تناولت الصحف اللبنانية الصادرة في بيروت صباح اليوم السبت 23-12-2023 سلسلة من الملفات المحلية والاقليمية والدولية.
الاخبار:
العدو يمهّد لإعادة الانتشار | المقاومة غير مستعجلة: لا تنازل عن وقف النار
تستمرّ المفاوضات بين المقاومة والعدو الإسرائيلي، بوساطة قطرية ومصرية، في ظلّ وقائع ميدانية بات تطوّرها بطيئاً وثقيلاً، إذ تسير العمليات العسكرية في شمال قطاع غزة بوتيرة أعلى مما يحصل في جنوبه، لكنها، على أي حال، لا تحقّق النتائج المرجوّة، بعدما بات واضحاً أن العدو يحاول انتزاع مكاسب ميدانية بأي طريقة، وفي أسرع وقت.
وفي سبيل ذلك، نفّذت قوات الاحتلال هجمات جديدة في مدينة غزة من عدة محاور، أهمها الدرج والتفاح والرمال، حيث تصدّى لها المقاومون ودمّروا عدداً من الآليات والتحموا مع الجنود. كذلك، استمرّت الاشتباكات في منطقة جباليا البلد، والتي يكافح العدو لإتمام سيطرته عليها، بعدما أعلنها، إعلامياً فقط، ساقطة قبل يومين. أما في خانيونس جنوباً، فدفع بطء التقدم الإسرائيلي وشراسة التصدّي الفلسطيني، جيش الاحتلال، إلى الزجّ بالمزيد من قواته في محاور الهجوم حول المدينة، التي لم ينجح في إحكام الطوق حولها بعد.وإذ يتوقّع أن يزخّم العدو عمليّاته في جنوب القطاع ووسطه، خلال الأيام المقبلة، بحثاً عن المزيد من المكاسب الميدانية، فمن الواضح، أيضاً، أن إستراتيجيته الحالية مبنيّة على أن المرحلة ذات الزخم العالي شارفت على الانتهاء، وبالتالي يجب التحضير ميدانياً لما بات يُعرف بـ«المرحلة الثالثة»، التي تشتمل – بحسب «القناة 11» الإسرائيلية – على «تقليص عدد القوات وتشكيل منطقة عازلة والاستمرار في هجمات مركّزة». وفي سبيل ذلك، يهاجم جيش الاحتلال حالياً في محاور وسط القطاع، لتأمين المنطقة العازلة المطلوبة، والتي يتفاوت عمقها بين ناحية وأخرى، إلا أنه في حدّه الأدنى يبلغ نحو 1 كم، وحدّه الأقصى نحو 3 كم.
وبحسب صحيفة «هآرتس»، فإن «الجيش الإسرائيلي أصبح بالفعل في خضمّ الانتشار (المطلوب) للمرحلة الثالثة على عكس ما يعلنه صُناع القرار»، وإن «مراكز القيادة المختلفة (في الجيش)، تستعدّ بالفعل لتغيير كبير في الشهر المقبل». وتضيف الصحيفة أن «التغييرات مرتبطة بإعادة انتشار مئات الآلاف من جنود الاحتياط بسبب العبء على الاقتصاد والجنود وعائلاتهم»، علماً أن «الجيش يخطّط لتسريح عدد من هؤلاء».
وبالنسبة إلى الجدول الزمني، تقرّ «هآرتس» بأنه «مَرِن، وذلك لاعتبارات بنيامين نتنياهو السياسية»، مشيرة إلى أن «الوضع على الأرض لا يتقدّم بالوتيرة التي نسمعها في الخطاب السياسي». كما أكّدت «القناة 13» أن «الجيش يستعدّ لتسريح الآلاف من جنود الاحتياط قريباً»، فيما نقلت «هيئة البث الإسرائيلية» عن مصدر مطّلع قوله إن «الوسطاء يدركون أن الوقت ينفدُ أمام وقف إطلاق النار، وحماس تستعدّ لحرب طويلة». وأشار المصدر الى أن «يحيى السنوار ليس منفصلاً عن الواقع، وإسرائيل تفسّر الواقع بشكل غير صحيح»، مضيفاً أن «السنوار لديه إستراتيجية منظّمة في حال استمرار الحرب».
«حماس» طوّرت أنفاقاً لا يمكن أن تصلها
الصواريخ الأميركية الخارقة
للتحصينات
وبحسب المعطيات الميدانية، فإن «العمليات لا تزال جارية حتى في المناطق التي دخلها الجيش، وهناك مقاومة مرنة تقوم على مبدأ السماح بالدخول، ومن ثم نصب الكمائن لتحقيق أكبر قتل وضرر».
وتنفي المصادر الميدانية وجود «اعتقالات كبيرة في صفوف كوادر المقاومة، أو حتى على مستوى العناصر. وقد يكون العدو وصل إلى وثائق نتيجة وصوله إلى مناطق مُخلاة، لكن في الحقيقة هي شيء هامشي».
أما في ما يتعلّق بالأنفاق، فتوضح أن «نفق إيرز، هو نفق استخدمته المقاومة يوم السابع من أكتوبر، وهو نفق هجومي عبرت منه الجيبات والدرّاجات النارية لتصل إلى منطقة السياج الفاصل، وتمّ استخدامه عدة مرات لاستبدال القوات التي عبرت إلى الغلاف».
ويمثّل النفق «نسخة من الأنفاق التي تُستخدم للمركبات والدعم وقد استنفد مهمته بالكامل، وما كان مفاجئاً للعدو، هو قطره وعمقه، إذ إنه بعمق 50 متراً، وهو ما يعني أن القصف والأحزمة النارية لا تصله ولا تؤثّر فيه». أمّا بخصوص النفق الذي أُعلن عنه على أنه «نفق قيادة» في منطقة مسجد فلسطين، فتبيّن المصادر أنه «نفق قديم عمره من عام 2010، وكان يُستخدم للإخلاء الأوّلي لقيادة الحركة من المكاتب المعروفة»، وهو «ليس نفقاً حربياً، كما أنه فارغ من أي عتاد أو مقاتلين، ويتبع لجهاز الأمن وليس للجناح العسكري». والمفاجأة للإسرائيلي، بحسب المصادر، هي أن «حماس طوّرت أنفاقاً لا يمكن أن تصلها الصواريخ الأميركية الخارقة للتحصينات».
على صعيد المفاوضات، لا يزال الاتفاق المنشود بين العدوّ وحركة «حماس» أمام مفاوضات صعبة. وبينما يطلب الاحتلال «هدنة مؤقّتة جديدة»، ولو كانت أطول من السابق، فإن «المقاومة تريد إنهاء العدوان بصورة تامة». وهي تتمسّك بمجموعة من الثوابت:
أوّلاً، الوقف الفوري للعدوان، والانسحاب الفوري لقوات العدو من كامل أراضي القطاع.
ثانياً: فتح المعابر وإدخال المساعدات إلى كل المناطق.
ثالثاً: إطلاق مفاوضات غير مباشرة حول الأسرى، بما يؤدّي إلى إطلاق المقاومة سراح كل أسرى العدو لديها، مقابل إفراج العدو عن جميع الأسرى الفلسطينيين وفق مبدأ «الكل مقابل الكل».
رابعاً: بدء اتصالات فلسطينية – فلسطينية برعاية عربية، هدفها تشكيل «حكومة وحدة وطنية فلسطينية»، تتمثّل فيها فصائل «منظمة التحرير الفلسطينية»، وفصائل المقاومة، ضمن برنامج إعادة ترتيب «البيت الفلسطيني».
وبحسب معلومات «الأخبار»، فإن قيادة غزة السياسية والعسكرية في حركة «حماس»، أرسلت موقفها الواضح إلى «قيادة الخارج»، والذي «نصّ على أن قدراتها في الميدان متماسكة، وهي قادرة على الصمود لفترات طويلة، ولا تزال تكبّد العدو خسائر فادحة يومياً، وهي ليست مستعجلة». وبالتالي، تؤكّد مصادر «الأخبار» أنه «لا يوجد أي خلافات في قيادة حماس، بل هنالك إجماع على عدم التنازل عن وقف إطلاق النار»، مضيفة أن «كل الكلام عن تباينات بين قيادتَي الداخل والخارج، ليس له أساس»، وأن أي تباين في الآراء، جرى علاجه «بعدما تمّ تطمين قيادة الخارج إلى الأوضاع الميدانية في غزة».
