أعرب الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف، عن “ثقته بنجاح عملية إعادة دمج أرمن منطقة قره باغ في المجتمع الأذربيجاني”. وخلال تصريحات صحفية مشتركة مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي يقوم بزيارة إلى منطقة ناختشيفان الأذربيجانية، أضاف علييف “لقد بدأت سلطات أذربيجان بالفعل تقديم المساعدات الإنسانية للسكان الأرمن في قره باغ – الوقود والغذاء والأدوية وما إلى ذلك. وهذا يشير إلى أن الأشخاص الذين يعيشون في منطقة قره باغ، بغض النظر عن قومياتهم، هم مواطنون أذربيجانيون”.
وأكد علييف أنه “سيتم ضمان أمن سكان قره باغ الأرمن وحقوقهم، من قبل الدولة الأذربيجانية”، حسب قوله، متابعاً “انعقد اليوم الاجتماع الثاني لممثلي باكو وقره باغ”.
استعدنا سيادتنا
وفي بيان صحفي مشترك مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أعلن علييف أن “أذربيجان في سياق تنفيذ إجراءات مكافحة الإرهاب في قره باغ، قد استعادت سيادتها بالكامل“، على حد تعبيره.
وقال علييف “إذا قمنا قبل ثلاث سنوات، بنتيجة لحرب قره باغ الثانية، بوضع حد للاحتلال، فقد استعدنا في 23 نيسان/أبريل من هذا العام، سلامة أراضينا بالكامل من خلال إنشاء نقاط تفتيش حدودية على حدودنا مع أرمينيا في اتجاه لاتشين. وقبل 5 أيام، ضمننا سيادتنا بالكامل واستعدناها نتيجة لـ (إجراءات مكافحة الإرهاب) التي تم تنفيذها في أقل من 24 ساعة، حيث استسلم الجيش الأرمني، المتمركز بشكل غير قانوني على أراضي أذربيجان، وقبل شروطنا، وبالتالي ضمنت أذربيجان سيادة الدولة بالكامل”.
وكانت أذربيجان قد أعلنت،بدء ما أسمته “إجراءات محلية لمكافحة الإرهاب” في قره باغ، حيث حددت لتلك “الإجراءات” هدف نزع سلاح القوات الأرمنية وانسحابها، في الوقت الذي تؤكد فيه أرمينيا عدم وجود أي أفراد عسكريين أراضي جمهورية قره باغ، واستعادة “الأراضي المحررة من الاحتلال”، و”استعادة الهيكل الدستوري لأذربيجان”.
وتوصل الطرفان، بعد أربع وعشرين ساعة على إعلان الدفاع الأذربيجانية إلى وقف كامل للأعمال القتالية، ضمن اتفاق بحل جيش جمهورية قره باغ ونزع سلاحه وانسحاب الوحدات المتبقية من القوات المسلحة الأرمنية من منطقة انتشار قوات حفظ السلام الروسية.
كذلك اتفق الطرفان على مناقشة قضايا إعادة الاندماج وضمان حقوق وأمن السكان الأرمن في قره باغ في اجتماع لممثلي السكان الأرمن المحليين والسلطات الأذربيجانية في يفلاخ.
خط أنابيب “إغدير-ناخيتشيفان”
من جهته، أشاد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان اليوم، بمستوى العلاقات التركية الأذرية واصفا إياها “بالاستثنائية”، معرباً عن “أمله في إحلال السلام في إقليم قره باغ الجبلي بأسرع وقت ممكن، عقب انطلاق العملية الاذرية الناجحة”.
وتابع “لم يتم فعل أي شيء للاستجابة لمخاوف أذربيجان المشروعة في قره باغ، ولهذا السبب اضطرت إلى تنفيذ عملية خاصة، وبهذا الانتصار فتحت أذربيجان فرصة التطبيع الكامل في المنطقة، وأنا مقتنع بأن هذا الاحتمال يحتاج إلى تحليل، ونتوقع من أرمينيا أن تستجيب ليد السلام الممدودة إليها وتتخذ خطوات صادقة”.
وتطرق أردوغان في كلتمه إلى الجانب الاقتصادي، قائلاً “إن خط أنابيب الغاز “إغدير-ناخيتشيفان” الذي وضع أساسه بالشراكة مع الرئيس الأذري إلهام علييف، سيسهم في تزويد أوروبا بحاجتها من موارد الطاقة”.
لقاء محتمل يجمع بوتين وأردوغان وعلييف وباشينيان؟
يُذكر أنه ولم تتحدد ملامح عقد لقاء محتمل بين قادة روسيا وتركيا وأرمينيا وأذربيجان بعد، ولا يزال اللقاء ينتظر توافقا من جميع الأطراف، حسبما ذكرت وكالة “نوفوستي” نقلا عن مصدر دبلوماسي تركي.
