الجمعة   
   12 12 2025   
   21 جمادى الآخرة 1447   
   بيروت 14:17

الصحافة اليوم: 11-12-2025

تناولت الصحف اللبنانية الصادرة في بيروت صباح اليوم الخميس 11 كانون الاول 2025 العديد من الملفات والمواضيع المحلية والاقليمية والدولية…

الاخبار:

شبكة تجنيد معقّدة تطال «الكبار»: ظاهرة العمالة لإيران «تتهدّد» إسرائيل

وجّهت السلطات الإسرائيلية اتهامات إلى 34 إسرائيليّاً بالتعاون مع طهران، منذ الحرب الأخيرة مع إيران، في ما يشير إلى أن التجسّس لمصلحة الأخيرة أصبح ظاهرة منهجية ومتنامية تؤشّر إلى ضعف الردع الداخلي.

منذ انتهاء حرب الأيام الـ12 الإيرانية – الإسرائيلية، في حزيران الماضي، لا تفتأ تتكشّف فصول جديدة من ظاهرة تجسُّس وعمالة وخروق سيبرانية في الاتجاهين. ظاهرةٌ يقول الإسرائيليون إنها تطوّرت وتوسّعت – من جانب طهران – في الأشهر الأخيرة، متحدّثين عن تجسُّس منظّم ومتطوّر يعتمد على الهندسة الاجتماعية والتكنولوجيا والاستخبارات الدقيقة، وفقاً لنهج أكثر عمقاً وتأثيراً وخفاء. وقبل أيام قليلة، نشرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» تقريراً موجَّهاً – على الأرجح – من الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، يمكن وصفه بأنه «إنذار توعوي» بظاهرة خطيرة تمثّل تحوُّلاً استراتيجيّاً؛ إذ لم تَعُد إيران تعتمد على هجمات واسعة النطاق وعشوائية، بل انتقلت إلى حرب شخصية، دقيقة، ومخطَّطة بعناية ضدّ كبار المسؤولين الإسرائيليين، ومَن هم تحت إمرتهم، أو حتى البيئة الشخصية المحيطة بهم من أصدقاء وأقارب.
ووفقاً للتقرير، فإن طهران غيّرت استراتيجيتها تماماً، بادئةً ببناء جسور ثقة مع «الشخصيات/ الأهداف» قبل استمالتها وتجنيدها. ذلك بأن المهاجمين يتظاهرون بأنهم ممثّلون لمؤسسات شرعية، ثمّ يفتحون محادثات عبر وسائل التواصل الاجتماعي مع المسؤولين أو مَن يحيط بهم، وبعد ترسّخ الثقة بهم، تبدأ المحاولات المباشرة مع الشخصيات نفسها أو مع مَن ينتمون إلى دوائرها، في وقت تمارَس فيه على هؤلاء سيطرة صامتة وطويلة الأمد على أجهزتهم الذكية، من دون أن يشعر «الضحية» بأي شيء.

ويشير تقرير الصحيفة أيضاً إلى أن إيران تعتمد على تجنيد إسرائيليين من بينهم مهاجرون يهود من أصول إيرانية وغيرهم، في مقابل مبالغ مالية. وتتركّز مهمّة هؤلاء على تصوير منشآت حيوية من مثل الموانئ والقواعد العسكرية والمراكز الحكومية، ومراقبة مواقع استراتيجية، وجمع معلومات عن شخصيات رفيعة المستوى. وغالباً ما يتمّ الدفع للمجنّدين بالعملات المشفّرة لضمان السرّية؛ علماً أن الهدف النهائي من التعاون معهم هو الحصول على بيانات دقيقة عن قواعد الجيش الإسرائيلي، وأنظمة الدفاع الجوي، ومنشآت الطاقة، والمؤسسات الأمنية. على أن إيران لا تكتفي بالتجسُّس التقليدي، بل تحاول كذلك زرع عملاء داخل مواقع حسّاسة في المؤسسات الإسرائيلية؛ ولعلّ من أبرز الأمثلة على هذا النوع من الاستهداف، قضيّة وزير الطاقة الإسرائيلي السابق، غونين سيغيف، الذي سلّم معلومات حسّاسة لطهران على مدى سنوات طويلة قبل أن يُكشف أمره.

المهاجمون يتظاهرون بأنهم ممثّلون لمؤسسات شرعية، يفتحون محادثات، ويعزّزون الثقة مع المسؤولين أو مَن يحيط بهم

هكذا، تستهدف إيران بشكل منهجي كبار المسؤولين في المؤسسات الأمنية والحكومية الإسرائيلية، وأيضاً أفراد عائلاتهم. ووفقاً للباحث السيبراني شيمي كوهن، ورئيس وحدة السايبر في النظام الرقمي التابع للحكومة الإسرائيلية نير بار يوسف، فإن الحملة الإيرانية للتجنيد والخروق تتميّز باستهداف دقيق لأهداف ذات قيمة عالية، وهي تقوم على «بناء علاقة شخصية طويلة الأمد عبر وسائل التواصل، من مثل واتسآب وتلغرام، وباستخدام هويات زائفة تنتحل صفة جهات رسمية، أو عبر دعوات إلى مؤتمرات أو لقاءات رسمية».
لكن، رغم كل تلك الأحاديث التي توحي بأن عمليات كثيرة قد نُفّذت بالفعل، لا يوجد، إلى الآن، أيّ تقرير رسمي إسرائيلي يؤكد وجود عملاء إسرائيليين لإيران، يعملون بالطريقة والمستوى المشار إليهما أعلاه. وبين التشخيص «الدقيق» الذي يَظهر في الإعلام من جهة، وتغييب المعلومات الرسمية من جهة أخرى، ثمّة فراغ كبير يستدعي التساؤل: هل هناك حجب متعمَّد للمعلومات، لأسباب أمنية أو سياسية، ومنعاً للإضرار بالوعي العام لدى الإسرائيليين؟

على أيّ حال، تشير القضايا الأمنية الأخيرة التي سُرّبت إلى الإعلام العبري، ومن بينها حالات لإسرائيليين أداروا اتصالات مع إيران حتى في وقت الحرب، إلى ظاهرة تستدعي تحرُّكاً فوريّاً من جميع الجهات المعنية، وفقاً لما نبّه إليه أخيراً تقرير لصحيفة «معاريف»، مشدّداً على ضرورة الصدّ والمنع وتفعيل الردع لمنع تكرار مثل هذه «الخيانة». وطالبت الصحيفة، الحكومة والأجهزة الأمنية والنيابة العامة والقضاء، باعتبار هذه الحالات غير فردية أو عابرة، بل مؤشراً إلى ضعف الردع الداخلي، ما يستلزم فرض عقوبات صارمة للبعث برسالة واضحة: أيّ تعاون مع «عدو الدولة»، سواء في زمن الحرب أو السلم، يُعدّ جريمة أمنية لا يمكن التساهل معها.