وفي سياق متصل، نقلت قناة «كان 11» الإسرائيلية، أمس، عن مسؤولين إسرائيليين مطّلعين، تأكيدهم أن «إسرائيل تدرس تقديم عروض جديدة من أجل إبرام صفقة تبادل للأسرى». وأوضحت القناة أن «العروض الإسرائيلية التي تجري دارستها تهدف إلى محاولة إقناع حماس بالتراجع عن مطالبها، وعلى رأسها عدم إجراء أي مفاوضات قبل وقف إطلاق النار»، مضيفةً أن تل أبيب تدرس، بموجب ذلك، «إمكانية زيادة عدد أيام الهدنة بما يتجاوز الأسبوعين، مقابل إطلاق عشرات الأسرى».
غزّة في وعي الجنود: «أسوأ من أسوأ كوابيسنا»
رام الله | ستبقى عملية تفجير مدرّعة «النمر» الإسرائيلية في قطاع غزة، في خلال الأيام الأولى من العملية البرية، والتي أسفرت عن مقتل 11 جندياً وضابطاً، علامة فارقة في وجه المؤسسة العسكرية والأمنية، إذ إنه بعد ثلاث سنوات من العمل على تصنيع «النمر»، زجّت إسرائيل بها في الميدان، لتكون بمثابة مدرّعة «كاسرة للتوازن»، توفّر الأمان والحماية للقوات في حرب المدن، إلا أنها سرعان ما تحوّلت إلى مقبرة للجنود، وهو ما صدم قيادة دولة الاحتلال، التي كانت فاخرت بأن مدرّعتها غير قابلة للاختراق. ومن تلك العملية، خرج جندي واحد على قيد الحياة. وبعد شهر من العلاج، أطلّ «الناجي الوحيد»، دانييل مازافيتس، ليقول للإسرائيليين إن ما جرى غير متخيّل «حتى في أسوأ كوابيسنا».وخضع مازافيتس الذي كان يقود المركبة، منذ إصابته، لعلاج مكثّف في العناية المركّزة، تمكّن عقبه من الوقوف على قدميه بعد شهر من انفجار المدرّعة به وبزملائه. وإثر خروجه من العناية المركّزة، عاد إلى المدرّعة المتفحّمة بالكامل، والتي لم يتبقّ من معداتها شيء ليلتقط صورة في داخلها. وحينها، قال: «عندما ذهبنا إلى الحرب، كنا نعلم أنه سيكون هناك جرحى وقتلى، لكن ما حصل لم نتخيّله في حياتنا، ولا حتى في أسوأ كوابيسنا، 11 محارباً ذهبوا واحداً تلو الآخر في ضربة واحدة، في الآلية نفسها وبالطريقة نفسها». قد تكون هذه واحدة من الشهادات النادرة لجنود الاحتلال الذين عادوا من قطاع غزة كجرحى؛ إذ يفرض الجيش الإسرائيلي رقابة عليهم تمنعهم من الحديث إلى وسائل الإعلام حول ظروف القتال وانطباعاتهم الشخصية، وهو ما ينفجر – على جري العادة – بعد الحرب، على غرار المواجهات السابقة، والتي توالت بعدها الإحصاءات المتعلقة بأعداد المعوقين، أو بارتفاع نسب الانتحار.
سحب لواء «غولاني» ولواء
«المظليين» من القطاع
«لإنعاش القوات»
وكان نشطاء عبر مواقع التواصل الاجتماعي، تداولوا مقطع فيديو لجندي يُدعى أفيخاي ليفي، سبق له أن قاتل في قطاع غزة، وهو يبكي خلال حديثه بانفعال أمام لجنة في «الكنيست»، إثر إصابته بأزمة نفسية. وقال الجندي، غاضباً، إنه كاد يقتل امرأة عدة مرات، نتيجة أزمته النفسية، من دون أن يحدد درجة قربها منه. كما أفاد بأنه من شدة الخوف لا يستطيع النوم، وأنه لا ينام إلا حينما يشرب الكحول، حتى بات مدمناً عليه، وإذا نام فإنه يتبوّل على نفسه، وفق قوله. وحول تجربته في المعارك الدائرة في غزة، قال الجندي إنه يتخيّل قذائف الـ«آر بي جي» تطير فوق رأسه، ويتصور نفسه في جرافة يقاتل ويشم رائحة الجثث، في إشارة إلى الجنود والضباط الذين قُتلوا خلال مواجهة المقاومة، مطالباً بأن تهتم الدولة به وبالمعوّقين نتيجة الحرب، مشيراً إلى أن هناك العشرات من هؤلاء الذين «تخلّت الدولة عنهم».
ومنذ بداية الحرب الأخيرة، يعلن العدو أن 3000 من جنوده أصيبوا بإعاقة دائمة. وفالت صحيفة «هآرتس»، أن «18% من المسجّلين في قسم إعادة التأهيل، يعانون من صعوبات في الصحة العقلية واضطرابات ما بعد الصدمة». وشكّل انتحار الجنود السابقين المرضى نفسياً والمصابين باضطرابات ما بعد الصدمة، أو الجنود خلال خدمتهم، قلقاً للمؤسسة العسكرية، وذلك بالتزامن مع ارتفاع طلبات الإعفاء من الخدمة.
وبحسب تلك المصادر، فإن 3 جنود إسرائيليين أقدموا على الانتحار في أيار 2023، و14 جندياً قاموا بالفعل نفسه خلال تأدية الخدمة العسكرية عام 2022. وتوضح أن هذه الحصيلة هي الأعلى منذ 5 سنوات، عازية ذلك إلى «تنامي الاضطرابات العقلية وسط الجنود». وتشير إلى أن نظام الصحة النفسية داخل الجيش الإسرائيلي أجرى 47 ألف جلسة علاج نفسي مع الجنود. ووفق قناة «كان» الإسرائيلية، تبيّن وجود قفزة بنسبة 40% في الاستفسارات العقلية والنفسية الواردة من الجنود قبل الحرب على غزة.
وعلى خطّ مواز، وبعد 60 يوماً من القتال في الحرب البرية، سحب الاحتلال جنود لواء «غولاني» من أرض المعركة، بذريعة «إعادة تنظيم الصفوف وإنعاش القوات». وذلك بالتزامن مع انسحاب لواء «المظليين» من غزة، تحت الذريعة نفسها. وفي العموم، تكبّد «لواء غولاني»، خسائر فادحة، بإقرار الاحتلال إلى مقتل 42 جندياً وضابطاً، بينهم قائد لواء «الكتيبة 13»، في معركة الشجاعية، من بينهم الضابط تومر غرينبرغ، فيما قال قائد لواء «غولاني» الأسبق، موشيه كابلنسكي، قبل عدة أيام، إن اللواء خسر نحو ربع قواته بين قتيل وجريح منذ عملية «طوفان الأقصى»، مؤكّداً مقتل 82 ضابطاً وجندياً.
مسيحيو فلسطين مضربون عن الاحتفال: العيد عيدُ غزة
رام الله | حداداً على شهداء قطاع غزة، لن يحتفل الفلسطينيون المسيحيون بأعياد الميلاد لهذا العام، فيما ستقتصر شعائر الأعياد على الصلوات، التي لن تكون مُيسّرة هي الأخرى تماماً، وتحديداً في مدينة القدس المحتلة، إذ حوّلت إسرائيل المدينة إلى ثكنة عسكرية على مدار العام، فيما تنشر حالياً حواجزها وعناصر شرطتها في كل الأزقة والشوارع والميادين، وهو ما يترافق مع اعتداءات مباشرة من قبل الجنود والمستوطنين، تحول دون ممارسة المقدسيين حياتهم، بما في ذلك صلواتهم، بحرية. وعلى خلفية كلّ ما تقدّم، لم يكتفِ المسيحيون بإلغاء الاحتفالات بالأعياد، بل وجّهوا في خلال الأسابيع الماضية مراسلات إلى جميع المرجعيات الدينية والحقوقية في العالم بضرورة العمل على وقف هذه الحرب، وكان من أبرزها توجّه وفد من كنائس بيت لحم، في نهاية تشرين الثاني، إلى واشنطن، لتسليم الرئيس الأميركي، جو بايدن، رسالة تدعوه إلى إنهاء العدوان على غزة. وفي هذا الوقت، تتوالى الإدانات للزيارة التي قام بها رؤساء الكنائس المسيحية في القدس إلى مقر إقامة الرئيس الإسرائيلي، يتسحاق هرتسوغ، بحلول موسم الأعياد، وكان من بين الإدانات ما أصدره المجلس الرعوي التابع لكنيسة رام الله للروم الملكيين الكاثوليك، الذي استنكر «مثل هذه اللقاءات التي لا تعبر عنا ولا تمت لنا بصلة».
