ركزت الصحف اللبنانية الصادرة صباح اليوم الخميس 16-02-2023 في بيروت على عدد من المواضيع وجاءت افتتاحياتها على الشكل التالي..
البناء:
السعودية: قوافل إغاثة لسورية… والأسد: تأمين الإغاثة لكل السوريين
واشنطن: لا لتسييس الإغاثة… وسورية: أعيدوا نفطنا وتوقفوا عن السرقة
الانسداد يحكم الرئاسة والمجلس والحكومة… والدولار إلى 80 ألفاً… والسيد اليوم
كتب المحرّر السياسيّ
تواصلت الاستقطابات الجديدة لصالح خط الانفتاح على الدولة السورية كمرجع في عمليات الإغاثة للشعب السوري، وتخطت دائرة الدول المتفاعلة مع هذا الاتجاه الإطار التقليدي لحلفاء سورية، فما بدأته دولة الإمارات العربية المتحدة لحقت به دول مثل إيطاليا وجاءت زيارة وزير الخارجية الأردني الى دمشق بعد زيارة وزير الخارجية الإماراتي، تقول إن الجو العربي تجاه سورية لم يعد كالسابق رغم جمود موقف الأمين العام للجامعة العربية، فنقل أحد الفيديوهات المتداولة عن الرئيس المصري عبد الفتاح السياسي تشجيعاً للإمارات على المضي قدماً في مساندة سورية، وجاء انضمام السعودية إلى الدول المشاركة في إرسال الطائرات الى مطاري دمشق وحلب، تعبيراً عن هذا المناخ الجديد.
الأمم المتحدة ووكالاتها تفاعلت مع هذا المناخ باعتبار الدولة السورية هي المرجع الشرعي الذي لا يمكن تجاهله والقفز فوقه في أي معادلة تخص سورية. وكان الطلب من الدولة السورية بفتح المعابر الإضافية على الحدود التركية رغم محاولات الضغط الأوروبية والأميركية لتجاهل سورية، في ظل التزام تركيا باحترام السيادة السورية، وجاء موقف الرئيس السوري الدكتور بشار الأسد بالدعوة لفعل كل ما يلزم لتأمين المساعدات لكل السوريين، واعتبار إيصال المواد الإغاثية الى المناطق التي تسيطر عليها الجماعات المسلحة وأغلبها مصنف جماعات إرهابية لدى الأمم المتحدة، يحبط محاولات الغرب المتاجرة بمعاناة السوريين الذين يعانون نتائج الكارثة في ظل سيطرة الجماعات المسلحة، ما استدعى شكر الأمين العام للأمم المتحدة للرئيس السوري، بينما كانت واشنطن وباريس ولندن تسعى لاستصدار إدانة لسورية، وتكريس فتح المعابر بقرار أممي، وهذا ما يفسّر وفقاً لمصدر سياسي سوري مسارعة واشنطن للحديث عن عدم تسييس الإغاثة واعتبار أن الأفضل هو صدور قرار عن مجلس الأمن بفتح المعابر، مضيفة أنها تهتم لإغاثة السوريين في كل المناطق السورية، لكنها لن تطبع علاقاتها مع الحكومة السورية ولا تشجع على التطبيع معها. وقالت المصادر إن سورية تدرك دور واشنطن في الحرب التي شنت عليها، وتدرك الإحراج الذي سببه الزلزال للخطاب الأميركي الذي تسبب عبر الحصار والعقوبات بإضعاف قدرة سورية على مواجهة الكوارث ومنها الزلزال، لكن سورية ستكون مكتفية من واشنطن من دون أن تقدم أي مساعدة، لمجرد أن تعيد اليها نفطها المسروق وترفع يدها عنه وعن المتاجرة به، فاستعادة سورية مواردها من النفط والغاز ستكفي لإعادة تأمين الطاقة الكهربائية وتسهيل أعمال الإنقاذ وتأمين التدفئة للذين فقدوا منازلهم ويبيتون في العراء، وواشنطن تتحمل مسؤولية حرمان السوريين من كل ذلك.
لبنانياً، يخيم الانسداد على المشهد الرئاسي وتعثر كل محاولات السعي للتحدي الرئاسي، وبالتوازي يظهر مماثلاً الانسداد في البحث عن التوافق والمرشح التوافقي، وأضيف الى الانسداد الرئاسي انسداد في المشهدين النيابي والحكومي، مع تعذر إمكانية عقد جلسة نيابية تشريعية وجلسة حكومية للنظر في القضايا الملحة.
فيما لا يزال لبنان تحت وطأة ذيول الزلزال المدمر الذي ضرب تركيا وسورية ويتلقى أنباء عن انتشال مزيد من الضحايا اللبنانيين من تحت الأنقاض، اندفعت الأزمات الحياتية والمالية والاقتصادية الى الواجهة دفعة واحدة من جديد بعد الارتفاع الجنوني والقياسي بسعر صرف الدولار منذ بدء الأزمة في 17 تشرين 2019، وأطلقت القطاعات الحيوية والحياتية نداءات استغاثة وتحذيرات من المحروقات والصيدليات الى النقل والاتحاد العمالي العام والمولدات والأساتذة، وسط استمرار إضراب قطاع المصارف للأسبوع الثاني على التوالي وتوجّه قطاعات عدة للإضراب كالصيدليات والأفران وبعض المدارس الخاصة، وعلى وقع عودة مسلسل قطع الطرقات، ما ينذر بانفجار وشيك وانهيار كبير وحتمي.
وتشير مصادر سياسية لـ»البناء» الى أن «معطيات عدة سياسية واقتصادية ومالية وأمنية تجمعت خلال الأسبوعين الماضيين لا سيما الانتشار المسلح الذي حصل أمس في طرابلس، تؤشر إلى أن مخططاً يجري تحضيره لإشعال الفوضى في الشارع لفرض رئيس للجمهورية محسوب على الفريق الأميركي الغربي الخليجي»، محذّرة من أن «سعر صرف الدولار وإقفال المصارف والتلاعب بالمواد الاستهلاكية الأساسية للمواطن هي أدوات للضغط السياسي»، متوقعة «المزيد من التوتر التدريجي للوصول بالساحة الداخلية الى الانفجار الكبير قبل التسوية المنتظرة والتي تراهن أطراف سياسية داخلية عليها لفرض خياراتها تحت ضغط الظروف».
واتهمت المصادر المصارف باستغلال الخلافات السياسية والفراغ في السلطة السياسية والمالية بعد فراغ رئاسة الجمهورية وشلل الحكومة وتعطيل المجلس النيابي للانقضاض على المودعين وعلى البلد لفرض شروطها وأولها وقف المسار القضائي ضدها من خلال تجميد الدعاوى المرفوعة في وجهها، وإقرار الكابيتال كونترول بما يضمن مصالح المصارف والضغط على الحكومة والقضاء للجم التحقيقات الأوروبية مع عدد من رؤساء مجالس إدارات المصارف بقضايا فساد وتبييض الأموال». ولفتت المعلومات الى أن اضراب المصارف مستمر ولن يتوقف قبل أن تحصل المصارف على هذه الضمانات».
وحذرت المصادر من ما يجري في طرابلس حيث أجبرت المحال التجارية على الإقفال بقوة السلاح، ما يعد جرس إنذار لانتقال هذه الحالة الى مناطق عدة وانتشار الفوضى، وكأن هناك من يريد إقفال محلات المواد الغذائية والأفران والصيدليات لدفع الناس الى الشوارع لإشعال الفوضى طالما أن رفع الدولار لم يفِ بالغرض المطلوب.
ورأى خبراء ماليون لـ»البناء» أن «إقفال المصارف لهذه المدة الطويلة هو أحد أهم أسباب الارتفاع المتمادي لسعر صرف الدولار حيث ارتفع ضعفين بخلال شهرين ونصف، ما يكشف وجود أيادٍ خفية سياسية – مالية – نقدية تتلاعب بالدولار لتحقيق مآرب خاصة، ولاستخدام الدولار بالصراع السياسي الداخلي والمعركة الرئاسية». وتساءل الخبراء عن «جدوى الإجراءات التي اتخذها المجلس المركزي لمصرف لبنان منذ أسبوعين لا سيما بتوقيف الصرافين غير الشرعيين، فيما الحقيقة أن المصارف ومصرف لبنان يتلاعبان بالدولار ويتحكمان بقواعد اللعبة فيه». ويرى الخبراء أن لا سقف للدولار وكل الخطوط الحمر انهارت أمام جنون السوق السوداء وحتى منصة صيرفة التي تشكل إحدى أوراق المصرف المركزي للجم الدولار، وبالتالي قد يرتفع الدولار الى المئة ألف ليرة من دون اي رادع».
واللافت أن المسؤولين السياسيين لم يحركوا ساكناً أمام «زلزال الدولار» لا حكومة تصريف الأعمال ولا المجلس النيابي المعطّل بقرار سياسي، وما يزيد المخاوف ما نقل عن مصادر السراي الحكومي بأن مصرف لبنان فقد السيطرة على الدولار.
ودان «التيّار الوطنيّ الحرّ»، في بيان «الإضراب المفتوح الذي أعلنته جمعيّة المصارف، والذي يصيب مباشرةً أصحاب الودائع اللبنانيين وكافة الموظفين الذين ائتمنوا تلك المصارف على ودائعهم وجنى أعمارهم، فتصرفت بها على نحو ما تصرفت، بالتواطؤ مع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، وهرّبت جزءاً غير قليل من هذه الأموال الى الخارج بانتقائية واستنسابية، تخدم مصالح بعض أصحاب المصارف ومصالح من يحميهم، حيث راح بعض هؤلاء يتهرّبون من أي مساءلة من القضاء بذريعة قانون السرّية المصرفية، الى أن عدّل مجلس النواب هذا القانون. وهنا لا بد من أن نثني على ردّة فعل الذين تجاوبوا مع القضاء وعمدوا الى رفع السرية المصرفية عن حساباتهم وتسليم ما يلزم الى القضاء، وهذا يدلّ على أن من لم يرتكب خطأ لا يهاب شيئاً».
وأكّد التيار «ان اقفال المصارف كما حصل في 17 تشرين 2019 سيؤدي الى المزيد من الانهيار المالي والاقتصادي ونتائجه الكارثية بدأت بالظهور، وهو إجراء لا يحق لأصحاب المصارف اتخاذه، بل يُعتبر ضغطاً وابتزازاً لوقف أي شكل من أشكال المساءلة والمحاسبة، وهو قصاص جماعي للشعب اللبناني بمختلف فئاته وللبنان كدولة».
