نتنياهو يغرق جيشه في رمال غزة بحثاً عن “ورقة قوة”… كيف نفاوض “حماس” ولم نحقق شيئاً؟ – موقع قناة المنار – لبنان
المجموعة اللبنانية للإعلام
قناة المنار

نتنياهو يغرق جيشه في رمال غزة بحثاً عن “ورقة قوة”… كيف نفاوض “حماس” ولم نحقق شيئاً؟

كيان

أجواء ضبابية تسود المفاوضات التي قيل إن كيان العدو الاسرائيلي أراد إعادة احيائها، عكستها ما نقلته هيئة البث الإسرائيلية عن “مصدر مطلع” أن “”إسرائيل” لم تقدم للوسطاء حتى الآن وثيقة تتضمن مقترحها بل اكتفت بالإحاطة”، مضيفاً أن “رئيس الموساد عرض أمام وزراء مجلس الحرب ملخص اجتماعه مع الوسطاء”.

هذه التطورات سبقها أجواء في الأيام الأخيرة توحي بنية العدو تحريك المفاوضات، والتي لم تعلق عليها حركة المقاومة الإسلامية “حماس” إذ تعتبر الأخيرة أن شروطها وثوابتها واضحة، جاء بعد افشال العدو الجولة الأخيرة عقب موافقة حماس على المقترح الذي زعمت الولايات المتحدة الأميركية موافقتها عليه، بل والمضي قدماً في عمليته العسكرية في رفح وبدء أخرى في جباليا.

وقد يبدو ما حدث منطقياً لأكثر من سبب، أهمها خلافات وضغوط كبرى سياسية وشعبية برزت مؤخراً وتصاعدت وتيرتها تجاه رئيس الوزارء بنيامين نتنياهو بخصوص ملف الأسرى لدى المقاومة في غزة. إضافة إلى الفشل الميداني المدوي، خصوصاً بعد مواجهات رفح وجباليا وخسائرهما الكبيرة دون تحقيق أي شيء يُبنى عليه، والذي كانت أبرز تداعياته تقاذف المسؤولية بين القيادتين السياسية والعسكرية الذي عكسه إعلام العدو عن “اليوم التالي للحرب”، وهو السؤال الذي لا يستطيع الإجابة عليه من لم يحقق حتى الآن أي من أهدافه المعلنة وعلى رأسها “القضاء على حماس”، وذلك في إشارة إلى نتنياهو وخلفه ما يُسمى اليمين المتطرف. وفي عدم الإجابة يوضع الجيش أمام مأزق كبير وفوضى وضياع في رسم مسار واضح لخططه الميدانية. وإلى جانب ذلك كله، معضلة الأسرى إذ تتصاعد الأصوات التي تحمّل “الكابينيت” ونتنياهو مسؤولية بقائهم على قيد، متهمين الأخير بعدم الاكتراث لذلك مع اصراره على الاستمرار بالحرب.

يأتي ذلك في وقت يقرّ فيه الكيان بعدم نجاح الحرب بالمساهمة بالتعافي من “صدمة 7 تشرين الأول/اوكتوبر”، لا بل إن الأمور تزداد سوءاً مع الفشل العسكري الذي كانت أبرز وجوهه تجديد المقاومة حضورها الميداني في شمال القطاع بعد ثمانية أشهر على الحرب، والقيام بعملية نوعية أدّت إلى أسر ومقتل وجرح جنود. وفي هذا السياق، قدم عضو “كابينيت الحرب” الوزير بيني غانتس، إلى الحكومة الإسرائيلية، أمس مقترحاً لتشكيل لجنة تحقيق رسمية بشأن أحداث 7 أكتوبر والحرب على غزة، على ما أفادت صحيفة “يسرائيل هيوم”.

وقال غانتس إن “إقامة لجنة تحقيق رسمية سيبعث برسالة مهمة وموحدة للجمهور الإسرائيلي، مفادها أن جميع الأجهزة الحكومية والأمنية ومن يترأسها ملتزمون بإجراء فحص متعمق وموضوعي ومهني يسعى لبدء عملية التحقيق، واستعادة ثقة الجمهور، وتعزيز القدرة الوطنية على الصمود”، على حد تعبيره.