على أن استهداف المسيحيين في غزة، كما في الضفة أو القدس المحتلتين، لم يبدأ مع بدء العدوان، بل هو ممتدّ إلى ما قبل ذلك. ويُشار، هنا، إلى ما تعرّض له رجال الدين المسيحيون، في بداية أكتوبر الماضي، ما قبل معركة «طوفان الأقصى»، من اعتداءات من قِبَل مجموعات المستوطنين في القدس، بالضرب والبصق عليهم، فضلاً عن اعتداءات من قِبَل عناصر شرطة الاحتلال. وفي تعليقه على هذه الحادثة وقتها، قال «مجلس الكنائس العالمي» في القدس إن المسيحيين يتعرّضون لـ«الاضطهاد» من قبل جماعات إسرائيلية متطرفة، منتقداً صمت الحكومة الإسرائيلية إزاء هذا الوضع، مضيفاً: «نشعر بالاضطهاد لنا كمسيحيين وللمسيحية كدين في البلد. يوجد اضطهاد يهودي إسرائيلي يتم تشجيعه سواء من خلال إهمال الشرطة أو بالكلام الذي يصدر عن وزراء الحكومة الإسرائيلية».
ولا تقتصر المضايقات على تحديد أعداد المصلين والمسار الذي يتخذونه في القدس، بل تصل إلى تواطؤ شرطة الاحتلال مع المستوطنين وعناصر الجماعات اليمينية الذين ينتشرون في حواري وأزقة المدينة، حيث يتعرّض المؤمنون المسيحيون للسباب والشتائم. وفي كثير من المرات تتدخّل شرطة الاحتلال لتعتدي بالضرب عليهم في حال حدوث تلاسن مع المستوطنين. وتُقدّر أعداد المسيحيين الفلسطينيين في القدس بنحو 8 آلاف، حيث عملت إسرائيل منذ احتلال المدينة بشقّيها الغربي عام 1948، والشرقي عام 1967، على انتهاج سياسة طاردة لهم. ولعلّ ما تقدّم يُفسِّر إصدار الكنائس نحو 12 بياناً خلال الشهور الماضية، اثنان منها على الأقل دعوا إلى توفير الحماية الدولية لهم، من هذه الهجمات التي تزداد عادة في فترة الأعياد.
وجّه مسيحيّو فلسطين مراسلات إلى جميع المرجعيات الدينية
والحقوقية في العالم بضرورة العمل على
وقف هذه الحرب
وحول ذلك، يقول رئيس «أساقفة سبسطية للروم الأرثوذكس»، عطالله حنا، في حديث إلى «الأخبار»، إن «ما يتعرّض له المسيحيون من استهداف هو ذاته الذي يتعرض له كل الشعب الفلسطيني الذي يعاني الاحتلال والاستهداف والقمع والظلم، فالاحتلال لا يميز بين مسيحي ومسلم»، مضيفاً أن «المسيحيين في القدس يعانون من عنصرية الاحتلال والمستوطنين، الذين يشتموننا ويبصقون علينا وعلى رموزنا الدينية التي تزعجهم وتستفزّهم وخاصة الصليب». ويؤكد أن هذه الممارسات موثّقة «حين يمرون قرب الكنائس أو الرموز المسيحية»، متابعاً أن «الاحتلال في القدس يستهدف المسجد الأقصى والأوقاف الإسلامية وكذلك الحضور والأوقاف المسيحية من منطقة باب جديد، مروراً بباب الخليل، ووصولاً إلى الحي الأرمني، وفي كل أحياء القدس».
ويشير حنا إلى أن أعداد المسيحيين في فلسطين في «تراجع دراماتيكي بسبب إجراءات الاحتلال والظروف الاقتصادية والمعيشية الصعبة، ونسبتهم لا تتجاوز الواحد في المئة، بينما يبلغ عددهم في القدس 8 آلاف شخص»، واصفاً هذا التراجع بـ«الخسارة لكل فلسطين».
ويؤكد أن «المسيحيين الباقين رغم الآلام والسياسات الاحتلالية الطاردة متمسّكون بانتمائهم إلى فلسطين وإيمانهم ورسالتهم من الأرض المقدسة»، مضيفاً أن «هذه العنصرية لن تؤثر علينا وعلى صمودنا، هم يسعون لمضايقتنا لكننا باقون وجذورنا عميقة في تربة الأرض ولن يتمكن أحد من اقتلاعنا».
وحول أوضاع المسيحيين في غزة، يقول حنا إن «نزيف غزة هو نزيفنا وآلام غزة هي آلامنا، إذ كلنا مستهدفون في غزة والضفة والقدس، وما يجري ليس حرباً ضد مدينة أو فصيل وإنما يستهدف كل الشعب الفلسطيني بكل مكوّناته، ولذلك فإن رسالة الكنائس هي إلى كل المرجعيات الدينية المسيحية والكنائس حول العالم للالتفات إلى فلسطين وغزة، وأن يتذكروا بأن أرض الميلاد هي فلسطين وأن يرفعوا الصوت عالياً لكي تتوقف الحرب». ويشير إلى أن «عدد المسيحيين في غزة يصل إلى نحو ألف شخص، بعدما تراجع بشكل كبير خلال السنوات الماضية، في ظل الحروب المتلاحقة على القطاع، والحصار المفروض منذ 17 عاماً والظروف الصعبة والمأساوية»، لافتاً إلى أن «كل المسيحيين في غزة متواجدون في الكنيسة الأرثوذكسية والكاثوليكية، والتي لم تنجُ من الاعتداءات التي ارتقى في خلالها العديد من الشهداء».
وارتفعت وتيرة الاعتداءات على المسيحيين في القدس، منذ تشكيل الحكومة الإسرائيلية التي تضمّ في عضويتها وزراء فاشيين، منحوا المستوطنين الضوء الأخضر لممارسة العربدة ضد من يشاؤون، حتى بات هؤلاء يخطّون عبارات من مثل «الموت للمسيحيين» و«الموت للأرمن»، بالعبرية، في كل مكان، مثلما حدث على جدران «دير سانت جيمس» (القديس يعقوب) الأرمني قبل شهور. وفي تشرين الثاني الماضي، قام مستوطن متطرف بتخريب تمثال للسيد المسيح في كنيسة الجلد المقامة في المكان الذي يُعتقد أن المسيح حمل فيه الصليب. كما شهدت القدس قيام مجموعة من المستوطنين بإلقاء الكراسي والطاولات في محيط منطقة بالقرب من مقر جماعة «حراسة الأراضي المقدّسة» الدينية، ما جعل الحي المسيحي أشبه بساحة معركة. وفي واقعة أخرى، تعرّضت مقبرة مسيحية في القدس للتخريب، كما حطّم المستوطنون شواهد قبور وصلبان أكثر من 30 قبراً في المقبرة البروتستانتية، وخطّوا شعارات عنصرية على جدران البطريركية الأرمنية.
وأثار هجوم المستوطنين على المسيحيين، في أكتوبر الماضي، ردود فعلٍ دولية غاضبة، ما دفع حكومة الاحتلال إلى إدانته ورفضه، لكنّ عدداً من الإسرائيليين قالوا في منشورات عبر وسائل التواصل الاجتماعي إن «البصق على المسيحيين هو عادة يهودية قديمة». وبالمثل، قال وزير «الأمن القومي»، إيتمار بن غفير، إن «هناك عادة يهودية قديمة، أن تبصق عندما تمر بالقرب من دير أو كاهن، يمكنك أن توافق على ذلك أو لا توافق»، متسائلاً: «لماذا نحوّل البصق على المسيحيين إلى مخالفة جنائية؟».