وتجدّد مشهد الطوابير أمام محطات الوقود بعد أن رفع بعضها خراطيمه وأقفل أبوابه صباح أمس، وبعد صدور جدول أسعار عن وزارة الطاقة حمل ارتفاعاً كبيراً في أسعار المحروقات، فتحت المحطات أبوابها. وقالت أوساط أصحاب المحطات لـ»البناء» إن أزمة المحروقات لن تنتهي وستتفاقم أكثر في ظل تقلبات سعر صرف الدولار، محذرة من إقفال المحطات بشكل كامل بحال لم تسعر المحروقات بالدولار أو تواكب وزارة الطاقة تقلب الدولار بإصدار أكثر من جدول في اليوم.
وتوجّهت نقابة أصحاب المحطات في لبنان برسالة الى وزير الطاقة والمياه في حكومة تصريف الأعمال وليد فياض، جاء فيها «نطلب من معاليك أخذ المبادرة ومن باب «الضرورات تبيح المحظورات» لإصدار جدول تركيب اسعار بالدولار الاميركي على فترة محدودة لحين استقرار الاوضاع لما فيه من مصلحة للمواطن وصاحب المحطة على حد سواء، شاكرين لمعاليك الجهود الجبارة التي قمت وتقوم بها». في المقابل أكد فياض أن الوزارة تعمل على منصة لإصدار اكثر من جدولين في اليوم، تماشياً مع تقلب سعر الصرف «ولكن لن نتوجه الى تسعير البنزين بالدولار ولن نخالف القانون». وأوضح فياض أنه «بحسب قانون حماية المستهلك يجب أن تصل المادّة للمواطن بالليرة اللبنانية».
وتنصّل ممثل موزعي المحروقات فادي ابو شقرا من البيان وأكد ان المحطات مستمرة بالبيع بالليرة ولن تقفل أبوابها، وعقد اجتماع بين بعض اصحاب المحطات والشركات المستوردة للنفط، حيث اوضح رئيس تجمع الشركات مارون شماس ان «الوضع فرض علينا أنّ نجد معالجة مشكلة تسعيرة البنزين بتطبيق يحدد الاسعار بالليرة اللبنانيّة إذا كان لا مجال للدفع بالدولار والمشكلة تكمن في انه يتم شراء المحروقات بالدولار وسعر الصرف يتغير بشكل كبير بين الجدولين اللذين تصدرهما وزارة الطاقة، والتطبيق يجب أن يحل هذه النقطة». وقال «إذا لم نحمِ محطات المحروقات سيُقفل بعضها والبعض الآخر سيُسعّر كما يحلو له».
وفي الموازاة، ارتفعت أسعار الخبر إذ حددت وزارة الاقتصاد والتجارة سعر الخبز ربطة الصغيرة 338 غراما بـ 16000 ليرة، وربطة الخبز المتوسطة 812 غراما بـ 27000 ليرة، وربطة الخبز الكبيرة 1046 غراما بـ 33000 ليرة.
وبعد إضرابهم لمدة طويلة صعد الاساتذة في الشارع، حيث اعتصموا أمام وزارة التربية مطالبين بدولرة رواتبهم، ما أدى الى تدافع بين المعتصمين الذين حاولوا الدخول الى وزارة التربية وبين القوى الأمنية.
وكان وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال القاضي بسام مولوي استقبل وفداً من اتحادات ونقابات قطاع النقل البري في لبنان برئاسة بسام طليس الذي أعلن إرجاء اضراب قطاع النقل البري الذي كان مقرراً اليوم إلى موعد يحدد لاحقاً.
وأقدم عدد من المحتجين على قطع عدد من الطرقات في بيروت وصيدا وطرابلس، لا سيما ساحة عبد الحميد كرامي الطريق المؤدي الى سرايا طرابلس احتجاجاً على تردي الأوضاع المعيشية وارتفاع سعر صرف الدولار.
كما أفادت المعلومات عن قيام عدد من المسلحين بجولة على المحال في طرابلس وأطلقوا النار في الهواء لإرغامهم على الإغلاق احتجاجاً على تردي الأوضاع الاقتصادية.
على الخط الرئاسي لم يسجل أي جديد، إذ لفت مصدر نيابي في التيار الوطني الحر لـ»البناء» الى أننا على موقفنا من الملف الرئاسي، ولن نسير بانتخاب رئيس تيار المردة سليمان فرنجية لتعارضه بشكل كبير مع برنامجنا ومواصفاتنا للرئيس المقبل، كما نعارض وصول قائد الجيش الى سدة الرئاسة لكونه ليس الشخص المؤهل لهذا المنصب كما لن نعدل الدستور لمصلحة شخص». كما أوضح المصدر بأن المرشح النائب ميشال معوض لم يعد مرشحاً جدياً بعدما عجز عن تأمين أكثرية نيابية على مدى 11 جلسة، وبالتالي دعوتنا الأطراف الأخرى في القوات والكتائب وقوى التغيير الى الحوار والبحث عن أسماء توافقية للاختيار بينها، تكون متجانسة مع برنامجنا الى حد كبير وتطمئن أغلب اللبنانيين طوائف وقوى سياسية لا سيما حزب الله والقوات والسنة والمسيحيين». وحذر المصدر المراهنين على تراجعنا تحت ضغط الظروف، جازماً بأن التيار لن يقبل بفرض تسوية من الخارج على اللبنانيين، وأكد بأننا مختلفون مع حزب الله على الملف الرئاسي ولم نتفق بعد على مرشح. وتساءل المصدر كيف أن القوات تتحدث عن الحوار وهي ترفض استقبال وفد التيار الوطني الحر كما تفرض مرشحها على الآخرين.
بدوره، قال نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم: «فشلت اقتراحات التحدي، لأن السائرين على نهج الاستفزاز من الكتل والنواب لا يمثلون الأكثرية في البلد، ولو كانوا يمثلون الأكثرية لخاضوا تجربة الاستفزاز إلى نهايتها، ولكنهم عاجزون».
وأشار الى أن «إعلان التهديد بالتعطيل من قبل بعض الأحزاب اللبنانية، لأنَّهم يريدون الرئيس على مقاسهم دليل أنَّهم يائسون. وهذا دليل أنهم يرفضون الخيار الشعبي باختيار النواب. وهذا دليل أنَّهم أهل المناكفة وليسوا أهل المشاركة مع المواطنين اللبنانيين الآخرين الذين يعيشون على أرض واحدة. الخارج لم يتدخّل حتى الآن، والاجتماع الخماسي تحدّث بالعموميات، وثبت عدم تدخل الخارج أنهم قاموا بإجراء استطلاع أولي كل بحسب بلده، فوجدوا أن لا إمكانية لتجميع عدد من الكتل على قياسهم ليختاروا رئيساً، لذلك بدل أن يتورطوا ويفشلوا قالوا إنهم ينتظرون اللبنانيين ليختاروا، لذلك هذا الخارج لن يتدخل لأنًّ الفسيفساء النيابية مبعثرة، فمن يراهن على الخارج يضيِّع الوقت ويمدّد الفراغ. والأفضل ألا يتدخل الخارج لأنه إذا تدخل سيكون منحازاً وسيخرِّب أكثر من هذا الخراب في بلدنا».
واستطرد قاسم «اقتراحنا الحوار ثمَّ الذهاب إلى الانتخابات لأنَّ المقابل هو الجمود والتعطيل. أقول لكم بكل صراحة اليوم إذا استمررنا على هذه الشاكلة سيتأخر الانتخاب ولا أحد يعلم إلى متى، بعض المساعي والاتصالات التي تحصل اليوم قد تثمر في المرحلة القادمة».
بالموازاة، اعتبر رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد أنّه «اذا كان انتخاب رئيس الجمهورية هو المفتاح للتخفيف من عبء الأزمة، فإن هذا الرئيس يجب ان نُحسن اختياره، بحيث لا يعير آذانه لهذه التعليمة او لهذه التوصية، من هذا الأجنبي أو ذاك»، مشيرًا إلى أن «تعالوا ايها اللبنانيون لنتفاهم على اسم رئيس الجمهورية الذي يصلح لبلدنا وخصوصاً في هذه المرحلة، وهذا ما ندعو اليه ونشجع عليه».
وكان الرئيس سعد الحريري شارك بإحياء ذكرى والده الرئيس رفيق الحريري برفقة العائلة وعدد من المستشارين والنواب المستقبليين، وذلك بزيارة ضريح الحريري وسط بيروت وقراءة الفاتحة وألقى التحية على جمهور المستقبل الذي احتشد في المكان وصافح عدداً منهم، لكنه لم يتحدث طويلاً واكتفى بالقول: «أعان الله لبنان»، ثم أكد من بيت الوسط أمام جمهوره أن دارته لن تقفل و»ستكمل المشوار». وكانت للحريري سلسلة استقبالات سياسية في منزله، كالنائب السابق وليد جنبلاط والنائب سامي الجميل ووفد قواتي، كما زار عين التينة أمس والتقى الرئيس نبيه بري.
اللواء:
الخزانة الأميركية على وشك فرض عقوبات على سلامة لـ«علاقته بحزب الله»
التيار العوني يبلغ بري اليوم موقفه من تشريع الضرورة.. والدولار يلتهم الأخضر واليابس
مع الاثقال الموجعة لانفلات سعر صرف الدولار الأميركي من عقاله، إذ بقي أمامه اقل من 25 نقطة حتى يصل الى المائة ألف ليرة، مخلفاً آثاراً زلزالية في اسعار المحروقات، والمأكولات، وحتى اسعار البصل والبطاطا من الخضار التي تشكل كما كان يقال «طعام الفقير» طغى طيف الرئيس الشهيد رفيق الحريري علي المشهد، في استعادة محزنة، وشعور باليتم، في وقت كان البلد، وما يزال بحاجة الى قامة او قامات وطنية من جحمه مناقبية وتفانياً ووطنية وحرصاً على الميثاقية والطائف والتعايش بين اللبنانيين.