وتؤكد مصادر أمنية إسرائيلية في وحدة التحقيقات الجنائية الدولية التابعة للشرطة، في حديث إلى «معاريف»، أن هناك تزايداً في التحقيقات حول حالات رصدها الأمن لإسرائيليين متورّطين في عمليات تجسّس لمصلحة إيران، حتى أثناء الحرب، علماً أن الدافع الأساسي في معظم تلك الحالات هو المال – مع الإشارة هنا إلى تدهور الوضع الاقتصادي -. وتحذّر المصادر نفسها من أن هذا النمط قد يتفاقم مستقبلاً إذا لم يواجَه بعقوبات صارمة، بما في ذلك السجن مدى الحياة أو عقوبة الإعدام في حالات تسريب معلومات في زمن الحرب.
وبحسب التحقيقات الأمنية الإسرائيلية، فإن إيران تعمل عبر مسارَين: الأول استخباري يعتمد على تصوير المنشآت أو تتبُّع الشخصيات، والثاني نفسي – اجتماعي يرتكز على نشر شعارات أو رسائل تهدف إلى تقسيم المجتمع الإسرائيلي. ويتجلّى هذا النمط الأخير، مثلاً، في إنشاء مجموعات على «تلغرام» تحرّض على تنظيم تظاهرات ضدّ رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، أو تؤجّج الانقسام الداخلي وتشوّه صورة القيادة، وذلك كجزء من استراتيجية الحرب الناعمة التي تستهدف تفكيك الثقة الداخلية بـ«الدولة» ومسؤوليها ومؤسساتها. أيضاً، تستخدم إيران إعلانات مزيفة تَظهر وكأنها صادرة عن جهات إسرائيلية، من مثل إعلانات لتجنيد عملاء لمصلحة إسرائيل، محاوِلةً بهذه الطريقة خداع الإسرائيليين وتمويه عمليات التجنيد. وإلى جانب ما تقدّم، تقف طهران وراء تمويل بعض الاحتجاجات، وحتى تحديد محتوى جزء من اللافتات التي يحملها المتظاهرون في الشوارع.

ومنذ الحرب الأخيرة مع إيران، وجّهت السلطات الإسرائيلية اتهامات إلى 34 إسرائيليّاً بالتعاون مع طهران، في ما يشير إلى أن التجسّس لمصلحة الأخيرة لم يعُد استثناء، بل أصبح ظاهرة منهجية ومتنامية، وأن كان يُنظر إليه سابقاً، بحسب مصادر أمنية إسرائيلية، باعتباره «مغامرات فردية»، استحال تهديداً أمنياً مباشراً لـ«الدولة»؛ علماً أن المجنّدين ليسوا من شريحة واحدة، بل يشملون شباباً ومسنّين، عرباً ويهوداً، ومهاجرين يهوداً جدداً أو دائمي الإقامة، وصولاً إلى أفراد في الأجهزة الأمنية والشرطة. أما من حيث الدوافع، فتؤكد مصادر أمنية أخرى في «معاريف» أن هناك عاملاً مشتركاً واحداً، هو الرغبة في كسب المال، في حين غالباً ما يتمّ التجنيد عبر الشبكات الاجتماعية، حيث يظهر المشغّلون كنساء شابات أو أشخاص عاديين، ويقدّمون مبالغ كبيرة مقابل مهمات بسيطة، من مثل تصوير موقع أو تعليق لافتة، ثم تتطوّر العلاقة لتشمل مهمات أكثر خطورة، قد تصل في بعض الحالات إلى تقييم إمكانية تنفيذ عمليات أمنية.

إسرائيل لا تشتري تنازلات الشرع: سوريا كغنيمة استراتيجية

يفضح استثمارُ إسرائيل لتنازلات الشرع ضعفَ السلطة الانتقالية، ومسعى تل أبيب لفرض حدود 7 ديسمبر وتكريس الجولان المحتل كغنيمة استراتيجية في سوريا.
شكّل سقوط نظام الرئيس السوري السابق، بشار الأسد، قبل عام من الآن، ووصول زعيم «هيئة تحرير الشام» آنذاك، «أبو محمد الجولاني»، إلى السلطة في دمشق، فرصةً لا تتكرّر أمام إسرائيل لبسط هيمنتها على سوريا، والحصول على تنازلات لطالما طمحت إلى انتزاعها من السوريين. وبمعزلٍ عن دور تل أبيب السياسي والعسكري في تهيئة الأرضية لسقوط النظام السابق على مدى سنوات، وصولاً إلى الرسالة العلنية التي وجّهها رئيس حكومة العدو، بنيامين نتنياهو، إلى الأسد بقوله: «أنت تلعب بالنار»، وذلك قبل يوم من بدء عملية «ردع العدوان»، فإنّ إسرائيل الآن تستفيد إلى أقصى حدّ من الأوضاع في سوريا، وبأقلّ تكلفة ممكنة.

سبقت إسرائيلُ تحوّلَ الجولاني إلى رئيس للسلطة الانتقالية الحالية باسم أحمد الشرع، باحتلال أعلى قمّة في جبل الشيخ، وبتدمير كامل قدرات الجيش السوري وأسلحته البرّية والبحرية والجوّية في حملة جوّية هائلة، وبعملية قضم ممنهجة (ومستمرّة) للمرتفعات المحيطة بجبل الشيخ شمالاً وشرقاً، ولمساحات من محافظات القنيطرة ودرعا وريف دمشق. في المقابل، ومنذ اليوم الأول، ينتهج الشرع سياسة إرضاء الإسرائيليين (وصل به الأمر إلى الحديث عن التطبيع بين الشعوب، وليس فقط بين الأنظمة، وذلك في معرض انتقاده لمحدودية اتفاقيّتَي «كامب ديفيد» و«وادي عربة»)، في سبيل الحفاظ على السلطة، متّخذاً خطوات عملية عديدة لطمأنة جميع المعنيين إلى أنّ سوريا الجديدة لن تكون خطراً على إسرائيل بأيّ شكلٍ من الأشكال، وساعياً للحصول على رضا القوى الغربية والعربية التي تأخذ مصلحة تل أبيب وموقفها ورضاها كمعيار لـ«الصوابية السياسية». وقد اختصر ما تقدّم، السفيرُ الأميركي في أنقرة، توم برّاك، بالقول إنّ «السلطات السورية تنفّذ كل ما نطلبه منها في ما يخصّ إسرائيل».