تعطيل الملاحة في البحر الأحمر: أوروبا خاسرٌ كبيرٌ كما إسرائيل
ديدن الغرب أنّه لا يتورّع عن الاستمرار في حياكة المؤامرات وممارسة الاعتداءات على كل من يخالف سياساته. وها هو يحرّض عبر حكوماته ووسائل إعلامه، على الشعب اليمني عبر تقديم تفسير خاص به لقرار اليمن محاصرة إسرائيل ومنعها من الإبحار في البحر الأحمر وباب المندب وبحر العرب رداً على حصارها لقطاع غزّة. ويروّج الغرب بأن القرار يستهدف حركة التجارة العالمية في هذه الطرق والممرات البحرية، من منطلق أن ما يجري يمثّل تهديداً لكل الملاحة البحرية في العالم. فيما الهدف الذي ترمي إليه واشنطن هو خدمة العدو الإسرائيلي، وليس إعلان أربع من أكبر شركات النقل البحري العالمية، التي يصادف أنها غربية المنشأ، بأنها ستوقف الإبحار عبر البحر الأحمر، إلّا أحد أمثلة هذا التهويل الذي يقوم به الغرب. مع العلم أن القوات المسلحة اليمنية كانت واضحة جداً في جميع بياناتها، كما أكّد مسؤولو أنصار الله في كل تصريحاتهم، أن العمليات التي تقوم بها اليمن في البحر موجهة فقط نحو البواخر المتوجّهة إلى إسرائيل، أو تلك التي على صلة بالكيان المحتل.
13 ألف كيلومتر هي المسافة الإضافية التي يجب سلوكها للالتفاف حول أفريقيا بدلاً من المرور في البحر الأحمر
ما تقوم به شركات الشحن البحري العملاقة يصيب كل حركة الشحن في العالم، وهذا الأمر يتعلّق بافتعال بتعقيدات على سلاسل التوريد العالمية، التي أصبحت تحتاج إلى تقنيات حديثة في إدارتها. وفي هذه العملية المعقّدة، تُصبح عواقب أي خلل في الشحن البحري مؤثّرة على الصعيد العالمي، بخاصّة أن الشركات المذكورة، ضخمة لدرجة أن أعمالها تمتد عبر بحار العالم ولا تختص بالنقل من منطقة إلى أخرى. وبحسب التقديرات، تبلغ حصة الشركات التي أعلنت عن تعليق الإبحار في البحر الأحمر من مجمل حركة النقل البحري العالمي نحو 54% من هذه الحركة العالمية. وهنا يمكن الغوص في بعض نتائج هذه القرارات المحتملة.
سلاسل التوريد: تهديد حقيقي لاقتصادات الدول
الاقتصاد الحقيقي، هو، بشكل عام، ما يتعلّق بالإنتاج، الذي يعتبر العصب الأساسي لأي اقتصاد. صحيح أن الأسواق المالية هي أحد أهم مصادر الأرباح في الاقتصاد الرأسمالي، إلّا أنّ عوامل الاقتصاد الحقيقية (الإنتاج والتجارة والاستهلاك) هي العوامل التي تسهم في تحريك العجلة الاقتصادية، وأنّ أي ضرر يلحق بها له انعكاسات كبرى على الاقتصاد. النقطة المهمّة هنا هي أن سلاسل التوريد وسلاسل الإنتاج هي العمليات التي تدفع عوامل الاقتصاد الحقيقي للعمل بشكل سليم.
5%هي نسبة النفط الخام الذي يمرّ عبر باب المندب من حركة النفط الخام البحرية العالمية
ولا ضرورة للذهاب بعيداً لتوضيح هذه الفكرة، فالعالم لم يتعافَ بعد من آخر صدمة حصلت عقب اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، حيث ضربت سلاسل التوريد في عدد من القطاعات، وأهمّها الغذاء والطاقة. ونتيجة لهذا الخلل، ارتفعت الأسعار العالمية لمختلف السلع، ما أسهم في حصول موجات تضخّم في غالبية دول العالم. ولم تكن أي أداة، من الأدوات الحديثة التي يستخدمها صنّاع السياسات، مثل الأدوات النقدية أو المالية، فعّالة في وجه ارتفاع الأسعار، إذ كان السبيل الوحيد هو معالجة أساس المشكلة، وهي سلاسل التوريد. عندما استقرّت هذه السلاسل على الواقع الجديد، توقّف الارتفاع الكبير في الأسعار، وعادت معدلات التضخّم إلى مستويات «معقولة»، ولكن هذا لم يمحِ أثر الارتفاع السابق في الأسعار. بمعنى آخر، جلّ ما حصل هو أن معدّل التسارع في ارتفاع الأسعار أصبح معقولاً، ولم تنخفض الأسعار إلى المستويات التي سبقت الحرب الروسية الأوكرانية.
التحريض الأميركي على اليمن، هدفه اعتبار الهدف اليمني بمحاصرة العدو تهديداً للملاحة البحرية التجارية
ما يحدث اليوم في البحر الأحمر، وما يخطّط له اللاعبون على وتر الحرب الإسرائيلية على غزة، قد يكون إنذاراً لمشكلة قادمة على صعيد سلاسل التوريد. في هذا السياق، لا بدّ من توضيح أهميّة قرارات عمالقة النقل البحري الغربيّين. فالنقل البحري في البحر الأحمر يمثّل نحو 12% من التجارة العالمية، و30% من التجارة البحرية العالمية، وهو يُقدّر بنحو تريليون دولار سنوياً. والمتضرر الأساسي من قرار هذه الشركات هو أوروبا، إذ إن هذا القرار يضرّ نحو 50% من التجارة بين شرق آسيا وأوروبا. وتحوّل هذا الحجم من التجارة من البحر الأحمر إلى رأس الرجاء الصالح وبالتالي الالتفاف حول أفريقيا، يعني زيادة مدّة الرحلات بنحو 10 أيّام، وفي بعض التقديرات أكثر من ذلك. وهذا الأمر له نتائج مختلفة:
أولاً، الانعكاس على كلفة النقل. فسلوك طريق أطول يعني كلفة نقل أعلى. وهذا الأمر سينعكس بشكل مباشر على أسعار السلع المنقولة. فعلى سبيل المثال، الرحلة من سنغافورة إلى روتردام ستزداد مسافتها بنحو 40%. كما ينعكس الأمر على كلفة تأمين البضائع، وهي أيضاً تُشكّل إحدى الأكلاف المهمة التي تنعكس على أسعار البضائع، فالمستورد، يدفع هو أيضاً كلفة التأمين على بضائعه. وبالفعل، رفعت شركات التأمين الكلفة على البواخر التي تمرّ في البحر الأحمر، حيث أصبحت تشكّل نحو %0.5 إلى 0.7% من قيمة البضائع بعد أن كانت في بداية الشهر الحالي نحو 0.07%. ثم هناك الكلفة غير المباشرة لتعطّل سلاسل التوريد، وهي تلك التي تتمثّل في تأخّر وصول البضائع، وهو ما ينعكس خسائر مؤكدة. فإذا كانت البضائع للاستهلاك النهائي، ستنتقل الخسارة إلى التاجر المستورد غير القادر على تصريف بضائعه، وإذا كانت بضائع تُستخدم في الإنتاج، تتأخّر عمليّة الإنتاج في الاقتصاد المستورد. وهنا ينتقل الخلل في سلاسل التوريد إلى الاقتصاد الحقيقي، الذي لا يمكن معالجة مشكلاته إلّا عبر حلّ أصلها (وهنا الحلّ هو العودة إلى الإبحار في البحر الأحمر).
الشركات الغربية ليست الوحيدة
صحيح أنّ شركات الشحن الصينية الكبرى لحقت بالشركات الغربية في تعليق سلوك مسار البحر الأحمر، ولكنّ هذا الأمر لا يعني أنها ستبقى على هذا الحال لوقت طويل.
محوران يتأثران بملف سلاسل التوريد: الأول هو المحور الأوروبي، و الثاني هو المحور الآسيوي، وعلى رأسه الصين كأكبر دولة منتجة في العالم. ومن الطبيعي أن يصيب الضرر الحاصل، بسبب تعليق الإبحار عبر باب المندب، البلدان المُصدّرة. ولأن التهديد الحقيقي ليس لكل البواخر المارّة في البحر الأحمر، وهو أمر تعرفه الصين بعيداً عن البروباغندا الغربية، قد لا تطول المدّة قبل أن تقرر الشركات الصينية العودة للإبحار في البحر الأحمر.
85 %من نشاط ميناء إيلات تراجع منذ تكثيف الهجمات ضد سفن الشحن المتوجّهة من وإلى ميناء إيلات. وذلك بحسب الرئيس التنفيذي للميناء الإسرائيلي، غدعون غولبر
وكأكبر مُصدّر في العالم، تهدف الصين إلى إيجاد أفضل السُبل لنقل بضائعها نحو مختلف بقاع العالم، وهو أصلاً أحد أعمدة مبادرة «الحزام والطريق»، تحت عنوان «التجارة من دون عوائق». وفي حال عادت الشركات الصينية للإبحار في البحر الأحمر، قد يُشكّل هذا الأمر مشكلة للشركات الغربية، لأنه في هذه الحالة تؤمّن الشركات الصينية بديلاً أقل كلفة لنقل البضائع من شرق آسيا إلى أوروبا، ما يعني أنها ستتقدّم على الشركات الغربية في المنافسة على حصّة قطاع نقل البضائع البحري.