وبين اللحظة الوجدانية، التي استذكرت الرئيس الشهيد زعيماً كبيراً، وصاحب رؤية أعادت البلد الى الخارطة، وتدفق جموع المحبين والمؤيدين الى بيت الوسط، والوجع الذي يصيب المواطن، بصرف النظر عن منطقته او انتمائه السياسي او غيره، جراء الانهيار المريع في قيمة العملة الوطنية التي تراجعت 50 ضعفاً، بينها النصف خلال اقل من عشرة ايام، وطرح اسئلة خطيرة عما يخطط للمواطن البسيط، الذي لم تعد تكفيه، لا التقديمات ولا الاعانات، بعدما اصبحت الرواتب العليا لا تساوي 3 او 4 صفائح من البنزين او المازوت إلخ..
الحريري على موقفه
حسم الرئيس سعد الحريري موقفه من تعليق عمله السياسي، بالاستمرار بهذا الموقف، ما دام الوضع المتردي والتعطيلي بالبلد على حاله، ولكن بالرغم من موقفه هذا، وغيابه بالخارج، فان حضوره السياسي حاضر مستمر، بجمهوره العريض، المطالب بعودته إلى السياسة، وتسلم المسؤولية، لانه يحيي الآمال بوقف الانهيار الحاصل وباندفاع مروحة واسعة من الخصوم والحلفاء السياسيين لملاقاته ودعوته للبقاء في لبنان، بعدما اكتشفوا اهمية وجوده في الساحة السياسية والسلطة معا، مقارنة بغيابه وتولي الآخرين السلطة.
وفي دردشة صحافية، حملت مضامين سياسية بأكثر من اتجاه، بالرغم من حرصه على تجنب الكلام السياسي، قال ردا على سؤال عن مسؤولية التشرذم السنّي بتعطيل انتخاب رئيس الجمهورية: «ان ما يتردد بأن سبب تعثر انتخاب رئيس الجمهورية، التشرذم السنّي، غير صحيح، لان السبب الحقيقي هو الخلاف الحاصل بين الخصوم والحلفاء، ويريدون من هذا الادعاء تحميل مسؤولية فشلهم لسعد الحريري. فمن يعطل انتخاب رئيس الجمهورية، هو الذي عطل تأليف الحكومة، ومستمر بنهج التعطيل، وحل المشكلة يتم بالسياسة».
وشدد الحريري على أن من يقول بالطائفة القوية، ارتد سلبا على طائفته وانهكها، ووصف حالة التردي والفوضى والانهيار الحاصلة بالبلد، بأنها ناتجة عن سوء الاداء السياسي.
وقال: «لا يوجد بلد فقير، ولكن سوء الاداء هو الذي يؤدي إلى تعثر الدورة الاقتصادية وتدهور الاوضاع الاقتصادية وافقار المواطنين».
واشار إلى ان لبنان لديه مقومات وموارد مهمة للنهوض والتطور نحو الافضل، ولديه طاقة شبابية واعدة، وكوادر مهمة، وبامكانه حل مشاكله والنهوض بسرعة، اذا حسنت ادارة الدولة، وتغير نهج التعاطي القائم، والامثلة على ذلك نجاح اللبنانيين في مختلف المجالات بالخارج.
وعن سبب استمراره بتعليق عمله السياسي اجاب: «تركت المجال للشباب، للجيل الصاعد ليأخذ دوره، واستجبت لمطالب المواطنين بالتغيير،وكان على الجميع التجاوب لان الطبقة السياسية فشلت. وتساءل، ما فائدة ترؤس كتلة نيابية كبيرة، من دون القيام بدور فعال في اللعبة السياسية، والمبادرة في تغيير النمط القائم نحو الافضل؟»
وقال: لا اريد القول للناس، بدي اعمل «ماخلوني».
وشدد على ان أهمية العمل السياسي، هو الاهتمام بشؤون المواطنين وتحسين مستوى عيشهم، والنهوض بالبلد، وليس التربع على المناصب، لمكاسب ومصالح خاصة واهمال مطالب وحاجات الشعب.
واضاف الناس التي نزلت الى الضريح بالامس، هم ضمانة البلد. وشدد على انه مستمر في تعليق عمله السياسي، لان لا شيء تغير ونهج التعطيل مستمر. ولكنه أكد ان بيت الوسط سيبقى مفتوحا للناس، و قال: «انا لا اتخلى عن ناسي»، مشددا على ان تيار المستقبل والمؤسسات الاجتماعية، سيتم تفعيل دورها، وستواصل الاهتمام بمطالب الناس .
جولة السفراء
دبلوماسياً، واصل سفراء الدول الخمس التي عقدت اجتماعا في باريس قبل أيام لبحث الملف اللبناني وهم: سفيرة فرنسا آن غريو، سفيرة الولايات المتحدة الاميركية دوروثي شيا، سفير مصر ياسر علوي، سفير قطر إبراهيم عبد العزيز السهلاوي، القائم بأعمال سفارة المملكة العربية السعودية فارس حسن عمودي. جولاتهم على المسؤولين، فزاروا امس، وزير الخارجية والمغتربين عبدالله بوحبيب.
وحسب المعلومات الرسمية، «اطلع السفراء بوحبيب على خلاصة الاجتماع الخماسي الذي كان عقد في باريس، وشدّد على ضرورة الإسراع في انتخاب رئيس للجمهورية. كما أكّدوا على ضرورة البدء بإجراء الإصلاحات الاقتصادية والمالية اللازمة، علمًا أنّ الدول الخمس ستبقي إجتماعاتها مفتوحةً لمتابعة التطورات».
وفي السياق صدر عن المكتب الاعلامي لرئيس الحكومة نجيب ميقاتي بيان «توضيح لما ورد في خبر اجتماع رئيس الحكومة مع سفراء الدول الخمس التي عقدت اجتماعا في باريس لدعم لبنان، جاء فيه: منعا للالتباس، يهمنا التأكيد ان ما قصده السفراء خلال النقاش، ليس «اعادة النظر بمجمل العلاقات مع لبنان «، بل اشاروا إلى «أن الذين يعرقلون إنتخاب رئيس جديد للجمهورية وتشكيل حكومة مكتملة الصلاحيات سوف يواجهون تداعيات سلبية».
اضاف البيان: كما عبّر السفراء عن قلقهم البالغ إزاء تفاقم الأزمة في لبنان والمأزق السياسي الذي يعرقل الحلول، ودعوا مجلس النواب للاجتماع بشكل عاجل وانتخاب رئيس وتشكيل حكومة ذات صلاحيات من دون تأخير، وأكدوا أن اللبنانيين يحتاجون ويستحقون رئيسا نزيها ويضع مصالح البلاد أولاً، ويشكل ائتلافًا واسعًا وشاملًا لتنفيذ إصلاحات حاسمة.
وكشفت مصادر دبلوماسية ان لجنة السفراء الخمسة التي التقت وزير الخارجية عبدالله بوحبيب، كررت بوضوح موقفا موحدا، لما توصل اليه لقاء باريس، والداعي لقيام اللبنانيين بانفسهم بانتخاب رئيس للجمهورية بأسرع وقت ممكن، يتحلى بالمواصفات التي تحفظ مصالح لبنان واللبنانيين، لان الخارج مستعد لمساعدة لبنان من هذا المنطلق، وليس من منطلق تسمية رئيس او فرضه، كما يحلو للبعض قول ذلك.
ولاحظت المصادر ان اللجنة كانت تتكلم بلسان واحد، بكامل اعضائها، ما ينفي كل ما تردد عن حدوث تباينات او خلافات بين مكوناتها، بسبب عدم صدور بيان ختامي عن لقاء باريس.
واشارت المصادر إلى ان اهم ما اظهرته اللجنة الخماسية في لقاءاتها، التأكيد على ان حل مشكلة انتخاب رئيس الجمهورية، لن يأتي من الخارج، مهما طال انتظار البعض لذلك، وكأن التشديد على يكون الحل من قبل اللبنانيين انفسهم.
وتواصل لجنة السفراء زيارتها للمسؤولين، ويرتقب ان تلتقي ممثلين عن النواب المعارضين، لوضعهم في نتائج اللقاء الخماسي.
ورأى النائب في تكتل لبنان القوي آلان عون أن ظروف انتخاب رئيس للجمهورية لم تكتمل بعد، ولا اكثرية في المجلس، وقال: نحن لا نريد تأمين 20 صوتاً لمرشح، بل يهمنا انجاز هذا الاستحقاق، لذلك نحن بحاجة لتفاهمات والتيار لا يتمسك بخيار، ويحاول خلق فرصة لمرشح واحد.
وعن الجلسة التشريعية قال: الرئيس بري قرر تأجيل الجلسة التشريعية، مع تمني اعادة النظر بقرارنا، ويوم غد هناك إجتماع لتكتل «لبنان القوي» لاتخاذ القرار المناسب.
وفي تطور من شأنه ان يترك انعكاسات خطيرة على الوضع النقدي في لبنان، ما نسبته قناة «الحدث» الى مصادر اميركية من أن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة تربطه علاقة مع ممولين لحزب الله.
وقالت المصادر ان لا رضى اميركياً عن سلامة، وهي اي واشنطن كانت اقرب من اي وقت لفرض عقوبات على سلامة، بعدما كشفت بوضوح علاقته بحزب الله.
وفي اطار مصرفي، استمرت المصارف بتنفيذ الاضراب الجزئي.
وادان التيار العوني الإضراب المفتوح الذي أعلنته جمعيّة المصارف، وقال: انه يصيب مباشرةً أصحاب الودائع اللبنانيين وكافة الموظفين الذين ائتمنوا تلك المصارف على ودائعهم وجنى عمرهم، فتصرفت بها على نحو ما تصرفت، بالتواطؤ مع حاكم مصرف لبنان، وهرّبت جزءاً غير قليل من هذه الأموال الى الخارج بانتقائية واستنسابية، تخدم مصالح بعض اصحاب المصارف ومصالح من يحميهم، حيث راح بعض هؤلاء يتهرّبون من أي مساءلة من القضاء بذريعة قانون السرّية المصرفية، الى ان عدّل مجلس النواب هذا القانون.
اضاف التيار: إن اقفال المصارف كما حصل في 17 تشرين 2019 سيؤدي الى المزيد من الإنهيار المالي والإقتصادي ونتائجه الكارثية بدأت بالظهور، وهو إجراء لا يحق لأصحاب المصارف اتخاذه بل يُعتبر ضغطاً وإبتزازاً لوقف أي شكل من أشكال المساءلة والمحاسبة، وهو قصاص جماعي للشعب اللبناني بمختلف فئاته وللبنان كدولة.