نتج من هذه السياسة، تقديمُ السلطة الحالية جملةً من التنازلات القومية والوطنية المجانية لصالح الأطماع الإسرائيلية، وصولاً إلى نسف الثوابت السورية الرسمية والشعبية التي حدّدت موقع سوريا في الصراع العربي – الإسرائيلي، بعدما صاغته دولةُ ما بعد الاستقلال بالتراكم، وبلوره ورسّخه حكم الرئيس الراحل حافظ الأسد، وورثه من بَعده الابن.
ومن جملة التنازلات التي يقدّمها نظام الشرع، اختراع وزير الخارجية، أسعد الشيباني، مصطلح «خط 7 ديسمبر» للتعبير عن المناطق التي احتلّتها إسرائيل بعد سقوط النظام السابق. وفي أكثر من مقابلة، ولا سيّما مقابلته «الدعائية» مع موقع «المجلّة» السعودي، طرح الشيباني مصطلحه الجديد، مطالباً إسرائيل بالانسحاب من هذه الأراضي المحتلّة حديثاً كثمن لاتفاق أمني، من غير أن يوضّح ما هو الهدف والمصلحة السوريان من الاتفاق الأمني المقصود، غير «إعادة التفاوض» على اتفاقية «فضّ الاشتباك» الموقّعة عام 1974.
على أنّ العودة إلى اتفاقية 1974، أو التفاوض حولها حتى، مسألة غير واردة الحصول في ظلّ مقاربة السلطة الانتقالية للعلاقة مع إسرائيل والنظرة الإسرائيلية إلى هذه السلطة، خصوصاً أنّ الاتفاقية وُقّعت بعد أشهر من حرب الاستنزاف التي شنّتها القوات السورية ضدّ قوات الاحتلال في القنيطرة – وهو ما لا ينوي الحكم الحالي فعله -، وهي تحدّد بوضوح شروط انتشار قوات الاحتلال وعمقه ونوعيّته جنوب خط الجبهة والمنطقة منزوعة السلاح، مقابل انتشار القوات السورية شمال الخط والمنطقة منزوعة السلاح.
والأهمّ من ذلك، أنّ الاتفاقية ثبّتت القرارات الدولية ذات الصلة بأحقّية سوريا الكاملة في هضبة الجولان المحتل، وضرورة انسحاب إسرائيل منها إلى ما يُسمّى «حدود 1967» وعودة أهلها إليها.

العودة إلى اتفاقية 1974، أو التفاوض حولها حتى، مسألة غير واردة الحصول

وبينما كانت سوريا تحافظ على اتفاقية 1974، ظلّت ترفع شعاراً واضحاً هو «الأرض مقابل السلام» كسقف لأيّ تفاوض مع إسرائيل، وهو ما حاولت أن تُلزم لبنان الرسمي به أيضاً، عبر «وحدة المسار والمصير» طوال مدّة وجود قواتها في لبنان. لا بل إنّ تصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة الأسبوع الماضي، على ضرورة انسحاب إسرائيل من الجولان السوري المحتلّ، حمل سقفاً أعلى بكثير من سقف سلطة الشرع، الذي قدّم للرئيس الأميركي، دونالد ترامب، ورقة المشاركة في «التحالف الدولي ضد داعش»، ولم يربط توقيع اتفاق أمني مع إسرائيل بأيّ شروط حقيقية، علماً أنّ ترامب، كان سبق له أن اعترف بـ«سيادة» إسرائيل على الجولان في ولايته السابقة، مقابل دعم مالي من اللوبي اليهودي.

وجاءت توجّهات الشرع والشيباني الحالية، بتحويل الأراضي المحتلّة بعد 7 ديسمبر إلى «حدود جديدة»، كمحفّز لإسرائيل لرفع سقف مطالبها وتوسيع اعتداءاتها، ليس بتأكيد احتفاظها بالجولان المحتل، والبدء بعملية تعبئة للمستوطنين للسكن في المستوطنات المبنية الفارغة على الهضبة، فحسب، إنما أيضاً بإعلان نيّة البقاء في مرتفعات جبل الشيخ، والمطالبة بفتح طريق برّي مع محافظة السويداء في أقصى الجنوب الشرقي السوري، وبنزع السلاح من كامل الجنوب. كما أنّ الإسرائيليين بدأوا بالتمهيد لسقف أعلى حتى من نزع السلاح، وذلك عبر الحديث عن خطّ جديد للمنطقة العازلة المبتغاة، بما يتجاوز العاصمة دمشق إلى وسط سوريا، وهو ما وصفته بعض مراكز الدراسات الإسرائيلية بـ«خط جنوب تدمر»، لتمتدّ بهذا، المنطقة العازلة من الحدود مع فلسطين المحتلة إلى عمق العمق السوري، أي مدينة تدمر وسط البادية.

غير أنّ ما حدث في بلدة بيت جنّ على السفح الغربي لجبل الشيخ الأسبوع الماضي، والرسائل التي تمّ تمريرها في أثناء العروض العسكرية التي نظّمتها قوات الحكومة الانتقالية احتفالاً بسقوط النظام السابق – عبر الهتاف لغزّة وترديد شعارات معادية لليهود -، عزّزا من الرواية الإسرائيلية حول النشاط الأمني والعسكري التركي في الجنوب، علماً أنّ إسرائيل كانت ربطت تلك التحرّكات بمجموعات محسوبة على تنظيم «الإخوان المسلمين». وتنقل مصادر أمنية غربية عن الإسرائيليين تركيزهم في التواصل الأمني مع حلفائهم الغربيين على تقديم معطيات عن ذلك النشاط التركي، وربط أيّ مقاومة للاحتلال الإسرائيلي للأراضي السورية إمّا بإيران أو بتركيا، كجزء من الأجندة الإقليمية للدولتين، مع تأكيدهم أنّ تركيا توجّه الشرع نحو الاصطدام بها وتطوير علاقته بإيران وحلفائها. ويترافق هذا مع معلومات غربية عن أنّ الشرع خفّف من الحصار الأمني على حركة «حماس» في الداخل السوري، بعد ضغوط قطرية وتركية.

غير أنّ اعتبار تركيا المحرّك وراء جنوح الشرع نحو منحىً «عدائي» مستجدّ تجاه إسرائيل، لا يغيّر من نظرة الأخيرة إليه. فتل أبيب، التي لم تدغدغها كلّ تنازلات السلطة الانتقالية لتوقيع اتفاق أمني، انتظرته وروّجت له دمشق الجديدة، صعّدت من لهجتها تجاه الشرع وحكمه بتصريحات عدائية، وتسريبات من مركز «ألما» حول احتمال اغتيال الشرع من قبل متطرّفين آخرين، بالإضافة إلى إعداد مواد أمنيّة دعائية حول طبيعة النظام الجديد، والترويج لمحاولات الأخير خداع إسرائيل بالسلم والإعداد لقتالها في المستقبل، على طريقة مبدأ «التمكين» لدى «الجماعات الجهادية».

