شكّلت عملية أريئيل بنتائجها وحيثياتها، مناسبة لاعتراف المؤسّسة الأمنية والعسكرية بعجزها عن قطع سلسلة العمليات الفلسطينية، على الرغم من الحديث، مؤخراً، عن انخفاض وتيرة العمليات في الأسابيع الماضية، حيث اعتبرت اوساط امنية صهيونية ان هجوما بسكين في منطقة تخضع لحراسة على مدى 20 دقيقة وفي 3 اماكن هو امر لا يتقبله العقل.
قلق المحاكاة
عملية بطولية نفذها الشاب محمد سامي صوف من بلدة حارس في قضاء مدينة سلفيت والذي يبلغ من العمر 19 عاما، شكل قلقا كبيرا عند المستوى الامني والعسكري الصهيوني، حيث اعتبر ان هناك قلقا من فكرة المحاكاة حيث يجري بعد كلّ عملية فلسطينية ناجحة (تُسفر عن قتلى) التحذير من أن تُشكِّل نموذجاً مُلهِماً للفلسطينيين. وفي حالة هذه العملية جرى أيضاً التحذير من أنّ نجاحها الباهر والصدى الواسع الذي لاقته في شبكات التواصل الإجتماعي قد يؤدّيا إلى تحوّلها إلى نموذج ملهم وقدوة محاكاة على نطاق واسع، لاسيّما بين الأجيال الفلسطينية الصاعدة.
وانعكس هذا الأمر قلقاً في الجيش الصهيوني، عبرت عنه مصادر أمنية، من أنّ نجاح الهجوم في أريئيل سيؤدّي إلى أحداثٍ إضافية في المستقبل. وقال ضابطٌ كبير في هذا الصدد: إنّ “أحداث كهذه مع نجاحات (قتلى) توفّر المزيد من الحافزية لدى مهاجمين منفردين لشن هجمات إضافية”. وفي الموازاة، أشار ضباط في فرقة الضفة الغربية إلى أنّه “ستكون لهذا الهجوم تداعيات مباشرة على الأرض. إنّه هجوم يمكن استخدامه للمحاكاة بصورة فورية لأنّ أسلوب المنفّذ قد أفلح”.
الموقف السياسي الصهيوني من العملية
عملية أريئيل النوعية إستدعت سلسلة من ردود الفعل والتعليقات السياسية التي أطلقها كبار المسؤولين الصهاينة، بالتوازي مع إعادة إثارة السجال السياسي والعام حول الواقع الأمني المعقّد في الضفة الغربية والقدس المحتلتَين.
ومن جملة المواضيع التي أُثيرت، مسألة أوامر فتح النار ضدّ الفلسطينيين. وفيما أثار عضو الكنيست ورئيس حزب “عوتسما يهوديت”، إيتمار بن غفير، مسألة أوامر فتح النار، وقال: “سنغيّر (في الحكومة المقبلة) تعليمات فتح النار، حتى يفكّروا (الفلسطينيين) مرّتين قبل أيّ عملية إرهابية”، شدّد رئيس حزب “الصهيونية الدينية”، بتسلئيل سموتريتش، على مسألة “إعادة الأمن لكلّ الإسرائيليين وإعادة الردع الذي سُحِق”.
وقد اكتسبت العملية أهميّة إضافية كونها أتت قبل ساعات من أداء قَسَم الكنيست الـ 25، حيث أُدِّي القسم في أجواء من الحزن والإحباط من العجز عن وقف موجة العمليات.
مميزات العملية
لم يتوقف الامر عند النتائج القاسية التي نتجت عن العلمية في اريئيل ولكن توقّفت أوساط صهيونية عدّة عند خصائصها ومميّزاتها وظروفها. وفيما انتقدت المؤسّسة الأمنية المدّة الطويلة التي استغرقها قتل المنفّذ، وقالت مصادر المؤسّسة إنّ العملية كان يفترض أن تنتهي في 20 ثانية بدلاً من 20 دقيقة، توقّفت تقارير عند قدرة المنفّذ على التحرّك في ثلاث ساحاتٍ مختلفة، و”المدّة غير المعقولة لقتله”. هذا فضلاً عن كون المنطقة تحوي كميّة كبيرة جداً من الأسلحة، مع جنود وحرّاس ومدنيين.
ومن الأمور التي جرى التوقّف عندها أيضاً داخل اروقة المحللين في الكيان الصهيوني هي خصائص المنفّذين الجدد للعمليات، الذين ينتمون بغالبيتهم إلى حركة فتح،أو إلى عائلات تنتمي إلى فتح ممّا يشير إلى زعزعة داخل الحزب المسيطر على السلطة الفلسطينية، وأيضاً داخل القيادة الفلسطينية.
وعلى مستوى الاتنقادات التي تلقتها المؤسّسة الأمنية والجيش الإسرائيلي فقد تركزت أساساً حول المدة الزمنية الطويلة للعملية، وكون المنفّذ منفرداً، ومن دون سيارة هروب ودون خطة أو مساعدة من أحد، وكونه لا يحمل سلاحاً نارياً. وقالت مصادر أمنية وعسكرية في هذا الصدد: إنّه “في إختبار النتيجة فشلنا في حماية المواطنين، ومحاولة إلقاء المسؤولية على الحارس، الذي خشي إطلاق النار كيلا يصيب مدنيين كانوا في خط النار، غير صحيحة”.
في الخلاصة، أتت الضربة التي تكبّد بها الأمن الصهيوني في أريئيل في وقت كان فيه المستوى السياسي منشغلاً بالإستعداد لأداء الكنيست الخامس والعشرين اليمين الدستورية. وفيما المفاوضات الإئتلافية لتأليف الحكومة الجديدة عالقة بسبب الخلاف على توزيع الحقائب، لاسيّما الأمنية منها، كما أعادت العملية تأجيج السجال السياسي حول المسألة الأمنية في الضفة الغربية، وفتحت باباً لتبادل الإتهامات بالمسؤولية عن التقصير والفشل الأمنيّين، لاسيّما وأنّ العملية جاءت بعد الحديث عن انخفاض في وتيرة العمليات مؤخّراً.
المصدر: موقع المنار