وفي وقت سابق قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إنه اقترح عقد اجتماع رباعي لزعماء روسيا وتركيا وأذربيجان وأرمينيا، لكن أنقرة لم تتلق حتى الآن ردا على الاقتراح. وذكر أردوغان أنه يعتزم مناقشة الموضوع مع نظيره الأذربيجاني إلهام علييف خلال لقائهما في نخجوان اليوم.
وقال مصدر لوكالة “نوفوستي” “من أجل تحديد موعد ومكان (الاجتماع)، نحتاج أولا إلى إجماع جميع الأطراف على مبادرتنا المقترحة. حتى الآن تبقى المسألة بمثابة اقتراح، وليس هناك تفاصيل محددة”.
والثلاثاء الماضي، قالت الخارجية الروسية أن موسكو لم تتلق بعد أي اتصال من تركيا حول عقد اجتماع رباعي لبحث مسألة إقليم قره باغ بين أرمينيا وأذربيجان. وبخصوص الجهود الدبلوماسية لمعالجة الوضع في قره بباغ والمنطقة أيضا، صرّح الناطق باسم الرئاسة الروسية، دميتري بيسكوف، اليوم أنه لا توجد هناك حتى الآن أي خطط ملموسة حول اجتماع ثلاثي محتمل بين زعماء روسيا وأذربيجان وأرمينيا.
التوتر بين موسكو وباشينيان
من جهة ثانية، قالت الخارجية الروسية، إن “رسالة رئيس وزراء أرمينيا نيكول باشينيان حول الاستقلال بتاريخ 24 أيلول/سبتمبر تتضمن تهجمات غير مقبولة على روسيا وتلقى رفضاً من جانب موسكو”.
وأضافت الخارجية الروسية، في بيانها اليوم الاثنين حول الوضع في قره باغ وأرمينيا، “هناك محاولة للتنصل من مسؤولية الإخفاقات في السياسة الداخلية والخارجية، ومحاولة لتحميل موسكو المسؤولية”.
وشدد البيان أن “سلطات يريفان ترتكب خطأ فادحا، بمحاولتها عمدا تدمير العلاقات مع روسيا القائمة على مدى قرون، وجعل البلاد رهينة للألعاب الجيوسياسية للغرب“، مضيفة “نحن على ثقة من أن الغالبية العظمى من سكان أرمينيا يدركون ذلك جيداً”.
وأشار البيان إلى أن باشينيان “اعترف بأن أرمينيا كانت طوال هذه الفترة تستعد بإدراك وعمد للابتعاد عن روسيا”.
وقالت الوزارة “تؤكد أقوال باشينيان الأخيرة، استنتاجاتنا السابقة بأن العمليات المستوحاة من الغرب والتي حفزتها يريفان الرسمية، والتي تجلب الخراب لأرمينيا ولعلاقات التحالف معنا، ليست عرضية، بل تتسم بطابع منهجي”.
بالرغم من ذلك، نفت الوزارة “وجود أي علاقة لروسيا بالاحتجاجات الجارية في أرمينيا”.
وذكر بيان الوزارة، أن روسيا “تواصل تقديم مساعدة واسعة النطاق لأرمينيا الشقيقة في مجالات الأمن والاقتصاد والثقافة”، مشيرة إلى أن القيادة الأرمنية فضلت “الفرار إلى الغرب” على العمل المثمر مع روسيا وأذربيجان.
وطرأت مستجدات مؤخراً على مستوى التبعية الأرمينية القديمة لروسيا، إذ سبق أن أبدت الأولى انزعاجها من عدم تلقيها الدعم الكافي منها خلال الحرب الأخيرة عام 2020، التي انتهت بوساطة روسية، ومالت فيها الكفة لصالح الخصم الآذاري. يمكن اختصار هذه المستجدات بما برز مؤخراً من “تحول سياسي يقوده باشينيان باتجاه الولايات المتحدة الأميركية عكسته تدريبات “إيغل بارتنر 2023” الأمريكية – الأرمنية المشتركة، والذي دفع العديد من الخبراء فور اعلان باكو عن عملية عسكرية إلى الحديث عن “احتمال أن تطيح جماعة موالية لروسيا برئيس الوزراء نيكول باشينيان من خلال انقلاب عسكري”.
الأمر الذي لا يمكن فصله عن ما أعلنته الدفاع الروسية، بعد ساعات على وقف اطلاق النار في قره باغ، عن ” مقتل عدد من الجنود الروس العاملين في قوات حفظ السلام في الاقليم، بنيران أسلحة خفيفة تعرضوا لها وهم في سيارتهم أثناء عودتهم من نقطة مراقبة تابعة لقوات حفظ السلام الروسية في قرية جانياتاغ”، إضافة إلى ما تلاه من مظاهرات في شوارع يريفان المركزية رفعت شعار “نيكول خائن!”، والاعلان أن “الاحتجاجات ستستمر على مدار الساعة، وسيتم تنظيم مظاهرة جديدة بالقرب من مبنى الحكومة ليلاً”.
المصدر: موقع المنار