الدورية التي نفّذها حزب الله، الأسبوع الماضي، بمحاذاة السياج الحدودي بين الكيان الصهيوني ولبنان، بحسب تقارير عبرية ، زادت الخشية في الكيان من أن يعمد حزب الله إلى استغلال “التصدّع الداخلي” فيها، ويعمل بصورة أكثر هجومية ضدّ كيان الاحتلال. وفي حين لم يصدر عن المسؤولين الصهاينة من المستوى السياسي – حتى الآن – أي موقف أو تعليق حول الحادثة، حاول جيش الاحتلال طمأنة جمهوره. وقال في بيان رداً على طلبات وجّهت له لتوضيح ما حصل “أنّ عناصر حزب الله لم يخرقوا الخط الأزرق، وكانوا تحت المراقبة الكاملة”.
أمّا على المستوى العسكري – الأمني، وبعد أن وُجّهت إلى المتحدث باسم الجيش الصهيوني، طلبات للتعليق على مقطع الفيديو، أعلن، بعد فترة، أنّه “خلال نشاط روتيني في الأسبوع الماضي، صوّرت قوّة من الجيش الإسرائيلي عناصر من حزب الله وهم يسيرون في الأراضي اللبنانية بمحاذاة السياج الحدودي. العناصر لم يخرقوا الخط الأزرق وكانوا قيد المراقبة الكاملة من قبل قوّاتنا، ولو تجاوزوا (الخط الأزرق) لكانت القوّة تعاملت بالأسلوب المناسب”.
واتهمت مصادر في جيش الاحتلال، وفقاً لتقارير عبرية، حزب الله بأنّه انتهك قرار الأمم المتحدة رقم 1701 الذي يمنعه من العمل قرب الحدود، بحسبها. التقارير نقلت أيضاً عن مصادر أمنية أنّها حذّرت المستوى السياسي من مخططات الأمين العام لحزب الله سماحة السيّد حسن نصرالله، الذي يستغلّ التصدّع الداخلي في الكيان.
وحول دوافع حزب الله لتنفيذ مثل هذه الدورية، قالت مصادر، وفقاً لتوصيفات عبرية، إنّ “حزب الله يمتحن قوّة الردع الإسرائيلية وقدرة الرد بالتزامن مع الأزمة السياسية الداخلية “. وأضافت مصادر أمنية، بحسب تقارير، أنّ “حزب الله يستغلّ حالة العصيان المدني والعسكري داخل الجيش من أجل امتحان قدرة الكيان على الحدود”. وعلى الرغم من إصرار جيش الاحتلال، وفقاً لتقارير، على أنّ عناصر حزب الله لم يتجاوزوا الخط الأزرق في تلك الجولة، إلا أنّ “مصادر في الميدان” أكّدت أنّهم اجتازوه في ثلاث نقاط مختلفة، إلا أنّ “التعليمات الموجّهة إلى القوّات، كانت (فقط) إظهار الوجود أمامهم”.
هذا ليس حزب الله الذي يراقب بل الذي يستعد
وأبدى المستوى الإعلامي في الكيان الصهيوني اهتماماً بمقطع الفيديو، حيث أعرب مُعلّقون عن قلقهم من الحادث الخطير والاستئنائي، والمثير للتوتّر، بحسبهم، وأضافوا أنّ هذا الحادث “نادر”، لأنّ مقاتلي حزب الله يُجرُون جولاتهم عادة، بلباس مدني. أمّا في هذا الحادث، فيمكن رؤية ما لا يقل عن ثمانية من عناصر حزب الله يُخفون أسلحة بحسب المعطيات المتوفّرة، وهم يرتدون لباساً مماثلاً، ويحملون أعتدة “نوعية”. وثمّة بين المُعلّقين من توقف عند بنية أجسام عناصر حزب الله، وقالوا إنّها تختلف كثيراً عن معظم ناشطي حزب الله الذين يعملون على الحدود، وهذا “يزيد الشكوك في أنّ الحديث يجري عن قوّة عسكرية مدرّبة، يحتمل أن تكون من وحدة النخبة – الرضوان”.
وحول هدف حزب الله من تنفيذ هذه الدورية، رأى مُعلّقون أنّها قد تكون “جولة لمعرفة المنطقة ودراستها”، و”جمع معلومات استخبارية”، أو “فحص الجاهزية أو الروتين من أجل التخطيط لعملية”. وأضاف مُعلّقون أنّ “هذا ليس حزب الله الذي يراقب، بل حزب الله الذي يستعد”. ولفتوا إلى أنّ سلوك حزب الله، بتنفيذه الدورية علانية، هو “نتيجة فرصة متاحة”، فحزب الله يتجرّأ أكثر.