وتابع: يحق للمصارف إتخاذ أي إجراء ضمن القانون ضد أي قاضٍ أو فردٍ أو جماعة، ولكن ليس بالالتفاف على القانون وضد كل الشعب اللبناني.
وختم التيار: فليفتح المعنيون أبواب المصارف وليذهبوا الى القضاء حيث يثبتوا أن لا شيء يخافونه ويظهروا براءة الابرياء منهم.
كما طالب وزير المهجرين في حكومة تصريف الاعمال عصام شرف الدين، بتعليق إضراب المصارف فورا نظرا للضرر الحاصل للمودعين والاقتصاد اللبناني، مؤكداً استعداد المودعين للتظاهر اذا استمر الإضراب مفتوحاً».
وكان شرف الدين قد ناقش سلبيات الإضراب المفتوح للمصارف، خلال اجتماعه بالامين العام لجمعية المصارف فادي خلف، وبحضور رابطة «تضامن المودعين» وأعضاء «جبهة المودعين».
وحسب المعلومات، أوضح خلف ان المصارف لديها ايداعات وسندات بقيمة 82 مليار دولار لدى مصرف لبنان، وهي ظاهرة للعيان بوضوح في ميزانية المصرف المركزي ويتوجب اعتراف الدولة ومن ثم مصرف لبنان بهذه الودائع.
وكشف خلف أن قيمة المصارف في حالة التصفية لا تمثل اكثر من 5 إلى 6 في المائة من قيمة الودائع المصرفية.
واتفق المجتمعون على مطلب رفع السرية المصرفية بالكامل. كما تم الاتفاق على متابعة الاجتماعات للوصول إلى خارطة طريق تخرج البلاد من هذه الأزمة.
اذاً، فعلى الرغم من طغيان حدث إحياء الذكرى الثامنة عشرة لإستشهاد الرئيس رفيق الحريري وما رافقها من لقاءات سياسية وشعبية ومواقف عامة للرئيس سعد الحريري خلال اليومين الماضيين، طغى ايضا امس جنون الدولار (77 الف ليرة) والمحروقات على الوضع العام وخرج الناس الى الشارع فقطعوا بعض الطرقات في بيروت وبعض المناطق، بينما واصل سفراء دول لقاء باريس الخمسة جولاتهم على المسؤولين فزاروا امس وزير الخارجية عبد الله بو حبيب. لكن بقي جرح زلزال تركيا وسوريا نازفاً مع ارتفاع عدد الضحايا اللبنانيين وسحب المزيد من جثامينهم.
ذكرى الحريري
فقد زار الرئيس سعد الحريري ظهرالثلاثاء ضريح والده الرئيس الشهيد رفيق الحريري في وسط بيروت، لاحياء الذكرى الـ 18 على استشهاده، وسط هتافات جماهير تيار المستقبل.
رافق الحريري عمته السيدة بهية وعمه شفيق، وتلوا الفاتحة على ضريح الشهيد واضرحة رفاقه الشهداء، وادمعت عيناه عند وقوفه امام الضريح، وسط حشود من مناصريه، الذي اصرواعليه للبقاء في لبنان، فما كان منه إلا ان نزل اليهم واختلط معهم وصافحهم قبل ان يغادر.
وغص الضريح ومحيطه، بالاضافة الى الباحة الخارجية لمسجد محمد الامين وصولا الى تمثال الشهداء بالحشود الذين ضاق بهم المكان، مع قدوم المزيد من مؤيدي «المستقبل»، رافعين رايات التيار الازرق واللافتات المؤيدة لزعيمه مع بث الاغاني الوطنية والحماسية. وهتف المحتشدون «بالروح بالدم نفديك يا سعد «، «الله حريري وطريق الجديدة». كماحضر الكثيرمن السياسيين وزراء ونواب حاليين وسابقين ودبلوماسيين بينهم السفيرة الاميركية دوروثي شيا.وشخصيات رسمية وحزبية واقتصادية ودينية واعلامية ووجهاء من بيروت وجمعيات اهلية.
وقبل مغادرته اكتفى الحريري بالقول لصحافيين: «الله يرحم الرئيس رفيق الحريري، والله يعين لبنان».
وعند وصوله الى «بيت الوسط» احتشد الالاف من مناصري الحريري في باحات الدار ومحيطه، فالتقاهم وحياهم وتوجه اليهم بالقول: أنتم ضمانة لبنان، وأنا أفديكم. سبق أن قلت لكم أن هذا البيت سيبقى مفتوحا، وإن شاء الله سيبقى مفتوحا بوجودكم ومحبتكم. أنتم الناس الطيبون الذين بكوا على رفيق الحريري، وهذا البيت سيكمل هذا المشوار معكم بإذن الله. أدامكم الله وجازاكم كل خير، ورحم الله الشهيد رفيق الحريري، ولنقرأ الفاتحة عن روحه.
ونشر الرئيس الحريري عبر حسابه على «تويتر»، مساء الثلاثاء، صورة للجماهير الشعبية التي اجتمعت في ساحة الشهداء وسط بيروت. وأرفق الحريري الصورة بكلمة واحدة وهي: «شكراً» .
لقاءات وزيارة ومواقف
وزار الرئيس الحريري ظهر امس رئيس مجلس النواب نبيه بري، في مقر الرئاسة الثانية في عين التينة بيروت، واستبقاه بري إلى مائدة الغداء.
وهو التقى قبل ذلك في بيت الوسط «كتلة الاعتدال الوطني» النيابية، وقال عضو الكتلة النائب احمد الخير لـ «اللواء»: ان اللقاء كان وجدانيا وهدفه الاطمئنان الى الشيخ سعد وتعزيته بفقدان الرئيس الشهيد، ولم نتطرق الى اي موضوع سياسي. لكن الرئيس الحريري سأل عن اوضاع الشمال واهله في طرابلس والمنية والضنية وعكار، ووضعناه في اجواء ما نقوم به لخدمة اهالي المنطقة.
وعما اذا كان الوفد قد استشف شيئاً عن عودة الحريري عن تعليق العمل السياسي؟ قال الخير: هذا القرار عند الشيخ سعد. لكني اعتقد ان الاسباب التي املت عليه اتخاذ القرار ما زالت قائمة.
وكان الخير قد التقى الحريري منفردا مساء امس الاول، وقال: أن الناس التي احتشدت أمام ضريح الرئيس الشهيد رفيق الحريري للوقوف إلى جانب الرئيس سعد الحريري، هدفت إلى إيصال رسالة واضحة مفادها أن البلد بأمسّ الحاجة إليه، خصوصاً في هذه المرحلة الدقيقة»، مشدداً على أن «ثمة مصلحة وطنية كبرى بأن تكون الهامات الوطنية من أمثال الحريري في لبنان وتلعب دورها».
واوضح ان الحديث معه اقتصر على العموميات بعيداً عن الخوض في الشؤون السياسية، لأن جل ما يعني الحريري اليوم هو الاطمئنان على تياره وأهله وناسه واللبنانيين».
وشدد على أن «كل الكلام عن أن الحريرية الوطنية انتهت لا قيمة له، واليوم بعد 18 عاماً لا يزال رفيق الحريري ومن بعده سعد الحريري في وجدان وعقول وقلوب اللبنانيين، والانتخابات الأخيرة كانت خير دليل».
وكان الحريري قدالتقى يوم الثلاثاء في «بيت الوسط» وفداً من تكتل الجمهورية القوية، موفداً من رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، ضمّ نائب رئيس الحزب النائب جورج عدوان والنواب غسان حاصباني وفادي كرم وملحم رياشي وغادة أيوب وطوني حبشي وزياد حواط والوزير السابق ريشار قيومجيان، ناقلاً تحيات رئيس القوات حيث تحدث النائب عدوان عن اهمية هذه الذكرى.
كما التقى الحريري رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط منفرداً، الذي تكتمت اوساطه عل اجواء اللقاء وقالت انه لم يذكر امامهم اي معلومات.
وحسب معلومات «اللواء» فإن الكلام في لقاءات الحريري كلها اقتصر على العموميات والاستفسار عن اوضاع البلاد والعباد من دون الخوض في اي تفاصيل سياسية اوخاصة او عتاب .
وفي تصريح للإعلاميين قال الحريري:أن هناك حلفاء خصوم يعلّقون شمّاعة فشلهم عليه، وأنه ترك الساحة للجيل الشاب الذي طلب التغيير في الثورة التي شهدها لبنان عام 2019، معتبراً أنه كان على الجميع في السلطة أن يفعلوا الشيء نفسه لأنهم فشلوا في إدارة البلد» .
وفي دردشة مع الإعلاميين في «بيت الوسط»،قبل مغادرته لبنان وعودته الى الامارات، قال الحريري: أنا لست من الأشخاص الذين يقولون مش قادر وما بدي… البلد وصل إلى هذه الحالة نتيجة سوء الإدارة ولبنان غني جداً ويجب إدارته بما يصبّ في مصلحة الناس.
واشار الى أنّ «هناك حلفاء خصوماً يعلّقون شمّاعة فشلهم على سعد الحريري» .
وأكد أن لبنان ليس فقيراً بل دولة غنية، لكن علينا أن نعرف كيف ندير هذا البلد لأجل مصلحة المواطن.
وأضاف: لن أتحدّث بالسياسة لأنّني علّقت عملي السياسي، والسياسة ليست كل شيء بل اداة للانجازات. ماذا سأفعل اذا كنت على رأس كتلة طويلة عريضة ولا استطيع فعل شيء، لذا تركت السياسة للجيل الجديد الذي يريد التغيير ليكون هناك دمًا جديداً.
وسُئل: هل التشرذم السنّي هو سبب عدم انتخاب الرئيس وعدم تأليف حكومة؟ اجاب: أكيد لا… الحق ليس على التشرذم السنّي فكل من قرر أن يحمي حقوق الطائفة «حرق دينها».
وقال: أن الحريرية السياسية بدأت مع رفيق الحريري واستخدموا كل الوسائل لتعطيله، ومن قتله عرف من قتل واستمر بالتعطيل.
واكد الحريري «من كانوا في ساحة الشهداء هم ضمانة لبنان ورمز الاعتدال». قائلاً: أشتاق إلى لبنان كثيراً، وبرغم أنّني تركتُ السياسة، إلّا أنّني لم أترك ناسي وبيت الوسط سيبقى مفتوحاً.
