن من المناطق التي طلب الجيش الإسرائيلي اخلاءها، واشارت الى القرار الذي صدر قبل يومين من محكمة العدل الدولية والتي طالبت اسرائيل بالوقف الفوري للهجوم على رفح و بقرار محكمة الجنائية الدولية باصدار مذكرة اعتقال نتنياهو و غالانت و السنوار وضيف و هنية. وركزت بالتالي على التحدي الإسرائيلي للقرارت الدولية.

كلها اشارت الى قيام حماس بقصف تل ابيب بصواريخ مشيرة الى انها لم توقع ضحايا بعكس المجزرة في رفح، وكلها تناولت رواية الجيش الإسرائيلي لهذه المجزرة : مع تلميح بأنها مراوغة:
-ان المكان الذي قصف هو مجمع لحماس و قد قتل خلالها اثنان من عناصرها. ياسين ربيعة و خالد نجار.
-انه استعمل اسلحة دقيقة.
-وانه علم بوقوع جرحى مدنيين خلال الضربة فحسب.

لوموند: الثغرات التي يستغلها الإسرائيلي

صحيفة لوموند عنونت:”اسرائيل تواصل هجومها القاتل على رفح”

نقلت موقف منظمة ( اطباء لا حدود): اللتي وصفت المجزرة “هذه المجزرة الرهيبة التي ارتكبتها قوات الإحتلال الإسرائيلي هي تحد الى كافة القرارات الدولية”.

بعد ان تحدثت (لوموند) عن ضغوط دولية على اسرائيل رأت ان هناك ثغرتان يستغلها الإسرائيلي:

الاولى: في تفسير قرار محكمة العدل الدولية الذي طالب اسرائيل بوقف هجومها على رفح، بهذه الكلمات: “والذي من شأنه اخضاع مجموعة من الفلسطينيين في غزة لظروف معيشية من شأنها الحاق التدمير الجسدي الجزئي و الكامل” نقلت عن اسرائيل انها لا ترى في هذا القرار طلبا صارما لوقف العمليات من قبل القضاة، ونقلت عن مستشار الأمن القومي ألاسرائيلي ( تساحي هانغبي) قوله: “ما يطلبونه منا هو عدم ارتكاب ابادة في رفح و نحن لم نرتكب ابادة و لم نرتكب ابادة”

الثانية: تأتي من الموقف الحليف الأميركي لاسرائيل الذي هدد بعدم تسليم بعض الاسلحة الى اسرائيل اذا ما شنت هجوما واسع النطاق على رفح و من ثم الموقف ل سوليفان بأن الولايات المتحدة لا ترى هجوما موسعا بل ضربات محدودة و محددة الهدف. و نقلت تصريحا لضباط اسرائيليين ل نيو يورك تايمز بأنه يستعملون قوة جوية و مدفعية اقل وقنابل اقا عددا.
اي ان أميركا تهدد بتعليق ارسال الإسلحة في حال كذا و كذا ، ولكنها ترسلها بعد ان تقول انه لم يحصل كذا وكذا.

لوموند: الحرب مستمرة

اعتبرت الصحيفة أن قصف مخيم بركسات يكذب هذا الكلام اي الإسرائيلي والأميركي لا ترى ان اسرائيل سوف توقف عمليتها في رفح.

تحدث عن موافقة واشنطن على مخطط يقضي بنصب عدة آلاف من الخيم لمليون مهجر وان المناطق التي يهجرون اليها لا يوجد فيها لا نقاط مياه و لا مجارير ولا مراحيض.

كما تحدث المقال عن قرار مصر اعادة ارسال المساعدات الغذائية بعد قرار محكة العدل الدولية مشيرا الى انها تظل غير كافية. كما اعتبر ان الجسر البحري الذي اقامه الأميركان غير فعال بعد غرق 4 سفن.

انهت المقالة بالانقسام الحاصل داخل المجتمع الإسرائيلي مع اكتشاف جثامين اربعة رهائن و فيديو المجندات الربعة الاسيرات لدى حماس، الأمر الذي اطلق عجلة المفاوضات و لكنها لن تفضي الى شيء في الوقت الذي يصر فيه نتنياهو على مواصلة الحرب.

واشارت الى ما اعتبرته بديات تمرد داخل الجيش الإسرائيلي عبر الحديث عن فيديو لاحد الجنود الإسرائيليين الموجه الى نتنياهو و غالانت يقول فيه انه و غيره من الجنود لن يوافقوا على تسليم قطاع غزة الى الفلسطينيين او الى اية جهة عربية.

نفس السيناريو الإسرائيلي يتكرر.

صحيفة ليبيراسيون تحدثت ايضا عن المجزرة

تحت عنوان: “رفح: لا يوجد مكان آمن في قطاع غزة” نقلا عن كلام اليونوروا

نقلت اعتراف نتنياهو بان الحادث مأساوي و موقف السلطات الإسرائيلية بانها تفعل ما بوسعها من اجل تحديد الخسائر المدنية ولكنها اعتبرت ان نتنياهو تحدى المجتمع الدولي بما فيها الولايات المتحدة بقراره الهجوم على رفح. ليبيراسيون لا تشكك بالموقف الأميركي. ليس على غرار لوموند.

نقلت عن منظمة (اطباء بلا حدود) كلامها بأن غزة اصبحت (الجحيم على الارض)

بعد ما نقلت الرواية الإسرائيلية عن اغتيال عنصرين من حماس ، اعتبرت انه نفس السيناريو يتكرر دوما: اسرائيل تضرب مواقع يحميها القانون الدولي الإنساني على غرار مخيم اللاجئين في جباليا و مستشفى الشفاء بادعاء وجود مقاتلين حماس الذي تتهمه بأنه يستعمل شعبه كدرع بشري.