في الخلاصة،إن تبعات تعليق سلوك مسار البحر الأحمر ليست عملية سهلة، والضغط الذي تمارسه الشركات الغربية، ومن خلفها الولايات المتحدة على اليمن، غير مستدام، لأنّ نتائجه السلبية على الاقتصاد الأوروبي في الدرجة الأولى، ستكون كبيرة، سواء لناحية ارتفاع أسعار السلع القادمة من الشرق، أو لناحية عرقلة سلاسل التوريد. ومن المثير للاهتمام معرفة كم ستتحمّل شركات الشحن أن تبقي على قرارها.
قناة السويس أحد الخاسرين
نحو 103 بواخر عدلت اتجاهها عن سلوك الطريق إلى قناة السويس في الأسابيع الأخيرة، بحسب ما ذكرته صحيفة ذا غارديان. يعادل هذا الرقم توقّف قناة السويس عن العمل لمدة يومين، حيث تمرّ عبرها نحو 50 باخرة يومياً. وتُشكّل القناة مصدراً مهماً لإيرادات الدولة المصرية في العملة الصعبة، وتبلغ عوائد القناة نحو 2% من الناتج المحلّي المصري، بنحو 9 مليارات دولار سنوياً.
توضيحات فرنسية: «حزب الله» عامل استقرار
تلقّى «حزب الله» توضيحات من القيادة الفرنسية حول كلام الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، خلال مقابلة أجرتها معه قناة «فرانس 5»، الأربعاء الماضي، والذي اعتبر فيه ماكرون، الحزب، «مجموعة إرهابية».
وبحسب معلومات «الأخبار»، أكّدت التوضيحات الفرنسية، أن «لا نيّة لدى فرنسا لتغيير مقاربة العلاقة مع حزب الله ومع لبنان»، بل إن «الفرنسيين مصرّون على الاستمرار في التواصل مع الحزب، لما فيه مصلحة لبنان».
كذلك، جاء في التوضيحات، أن «باريس تعتبر حزب الله قوّة سياسيّة مهمّة، تمثّل شريحة أساسيّة من الشعب اللبناني، وهو عامل استقرار».
وعُلم أن موقف ماكرون أثار بلبلة لدى فريق الخارجية الفرنسية الذي يتابع العلاقة مع «حزب الله».
وقد علّق البعض بأنه «كان على الرئيس ماكرون، التفكير مرّتين قبل أن يُدلي بما صرّح به حول حزب الله».
فضيحة شهادات الطلاب العراقيّين في «التربية»: عماد عثمان وعلي إبراهيم «يضبضبان» ملف فساد
انصاع المدير العام لقوى الأمن الداخلي، اللواء عماد عثمان، لضغوط المرجعية السياسية التي عيّنته في منصبه ومدّدت له، فأمر بوقف التحقيق في ملف فساد في وزارة التربية لحماية فاسدين يتبعون للمرجعية نفسها. ولحماية هؤلاء، ارتكب عثمان مخالفة فاضحة لأحكام قانون أصول المحاكمات الجزائية متدخّلاً في عمل القضاء، فلم ينتظر إشارة من النائب العام المالي القاضي علي ابراهيم لإقفال الملف المتعلق بتلقّي رشى مقابل تسريع تسليم شهادات للطلاب العراقيين، بل طلب من فرع المعلومات وقف التحقيق وإقفال الملف وتحويله إلى النيابة العامة المالية. وإذا كان ذنب عثمان عظيماً، فإن خطيئة إبراهيم أعظم، بموافقته على وقف الضابطة العدلية التحقيقات، وطلبه أن يحوّل إليه الملف مع هواتف الموظفين والسماسرة الموقوفين والمطلوب الاستماع إليهم. فالضابطة العدلية تعاون القضاء وتأتمر به ولا تأمره، ولا قدرات بشرية وتقنية لدى القضاء على التحقيق مع الموقوفين وفحص هواتفهم وغيرها من الإجراءات التي هي من وظيفة الضابطة العدلية أساساً. وكان يجدر بالمدّعي العام المالي أن يقتدي بالمحامية العامة الاستئنافية القاضية نازك الخطيب عندما أراد عثمان نفسه حماية المديرة العامة لهيئة إدارة السير والآليات والمركبات، هدى سلوم، أثناء التحقيق معها في تهم فساد، فحاول إقفال الملف. يومها رفضت الخطيب الأمر، وهدّدت عثمان بتوقيفه إن أوقف التحقيق!السبب في كل هذه المعمعة، على ما يبدو، هو محاولة ضبضبة الملف قبل وصول الموسى إلى أمينة سر لجنة معادلات ما قبل التعليم الجامعي، رئيسة دائرة الامتحانات الرسمية في وزارة التربية، أمل شعبان، ابنة شقيق جورج شعبان، مدير مكتب الرئيس سعد الحريري (وقبله الرئيس رفيق الحريري) في موسكو.
وكان فرع المعلومات قد أوقف موظفين يعملون في مكتب شعبان هم (ر. ب.) و(م. ف.) و(م. س.) و(ح. ش.)، قبل أن يخلي سبيل الثلاثة الأخيرين ويبقي على الأول الذي اعترف، وفق ما ورد في التحقيق، الذي اطّلعت «الأخبار» على جزء منه، بأنه كان يتقاضى رشى، بالاتفاق مع شعبان، لحجز مواعيد وتسريع معاملات تسليم المعادلات للطلاب العراقيين، بدلاً من التأخّر لأكثر من شهرين في انتظار موعد على المنصة. وأضاف أن شعبان كانت تمرّر المعاملات في اليوم نفسه، وكان هو يتولّى قبض 250 دولاراً من صاحب المعاملة، يعطي شعبان 200 منها ويحتفظ لنفسه بـ 50 دولاراً. وفيما كان منتظراً أن تتوسّع التحقيقات لتطاول أشخاصاً آخرين في لجنة المعادلات ودائرة الامتحانات الرسمية، وكان عدد الموقوفين مرشّحاً للارتفاع، ومع ظهور اسم شعبان واتهامها بتقاضي رشى، تدخل عثمان على الفور وقطع الطريق على أيّ توقيف يمكن أن يطاولها والتوسع في التحقيق لمعرفة ما إذا هناك تورط في ملفات أخرى غير الرشى.
سرعة غير معهودة في صدور قرارات ظنّية بموجب جنح لا جنايات قبل انتهاء التحقيق
وفي التفاصيل التي حصلت عليها «الأخبار» من مصادر قضائية مطّلعة على الملف الموجود في قلم النيابة العامة المالية، فإنّ فرع المعلومات حقق في ملف معادلات الشهادات الجامعية وعددها نحو ٣٠ محضراً، أُحيل منها ٢١ محضراً إلى القاضي إبراهيم الذي أحال بدوره، وقبل إنجاز كامل التحقيقات، نحو 12 ملفاً منها إلى قاضي التحقيق في بيروت أسعد بيرم. فبادر الأخير، بسرعة غير معهودة، إلى إصدار قرارات ظنية بحق موظفين ومعقّبي معاملات وسماسرة قبل انتهاء التحقيق مع عدد منهم، وطلب الظنّ بهؤلاء بموجب جرائم الجنح وليس الجنايات كما يُفترض. وتضمّنت القرارات الظنية اتهامات بتلقي مبالغ مالية تصل إلى 5 آلاف دولار من طلاب عراقيين مقابل تسريع إنجاز معاملات رسمية وتصديق شهادات وتعديلها، وارتكاب جرم الإثراء غير المشروع. تجدر الإشارة إلى أنّ جزءاً من الملفات التي ادّعى فيها إبراهيم (ملف أمل شعبان ليس من بينها) وأحالها إلى بيرم، عاود استئنافها قبل أن تحال إلى رئيس الهيئة الاتهامية في بيروت القاضي ماهر شعيتو الذي صادق على قرار بيرم.
وتشير مصادر مطّلعة على الملف إلى أن رضوخ النيابة العامة المالية والقبول بختم قوى الأمن التحقيقات من دون مبرّر وتحويل جزء من الملفات إلى قاضي التحقيق لتصدر القرارات بسرعة قياسية مؤشر على وجود ضغوط للفلفة التحقيق في الملفات. والتبرير الوحيد لقبول إبراهيم بختم عثمان التحقيقات، هو تقاطع المصالح لكون شعبان محسوبة على الرئيس الحريري، فيما عدد من الموقوفين محسوبون على حركة أمل.