دولار ومحروقات تحرق
وفي الشان المعيشي، طلبت نقابة اصحاب المحطات في لبنان في رسالة، من وزير الطاقة والمياه وليد فياض «اخذ المبادرة ومن باب الضرورات تبيح المحظورات لإصدار جدول تركيب اسعار بالدولار الاميركي على فترة محدودة، لحين استقرار الاوضاع لما فيه من مصلحة للمواطن وصاحب المحطة على حدا سواء، شاكرين الجهود الجبارة التي قمت وتقوم بها».
وفي الأولى بعد الظهر اجتمع الوزير فيّاض مع اصحاب المحطات، ورداً على تحذيرهم بالتوجه الى الاقفال في حال لم يسعّر البنزين بالدولار، أكد فياض أن الوزارة تعمل على منصة لإصدار اكثر من جدولين في اليوم، تماشيا مع تقلب سعر صرف، ولكن لن نتوجه الى تسعير البنزين بالدولار ولن نخالف القانون. وأوضح فياض أنه «بحسب قانون حماية المستهلك يجب أن تصل المادّة للمواطن بالليرة اللبنانية».
إلى ذلك، أقفلت بعض محطات البنزين، ورفعت الخراطيم «بسبب عدم استقرار سعر صرف الدولار والارتفاع الجنوني المتواصل».وصباحاً، صدر جدول جديد لاسعار المحروقات، وجاءت الاسعار على الشكل التالي:
– البنزين 95 اوكتان : 1359.000 زيادة 38 الف ليرة.
– البنزين 98 اوكتان: 1391.000 بزيادة 39 الفاً.
المازوت: 1333.000 بزيادة 38 الفاً
الغاز: 880.000 بزيادة 33الف ليرة.
لكن تبين في السوق ان قاروة الغاز بيعت بسعر 930 الف ليرة خلافا لسعر الوزارة.
وفي سياق المعالجات، عقد رئيس الهيئات الإقتصادية اللبنانية الوزير السابق محمد شقير ورئيس المجلس الإقتصادي والإجتماعي شارل عربيد ورئيس الإتحاد العمالي العام بشارة الأسمر اجتماعا طارئاً، «على وقع اشتداد الأزمة الإقتصادية وتسارع انهيار الليرة اللبنانية، خصص للبحث في السبل الكفيلة بالتخفيف من وطأة الإنهيار على الأوضاع المعيشية والحياتية، والحد من تفاقم مآسي المواطنين ومعاناتهم التي وصلت الى حدود لا يمكن تحملها على الإطلاق».
وأبدى المجتمعون في بيان على الاثر، «تخوفهم الشديد مما يحصل وواقع الحال الحياتي والمعيشي الذي وصل الى حدوده الدنيا والذي بات يهدد بحصول إنفجار إجتماعي»، مشددين على أن «لجم الإنهيار يتطلب أولاً الذهاب فوراً لإنتخاب رئيس الجمهورية وتشكيل حكومة جديدة يكون من أولويتهما معالجة الأزمة الإقتصادية من خلال السير فوراً بالإصلاحات المطلوبة وإقرار خطة تعاف مالي وإقتصادي والإتفاق مع صندوق النقد الدولي».
وطالب المجتمعون «بإلحاح بإصدار المرسوم القاضي بزيادة الحد الأدنى للأجر المصرح عنه للضمان الإجتماعي الى 4،5 ملايين ليرة، والتقديمات الإجتماعية وبدل النقل اليومي (125 ألف ليرة عن كل يوم حضور الى العمل)، وذلك كما تم الإتفاق عليه في إجتماع لجنة المؤشر الأخير، لأن من شأن ذلك التخفيف من وطأة الأزمة المعيشية على العاملين في القطاع الخاص».
99 إصابة
صحياً، سجلت امس وزارة الصحة 99 اصابة بفايروس كورونا وحالتا وفاة، ولم يسجل اي اصابة او حالة وفاة في الكوليرا.
الاخبار:
مؤشرات على عقوبات أميركية على سلامة بتهمة دعم حزب الله لا بالفساد: هل اتخذت واشنطن قرار الفوضى الشاملة؟
تتسارع المؤشرات على تصعيد كبير، اقتصادي واجتماعي، في لبنان في الأيام المقبلة، لممارسة مزيد من الضغوط على اللبنانيين، فيما يبدو أن الولايات المتحدة، بالتعاون مع السعودية وأطراف غربية أخرى، تحاول توجيه هذا التصعيد نحو حزب الله، مع رفع سيف العقوبات في وجه عدد غير قليل من القوى اللبنانية والمسؤولين في مواقع رئيسية في الحكم أو المجلس النيابي أو السلطة القضائية.
ووسط انهيار متسارع لسعر العملة الوطنية، نُقل عن مصادر الرئيس نجيب ميقاتي أن مصرف لبنان فقد السيطرة على السوق، وأنه قد يكون من الصعب إعادة ضبط الأمور إلا في حال حصول خطوة سياسية كبيرة. وفسّر مطلعون ذلك بأنه ترجمة للدعوة الأميركية – الفرنسية – السعودية إلى التعجيل في انتخاب رئيس للجمهورية وفق مواصفات تناسب هذه العواصم، مع تكرار الإشارة إلى قائد الجيش العماد جوزيف عون كمرشح أول، رغم تعمّد السفيرة الأميركية في بيروت دوروثي شيا، في اجتماعات رسمية وغير رسمية، تكرار أن بلادها لا ترشح عون ولا تتدخل في الأسماء.
ويبدو أن العمل جار لرمي كرة نار الانهيار الاقتصادي في حضن حزب الله، بحسب ما بدا أمس من الإشارات الأميركية حول وجود توجه إلى فرض عقوبات على حاكم مصرف لبنان رياض سلامة بتهمة مساعدة مموّلين لحزب الله. وليس المقصود من ذلك بالطبع سلامة الذي لم يعد يملك أي حصانة أو قدرة على المناورة في ضوء التحقيقات التي أجراها المحامي العام جان طنوس، وتبنّتها أجهزة قضائية أوروبية، وإنما تحميل حزب الله مسؤولية أفعال سلامة وانهيار العملة الوطنية من خلال اتهام الحاكم ومصرفيين فاسدين بتزويد الحزب وسوريا بالدولارات. علماً أن الأميركيين يعرفون جيداً أكثر من أي أحد آخر أن الحزب يأتي بالدولارات من الخارج وليس من السوق المحلية.
وفي خطوة لم تبد مفاجئة للبعض، سربت مصادر أميركية لقناة «الحدث» السعودية التي تبث من دبي، أن وزارة الخزانة الأميركية وجدت علاقات تربط بين حاكم مصرف لبنان وممولين على صلة بحزب الله. ونقلت القناة عن المصادر أن واشنطن تقترب من خطوة فرض عقوبات على سلامة بتهمة تسهيل عمليات مالية تتعلق بالحزب.
وبمعزل عما ستؤول إليه الأمور، يعود أصل الحكاية إلى أمرين:
الأول يتعلق بقرار وزارة الخزانة الأميركية الشهر الماضي فرض عقوبات على شركة CTEX للصيرفة التي يرأس مجلس إدارتها الاقتصادي حسن مقلد بذريعة تسهيلها عمليات مالية لمصلحة حزب الله، ووجود صلات لمقلد مع مسؤولين ماليين في الحزب. وكان لافتاً أن بيان العقوبات على الشركة تعمّد، للمرة الأولى، ذكر مصرف لبنان في أكثر من موضع في البيان، والإشارة إلى أن CTEX كانت تتعامل مع مصرف لبنان وأن علاقة تربط صاحبها مع الحاكم.
وأكّد سلامة، في مقابلة مع قناة «الشرق – بلومبيرغ» السعودية الأسبوع الماضي، أن شركة مقلد نالت ترخيصاً بعدما استوفت كامل الشروط من قبل الهيئات المعنية في مصرف لبنان، في إشارة إلى لجنة الرقابة على المصارف. ولفت إلى أن الشركة كانت تبيع الدولارات لمصلحة مصرف لبنان فقط، موضحاً أن هذه العملية تعني جمع الدولارات لمصلحة المصرف المركزي الذي يعطيها للمصارف، لا بيع الدولارات حتى يقال إن العملية تؤدي إلى تأمين أموال للحزب. وأشار سلامة إلى أن الولايات المتحدة ودولة الإمارات العربية منحتا الشركة ترخيصاً مماثلاً للقيام بهذه الأعمال، نافياً أي علاقة لها بالحزب. وأكّد أنه أمر المصرف المركزي وبقية المصارف بالامتثال لقرار وزارة الخزانة الأميركية وعمل على تجميد حسابات الشركة بعد إبلاغها توقيفها عن العمل وسحب الترخيص منها، مشيراً إلى أن الترخيص لم يكن يشمل السماح بشحن الأموال والمعادن النفيسة إلى الخارج، وهو يناقض تأكيدات مقلد في مؤتمر صحافي عقده قبل أيام، بأن شركته كانت ستعمل على شحن الأموال والذهب في الأول من شباط الجاري، وهذا ما عجل بفرض العقوبات عليه قبل أسبوع من بدء الأعمال.
الثاني: يتعلق بقرب صدور اتهامات ضد سلامة من عدة دول أوروبية في مقدمها فرنسا وألمانيا وإحالته إلى المحكمة بتهمة تبييض أموال يشتبه أنه اختلسها من لبنان. وقالت مصادر حقوقية في العاصمة الفرنسية لـ«الأخبار» إن القضاء الفرنسي ممثلاً بالقاضية أود بيروسي أنجزت على ما يبدو قرارها الظني بحق سلامة وآخرين، وإنها بصدد تحويله إلى الهيئة الاتهامية بين نيسان وأيار المقبلين، قبل انتقالها في حزيران المقبل إلى وظيفة جديدة. ولفتت المصادر إلى أن القاضية الفرنسية لم تعد تحتاج إلى معطيات إضافية بعد زيارتها الأخيرة إلى بيروت، إلا أنها تريد القيام بكل الخطوات اللازمة، وهي ستعود إلى لبنان قريباً لاستكمال الاستماع إلى 18 شخصية من مصرفيين وموظفين إداريين إلى جانب الحاكم نفسه، على أن تصدر الاتهام رسمياً بعد عودتها إلى باريس. كما أن القضاء الألماني أنجز الملف الخاص بسلامة وشقيقه رجا، بعدما تبين أن النيابة العامة التمييزية في لبنان ممثلة بالمحامي العام رجا حاموش سلمت الوفد الألماني نسخة عن كامل كشوفات رجا سلامة في مصارف لبنانية، وأن عملية التحويلات المالية لنحو 300 مليون دولار باتت واضحة، ما يسمح للجانب الألماني بالتثبت من عمليات التبييض التي كانت تتم من خلال شركات متعددة ومن خلال عمل واسع في مجال العقارات.