كما تناولت ردود الفعل الدولية المنددة للمجزرة بما فيها موقف الرئيس الفرنسي الذي طالب بوقف فوري لاطلاق النار و الاتحاد الاوروبي الذي قال انه “مرتعب” و موقف الإتحاد الأفريقي الذي اتهم اسرائيل بأنها تنتهك القانون الدولي بدون رادع بدون عقاب.

“أجساد تمزقت” و حرب الروايات

تحت عنوان ( أجساد تمزقت) صحيفة Le temps كذلك بدأت مقالتها بتوصيف مشهد المجزرة نقلا عن شهادة لاجئ في رفح يدعى محمد.

تتوقف عند اختلاف الرواية الإسرائيلي عن رواية حماس و تساءلت اي الروايتين صحيحة معتبرة ان حرب الروايات مشتعلة بينهما على حساب المدنيين. يمكن اعتبار هذا التساؤل بأنه بداية خجولة للتشكيك بالرواية الإسرائيلية.

لا شك ان هذه التغطية تظهر الذهول كما احراج صحافيي تلك وسائل الإعلام امام هذا الحدث و لكنها كلها تشترك فيما بينها بأنها لا تتحدث عن عمليات المقاومة. لا تشكك بنجاعة جيش الإحتلال في تحقيق أهدافه.

لكسبرس: الرعب الذي لا طائل منه

هذا الأمر فعلته صحيفة الإكسبرس. هي خطوة متقدمة في التحليل. عنونت مقالة رأي لأحد كتابها Corentin Pennarguear: ( رفح، الرعب الإضافي الذي لا طائل منه) و الشابو: ( الضربات على مخيم للاجئين في 26 ايار تعكس سخرية و شراسة حكومة نتنياهو)

كتبت المقالة ما مفاده:  اسرائيل تشن منذ 8 أشهر حربا بدون رحمة للقضاء على حماس وعلى حساب حياة آلاف الأبرياء.

هدفها الشرعي يصطدم بسخرية و عدم جدارة حكومة نتنياهو. من الملاحظ ان الكلمة التي استعملها (عدم جدارة) استبدلت في الشابو ب (شراسة). السياسة التحريرية للإعلام الفرنسي تحاول دوما عدم اظهار العجز والضعف الإسرائيلي.

نواصل كلام الاكسبرس:  جيشه يعترف بأن حماس تعيد انتشارها في المناطق التي تم تطهيرها. ويطالب بحل سياسي،  بعد 7 اشهر هذه المنظمة لم تهزم كما اظهر الرشق على تل ابيب.

نقلت عن مصدر اسرائيلي قوله: “مع ما نقوم به في غزة ومن دون مشروع واقعي و لا نقاش حول ما بعد غزة، نحن نقوم بخلق حماسات اسوء بمئة مرة من حماس”

في توصيف نتنياهو وهنا الأهم لانه يكشف المشروع الحقيقي بعيدا عن البرواباغندا التي حاولت ان تغطي بأنه ضد حل الدولتين و عمله من أجل تهجير الفلسطينيين :”عبر تحالفه مع اليمين المتطرف المسياني الذي يهدف الى انشاء “اسرائيل الكبرى” من دون عرب، نتنياهو يدفع 9 ملايين اسرائيلي نحو السقوط. انه يعلم ان المجازر التي ارتكبتها حماس في 7 تشرين الأول اوكتوبر و عشرات الرهائن المحتجزين أعمت جزءا من اسرائيل اما العنف الذي تمارسه على المدنيين الأبرياء و سدت الآذان على انتقادات حلفائه. الأمر الذي من شأنه ان يفضي الى نتائج ساحقة.

نتنياهو الذي كرس نظرية استراتيجية بلد واحد وحيد ضد الجميع يلعب لعبة خطيرة تجعل اسرائيل معزولة عن باقي العالم. واذ ذكرت بالتحالف الذي حصل ابان الهجوم الإيراني على اسرائيل في 13 نيسان والذي حماها من الصواريخ الإيرانية حذر الكاتب اسرائيل بأن “خسارة هذا الدعم من واشنطن الى ابو ظبي سيكون انتحاريا.” مؤكدا انه الطريق الذي يسلكه رغم ذلك.

لوفيغارو: لا تتحدث عن المجزرة

انهي صحيفة لو فيغارو لم تتناول هذا الحدث في نشرتها 28 ايار. الأمر الذي يعكس الإحراج اكثر من اي شيء آخر. ويفضح سياستها التحريرية الخبيثة.

لماذا هذا النهج التحريري المتحيز بشدة للرواية الإسرائيلية؟ الجواب يكمن في معرفة صاحبها، من الذي يمتلكها.

بحسب فيكيبيديا: منذ العام 2011، استحوذت عليها ( مجموعة داسو) . في التفاصيل عائلة ( داسو) هي من أكثر العوائل الفرنسية ثراء. 30 مليار يورو ثروتها.

اسست هذه العائلة شركة (داسو للطيران) Dassault Aviation التي تنتج الطائرات الحربية الفرنسية (ميراج و رافال) كما طائرات رجال الإعمال. مؤسسها (مارسيل داسو) ومع البحث يتبين ان هذه العائلة اصولها يهودية. الزاسية من الأب. و تركية عثمانية من الأم.

الأمر الذي يفسر كل شيء.

بعد مجزرة رفح الأخيرة، بدا الإعلام الفرنسي أكثر تشكيكا بالرواية الإسرائيلية، أكثر نقدية مما كان عليه. يبدو انه بدأ يصحو من غفوته.

المصدر: موقع المنار