يبقى أنّ ما تقوم به قوات الاحتلال على أرض الواقع هو الفيصل في فهم موقف إسرائيل تجاه سوريا الجديدة، حيث يستثمر الاحتلال تردّد السلطة وضعف أدائها الدبلوماسي تجاه المسائل السيادية، فضلاً عن الانقسام الطائفي والإثني الخطير داخل المجتمع السوري، والذي عزّزته «غزوات» الساحل والسويداء والتهديدات العنصرية للأكراد السوريين على لسان كبار المسؤولين العسكريين لدى الشرع. وهذا الانقسام بات يسمح لإسرائيل بتوسيع دائرة حلفائها المحلّيين من درعا والسويداء إلى الشرق، ومؤخّراً إلى الساحل، وفي الوقت ذاته الاستمرار في قضم الأرض والخداع السياسي، للشرع وللدول الداعمة له في آن.

السلطة تبتزّ موظفيها: الرواتب مقابل التقاعد

أطلق الاجتماع الذي عقد الأسبوع الماضي بين وزيري المال ياسين جابر والتربية ريما كرامي مع ممثلين عن روابط التعليم، شرارة التحرّكات النقابية بين العاملين في القطاع العام. ففي الشكل، خلص الاجتماع إلى «وعود» بدراسة تعديل الرواتب، بينما في المضمون كان واضحاً أن لا زيادات على الرواتب من خارج مشروع مجلس الخدمة المدنية الموجود في أدراج مجلس الوزراء منذ 6 أشهر. لذا، ستحمل الأيام المقبلة تحرّكات مطلبيّة ليس واضحاً مداها وحجمها المتوقع بعدما دعا عدد من روابط العاملين في القطاع العام إلى إضراب ينفذ غداً، كما قالت روابط التعليم أنّها ستطلق تحرّكات تصاعدية تصل إلى ذروتها بإضراب ينفذ يومي الثلاثاء والأربعاء المقبلين، وذلك إن لم يدرج بند تعديل الرواتب على جدول أعمال جلسة مجلس الوزراء.

من الواضح للروابط أن حصر درس تعديل الرواتب بمشروع مجلس الخدمة المدنية، يهدف إلى دفعهم للقبول بتنازل مقابل تعديل قيمة الرواتب يتعلق بتعديل نظام التقاعد لسحب مكتسبات تاريخية للموظفين تضمنها مشروع مجلس الخدمة المدنية مثل خفض نسبة معاش التقاعد إلى 70% من راتب الموظف بدلاً من 85%، وإيقاف المعاش التقاعدي عن ابنة الموظف العزباء بعد بلوغها 25 سنة.

وهذه التعديلات لن تقف عند هذا الحدّ، بل ستفتح المجال واسعاً نحو إعادة البحث في أساس نظام التقاعد. وذلك أساسه أن المشروع الذي أعدّه مجلس الخدمة المدنية وُلد تحت إشراف البنك الدولي وبعثة الاتحاد الأوروبي ومنظمة التنمية والتعاون الاقتصادي. وفي المقابل، لم تطّلع أي جهة نقابية على المشروع الذي يُروّج له في كلّ اجتماع يجمع وزراء مع روابط. ففي اجتماع عقد بين روابط التعليم ورئيسة مجلس الخدمة المدنية نسرين مشموشي (صاحبة المشروع)، حاولت الأخيرة سحب الربط بين أي زيادة على الرواتب بمشروعها بكل ما يتضمنه باعتباره «المنقذ والمنفذ الوحيد»، إلا أنها سمعت من الأساتذة رفضاً قاطعاً لا سيما أنّهم لم يطلعوا على أرقامه وتفاصيله.

أما على ضفّة الروابط الإدارية التي دعت إلى التصعيد مثل موظفي الإدارة العامة، وموظفي تعاونية الموظفين، فقد تبيّن أن أقنعة السلطة السياسية تتبدّل وتبقى مواقفها وسياساتها واحدة في مقاربة القضايا المطلبية. إذ إن الحكومة لا تنظر إلى موظفي القطاع العام بشكل متساوٍ، بل تعمل معهم بـ«المفرق»، فتعطي فئة شيئاً من حقوقها وتمنع الحقّ نفسه عن الآخرين، إلى حين تصعيد مواقفهم واضطرارها للموافقة تحت ضغوط الإضرابات والتظاهرات.

والأمثلة على سلوك السلطة هذا كثيرة، سواء ما يتعلق بإغفال عمدي لتعديل رواتب الموظفين ومعاشات المتقاعدين، والتمييز في بدلات النقل بين الأساتذة والموظفين، وفوضى بدلات المثابرة التي تفرض على الموظفين الحضور إلى مركز العمل 21 يوماً شهرياً على الأقل لاستحقاقها بينما تحسم إذا تغيّب الموظف لأكثر من يوم واحد من دون تبرير، علماً بأن شرط الحضور يطبق حصراً على الموظفين الإداريين في القطاع العام، بينما تمكنت روابط الأساتذة من تحصيل مكسب استحقاق بدلات المثابرة حتى في العطلة الصيفية بلا حضور.

وهذا التمييز دفع الموظفين إلى مواصلة الضغط حتى فرضوا على رئيس الحكومة نواف سلام إصدار تعميم ينهي الشروط والمعايير الخاصة بإعطاء تعويض المثابرة الواردة في تعميم سابق صادر عن رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي. يشير تعميم سلام إلى أنّ «تعويض المثابرة اقتضته ظروف استثنائية في حينه، ولم تعد قائمة حالياً» وكأنّ رئيس الحكومة يعتبر أنّ مفاعيل الانهيار النقدي والمصرفي لم تعد قائمة وأن الرواتب عادت إلى قيمتها قبل عام 2019. رغم هذه الملاحظات، اعتبر موظفو الإدارة التعميم انتصاراً لأنّه أزال القيود التي فرضت عليهم لاستحقاق بدلات المثابرة.

وفيما كان يمكن للحكومة إزالة شروط استحقاق بدلات المثابرة دفعةً واحدةً لجميع قطاعات الموظفين، إلا أنها فضلت اعتماد «التقسيط» على دفعات لإلهاء الموظفين عن القضية الأهم، وهي تعديل الرواتب. فالإهمال الحكومي دفع الأساتذة إلى المطالبة بمساواتهم بموظفي الإدارة العامة لجهة بدلات النقل، إذ يستحق الموظف الإداري مبلغاً قيمته 450 ألف ليرة عن كلّ يوم حضور، فيما يستحق الأستاذ ثمن 5 ليرات بنزين عن كلّ يوم حضور، أي ما قيمته 365 ألف ليرة بحسب سعر صفيحة البنزين اليوم. أما المفاجئ، فكان قول الوزير جابر إنّه «لا يعلم بهذا الأمر» بحسب ما نقلته روابط التعليم في اجتماعها معه.