وثمّة بين المُعلّقين من أشار إلى أنّ السيّد نصرالله، “أب نظرية بيت العنكبوت”، يشاهد بابتسامة كبيرة الانقسامات الداخلية في الكيان الصهيوني، وهو يقول لنفسه بأنّه كان مصيباً منذ 23 سنة، حين تحدّث في بنت جبيل عن “بيت العنكبوت”، فـ”المجتمع الإسرائيلي يتفكّك، وهو ليس بحاجة لأن يحرّك ساكناً من أجل المساعدة في ذلك”. ولفت مُعلّقون إلى أنّ حزب الله يشدّ الحبل إلى النهاية، لأنّه يخشى من أن يعمد الكيان الصهيوني، بسبب ضعفه الناتج عن الأوضاع الداخلية، إلى “تحويل النار” نحوه.
وانتقد مُعلّقون أداء حكومة نتنياهو في التعامل مع الأوضاع على “الساحة الشمالية”. وقالوا إنّ “الوضع عند الحدود مع لبنان تخطى مجدداً الخطوط الحمر، وإسرائيل ببساطة لا ترد”. وانتقد مُعلّقون أيضاً ما أسموه “النفاق” التي تسلّل إلى الأمن، لأنّه لو حصلت هذه الدورية قرب مستوطنة في الضفة الغربية، لصرخ وزراء في الكابينيت فوراً، وطالبوا بعملية عسكرية.
سِهام الانتقادات التي وجّهها مُعلّقون للمسؤولين الصهاينة، طالت أيضاً رئيس هيئة الأركان العامة في الجيش هرتسي هليفي، الذي تحدّث أمس عن “قوّة الخلاف في المجتمع الإسرائيلي“، وقال إنّه في “الذروة”، فرأى مُعلّقون أنّ هليفي قدّم صورة سيّئة جداً، فكلامه يفتقد إلى رسالة رادعة للأعداء، وبشكلٍ خاص لحزب الله. وأضافوا أنّه كان على هليفي التأكيد أنّ الجيش مستعد ومتأهّب لكلّ سيناريو، من أجل توجيه رسالة مهمةٌ للردع.
انتقادات المستوطنين
بدورها نشرت وسائل اعلام عبرية تعليقات المستوطنين على الفيديو، حيث شنوا هجوما لاذعا على حكومة نتنياهو، معتبرين أن ردع الكيان أصبح في مهب الريح:
– عبور للخطوط الحمراء والزرقاء.
– مخيف أين ذهب ردع الدولة؟ إنهم ليسوا خائفين وعلى العكس من ذلك فقط يبادرون.
– من تجرأ على تصويرهم؟
– حكومة تتعامل مع قانون بدلًا من التعامل مع الأمن وحراسة الحدود.
– إن الجيش الذي يتلقى 70 مليار كل عام لشراء أحدث الأسلحة هو في حالة خوف ولا يعرف كيف يفعل أي شيء.
– حكومة يقودها جبناء لا يوجد شيء يمكن توقعه.
– مجرد بلد بائس.. نحن لا نستحق ذلك بعد كل الأشياء التي نسمح بحدوثها هنا.
– لا تقلق، ليفين يعمل على الإصلاح القضائي لتحييد حزب الله بالقوة.
– أمي، هذا بجوار منزلي.
– أنا يميني في آرائي وأؤيد الحكومة، لكن في هذه الحالة أين هو نتنياهو، أين الدفاع ؟؟؟؟
– لن يكون احتلال كريات شمونة مفاجأة
في الخلاصة حرص الكيان العبري عبر إعلامه على إرسال تهديدات تراهن القيادة الصهيونية على أنّ من شأنها أن تساهم في منع حزب الله من الاستمرار في حركته الميدانية التي باتت سمة المرحلة في العام الأخير على طول خط الجبهة مع فلسطين المحتلّة.
وجاءت هذه التهديدات عبر تقارير إعلامية نقلت عن مصادر أمنية قيادية، وجود خلافات في الرأي لدى المؤسّسة العسكرية وعلى مستويات رفيعة، إزاء حتمية أو لا حتمية المواجهة العسكرية في مقابل حزب الله، مع التشديد على التباين في الآراء حولها، وإن كان على الكيان أن يبادر إلى توجيه ضربة وقائية أو العمل على تأجيل المواجهة أطول فترة ممكنة إلى حين أن يبادر حزب الله إلى شنّ عملية وازنة.
المصدر: موقع المنار + اعلام عبري