خرجَ لواءُ غولاني من ساحةِ المعركةِ في قطاعِ غزةَ بعدَ أن أخرجتهُ المقاومةُ هناكَ من الخدمةِ الفعليةِ بفعلِ ما أوقعت في صفوفِه من قتلى وجرحى، فاستبقَ ضباطُ وجنودُ لواءِ النخبةِ الخروجَ باحتفالٍ ليسَ بالنصرِ الذي وَعدوا به الجمهورَ الصهيونيَ بل بالفرحةِ لخروجِهم احياءً ملوحينَ وداعاً بيت لاهيا، وداعاً للكابوس الذي حرَمهم النومَ لايامٍ طويلة ، وداعاً للحفاضات التي يقول الجنود انهم يضطرون لاستعمالها في دباباتهم ومخابئهم.
وقبلَ أن يُخبروا عائلاتِهم عن هولِ ما رأَوا واختبروا، كانت أخبارُ الميدانِ تنتشرُ في كلِّ مكانٍ في كيانِ العدو. فاللواءُ المنسحبُ خسرَ أكثرَ من ربعِ قواتِه في المعاركِ بينَ قتيلٍ وجريحٍ بحسَبِ مسؤولٍ سابقٍ لغولاني. وبحسَبِ أوساطٍ صهيونيةٍ فانَ العمليةَ البريةَ تتعقدُ أكثرَ فاكثر، والجيشَ يدفعُ أثماناً باهظةً في حربٍ لم يعد قادراً على السيطرةِ على مجرياتها ، فالمقاومةُ تضعُ خططاً بارعة ، وتتحكمُ بالميدانِ حيثُ تسمحُ للجيشِ بالدخولِ الى بعضِ المواقعِ لتحوِّلَها الى كمائنَ محكمةٍ لاصطيادِ الجنودِ والاليات ، واقعٌ اضطُرت معه قيادةُ الجيشِ الى اعادةِ كتائبَ والويةٍ للتخفيفِ من الخسائرِ والاعباءِ النفسيةِ الكبيرةِ وايضاً بحسَبِ الاوساطِ الصهيونية.
أما من يخبرُ من المستوطنينَ عن أحوالِ الجبهةِ الشماليةِ معَ لبنان ، فيتحدثُ عن حياةِ الوطاويط حيثُ لا يَجرؤونَ على الخروجِ الا في الليلِ بعدَ أن وَسَّعت المقاومةُ الاسلاميةُ من دائرةِ استهدافاتِها رداً على الاعتداءاتِ المتكررةِ على المدنيينَ في الجنوب، فيما المقاومون يخرجون في النهارِ وبرغمِ الطقسِ العاصفِ اليومَ ليلاحقوا بصواريخِهم مواقعَ وتجمعاتِ وتحشداتِ العدوِ على طولِ الحدودِ الجنوبيةِ بصرخات لبيكِ يا غزة ، لتُلاقِيَها صرخاتٌ من كلِّ المحافظاتِ اليمنية، فطوفانُ الجمعةِ يتكررُ في شوارعِ اليمن ، بحرٌ من المتظاهرينَ كانَ يتدفقُ في اكثرَ من مدينةٍ تحت شعار “تحالفُ حمايةِ السفنِ الاسرائيليةِ لا يُرهِبُنا.”