يفاوض الموظفون
الحكومة بالمفرق
ما يعطي فئات ثم يدفع
فئات أخرى نحو التصعيد

وفي هذا السياق، يفاوض الموظفون الحكومة بـ«المفرق». فالأساتذة يطالبون بـ«فصل تقديماتهم عن تقديمات موظفي القطاع العام، ومضاعفة رواتبهم 37 مرّة بشكل منفصل»، وهذا ما طالبوا به صراحةً وزير المال ووزيرة التربية ريما كرامي في اجتماعهم الأخير معهما. أما موظفو الإدارة العامة، فيطالبون بإقرار تعديل في سلسلة الرتب والرواتب من دون تقديم أيّ مشروع، ما يبقي مشروع مجلس الخدمة المدنية الذي يضاعف أساس الراتب بشكل متدرّج ولمدّة 5 سنوات، ليصل في نهاية عام 2030 إلى 42 ضعفاً لما كان عليه عام 2019. ويذكر هنا أنّ الموظف في القطاع العام يتقاضى اليوم راتباً مضاعفاً 13 مرّة عما كان عليه عام 2019.

ويشير مندوب وزارة المال في تجمع الموظفين حسن وهبي إلى «عدم الرضى عن مشروع مجلس الخدمة المدنية». لأن الملاحظات عليه كثيرة، وأهمّها أنّ «هذا المشروع سيعيد إلى الرواتب 75% من قيمتها في عام 2019، ولكن بعد 5 سنوات، والآن يتقاضى الموظف تقديمات يصل مجمل قيمتها إلى 50% من قيمة الراتب عام 2019». لذا، لا يرى وهبي في انتظار 5 سنوات للحصول على نسبة 25% إضافية على قيمة الرواتب أمراً مجدياً، بل يصفه بـ«تضييع الوقت». بالتالي، يشير نقابيون إلى أنّ «الفرصة المعطاة للحكومة لتحسين تقديمات موظفي القطاع العام ليست مفتوحة، إذ ستعود التحركات المطلبية بقوة مطلع العام المقبل»، وهذا ما يؤكّده وهبي أيضاً، مشيراً إلى حاجة الموظفين إلى حلول سريعة لأوضاعهم المعيشية.

ثلاث سنوات على «اتفاق بكين» | إيران – السعودية: الصدْع الاستراتيجي باقٍ

طهران | تشهد العلاقات الإيرانية – السعودية، التي استؤنفت في آذار 2023 بعد قطيعة دامت سبع سنوات، استقراراً نسبيّاً، رغم الظروف المتأزمّة في المنطقة منذ ما يزيد على عامَين، واختلاف مقاربة كلّ من الجانبَين حيالها؛ وهو استقرار يمكن عزوه إلى المراقبة المستمرّة التي تمارسها الصين، بوصفها راعية المصالحة. وفي هذا الإطار، عُقد الاجتماع المشترك الثالث بين طهران والرياض وبكين، في العاصمة الإيرانية أول أمس، على مستوى المساعدين السياسيين لوزراء خارجية البلدان الثلاثة: مجيد تخت روانجي عن الجانب الإيراني، ووليد الخريجي عن الجانب السعودي، ومياو ديف عن الجانب الصيني، مع ارتقاب عقد الاجتماع الرابع المشترك في بكين.
ويكتسي الحفاظ على الاستقرار في الشرق الأوسط – لا سيّما بين قوّتَيه الكبريَين إيران والسعودية – أهميّة حيوية بالنسبة إلى الصين، خصوصاً لجهة أمن الطاقة ومبادرة «الحزام والطريق»؛ إذ سعت بكين عبر رعايتها «حُسن النيّات» بين الطرفين، إلى ضمان مصالحها الاقتصادية والجيوسياسية طويلة الأمد، في إطار مبدأ التزام الحياد. ولعلّ ممّا يهمّها أيضاً، ألّا تفشل في المرّات القليلة التي اضطلعت فيها بدور في الأزمات السياسية للشرق الأوسط. ووفقاً لما جاء في محضر اجتماع طهران الثلاثي، فقد «أكّد الطرفان الإيراني والسعودي التزامهما بتنفيذ مجمل اتفاق بكين والسعي المستمر إلى ترسيخ علاقات الجوار بين البلدَين عن طريق الالتزام بميثاق الأمم المتحدة وميثاق منظمة التعاون الإسلامي والقوانين الدولية بما فيها احترام سيادة البلدين ووحدة أراضيهما واستقلالهما وأمنهما»، فيما «رحّب البلدان باستمرار الدور الإيجابي لجمهورية الصين الشعبية وأهمية المتابعة التي تقوم بها لتنفيذ اتفاق بكين». وورد في المحضر كذلك، تأكيد بكين «استعدادها لمواصلة دعم الخطوات التي اتّخذتها الجمهورية الإسلامية الإيرانية والمملكة العربية السعودية لتوسيع علاقاتهما في المجالات المختلفة». كما «رحّبت البلدان الثلاثة بالتطوّر المستمر للعلاقات الإيرانية – السعودية، والفرص المتاحة للتواصل المباشر بين البلدَين على جميع المستويات والقطاعات، واعتبرت هذا التواصل واللقاءات المتبادلة بين كبار مسؤولي البلدين، لا سيّما في ضوء التصعيد القائم والمتزايد في المنطقة والذي يتهدّد أمنها وأمن العالم، بأنهما ذات أهمية». ودعت الدول الثلاث، إلى جانب ما تقدّم، إلى «الوقف الفوري للاعتداءات الإسرائيلية على فلسطين ولبنان وسوريا، وندّدت بالعدوان على الجمهورية الإسلامية الإيرانية وانتهاك سيادتها وسلامة ترابها».

أوجه الاشتراك لا تكفي لجسر الهوّة الاستراتيجية بين إيران والسعودية

ومنذ توقيع الاتفاق التاريخي بينهما، تمضي العلاقات الإيرانية – السعودية في مسار مليء بالتقلّبات والصعود والهبوط، فيما تُعدّ إعادة فتح السفارتَين واستئناف الرحلات الجوّية المباشرة وتشكيل اللجان الاقتصادية والأمنية المشتركة والمشاركة في المؤتمرات الإقليمية، من الإنجازات الملموسة للاتفاق. ومع ذلك، فإنّ مسار بناء الثقة لا يمكن أن يكتمل في ظلّ استمرار وجود قضايا جوهرية تخصّ العلاقات الثنائية، من دون حلّ. فمن جهة إيران، تتمثّل أولويّتها في خفض الضغط الإقليمي وإيجاد التوازن في البيئة الجيوسياسية للخليج؛ خصوصاً أنّ طهران، وفي ظلّ تنافسها مع أميركا وإسرائيل وبعض الشركاء العرب، تحتاج إلى مناخ للتنفّس الديبلوماسي في العالم العربي، في سبيل تقليص العداء الموجّه ضدّها. وفي هذا السياق، تسعى إيران إلى الدخول في حوار أمني مع السعودية حول الخليج وأمن الطاقة واستقرار سوق النفط، وأيضاً العمل على بناء جبهة موحّدة – ولو كلامياً – في مواجهة إسرائيل.
في المقابل، فإنّ السعودية، وبعد تجربة عقدَين من التصعيد والقوى بالوكالة، تضطلع برؤية أكثر براغماتية. فقد أوصلت الأضرار التي تعرّضت إليها البنية التحتية النفطية لـ«أرامكو» عام 2019، والنفقات الأمنية الباهظة، الرياض إلى نتيجة مفادها بأنه من غير الممكن احتواء طهران من طريق المواجهة، بل عبر التواصل.