وبحسب المصادر الحقوقية في باريس، فإن ما استجد قبل مدة، هو أن فريقاً لبنانياً من مناصري حاكم مصرف لبنان ومنهم من يعمل مع مصرفيين مثل رئيس مجلس إدارة «سوسيتيه جنرال» أنطوان صحناوي مارس ضغوطاً لعرقلة التحقيقات الفرنسية، بحجة أن من يقودون الحملة ضده تابعون لجهات سياسية لبنانية. ما استدعى حصول اتصالات انتهت إلى عقد وفد معني بملف سلامة اجتماعاً مع المستشار البارز في الإليزيه السفير إيمانويل بون، المعروف بمتابعته للملف اللبناني، لسؤاله عن حقيقة وجود ضغوطات لتجميد التحقيق. وبعدما استفسر بون عن الملف وعن المعطيات أكد للوفد بأنه ليست هناك أي ضغوط على القضاة أو الشرطة، وعادت السلطات الفرنسية لتمنح الغطاء المباشر من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لاستمرار التحقيقات، علماً أن القاضية الفرنسية المعنية يشهد لها بقوة عملها خصوصاً ضد مسؤولين كبار في الدولة الفرنسية.
اتهامات ضد سلامة قريباً في فرنسا وألمانيا وإحالته إلى المحكمة بتهمة تبييض أموال
يشار إلى أنه كان مقرراً في التاسع من الشهر الجاري إصدار قرار بالتأكيد على حجز ممتلكات وأموال تعود إلى سلامة وأفراد شبكته، لكن تأخيراً حصل بعد إرسال مكاتب محاماة في بلجيكا وفرنسا تتولى الدفاع عن سلامة وشقيقه رجا، 3 مذكرات دفوع إلى القضاء الفرنسي تقع كل واحدة منها في 30 صفحة، ما تطلب من القاضية مراجعتها. إلا أنها عادت وحددت السابع من آذار المقبل موعداً لإصدار القرار نفسه.
وأشارت المصادر إلى أن التحقيق الفرنسي سيظهر أيضاً فضيحة كبرى في باريس أبطالها مصرفيون وآخرون كانوا يسهلون لسلامة أعماله، أبرزهم حاكم سابق للمصرف المركزي الفرنسي خضع للتحقيق.
الخليج ــ ليكس: التمرّد الفاشل
وثائق ديبلوماسية سرية توثق رحلته من الحكومة إلى الانتخابات | فؤاد السنيورة: التمرّد الفاشل
الرئيس فؤاد السنيورة في فترة تقاعُد. ليسَ تقاعُداً سياسياً، فحسب. إنه التقاعد المأزق. لا حياة للرجل بعيداً من الحالة الحريرية التي اشتغل مرات ومرات لوراثتها. هكذا أكدت المحطات. آخرها وأحدثها كانت الانتخابات النيابية التي تسوّل لأجلها دعماً عربياً مادياً ومعنوياً، حصل على فتاته.
أثبت السنيورة فشله في إنتاج حالة سياسية وشعبية تلغي اسم سعد الحريري وتسمح له بالتربع على عرش طائفة صارت «يتيمة». وبعد تمرده الفاشل على التسوية الرئاسية عام 2016 والسقوط المدوّي للائحته في معقل التيار الأزرق في بيروت في انتخابات 2022، ما عاد السنيورة مشروعاً «ربيحاً» للخارج. أما في الداخل، وتحديداً عند المستقبليين، فهو ليسَ من المغضوب عليهم فحسب، وإنما من المنبوذين. أقصى ما استطاعه في ذكرى اغتيال الرئيس رفيق الحريري زيارة ضريح الأخير قبل يوم إحيائها، مُستبقاً التجمعات الشعبية تفادياً للمواجهة.
محاولات رئيس الحكومة السابق بناء قلعته السياسية على أنقاض الحريرية لم تبدأ أخيراً. لا حينَ جرّب «أخذ» حصته من تيار المستقبل وخوض الانتخابات بشكل مستقلّ بعدَ قرار الحريري تعليق نشاطه السياسي، ولا حتى حين كانَ أول المعارضين والمعترضين على التفاهم مع ميشال عون. بل قبلَ ذلك بسنوات، سعى إلى هذا الهدف، واضعاً نصب عينيه «التركة» العربية والدولية التي استظل بها الحريري لفترة طويلة، وكانَ دائم البحث عمن يدعم رغباته في زعامة الطائفة السنية، من دون أن يفلح في ذلك. ثم أتت الانتخابات لتكرسّ هزيمة «مشروعه» وتفشّل انقلابه الذي شرِع في تنفيذه.
في الأصل، رفضت الدوحة التعامل معه بشكل مباشر، وأوعزت إلى بعض الجمعيات القطرية بإرسال الأموال له. بينما أوقفت الرياض دعمه نهائياً بسبب اليأس من وجود أي إمكانية لديه لإحداث فرق، بعدما وعدها بأن يكون خليفة الحريري في تيار المستقبل. علماً أن الدعم السعودي كانَ محدوداً جداً، تولاه السفير السعودي في بيروت وليد البخاري، ولم تكن المخابرات أو وزارة الخارجية السعودية معنية بنشاط السنيورة الانتخابي. أما الإمارات، وبحسب وثائق ديبلوماسية سرية اطلعت عليها «الأخبار»، فقدمت إليه عرضاً بشغل وظيفة في مركز دراسات مقابل 25 ألف دولار شهرياً، لكنه رفض السفر والإقامة هناك، طارحاً أن يعمل بصفة استشارية.
وتُفيد وثائق ديبلوماسية بأن رئيس الحكومة السابق طلب دعماً مالياً مباشراً من دول الخليج وقامَ بـ«جمع تبرعات» لتمويل الحملة الانتخابية للائحة «بيروت تواجه» التي رأسها خالد قباني في بيروت وأخفقَ أعضاؤها بالفوز، باستثناء فيصل الصايغ. وهو أرسل طلباً رسمياً إلى الحكومة الكويتية عبرَ سفارتها في بيروت، في 10 أيار 2022، لتقديم مساهمة مالية لدعم لائحة قباني التي «تعمل لبناء دولة قوية تحظى بدعم المجتمعين العربي والدولي». وأبلغ السنيورة الكويتيين أنه تلقّى دعماً غير كافٍ هو عبارة عن مليوني دولار من السعودية ومليونين وسبعمئة وأربعة وثلاثين ألف يورو من قطر لتمويل اللائحة.
بعدَ الانتخابات وإخفاقه في إطلاق مشروع سياسي خاص به، بدأت أعراض هذا الفشل تترجم انحساراً في نشاط السنيورة الذي يقتصر على المشاركة ببعض الندوات، واجتماع أسبوعي مع مجموعة «العشرين» التي تضم شخصيات من بينها: أحمد فتفت، عمار حوري، حسن منيمنة، راشد فايد، عارف العبد، رشيد درباس، مازن سويد، ربيع الدندشلي، بلال الحشيمي وجمال الجراح، ويبدو أقرب إلى «منسق» للأعمال السنية بشكل محدود على عكس نشاطه الموسع سابقاً والذي انقسم إلى شقين: التحريض على فعاليات لبنانية خلال لقاءات ديبلوماسية والتملق لبعض الدول بهدف «تبنّيه» سياسياً، كما تبيّن بعض البرقيات التي اطلعت «الأخبار» على نسخ منها.
اتهامات لبري وباسيل
أسهمت الاتفاقية التي وقعتها حكومة السنيورة عام 2007 (حين افتقدت إلى الميثاقية مع غياب وزراء حزب الله وحركة أمل والوزير يعقوب الصراف عنها) مع قبرص في إعطاء «إسرائيل» مساحة واسعة من المنطقة الاقتصادية الخالصة (قبلَ أن يستعيدها لبنان من خلال ترسيم الحدود البحرية جنوباً مع فلسطين المحتلة). وتبيّن الوثائق الديبلوماسية أن تلكَ الاتفاقية سمحت لإسرائيل باقتطاع جزء من الحقوق اللبنانية، بينما كانَ السنيورة مشغولاً بتوجيه اتهامات إلى حركة أمل والتيار الوطني الحر بالسعي إلى المحاصصة حول الثروات البحرية.
خلال لقائه السفير الأردني في بيروت نبيل مصاروة (19-7-2016) هاجَم السنيورة بشدة التفاهم بين الرئيس نبيه بري ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل حول استخراج النفط والغاز، وقال عنه إنه «اتفاق ارتجالي»، مشيراً إلى أنه «بحاجة إلى تفاهم بينَ الجانبين على الحصص».
وفي إطار محاولة السنيورة الدفاع عن نفسه في مواجهة الاتهامات الموجهة إليه بالتفريط بحقوق لبنان في المنطقة الاقتصادية الخالصة، قال إن «الاتفاقية التي وقعتها حكومته عام 2007 مع قبرص حول حقوق النفط تضمنت مادة تشترط على الطرفين الإشعار والتشاور بعضهم مع بعض قبل البتّ بشكل نهائي مع طرف ثالث (المقصود بذلك إسرائيل) على تقاسم الحصص في المنطقة المعنية. وقد تمّ الابتعاد عن الحدود الإسرائيلية في الشمال والجنوب لدى إبرام الاتفاقية».
وفي برقية أخرى للسفير الأردني بتاريخ 11-7-2016، نقل عن أحد السفراء اللبنانيين أن «حكومة السنيورة كانت قد وقعت اتفاقاً مع حكومة قبرص لاستخراج النفط في منطقة مساحتها 860 كيلومتراً مربعاً، إلا أن قبرص تقاسمت المساحة مع إسرائيل من دون الرجوع إلى الحكومة اللبنانية»، لافتاً إلى أن «هناك انتقادات من سفراء عرب وديبلوماسيين لبنانيين لتسرع حكومة السنيورة في توقيع اتفاق» وقد وصفه السفير بـ «الغامض» إذ «لا يوجد فيه نصّ يتضمن العودة إلى لبنان عندَ تقاسم قبرص وإسرائيل للمساحة المشتركة بما يضيع على لبنان مساحات واسعة».