فهل أتى التمديد للمدير العام لقوى الأمن الداخلي ليغطّي على الفساد أم ليطبق القانون؟ وما هو موقف رئيس مجلس النواب نبيه بري، الذي أكد في بداية التحقيقات في الملف رفع الغطاء عن الموظفين، وكيف رفع الغطاء عن جميع الموظفين والسماسرة في تزوير الشهادات في الجامعة الإسلامية ولم يرفع عندما وصل التحقيق إلى شعبان؟ وما هي التخريجة التي سيلجأ إليها القاضي إبراهيم المحسوب بالسياسة على بري؟ هل سيحوّل الملف إلى مكتب الجرائم المالية، حيث الفاخوري الذي يركب أذن الجرّة كما يريد؟ وأين وزير التربية، عباس الحلبي، من كل هذه التطورات؟ هل هو مع توقف التحقيقات، علماً أنه أكّد سابقاً أنه لن يغطي أيّ موظف؟ وما هي الإجراءات الإدارية التي اتخذها بحق شعبان في انتظار التحقيق؟ ولماذا استقبل عثمان أخيراً؟ ولماذا زار جورج شعبان في مكتبه أخيراً أيضاً؟ وهل لا تزال النائبة بهية الحريري التي زارت الحلبي قبل يومين تمسك بالملف التربوي بعد خروجها من لجنة التربية النيابية؟
اللواء:
فتور بين التيار وحزب الله.. وتعيين رئيس الأركان يفجِّر مصالحة السراي
ميقاتي يعلن جهوزية لبنان لتطبيق القرار 1701.. واشتباكات الجنوب تمتد إلى ما وراء الحدود
في أول موقف من نوعه، لم يخفِ رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي من بكركي، ان الحل موجود بالنسبة للوضع في الجنوب، وهو يكمن «في تنفيذ القرارات الدولية» من «اتفاقية الهدنة» (1949) الى القرار 1701(بعد حرب تموز 2006)، وكل القرارات الدولية، ونحن على استعداد للالتزام بالتنفيذ شرط ان يلتزم الجانب الاسرائيلي وينسحب حسب القوانين والقرارات الدولية من الاراضي المحتلة».
والثابت قبل يومين من عيد الميلاد المجيد ان التحضيرات للاحتفال بالمناسبة، على وقع اجراءات امنية، ومحاولات التغلب على الصعوبات الاقتصادية والمالية، و«خلق رجاء» للعام المقبل، على الرغم من المسالك السلبية لقوى وكتل نيابية، جعلت من التباعد والانقسام سيدا الموقف، سواء في ما خص العجز عن التفاهم على انتخاب رئيس جديد للجمهورية، او انتظام عمل المؤسسات، او السير بلا طعونات ومراجعات بالقوانين التي تصدر عن مجلس النواب.
و قالت مصادر سياسية مطلعة لـ«اللواء» أنه مع دخول البلاد في عطلة الأعياد فإن كل الملفات ترحَّل إلى العام المقبل في حين يسود الترقب بالنسبة إلى تطور الجبهة الجنوبية والضغط الدولي من أجل القرار ١٧٠١.
ولفتت المصادر إلى أن الرئيس ميقاتي تحرك في سياق التأكيد على أهمية تنفيذ القرارات الدولية، أما موضوع تعيين رئيس هيئة الأركان فلا يزال معلقا وفق المصادر التي قالت ان عظة البطريرك الماروني في مناسبة الميلاد تركز على الملف الرئاسي.
وفي السياق نفسه، تحدثت المصادر عن أن زيارة الموفد الرئاسي الفرنسي جان- ايف لودريان إلى لبنان لم تحدد بعد ولكنها قائمة.
ميقاتي في بكركي
ومن بكركي اتهم الرئيس نجيب ميقاتي ان احداً اوعز لوزير الدفاع موريس سليم لتغيير موقفه، بعد الاجتماع الودي الذي جمعهما في السراي الكبير، وقال: انا اعرف من أوعز له».
وأعلن ميقاتي انه تحدث مع البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي عن انه منذ بداية الشغور في سدة الرئاسة، هدفنا، والى حين انتخاب رئيس جديد للجمهورية ليس الاستئثار او السيطرة او أخذ صلاحيات رئيس الجمهورية، بل ان يقوم بالعمل المطلوب لتسيير امور الوطن.
وجاء موقف ميقاتي بعد سقوط «الصلحة» مع وزير الدفاع، وادلاء الوزير بموقف مغاير للحديث الذي ادلى به ليلا، وسط معلومات عن ان مسألة تعيين رئيس جديد للاركان باتت سهلة.
ومن عين التينة، توجه النائب غسان سكاف، بعد لقاء الرئيس نبيه بري، حيث اثنى على دوره في التمديد لقائد الجيش العماد جوزف عون الى الساعين الى الطعن بالقول، عليه ان يعرف ان ما كتب قد كتب، وان تضييع الوقت ليس من مصلحة احد..
فتور بين التيار والحزب
وعلى خلفية التباين بين موقفي كل من التيار الوطني الحر وحزب الله في ما خص تشريع الضرورة والمشاركة في التمديد لقائد الجيش عبر قانون صدر ن مجلس النواب، والاتجاه الى تعيين رئيس جديد للاركان بعد مجلس الوزراء، والمدعوم من الحزب، كشف مصدر مطلع ان نوعا من الفتور بدأ يظهر الى العلن في ما خص العلاقة بين الجانبين، من دون الاستفراق لا في المعاتبات ولا في الوعود.
وحسب المصدر فإن حزب الله، الذي يواجه على جبهة الجنوب، ويتابع مجريات الوضع في غزة والمنطقة ليس بوارد الدخول في اية سجالات داخلية لا مع حلفائه ولا مع خصومه.
خلف ايميه
ومن باريس اعلن وزير الدفاع الفرنسي سيباستيان ليكورنو على تعيين نيكولا ليرنر رئيساً جديدا للمديرية العامة للامن الخارج، خلفا لبرنار ايميه، مع الاشارة الى ان خليفة ايميه كان شغل منصب مدير عام وزارة الداخلية الفرنسية.
نتائج مقبولة في مكافحة تبييض الأموال
مالياً، لاحظا، حاكم مصرف لبنان بالانابة وسيم منصوري ان توصيات مجموعة العمل المالي ا لـ40 (المينافاتف) في تقريرها عن تدابير مكافحة تبييض الاموال وتمويل الارهاب، ان التقدير يُظهر ان لبنان أحرز نتائج مقبولة في الالتزام الفني حيث حصل على درجة «ملتزم» او «ملتزم الى حد كبير» في 34 توصية، ولحظ التقرير وجوب إجراء تحسينات في الـ 6 توصيات الباقية والتي حصل فيها لبنان على درجة «ملتزم جزئياً» مما يتطلب بعض التعديلات في القوانين والتشريعات.
وتعهد منصوري بالتواصل مع الجهات الداخلية للاجراءات التصحيحية المطلوبة بغية تعزيز فعالية منظومة تبييض الاموال وتمويل الارهاب اللبنانية.
حركة المطار
وتعج قاعتا الوصول والمغادرة بالمسافرين من والى لبنان في مطار رفيق الحريري الدولي.
وحسب المعلومات يصل الى المطار يوميا ما لايقل عن 13000 وافد.
وتفقد وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الاعمال الوضع في المطار وسير العمل، لا سيما لجهة الاجراءات والامن والتسهيلات المطلوبة.
لكن ما اصاب اوتوستراد المطار ونفق المطار باتجاه خلدة، بسبب غزارة الامطار لجهة عجقة السير، وعدم قدرة السيارات والشاحنات من الانتقال باتجاه خلدة والعاصمة ترك انطباعاً سلبياً لدى الرأي العام والمسافرين، وتساءل عن الاجراءات التي تحدثت عنها وزارة الاشغال وبلديات المنطقة.
الوضع الميداني الاحتلال يعترف
على الارض، في الجنوب، لم يحُل الطقس البارد من انخفاض منسوب المواجهة، فاعلنت المقاومة الاسلامية عن استهداف قوة مشاة اسرائيلية في محيطة موقع الطلة، وتجمعا لجنود وضباط جيش الاحتلال في مستعمرة (ايفين مناحم) بالاسلحة المناسبة.