مع هذا، فإنّ أوجه الاشتراك – بما في ذلك القلق المشترك من التطرّف وعدم الاستقرار في الخليج – لا تكفي لجسر الهوّة الاستراتيجية، التي يتقدّم ملفاتها تباين رؤى البلدَين تجاه النفوذ الإقليمي، وملف اليمن والأزمة السورية والوضع اللبناني والعلاقات مع إسرائيل، والتي تشكّل كلّها معاً العوامل الرئيسة لـ«التحفّظ المتبادل».
وإذ سعت السعودية إلى الإبقاء على نفسها بعيدة من المشاريع الإسرائيلية المعادية لإيران، لكنها لم تعدّل موقفها من تزايد نفوذ محور المقاومة، لا بل إنها تشكّل جزءاً من حملة الضغط عليه. وأحد الأمثلة على ذلك، مواكبتها لأميركا وإسرائيل في خطّة نزع سلاح «حزب الله» في لبنان، في حين أنّ إيران تعتبر علاقاتها مع مجموعات المقاومة، جزءاً من عمقها الأيديولوجي والاستراتيجي، وهي لا تُظهر أيّ استعداد لتقييده في إطار المصالح التكتيكية.
لكن إيران والسعودية، ورغم كل الاعتبارات والخلافات التاريخية، تقفان اليوم عند نقطة أساسية مشتركة: إدراك ضرورة إدارة التنافس بدلاً من تصعيده. ومع ذلك، لا يزال من المبكر الحديث عن انخراط الطرفين في تعاون ثنائي استراتيجي واقتصادي وسياسي وأمني معمّق.

اللواء:

واشنطن تُصغي «إلى الصوت الشيعي» وتطالب الحكومة بإعلان حصر السلاح جنوب الليطاني

سلام: استمرار الانتهاكات يقوِّض جهود الحكومة.. و«اليونيفيل» تدعو الجيش الإسرائيلي لوقف استهداف جنودها

تتجه الانظار الى يومي الخميس في 18 الجاري والجمعة في 19 منه لمعرفة المسار المفضي الى توفير ارضية قوية متلازمة ما بين اعلان منطقة جنوبي الليطاني منطقة خالية من السلاح، عبر موقف رسمي للحكومة اللبنانية، كما يطالب الجانب الاميركي، مما يعني ان الامر العسكري والسيادي بات حصراً من مهام الجيش اللبناني..وضرورة اطلاق مسار تفاوضي يسمح في نهاية المطاف بوقف الاعتداءات الاسرائيلية، وفي الوقت نفسه اخلاء النقاط الخمس واطلاق الاسرى اللبنانيين، فضلاً عن السماح باعادة اعمار المناطق المدمرة في قرى الحافة الامامية.

فالخميس المقبل، يُعقد في باريس اجتماع تمهيدي يضم ممثلين للبنان وباريس والرياض وواشنطن، يدرس التحضير لمؤتمر دعم الجيش اللبناني المتوقع الشهر المقبل، ويمكن ان يشارك فيه قائد الجيش اللبناني العماد رودولف هيكل، الذي سيضع امام المجتمعين الانجازات العملية مع التفاصيل لخطة حصر سلاح حزب الله، وحاجات المؤسسة العسكرية لاستكمالها.
ويُعقد الاجتماع الثاني للميكانيزم الاسبوع المقبل، بعد ضم مدنيَّين أحدهما السفير سيمون كرم، الذي يعكف على اعداد ورقة يقدمها للاجتماع، وعن اسرائيل يوريو زينك، الموظف في مكتب نتنياهو.
ويجري رهان على وضع امور التفاوض على السكة، على الرغم مما اعتبره السفير الاميركي في بيروت ميشال عيسى ان اسرائيل تفصل ما بين التفاوض والعمليات العسكرية.
وسط ذلك، انهى الموفد الفرنسي جان إيف لودريان زيارة بيروت وسط معلومات عن دعوته الى تسريع موضوعي الاصلاحات وحصرية السلاح جنوب وشمال نهر الليطاني،وهما امران يعيقان عقد مؤتمر دعم الجيش اللبناني، فيما كانت في عين التينة محطة اميركية بلقاء الرئيس نبيه بري مع السفير الأميركي في لبنان ميشال عيسى، برفقة رئيس مجموعة العمل الأميركية من أجل لبنان إدوارد غبريال وعدد من أعضاء الكونغرس الذين سيجولون على القوى اللبنانية السياسية. ونقلوا رسالة من الكونغرس مماثلة للرسالة الفرنسية حول الاصلاح وحصرية السلاح تحت طائلة وقف الدعم الاقتصادي وقروض البند الدولي كما قالت بعض المصادر لكن غير المؤكدة رسمياً. وسط استمرار الاعتداءات الاسرائيلية امس في الجنوب بغارات وهمية ورمايات بمقبلات واسلحة رشاشة على بعض القرى، و تحليق للطيران الحربي الإسرائيلي على ارتفاع منخفض جدا فوق سهل البقاع وفي محيط السلسلة الشرقية.
والتقى لودريان امس، مع نائب رئيس مجلس النواب النائب الياس بوصعب، وتمت مناقشة الاوضاع الراهنة والتهديدات الاسرائيلية المستمرة وإمكانية إيجاد حلول جدية لتفادي التصعيد. والتقى رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل في مركز الحزب، وعقد لقاء في قصر الصنوبر مع النائبين فؤاد مخزومي وميشال معوض، بحضور السفير الفرنسي هيرفي ماغرو، وأُفيد انه رحب خلال لقاءاته في لبنان «بتكليف سيمون كرم للمشاركة في اجتماع الميكانيزم إلا انه أكد أن الدول المراقبة لا ترى أن ذلك كافٍ من أجل إبعاد شبح التصعيد عن لبنان، والمطلوب نزع سلاح حزب الله».

