في 13 نيسان/أبريل من كل عام يتذكر الشعب اللبناني الحرب الأهلية البغيضة التي انطلقت في مثل هذا اليوم من العام 1975 واستمرت حتى العام 1990، حيث توقفت بفعل تضافر عوامل دولية وإقليمية ومحلية ما أدى الى توقيع اتفاق الطائف في مدينة الطائف شرق السعودية بحضور النواب اللبنانيين، توقف صوت المدافع والرصاص وجرى الانتقال الى مرحلة بناء الدولة من الداخل مع بقاء الاحتلال الاسرائيلي الذي اندحر عن معظم الأرض اللبنانية بدون قيد او شرط في أيار/مايو من العام 2000 بفعل ضربات المقاومة.
واليوم يتذكر اللبنانيون هذه الحرب المشؤومة في ظروف معقدة تتداخل فيها الصعوبات السياسية مع الاوضاع المعيشية الضاغطة، في ظل انهيار قيمة العملة الوطنية وارتفاع سعر صرف الدولار وزيادة وطأة الحصار الاميركي، مستفيدا من فساد متراكم منذ عشرات السنين ينخر في جسد الدولة حتى الصميم وينتشر في كثير من المؤسسات الخاصة -مالية ومصرفية وإدارية وخدماتية- رعتها طبقة سياسية حليفة للادارة الاميركية، علما ان الاميركيين مع أدواتهم الاقليميين والعدو الاسرائيلي لعبوا أدوارا قذرة في تأجيج الحرب الاهلية وزرع بذور الفتن الطائفية والمذهبية بين اللبنانيين للاستفادة من إطالة أمد الحرب بما يصب بالتأكيد في مصلحة كيان العدو، حيث كان الهدف دائما إشغال لبنان وفصائل مقاومته الاسلامية والوطنية عن تصويب البوصلة بالاتجاه الصحيح والتفرغ فقط لمقاومة الاحتلال وطرده وتوجيه البندقية نحو صدور المحتلين.
ولعل التجربة التاريخية القاسية علّمت الكثير من اللبنانيين ان الاقتتال الداخلي لا يفيد بأي شكل من الإشكال وان الانجرار وراء المخططات الأميركية يؤدي الى الانتحار وتدمير البلد، وان التفاهم الداخلي والتعايش مع الشريك في الوطن هو عين الصواب وهو النتيجة الطبيعة والحتمية مهما طال الخلاف وأيا كانت أسبابه ومسبباته، إلا ان فريقا من اللبنانيين -على قلته- يطرح بين فترة وفترة طروحات او شعارات تذكرنا بشكل او بآخر بالمرحلة السوداء التي عاشها الوطن في فترة الحرب الاهلية، وعدنا نسمع مصطلحات (بشكل مباشر او غير مباشر) تتحدث عن التتقسيم والفدرلة وصولا لـ”لكم لبنانكم ولنا لبناننا“، والحقيقة ان من يواصل التفكير بهذه الطريقة إما انه: غبي ولم يتعلم من تجارب الماضي والحاضر والتاريخ والجغرافيا وإما انه يدرك ما يقول وبالتالي هو يخدم مصالح أعداء لبنان سواء أدرك ذلك ام لم يدرك.
بكل الأحوال يجب على اللبنانيين التصدي لأي محاولة لإعادة عقارب الساعة الى الوراء وأخذ الوطن الى طروحات ولىّ عليها الزمن وقدم الشعب اللبناني تضحيات جسام لإفشالها، وعدم إضاعة الوقت بخطابات تضر لا تنفع وتستفز ذاكرة الناس بدروس وعبر قاسية راح ضحيتها مئات الآلاف من القتلى والجرحى والمفقودين، ونتج عنها دمار هائل كلف البلد مديونية ضخمة نعاني منها حتى اليوم وساهمت بإغراقنا في الازمات التي نمر بها، لذلك علينا التكاتف والتعاضد فيما بيننا والنظر الى الأمام والعمل على حل اي خلافات قد تعيق مسيرة تعافي الدولة والمؤسسات وعلى رأسها البدء بحوار فعال حول الخيارات المطروحة لانجاز الاستحقاق الرئاسي ومن ثم تشكيل حكومة قادرة على العمل والانجاز.
يبقى انه من المفيد الاشارة لما اكده الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في كلمته خلال المحاضرة الرمضانية مساء يوم الجمعة 7-4-2023 ان “.. خيار الجميع في لبنان العيش سويا رغم كل الخلافات، وأي خلاف سياسي هو خلاف مرحلي تتم معالجته.. التجربة التاريخية والواقع يقول ذلك…”.
المصدر: موقع المنار