واعلن الجيش الاسرائيلي ان احد الجنود التابعين له قتل امس خلال الاشتباكات مع حزب الله عند الحدود اللبنانية الجنوبية.
كما اعلن حزب الله عن استهداف مركز تحكّم وسيطرة تابع للجيش الاسرائيلي، مقابل بلدة كفركلا، والمركز يقع عند النقطة 430، وألحق به اصابات مباشرة.
البناء:
بعد سحب ألوية النخبة… جيش الاحتلال يبدأ بتسريح الاحتياط… وإعادة الانتشار
هآرتس تدعو لتقبّل الهزيمة والانتقال الى قبول معادلة ربط الأمن بالحل السياسيّ
يديعوت أحرونوت: 67 % من «الإسرائيليين» يؤيدون وقف النار والتبادل الشامل
كتب المحرّر السياسيّ
ظهرت عملية سحب ألوية النخبة في جيش الاحتلال من ساحات القتال في غزة مثل رأس جبل جليد بدأت تظهر تفاصيله تباعاً، بعدما تداولت وسائل إعلام مختلفة في الكيان، منها هيئة البثّ الرسميّة والقناتان الثانية عشرة والثالثة عشرة وصحيفتا هآرتس ومعاريف، معلومات وتفاصيل عما تمّت تسميته المرحلة الثالثة من الحرب على غزة، التي تتضمّن تسريح الاحتياط، والانسحاب من مناطق التوغل في غزة إلى نقاط تمركز يمكن الدفاع عنها والاحتفاظ بها لفترة غير قصيرة، ريثما يتمّ التوصل الى اتفاق نهائيّ، في شمال وشرق قطاع غزة، والأرجح في المستوطنات التي كانت قائمة قبل تفكيكها والانسحاب من غزة عام 2005. وتقوم المرحلة الثالثة من الحرب على وقف الغارات الجويّة المكثفة وعمليّات القصف المدفعي والانتشار، لصالح الاكتفاء بعمليات مستهدفة لقادة المقاومة وتشكيلاتها ومستودعاتها، عندما تتوفر معلومات تتيح القيام بهذه العمليات، بانتظار نتائج التفاوض على تبادل الأسرى.
صحيفة يديعوت أحرونوت نشرت استطلاعاً للرأي يكشف تحوّلاً نوعياً في اتجاهات الرأي العام داخل الكيان، حيث إن نسبة الـ 65% التي كانت تؤيد الحرب على غزة بقوة قبل شهرين تماماً وفق استطلاع رأي لصحيفة معاريف في 20-10 جاء استطلاع يديعوت ليكشف تأييد 67% لوقف الحرب ومعارضة 22% فقط لوقفها، ما يضع إجراءات جيش الاحتلال في دائرة التعبير عن مزاج في الرأي العام، معاكس لما يرغبه رئيس حكومة الكيان بنيامين نتنياهو.
صحيفة هآرتس ذهبت الى أبعد من الحديث عن وقف الحرب، فدعت إلى تقبّل الهزيمة، والاعتراف بأن الفلسطينيين يستحقون نصرهم، وأن هذا النصر يشكل نقطة بداية مطلوبة للتوصّل إلى حل سياسيّ، لا يمكن الحديث عن الأمن بدونه، كما قالت الحرب وقبلها طوفان الأقصى، داعية إلى الإقرار بأن حلّ الدولتين هو طريق البقاء على قيد الحياة للكيان، لأن الحياة وفق معادلة مواصلة الدوس على كرامة الفلسطينيين قد سقطت سقوطاً مدوياً في السابع من تشرين الأول، ولم تفعل الحرب سوى تأكيد هذا السقوط.
لا تزال الأوضاع الأمنية والعسكرية على الحدود اللبنانية – الفلسطينية في صدارة المشهد، وسط ترقّب داخليّ ودوليّ للأحداث المتلاحقة والمدى الذي ستبلغه واحتمالات الانزلاق إلى حرب واسعة النطاق بين حزب الله وقوات الاحتلال الإسرائيلي في ظل تصاعد وتيرة ونوعية عمليات المقاومة ضد مواقع الاحتلال على طول الجبهة وعرضها، ما حول منطقة شمال فلسطين المحتلة الى منطقة مشلولة تسكنها الأشباح وضباط وجنود الإحتلال الى سربٍ من البط في مصيدة عناصر حزب الله وفق ما عبر الإعلام الإسرائيلي.
وأقرّ جيش الاحتلال أمس بمقتل جندي وإصابة آخر بجروح بليغة في انفجار صاروخ أطلقه حزب الله على موقع بالجليل الأعلى.
ويسعى الأميركيّون والموفدون الأوروبيّون ورسل عرب وفق معلومات «البناء» للتوسّط مع الحكومة اللبنانية لفتح التفاوض مع حزب الله في ملف الحدود البرية مع فلسطين المحتلة، للتوصل إلى مقايضة بين انسحاب «إسرائيل» من الأراضي المحتلة في الغجر والنقاط الـ13 المتحفظ عليها، مع وضع مزارع شبعا وتلال كفرشوبا في عهدة الأمم المتحدة، مقابل انسحاب حزب الله من مسافة 10 كلم بالحد الأدنى وإقامة منطقة عازلة ونشر قوات دولية عليها، وذلك كضمانة إسرائيليّة بعدم تسلل القوات الخاصة في حزب الله الى عمق الأراضي المحتلة، وإلى الجليل تحديداً، ويمكن حكومة الاحتلال من حل مأزقها الكبير باستعادة الأمن الى مستوطنات الشمال وإعادة المستوطنين إليها. وقد ضجّت وسائل إعلام الاحتلال بالحديث عن الأوضاع الكارثية في منطقة الشمال وشعور ما تبقى من مستوطنين بخطر حقيقيّ من دخول قوات حزب الله إلى الجليل وتكرار ما حصل في 7 تشرين الأول الماضي في غلاف غزة.
وبرزت تصريحات رئيس الحكومة نجيب ميقاتي من بكركي بقوله: «تحدثنا خلال اللقاء عن الوضع في الجنوب وشرحت لغبطته ما يحصل وأكدت أن الحل موجود وهو في تنفيذ القرارات الدولية، من «اتفاقية الهدنة» بين لبنان والعدو الإسرائيلي، والقرار 1701، وكل القرارات الدولية، ونحن على استعداد للالتزام بالتنفيذ شرط أن يلتزم الجانب الإسرائيلي وينسحب، حسب القوانين والقرارات الدولية، من الأراضي المحتلة. وفي هذه المناسبة عبرت لصاحب الغبطة عن تقديري لزيارته الى الجنوب للاطلاع على أوضاع الأهالي».
مصادر مطلعة أكدت لـ»البناء» بأن الحديث عن ترتيبات وصفقات واتفاقات على الحدود غير واردة قبل انتهاء الحرب في غزة وتوقف الاعتداءات الإسرائيلية على الجنوب. مشيرة الى أن هذا الاندفاع الدبلوماسي الغربي باتجاه لبنان لنجدة «إسرائيل» وانتزاع ضمانات أمنية لها يعكس المخاوف الجدّية على مصير الكيان الإسرائيلي بعد ضربة 7 تشرين والضربات المتلاحقة في جولات القتال في غزة، وكذلك الأمر في جنوب لبنان، ويعكس أيضاً خشية الكيان من الجبهة الجنوبيّة وما يخطط له حزب الله، ولذلك هو يريد «السترة» لا توسيع الحرب، وكل تصعيده الجويّ يهدف للتغطية على هذه المخاوف وعلى عجزه عن إيجاد حلٍ لهذه المعضلة ومحاولة يائسة لتطمين سكان الشمال الموجودين حالياً والمهجّرين منه.
لكن خبراء عسكريين يحذرون عبر «البناء» من أن فرضية توسع الحرب قائمة ولا يمكن استبعادها كلياً مع عدو مجرم ورئيس حكومة (نتنياهو) يُقامر بمستقبل إسرائيل لإنقاذ مستقبله، وقد يدفع كيان الاحتلال الى توجيه ضربة واسعة النطاق في الجنوب ومناطق أخرى في البقاع وربما في بيروت قبل انتهاء الحرب في غزة بأيام قليلة وذلك بهدف تسجيل إنجازات وانتصارات عسكريّة ولو وهميّة لاستعادة هيبة جيشه وشيئاً من قدرة الردع، لكن بالتأكيد سيقابل بردة فعل قوية وقاسية من قبل المقاومة التي لم تسمح بتعديل قواعد الاشتباك في بداية الحرب عندما كان جيش الاحتلال في ذروة قوته، فكيف في نهايتها وهو يجرجر ذيول الخيبة والهزائم؟».