وقال مخزومي بعد لقاء لودريان:«عرضنا للأوضاع العامة والمستجدّات في لبنان والمنطقة. ناقشنا آلية عمل لجنة الميكانيزم وتطوّرات هذا الملف، وتمّ التشديد على ضرورة الالتزام بالقرارات الدولية، خصوصاً القرار 1701 بما يضمن بسط سلطة الدولة ونزع سلاح حزب الله وجميع الميليشيات من على كل الاراضي اللبنانية. وتمّ التشديد أيضاً على خطورة الاقتصاد النقدي (الكاش) وضرورة مكافحته بشكل عاجل لما يشكّله من تهديد للاستقرار المالي والإصلاحي. كما تطرّقنا إلى ملف ترسيم الحدود.
كما قال الجميل: قال انّ الاجتماع كان مهمًا جدًا لناحية أننا في مرحلة مفصلية قد تأخذ البلد الى مرحلة سلام واستقرار وننتقل الى مرحلة من الأمل في المستقبل او قد يعود لبنان ويدفع ثمن تلكوئه عن تحقيق السيادة.
وفي عين التينة قال عيسى لبرّي «انّ هدف زيارة الوفد الاميركي هو الاستماع إليك، للمساعدة في معالجة الملفات، سيما أن بعض المعطيات تُفهم بشكل خاطئ حول الوضع اللبناني، ولذلك يفضل الاستماع اليك مباشرة تفادياً للأخبار المغلوطة». ولفت عيسى بعد انتهاء اللقاء إلى أن «اسرائيل تفرِّق بين المفاوضات مع الحكومة اللبنانية وحربها ضد حزب الله وما يحصل هو محاولة للتوصل الى حل». وأكد أن «المساعدات للجيش اللبناني مستمرة»، مشيراً إلى أن «زيارة قائد الجيش إلى واشنطن ستحصل ولكن لا موعد محدداً، ولهيكل رسالة إلى الولايات المتحدة الأميركية من الأفضل أن ينقلها مباشرة»، واعتبر ان «على ان حزب الله ان يقوم بواجباته وهو يعرفها».
وزار الوفد الاميركي رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع ، في معراب. وبعد اللقاء الذي دام ساعة ونصف ساعة وصف غابريال الاجتماع بالمثمر، حيث تم البحث «مطولاً في نظرة واشنطن إلى لبنان وإلى التحديات التي تواجه العلاقة مع الولايات المتحدة، ليس على مستوى الإدارة الأميركية وحسب بل على مستوى الكونغرس.
على ان الاخطر ما اعلنه ممثل الولايات المتحدة الاميركية لدى الامم المتحدة السفير مايك والتز من ان «حزب الله يعيد بناء نفسه، وقد قمت بجولة على الحدود وشاهدت نشاط الجيش اللبناني»، واشار في حديث للقناة 12 الاسرائيلية: «لإسرائيل دائماً الحق في الدفاع عن نفسها».

سلام: تواصل انتهاك إسرائيل سيادة لبنان يؤدي إلى عدم الاستقرار

واعتبر الرئيس نواف سلام في مقال رأي في صحيفة «فايننشال تايمز» ان لبنان لن ينهض الا بدولة تحصر السلاح بيدها.. وأسند انطلاقة الحكومة الى ركيزتين متلازمتين: السيادة والاصلاح، داعياً الاشقاء والشركاء ان يقفوا مع لبنان للمساعدة على النجاح، متهماً اسرائيل بأنها «تواصل انتهاك سيادة لبنان، واحتجاز مواطنين لبنانيين، واحتلال 5 مواقع على الاقل في الجنوب، وهذه الاجراءات تؤدي الى عدم الاستقرار، وتغذي تجدد الصراعات، وتقويض جهود الحكومة لاستعادة سلطة الدولة.
والى بيروت عاد الرئيس جوزاف عون بعد ظهر امس، برفقة الوفد اللبناني الرسمي، مختتماً زيارته الرسمية الى سلطنة عمان التي استمرت ليومين، وعقد خلالها خلوتين مع السلطان هيثم بن طارق ومحادثات موسعة، حيث اكدت سلطنة عُمان دعمها الكامل «لسيادة لبنان واستقلاله ووحدة أراضيه، ولتعزيز مؤسسات الدولة وعلى رأسها الجيش اللبناني وقوى الأمن الشرعية، وللإصلاحات الاقتصادية والمالية والإدارية التي تقودها القيادة اللبنانية» .
وصدر في ختام الزيارة بيان مشترك، ابرز ما جاء فيه: «استعرض القائدان خلالها العلاقات الثنائية الراسخة، وأكدا عزمهما على توسيع آفاق التعاون والتنسيق في المجالات السياسية والاقتصادية والاستثمارية والمصرفية والسياحية، وفي مجال النقل والخدمات اللوجستية، بما يعود بالنفع على البلدين والشعبين. كما ثمَّن القائدان الدور البنّاء الذي يقوم به ابناء الجالية اللبنانية المقيمة في سلطنة عمان، ووجها بضرورة الإعداد المبكر لعقد أعمال الدورة الأولى للجنة العمانية-اللبنانية المشتركة برئاسة وزيري الخارجية في مسقط، والعمل على توقيع اتفاقيات ومذكرات تفاهم جديدة تسهم في توسيع وتعزيز برامج التعاون الثنائي ودعم التبادل التجاري والثقافي والعلمي، مع إيلاء دور أكبر للقطاع الخاص في استثمار فرص الشراكة والتنمية في شتى المجالات التي تعود بالمنافع المشتركة.
وفي سياق التطورات الإقليمية، أعرب الجانبان عن قلقهما الشديد إزاء استمرار الاعتداءات الإسرائيلية على الأراضي اللبنانية واحتلال الأراضي العربية، وما يشكله ذلك من انتهاك صريح للقرار 1701 ولقرارات الشرعية الدولية. وطالبا بالوقف الفوري لهذه الاعتداءات والانسحاب الكامل من كافة الأراضي اللبنانية والعربية المحتلة، مع دعم الجهود الدولية لمنع التصعيد وتثبيت الاستقرار وتسهيل عودة النازحين وإعادة الإعمار.

وأكد الجانب العماني دعمه الكامل لسيادة لبنان واستقلاله ووحدة أراضيه، ولتعزيز مؤسسات الدولة وعلى رأسها الجيش اللبناني وقوى الأمن الشرعية، وللإصلاحات الاقتصادية والمالية.

مجلس الوزراء غداً: 32 بنداً

حكومياً، يعقد مجلس الوزراء جلسة في السراي الكبير عند الساعة الثالثة من بعد ظهر غد الجمعة، لبحث جدول اعمال من 32 بندا ابرزها: طلب وزارة الزراعة الموافقة على مشروع قانون الغابات والمراعي. وطلب وزارة الدفاع الوطني الموافقة على إبرام مذكرة التفاهم بين حكومة الجمهورية اللبنانية وحكومة المملكة الهولندية حول التعاون في مجال الدفاع. طلب وزارة الخارجية والمغتربين الموافقة على مشروع مرسوم يرمي إلى ترفيع مستشارين في السلك الخارجي من الفئة الثانية إلى الفئة الأولى (السيدين شريل رزق الله معكرون وهادي نديم جابر). طلب وزارة الداخلية والبلديات الإجازة للوزير بإعطاء الموافقة للبلديات واتحادات البلديات باستخدام شرطة وحراس مؤقتين عند الحاجة خلال العام. طلب وزارة الداخلية والبلديات الموافقة على تشكيل هيئة الإشراف على الإنتخابات وتحديد التعويض الشهري للرئيس وللأعضاء وتأمين اعتماداتها. طلب وزارة المالية الموافقة على منع شحنات الخردة الآتية من سوريا إلى لبنان بغية إعادة تصديرها من المرافيء اللبنانية. طلب مجلس الإنماء والإعمار الموافقة على تكليفه تقديم طلبي تمويل باسم الحكومة اللبنانية إلى كل من الصندوق العربي للإنماء الإقتصادي والاجتماعي لتمويل مشروع تطوير شبكة النقل الكهربائي والوكالة الفرنسية للتنمية (AFD) وللمساهمة في تمويل مشروع الدعم الطارىء للبنان.اضافة الى شؤون وظيفية عادية وطلبات تشغيل للوزارات، مشاريع مراسيم ترمي إلى قبول الهبات المقدمة من جهات مختلفة لصالح الوزارات والإدارات وإعفائها من الرسوم الجمركية والمرفئية. المشاركة في مؤتمرات وإجتماعات تعقد في الخارج على نفقة الإدارة أو على حساب الجهة الداعية.