لكن بالرغم من كل ذلك، فإن هذا التحريك لعجلة التفاوض ومعه المشهد المعقد أعلاه، لا زال حمّال أوجه، إن صح التعبير، إذ قد يكون مجرد محاولة لتنفيس الاحتقان الداخلي وليس حراكاً جدياً يهدف للوصول إلى اتفاق حقيقي.

 وهذا ما عكسه أكثر من أمر، أولاً ما تمّ الحديث عنه عن تقديم الوفد الاسرائيلي مجرد إحاطة وليس وثيقة تتضمن مقترحات واضحة، إضافة إلى إعراب المسؤول عن ملفّ الأسرى من قبل الجيش، الجنرال في الاحتياط نيتسان ألون، عن استيائه من حكومة نتنياهو، مؤكداً أنه “لن يتمّ الوصّل لاتفاق لتبادُل أسرى في ظلّ وجودها”.

وبحسب ما ذكرت “القناة الإسرائيلية 12″، فإن ألون، قال في محادثة مغلقة أجراها الأسبوع الماضي، مع الضباط المسؤولين بمتابعة أوضاع الرهائن مع أهالي المحتجزين “نحن يائسون، لن يكون هناك أية صفقة مع هذه الحكومة”.

وأضاف ألون أن “الصفقة التي أدفع باتجاهها، ستتضمن العودة التدريجية لجميع المختطفين”، موضحاً أن “حماس أصرّت على أن يتضمن ذلك وقف القتال”، مشيراً إلى أنه “قد أبلغت رئيس الحكومة أنه من الممكن العودة إلى القتال في أي لحظة”، وفق زعمه.

وتعقيباً على ذلك، احتجّت عائلات رهائن بالقرب من مقرّ وزارة الأمن في تل أبيب، وجاء في بيان صدر عنهم، “من الواضح للجميع أننا لن نرى المختطفين في المنزل إذا لم ننه الحرب، لكن الحكومة غير مهتمة بإعادة المختطفين وتستمرّ في الحرب دون أهداف واقعية”.

وفي السياق نفسه، جاء مضمون بيان صادر عن مكتب نتنياهو قال إنه “بينما أعطى رئيس الحكومة مرارا وتكرارا فريق التفاوض تفويضا واسع النطاق لإطلاق سراح الرهائن، يواصل رئيس حماس في قطاع غزة، يحيى السنوار المطالبة بإنهاء الحرب، وانسحاب الجيش الإسرائيلي من قطاع غزة، وخروج حماس سليمة، حتى يتمكن من تنفيذ فظائع 7 أكتوبر مراراً وتكراراً”، حسب زعم البيان.

وهنا كشفت تقارير صحافية مؤخراً أن ألون كان قد أجرى اجتماعات ثنائية وصفت بأنها “استثنائية” مع ما يُسمى وزير الأمن الإسرائيلي، يوآف غالانت، ورئيس أركان الجيش، هرتسي هليفي، على خلفية الاستياء من إدارة حكومة نتنياهو، لملف الأسرى.

وفي ظل ذلك كله، يبدو أن كيان الاحتلال، وتحديداً بإدارته الحالية للحرب، وكما تؤكد أوساط من داخل الكيان نفسه، لا يزال عالقاً في دوامة من الأوهام أو “اللاواقعية”. وطالما أن هذا مستمر بغض النظر عن المراوحة في الميدان واتساع دائرة العزلة الدولية، فإن “قتال حماس سيستمرّ سنوات طويلة”، كما أقرّ الوزير الحالي في “كابينيت الحرب” الإسرائيلي، ورئيس أركان الجيش الإسرائيلي الأسبق، غادي آيزنكوت. الأخير قال، خلال تقديمه إحاطة لأعضاء لجنة الشؤون الخارجيّة والأمن في الكنيست في مناقشة مغلقة، إنه “من الضروري المضيّ قدماً في رفح، وفق الخطة المعتمدة، للوصول إلى خطوط النهاية، والدفع بصفقة رهائن، من مكان قوّة”. إنه الوهم مجدداً، أي التعويل على الميدان، وهنا يحضر السؤال التالي: إلى ماذا يستند آيزنكوت في اعتباره أن نهاية معركة رفح ستكون لصالح جيشه؟ هو نفسه هذا الجيش الذي سُحل جنوده في أنفاق المقاومة منذ أيام في جباليا. إنها أزمة الصعود إلى أعلى الشجرة، وكم سيكون النزول عنها صعباً ومؤلماً.

المصدر: موقع المنار