ونقل موقع «المونيتور» عن مصدر سياسي إسرائيلي، أنّ «فرص التوصل إلى حل دبلوماسي للخلافات بين حزب الله و»إسرائيل» تتضاءل».
بدوره، أشار مصدر عسكري إسرائيلي، بحسب الموقع، إلى «أننا نرصد زيادة مطردة وبطيئة في هجمات حزب الله على «إسرائيل»»، لافتًا إلى أنّه «استمرار التصعيد سيوصلنا لحريق هائل وإن كان حزب الله يريده فسيحدث بالنهاية».
بدورها، نقلت صحيفة «نيويورك تايمز» عن مسؤولين قولهم إنّ «أميركا بعثت رسائل إلى «إسرائيل» ولبنان وحزب الله تحذّر من أن خطر التصعيد مرتفع للغاية». وكشف المسؤولون أنّ «إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن تناقش بنود اتفاق طويل الأمد يساعد على عودة النازحين الإسرائيليين إلى الشمال».
وتشير جهات مواكبة للوضع الميدانيّ على الحدود لـ»البناء» الى أن خريطة انتشار وحدات وفرق الجيش الإسرائيلي وحركتها بين الجبهات لا سيما بين شمال فلسطين وشمال غزة وجنوبها والضفة الغربية خصوصاً خلال الأسبوع الماضي، تؤشر الى أن الإرباك والتشتت بين الجبهات وسيطرة التعب وانهيار معنويّ كبير في صفوف الجنود والضباط الذين شوهدوا وهم يحتفلون بخروجهم من المعركة في غزة في إطار عمليّة سحب 40 في المئة من الوحدات الخاصة من غزة بعد المعارك الضارية في غزة.
ولذلك فإن جيش الاحتلال اضطر الى سحب 10 آلاف جندي من الفرق الخاصة من الحدود مع جنوب لبنان الى غزة، ما يعني أن لا قدرة بشريّة لجيش الاحتلال بشنّ عدون برّي واسع على لبنان في ظل فشله في جبهة غزة، علماً أن المقاومة في لبنان لم تستخدم سوى نسبة ضئيلة من قدراتها وقوتها ولم تزج بفرقها الخاصة في المعارك الدائرة حالياً ولا بقدراتها من الأسلحة المتوسطة والصاروخية النوعية والدقيقة.
ولذلك تستبعد المصادر الانتقال الى الحرب البرية والصاروخية الشاملة بين حزب الله و»إسرائيل»، لكن مع احتمال توسّع القصف المتبادل الى حدود تجاوز قواعد الاشتباك الحاكمة منذ بداية الحرب حتى الآن.
ويواصل حزب الله تسديد الضربات النوعية في عمق الأراضي المحتلة في شمال فلسطين، ملحقاً المزيد من الخسائر البشرية في صفوف جيش الاحتلال.
وأعلن الحزب في بيانات متلاحقة، عن استهداف تجمّعات لجنود إسرائيليين في محيط ثكنة شوميرا (قرية طربيخا اللبنانيّة المحتل)، وثكنة شوميرا (قرية طربيخا اللبنانية المحتلة)، قوة مشاة إسرائيليّة في محيط موقع المطلة، كما قصف تجمّعاً لضباط وجنود العدو الإسرائيلي في إيفن مناحم بالأسلحة الصاروخيّة وأوقعت فيها إصابات مؤكّدة.
وزفّت المقاومة الإسلامية الشهيدين المجاهدين على طريق القدس حسين علي عزالدين (أبو نمر) وعبد العزيز علي مسلماني «أبو محمد كربلا».
من جانبه، زعم جيش الاحتلال «قصف مواقع عسكرية وبنى تحتية لحزب الله بعد إطلاق قذائف من لبنان على البلدات الحدودية». وتحدّث عن راجمات صواريخ اتجهت من لبنان إلى الجليل الغربيّ، كما أفيد عن سقوط صاروخ قرب نهاريا في الشمال دون دوي صفارات الإنذار. كما أفيد عن إطلاق ٦ صواريخ من جنوب لبنان باتجاه مواقع إسرائيلية في الجليل الأعلى.
إلى ذلك، وفي خطوة لافتة جرى ربطها بتسريب مدير المخابرات الخارجية الفرنسية برنار إيمييه خلال زيارته الى لبنان منذ أسبوعين، معلومة عن نيّة العدو الإسرائيلي تنفيذ عمليات اغتيال لشخصيات بارزة في المقاومة الفلسطينية في لبنان، أعلن وزير الدفاع الفرنسي سيباستيان ليكورنو، عن تعيين نيكولا ليرنر الذي شغل منصب مدير عام وزارة الداخلية الفرنسية، رئيساً جديداً للمديرية العامة للأمن الخارجي، خلفاً لبيرنارد إيمييه.
على صعيد آخر، لم تصمد «الصلحة» التي سعى لها الوزيران في الحكومة محمد المرتضى وعصام شرف الدين، بين رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ووزير الدفاع موريس سليم، أمس الأول، فاشتعل السجال مجدداً أمس بعد رد سليم على بيان لميقاتي حول خلفيّة اجتماعهما في السراي الحكومي.
وهدف اللقاء وفق مصادر معنية لـ»البناء» الى تهيئة الأجواء الحكومية والسياسية لإنضاج تسوية في ملف التعيينات في رئاسة الأركان والمجلس العسكري في مطلع العام الجديد. علماً أن وسطاء أيضاً يبذلون الجهود على خط كليمنصو – بنشعي للتوفيق بينهما للغاية نفسها.
وكشف وزير الإعلام في حكومة تصريف الأعمال زياد مكاري أنّ الأمور أصبحت شبه مسهّلة بشأن تعيين رئيس للأركان، متوقعاً ملء شغور المركز بعد عطلة الأعياد. وفي هذا الإطار، أكّد مكاري في حديث إذاعي أنّ رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب تيمور جنبلاط سيزور رئيس تيار المرده سليمان فرنجية مطلع الأسبوع المقبل، لتسهيل هذا التعيين من دون الدخول في تفاصيل الأسماء.
مكاري الذي أمل أن تحمل فترة ما بعد الأعياد إيجابية في حلحلة الكثير من الملفات العالقة، شدّد على أنّ الملف الرئاسيّ مؤجل، مستبعداً انتخاب رئيس للجمهورية قبل أن تحلّ قصة غزة وفلسطين.
واستقبل البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، الرئيس ميقاتي معايداً في بكركي. وقال بعد اللقاء: «تطرقنا الى زيارة وزير الدفاع الى السراي، وأستغرب ما ورد على لسانه، فالاجتماع الذي بدأ متوتراً انتهى ودياً وعلى اتفاق، وكان هناك شهود على ذلك، ولكن يبدو أن الوزير أوعز له بتغيير آرائه بعد الاجتماع كما ورد في الصحف، وأنا أعرف من أوعز له، لأن ما حصل خلال الاجتماع مغاير للحديث الذي أدلى به ليلاً».
ولفت ميقاتي الى أن «المعالجة الأساسية برأي صاحب الغبطة وبرأيي تبدأ بانتخاب رئيس للجمهورية لإعادة الانتطام العام الى البلد».
وأضاف ميقاتي: «كما تحدّثت مع صاحب الغبطة عن الوضع الحكومي وأكدت له أن هدفنا، منذ بداية الشغور في سدة الرئاسة، والى حين انتخاب رئيس جديد، ليس الاستئثار أو السيطرة أو أخذ صلاحيات رئيس الجمهورية، بل أن نقوم بالعمل المطلوب لتسيير أمور الوطن والمواطنين، خاصة أن الجميع يشهد بأننا نحرص على التوازن الوطني وصيانته وعلى حقوق كل مكوّنات الشعب اللبناني والمجتمع اللبناني».
عطلة عيد الميلاد
تحتجب «البناء» يوم الأحد في عطلتها الأسبوعية ويومي الاثنين والثلاثاء بمناسبة عيد الميلاد، وذلك عملاً بقرار نقابتي الصحافة والمحررين واتحادات نقابات عمال الطباعة وشركات توزيع المطبوعات ونقابة مخرجي الصحافة ومصممي الغرافيك، على أن تعود إلى قرّائها صباح الأربعاء كالمعتاد.
المصدر: صحف