«للسعودية كل الحق في الغضب»
خلال لقاء آخر مع السفير الأردني في بيروت (22-2-2016) قال السنيورة حول قرار السعودية وقف المنحة المقدمة للجيش اللبناني إن «للسعودية كل الحق في الغضب والعتب، حيث شعرت بالخذلان والخيانة من المواقف اللبنانية»، معتبراً أن «الحديث عن وجود ضغوط مالية دفعت السعودية لاتخاذ القرار غير الصحيح». وقال إن «ما تمّ إيقافه هو الشق السعودي – اللبناني من المنحة، أما الشق السعودي – الفرنسي فلا يزال قائماً»، كاشفاً أن منحة «المليار الرابع» موجودة أساساً في لبنان ويتم الصرف منها بتوقيع ثنائي من قبل السفير السعودي في لبنان علي عواض العسيري والرئيس سعد الحريري وأنه تمّ إنفاق 700 مليون دولار منها، من دون تبيين أوجه صرفها. وأبدى السنيورة، بحسب محضر الاجتماع، اعتراضه الشديد على توقيت وطريقة إخراج القرار من قبل السعودية لأن «الصراع على السلطة بينَ ولي العهد وولي ولي العهد السعوديين ينعكس علينا في لبنان».
عرضت الإمارات وظيفة على السنيورة في مركز دراسات مقابل 25 ألف دولار شهرياً
وفي برقية أخرى للسفير الأردني (بتاريخ -10-2016) حول نتائج اجتماع سفراء دول مجلس التعاون الخليجي والرئيس السنيورة، قال إن «دول الخليج وعلى رأسها السعودية غاضبة جداً من مبادرات الحريري الأخيرة في لبنان، وإن الكويت قامت بمحاولات للتوسط بينه وبين السعودية. وتبيّن أن أسباب الموقف السعودي تعود إلى غضب ولي العهد السعودي آنذاك (محمد بن نايف) على الحريري لوصفه بن نايف بالسفاح، وكذلك للخلاف المالي بين الحريري ومحمد بن سلمان بخصوص مديونية شركة «سعودي أوجيه» التي بلغت 35 مليار ريال. ونقل عن السفير الكويتي أن وائل أبو فاعور مبعوث وليد جنبلاط إلى السعودية عادَ منها بانطباع يفيد بأنها ليست مع تحركات الحريري ونيته ترشيح العماد ميشال عون للرئاسة، وأنها تعتبر تحركات الحريري ابتزازاً للسعودية في هذه الظروف، في ضوء قانون «جاستا» الأميركي، والحرب في اليمن، والصراع مع إيران والأوضاع في سوريا.
البحث عن داعمين
خلال فترة الغضب السعودي على الرئيس الحريري كانَ السنيورة يبحث عن خيارات أخرى لدعم تطلعاته لزعامة الطائفة السنية، من بينها الإمارات العربية المتحدة والأردن. نقل عن السنيورة قوله إن «الإمارات هي الدولة الوحيدة التي كانت متنبّهة ولم تتعامل مع حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، بخاصة بعدَ انقلابه على الحريري»، مُشيداً بكون الإمارات «في صدارة الدول المانحة للبنان حتى أنها أصبحت في مرحلة متقدمة على السعودية». وذلك وفقَ محضر للقاء السنيورة مع القائم بأعمال سفارة الإمارات في بيروت حمد الجنيبي (27-6-2013). وبعد انتقاده تحرك أحمد الأسير في صيدا، معتبراً أنه «إما غبي أو عميل لصالح حزب الله»، ذكر السنيورة أنه «حاول شخصياً أن يحول ضعف السنة في صيدا بعد مواجهات جماعة الأسير مع الجيش إلى انتصار معنوي من خلال طرحه للنقاط الأربع لحل الأزمة في المدينة». واعتبر السنيورة أن «عدو الطائفة واضح، ولكن هناك اختراق للطائفة السنية من قبل حزب الله وإيران ويساعدهم في ذلك عدد لا بأس به من أبناء وشخصيات الطائفة أمثال أسامة سعد وعبد الرحيم مراد، فهم صنيعة الرئيس بشار الأسد». واعتبر أن «الزعامة السنية غير موجودة في لبنان، مشيراً إلى انتقادات كثيرة لغياب الحريري عن البلد».
وفي لقاء السنيورة مع سفراء الدول العربية في بيروت، أفادهم بأن الطائفة السنية «مخترقة بالعديد من العملاء الذين يتعاملون مع حزب الله مقابل مبالغ مالية»، مشيراً إلى «الخطر الكبير الذي تشكل على لبنان واللبنانيين بإرسال حزب الله طائرة تجسسية إلى إسرائيل»، معتبراً أن «هذه الخطوة تعطي إسرائيل الذريعة بإعلان الحرب». وطلب السنيورة من السفير الإماراتي على هامش اللقاء نقل تحياته إلى وزير خارجية دولة الإمارات عبدالله بن زايد، وطلب عقد اجتماع مع السفير للتباحث في الشأن اللبناني وفي بعض المشاريع الخيرية التي تمولها المؤسسات الإماراتية في لبنان.
وفي تقرير رفعه السفير الأردني إلى وزير الخارجية (25-2-2015) حول محضر اجتماعه مع السنيورة، نقل عنه في سياق دعوته لتغليب الاعتدال على التطرف أن «القائد المؤهل والوحيد في منطقتنا هو جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين المعظم لنسبه الشريف والاحترام والتقدير الذي يكنه لشخصه وللعائلة الهاشمية».
الحريري إلى «التغريبة» الإماراتيّة: ليس بالجمهور وحده يحيا الزعيم
بعد ساعات قليلة تنتهي زيارة الرئيس سعد الحريري إلى بيروت… كما بدأت. شحذ النفوس الذي اتبعه كوادر تيار المستقبل، وتحديداً الأمين العام أحمد الحريري، للم شمل الجمهور عند ضريح الرئيس رفيق الحريري، والجهود الحثيثة لملء جدول أعمال رئيس تيار المستقبل بمواعيد سياسية مع التزامه بعدم الإفصاح عن موقفٍ سياسي، نجحت في إعادة الحريري إلى مسرحٍ سينسحب منه، كما لو أنّه لم يراكم فيه شيئاً
نجح الرئيس سعد الحريري في العودة إلى الساحة السياسية. الرسالة التي كان يودّ إيصالها، جَلجلت؛ زعيمٌ سني يغيب لعامٍ كامل ويعود ليجد كلّ شيء في مكانه: جمهورٌ يسبقه إلى ضريح والده ليهتف باسمه ويمدّ يده من خلف الحديد الفاصل علّه يتمكّن من مصافحته. عاطفةٌ ما زالت على حالها لطائفةٍ اغتيل زعيمها، فورث نجله تعاطفاً جعل منه في آنٍ واحد، الضحيّة والبطل، ثم الزعيم المهزوم. تيّارٌ يُكمل حياته الطبيعيّة ويخوض انتخابات نقابيّة هنا وجامعيّة هناك، وكأنّ لا أزمة ماليّة ألمّت به ولا حالات عصيان أثّرت عليه ولا رئيس غائب عن الأُذن والعيْن. صور مرفوعة في كلّ زقاق داخل المناطق السنيّة لزعيمٍ لم تُقلب صفحته أو يحل أحد مكانه. وقوى سياسيّة تطلب مواعيد كي يجلس مسؤولوها وموفدوها على الأريكة المقابلة للحريري، حتّى يتكلّموا فينصت، غير آبهين بالوعد الذي قطعه على الإماراتيين بأنّه لن يتفوّه بموقفٍ سياسي واحد.
كلّ ما «هندسه» الحريري حينما اتّخذ قراره بزيارة بيروت لإحياء الذكرى الـ18 لاغتيال والده الرئيس رفيق الحريري طُبِّق بالشكل المُراد به تحويله إلى «عبد الناصر». زعيمٌ يحتاج إلى دراسة عن كيفيّة بقائه على قيد الحياة السياسيّة بعد سلسلة من الهزائم والقرارات الخاطئة، بالنسبة لأنصاره، ومقرّبين انقلبوا عليه وحرّضوا ضدّه، واعتكافٍ لم تنتهِ صلاحيته بعد.
مع ذلك، لا يُمكن للحريري أن «يصرف» زعامته حيث يحتاجها. هو متيقّن أن القرار السعودي سيبقى ساري المفعول وأن المعادلة باتت واضحة أمامه: طالما أن ولي العهد محمّد بن سلمان في الحكم، سيبقى الحريري خارج الحُكم! وبالتالي، فإنّه يعيش أياماً لا تنفع فيها جماهيريّة ولا مظلوميّة، ولا حتّى مقاومة لإجراءات الإبعاد التي «صدّقت» عليها المملكة كحكمٍ مُبرم.
«زوروني كل سنة مرة»
إذاً، لا أسباب موجبة تدفعه إلى العودة عن قرار الاعتكاف… هذا ما أكّده الحريري خلال اليومين الماضيين وإن كان في كلّ مرة «يُزيّنها» بمبرّر جديد: مرةً لأنّ البلد منهار، ومرّة لإبعاد تيّاره عن تحمّل مسؤولية هذا الانهيار، ومرةً لأنّه يُريد إفساح المجال أمام الجيل الشاب للانخراط في العمل السياسي… في كلّ الأحوال، فإنّ المبرّرات كلّها تؤدي إلى الطريق المسدود نفسه بالحجارة السعوديّة. رغم ذلك، يُراهن الحريري على تغيّر ما يُعيده إلى السّاحة السياسيّة. هو يُدرك أن هذا التغيّر، إن حصل، ليس في المدى المنظور، ولكنّه يُريد أن يبقي على جاهزيّة أرضيّته، في حال عدلت المملكة عن محاولة الاقتصاص منه.
كلّ ذلك يشي بأنّ التغريبة الإماراتيّة لن تنقطع، فالحريري سيبقى يُدندن لأنصاره «زوروني كل سنّة مرة». بالتالي، فإن الإشارات التي تم التقاطها خلال لقاءاته في بيت الوسط، وفُهمت على أنّها لين من السعوديّة تجاهه، ليست دقيقة وفق المتابعين الذين لم يروا في الزيارات التي قام بها وفد من تكتل «الجمهورية القوية»، موفداً من رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، ورئيس اللقاء الديموقراطي السابق وليد جنبلاط، وزيارة رئيس حزب الكتائب سامي الجميّل التي لم يتم الإعلان عنها، رسائل خارجيّة. بالنسبة لهؤلاء، فإنّ هذه جميعها «بالونات حراريّة» سرعان ما «ستنفّس»، تماماً كأجواء زيارة الحريري إلى بيروت.
وحدها زيارة وفد «الجمهوريّة القويّة» سيحتفظ بها «أبو حسام» كذكرى «جميلة» يُمكن أن تُعيد له الاعتبار. ليس تفصيلاً أن يجلس 9 نواب موفدين من جعجع قبالة الحريري وأن يزيدوا ويفيضوا، فيما الأخير يلعب دور «أبو الهول».
وتؤكد مصادر مُتابعة أنّ اللقاء بين الطرفين كان سلبياً عكس ما نقلته النائبة غادة أيوب. هي أشبه بـ«زيارة اعتذار» برّر خلالها الوفد للحريري أداء جعجع، مؤكدين أنّ الأخير لم يقم بأي عملٍ «مُعاد» لتيار المستقبل، تماماً كما لم يقم بالتحريض عليه في السعودية، مشددين على أنّ جعجع «كان حليفك وسيبقى كذلك». لكن هذه المواقف بدت وكأنّها «لا تطعم خبزاً» في بيت الوسط، إذ تشير المعلومات إلى أنّ رئيس تيّار المستقبل لم ينبس ببنت شفّة مكتفياً بهزّ رأسه، وتعامل مع الوفد ببرودة شديدة، فيما تردّد أنّ جعجع اتّصل بالحريري إلا أنّ الأخير لم يجب وتذرّع مكتبه بأنّه خارج السمع.
وتشير معلومات إلى أنّ رئيس «القوات» كان قد وضع موفديه في أجواء أن الاجتماع لن يكون جيّداً، لكنه أصر على ذهابهم، علماً أنه لم يتوقّف عن الهجوم على الحريري حتى قبل أيّامٍ من عودته إلى بيروت. ويضع متابعون إصرار جعجع على الزيارة في إطار محاولاته لكسب شارعٍ سني لا يكلّ عن الهجوم عليه، لا لرد الاعتبار للحريري.
جعجع أرسل نوابه للقاء الحريري: لم أُحرّض عليك في السعودية
أمّا اللقاء مع جنبلاط فسادته أجواء أكثر وداً، فيما تقصّد الحريري أن يكون حذراً في أجوبته وأعاد أكثر من مرة على مسامع رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي بأنّه مستمر في تعليق نشاطه السياسي. الأبرز كان السؤال الذي وجهه الحريري لجنبلاط عن مبادرته لانتخاب رئيسٍ للجمهوريّة قائلاً: «إذا قادر تعمل شي للوصول إلى انتخاب رئيس، لا تُقصّر»، لكنه أكد في الوقت عينه بأنّه لن يتدخّل لا من قريب ولا من بعيد في هذا الأمر.
وزار الحريري أمس رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي استبقاه إلى الغداء. وبحسب المعلومات، شدد بري على ضرورة عودة الحريري إلى الساحة السياسية، مُحاولاً الإشارة إلى أنّ دعوة السياسيين إلى طاولة حوار يكون فيها العنصر السني غير ممثل بالشكل الصحيح قد تُساعد على تسليط الضوء على دور رئيس «المستقبل» وإمكانيّة عودته، فيما لم يبد أن الحريري مقتنع بهذه النظريّة، لعلمه بأن هذا الأمر لا يقدّم ولا يؤخّر لدى السعوديّة.
وكان الحريري استقبل نواب تكتل «الاعتدال الوطني» ضم النواب: وليد البعريني، محمد سليمان، عبد العزيز الصمد، أحمد رستم، سجيع عطية وأحمد الخير، في «لقاء وجداني»، تقصّد الحريري عدم الحديث خلاله في الشؤون السياسية، وفق مصادر نيابية، بل تعمّق أكثر في الوضع المعيشي والاجتماعي لمنطقة الشمال، مشدّداً أمام الموجودين على أنّه يتمنّى أن يغير الواقع المأساوي الذي يغرق به لبنان، «لكنني غير قادر على ذلك، وأنا مستمر بقرار تعليق عملي السياسي إلى حين تغيّر هذا الوضع».
وحتى مساء أمس، لم يتأكد في بيت الوسط ما إذا كان الحريري سيستقبل رؤساء الحكومات السابقين أو رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي.
الأردن يكمل استدارته: هذا أوان مصالحة سوريا
بعد لقائه الرئيس السوري، بشار الأسد، ونظيره فيصل المقداد، خرج وزير الخارجية الأردني، أيمن الصفدي، بتصريحات تعيد فتْح ملفّ الخطّة الأردنية للحلّ السوري، والتي تعثّرت بعد إطلاقها قبل نحو عامَين، معلناً أنه ناقش مع دمشق «علاقاتنا الثنائية والجهود المبذولة لإيجاد حلّ سياسي للأزمة السورية ينهي هذه الكارثة… حلّ يحفظ وحدة سوريا وسيادتها ويعيد أمنها واستقرارها ودورها… ويهيّئ ظروف العودة الطوعية للاجئين ويُخلّص سوريا من الإرهاب الذي يشكّل خطراً علينا جميعاً». وتُعتبر زيارة الوزير الأردني لدمشق، الأولى لمسؤول أردني رفيع المستوى منذ اندلاع الحرب عام 2011، على رغم عودة العلاقات السورية – الأردنية بعد فتْح معبر نصيب سنة 2018، والتواصل الحكومي والدبلوماسي السوري – الأردني خلال العامَين الماضيَين، والذي تخلّله اتّصال بين الرئيس السوري والملك الأردني عبدالله الثاني. وقوبلت خطوة الصفدي بحفاوة سورية واضحة، سواء من الأسد الذي نقلت رئاسة الجمهورية عنه إعرابه للصفدي عن «تقدير سوريا للموقف الرسمي والشعبي للأردن الشقيق»، وترحيبه بالتفاعل «مع أيّ موقف إيجابي تجاهه وخاصة من الأشقاء العرب»، أو من المقداد الذي قال إن «الكلمات التي وجّهها جلالة الملك عبدالله الثاني إلى سيادة الرئيس بشار الأسد معزّياً بضحايا الكارثة هي بلسم لجراح السوريين»، معتبراً أن «هذه الزيارة أتت لتُترجم عواطف القيادة الأردنية وعواطف الشعب الأردني تجاه سوريا».
وطَرح الملك الأردني، قبل نحو عامَين، خطّة مبدئية للحلّ السوري، ترتكز على فكرة «فشل محاولات إسقاط النظام السوري وعدم إمكانية تحقيق ذلك، الأمر الذي يعني أنه يجب التعاون مع دمشق للحلّ». وأطلق عبدالله، آنذاك، ورقة سمّاها «اللاورقة»، قائمة على إعادة التواصل التدريجي مع الحكومة السورية ضمن خطوات تسوية سياسية شاملة، غير أن جهوده لم تصل إلى نتيجة واضحة في ظلّ التصعيد الأميركي المستمرّ، سياسياً وميدانياً، ضدّ سوريا. ويلتقي الحراك الأردني القديم – الجديد، مع آخر عربي يتابع توسُّعه، انضمّت إليه تونس بعد وقوع الزلزال، وانفتاح نافذة أمام عودة العلاقات السورية – السعودية، خصوصاً أن الرياض أظهرتْ تراجعاً عن موقفها المعادي لدمشق، بعدما كانت أبدت موقفاً متردداً حيال الانفتاح المباشر عليها، طالت مدّته منذ اندلاع الحرب الروسية في أوكرانيا، والتي تسبّبت بازدياد حدّة التصعيد الروسي – الأميركي.
يلتقي الحراك الأردني القديم – الجديد مع آخر عربي يتابع توسّعه انضمّت إليه تونس بعد وقوع الزلزال
بالتوازي مع ذلك، أفشلت دمشق خطّة أميركية تصعيدية تحت قبّة مجلس الأمن في ما يتعلّق بملفّ المساعدات، بعد رفْض «هيئة تحرير الشام» (جبهة النصرة سابقاً) تمرير 14 قافلة مساعدات إغاثية عاجلة أرسلتْها دمشق إلى منكوبي الزلزال في المناطق الخارجة عن سيطرتها شمالي البلاد وشمال غربيها. وكانت الولايات المتحدة، التي أعلنت الشهر الماضي تقديم مبلغ 25 مليون دولار لترويج سياستها حول سوريا، أطلقت حملة تطالب بفتح معابر إضافية مع تركيا لتمرير المساعدات، في محاولة لتحميل الحكومة السورية مسؤولية المأساة التي ضربت مئات آلاف السوريين، علماً أن خطّة المساعدات الأممية إلى هذا البلد تتضمّن إدخالها عبر معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا، والذي لم يتمّ تمرير أيّ مساعدات من خلاله في اليومَين الأوّلَين بعد الكارثة. وبعدما حذّرت دمشق، مراراً، من محاولة «تسييس الفاجعة»، أعلنت، قُبيل انعقاد جلسة طارئة لمجلس الأمن مساء الإثنين الماضي، الموافقة على فتْح معبرَين حدوديَّين إضافيَّين إلى جانب «باب الهوى» (باب السلامة والراعي) لمدّة ثلاثة أشهر لتمرير المساعدات، وهو ما أجهَض الحملة الأميركية، لتبدأ الأمم المتحدة إدخال المعونات بشكل تدريجي لمنكوبي الزلزال.
ولا تزال نتائج الكارثة التي ضربت تركيا وسوريا غير دقيقة، في ظلّ استمرار عمليات رفْع الأنقاض وانتشال المزيد من جثث الضحايا، بالإضافة إلى عمليات مسْح وتقييم المباني المتضرّرة، والتي يَجري هدْم بعضها بشكل دوري خوفاً من سقوطها، مع استمرار الهزّات الارتدادية. وبالتوازي مع ذلك، تُواصل طائرات المساعدات الإغاثية الهبوط في المطارات السورية، حيث تجاوَز عددها الـ100 طائرة، تُضاف إليها المعونات المرسَلة عبر الحدود من العراق والأردن ولبنان، سواء الحكومية منها، أو تلك الشعبية التي جمعها مواطنون بدأوا حملات إغاثة عاجلة لأشقّائهم السوريين، علماً أن الأمم المتحدة أعلنت عن حملة لجمع نحو 400 مليون دولار لإغاثة منكوبي سوريا.
المصدر: صحف