سفير إيران: رجِّي لا يعبِّر عن موقف حكومته

دبلوماسياً، تفاعل السجال الدبلوماسي بين لبنان وايران على خلفية اعتذار وزير الخارجية يوسف رجي تلبية الدعوة التي وجهها اليه وزير الخارجية الايراني عباس عرقجي في طهران، داعياً للاتفاق على بلد ثالث محايد، نظراً للاوضاع السياسية الصعبة.
ومن القاهرة، اعتبر سفير ايران في مصر ان تصريحات رجي لا تعبر عن رأي الحكومة اللبنانية، معتبراً ان الحوار قائم مع بيروت رغم تصريحات رجي.

«اليونيفيل» تطالب الجيش الإسرائيلي بوقف الهجوم على جنودها

وفي تطور ميداني بالغ الخطورة، اعلنت «اليونيفيل» ان دورية لجنودها مع الآليات تعرضت لإطلاق نار من الجيش الاسرائيلي من دبابة ميركافا عند محاذاة الخط الازرق، قرب منطقة سرده.
وجاء في البيان ان القوات الاسرائيلية اطلقت دفعة واحدة من 10 رشقات من اسلحة رشاشة، اطلقت فوق الدورية، تلتها دفعات اخرى من 10 رشقات بالقرب منها.. وكشفت ان الجنود الدوليين والدبابة الاسرائيلية كانوا داخل الاراضي اللبنانية.
واعتبرت اليونيفيل ان الهجوم على قوات حفظ السلام او بالقرب منها يعد انتهاكاً خطيراً لقرار مجلس الامن الدولي رقم 1701، ودعت الجيش الاسرائيلي للتوقف عن السلوك العدواني والهجمات على اليونيفيل او بالقرب منها، وهي تعمل على اعادة بناء الاستقرار على طول الخط الازرق.

دمشق: لا ارتياح لنتائج الاجتماع القضائي

لم يحصل تقدم في مهمة الوفد القضائي اللبناني الى دمشق للبحث في موضوع الموقوفين السوريين.
وحسب مصدر سوري فإن دمشق تعتبر ان لبنان لا يتعامل بالجدية والحزم اللازمين لحسم ملف المعتقلين السوريين في السجون اللبنانية وهناك اصرار على توجيه تهم جزائية لبعض الموقوفين رغم تقديمنا ادلة تثبت عكس ذلك.

توقيف الشخص المسؤول عن هنغار شاتيلا

وفي خطوة امنية بالغة التأثير على الاستقرار، اوقف الجيش اللبناني الشخص الذي كان يدير «هنغارات شاتيلا»، واعلنت قيادة الجيش – مديرية التوجيه، انه تم توقيف المطلوب (ح.ن.) الملقب بـ«حسن جرافة» الذي كان يدير «هنغار شاتيلا»، بعد عملية رصد وتعقّب، وهو أحد أخطر المطلوبين لارتكابه عدة جرائم: تأليف عصابة مسلحة للاتجار بالأسلحة الحربية والمخدرات وتعاطيها، إطلاق النار على دورية تابعة للجيش ورمي رمانة يدوية نحو عناصر الدورية، افتعال إشكالات، فرض خوات، السلب بقوة السلاح، سرقة دراجات نارية. وضبطت في حوزته مسدسَين حربيَّين، وكمية كبيرة من المخدرات والمسروقات. سُلّمت المضبوطات وبوشر التحقيق مع الموقوف بإشراف القضاء المختص».
وليلاً، اطلقت اسرائيل عبر الاسلحة الرشاشة رشقات نارية باتجاه بلدة كفرشوبا من موقعها في رويسات العلم.

البناء:

الكونغرس يضع سورية تحت الرقابة لـ 4 سنوات… وترامب يسخن جبهة فنزويلا
تركيا تعلن مشاركتها في قوة غزة ونتنياهو يعلن تراجع مسار التفاوض مع سورية
فضيحة في قانون الفجوة المالية يفجرها ممثل نقابة المحامين عن حقوق المودعين

كتب المحرر السياسي

أقر مجلس النواب الأميركي قانون موازنة الدفاع الأميركية بتوافق الحزبين الجمهوري والديمقراطي، وقد تضمن القانون فصلاً خاصاً عن العقوبات على سورية المفروضة بموجب القانون المعروف بقانون قيصر، لكن النص الذي تم إقراره وتضمنه قانون موازنة الدفاع الأميركية، لا يتضمن إلغاء العقوبات بالشكل الذي كان يتمناه الحكم الجديد في سورية، ومن كان يسعى داخل أميركا أو خارجها لتمريره، حيث نص القانون على إخضاع الحكم الجديد إلى مراقبة مشددة على ثلاثة مستويات، الأول هو جدّية مغادرة معسكر التنظيمات الإرهابية ودرجة الانخراط في الحرب على تنظيم داعش بعدما انضمّ الحكم الجديد إلى تحالف محاربة داعش الذي تقوده واشنطن، والثاني هو درجة النجاح بضمان أمن الأقليات خصوصاً بعد مجازر الساحل والسويداء، وإثبات الأهلية للحكم في بلد متعدد طائفياً وعرقياً، والثالث هو إثبات القدرة على ضمان أمن دول الجوار السوري عبر الحدود السورية وخصوصاً أمن «إسرائيل»، والتوصل إلى تفاهمات مع هذه الدول وخصوصاً «إسرائيل» لتحقيق الاستقرار عبر الحدود، ونص القانون على أن تجديد العمل برفع العقوبات يتحقق كل ستة شهور بموجب تقارير يجب أن يقدّمها البيت الأبيض للكونغرس حول درجة أداء الحكم الجديد في سورية في المسارات الثلاثة طيلة أربع سنوات، ترفع بنهايتها العقوبات نهائياً إذا التزم الحكم الجديد بالشروط المطلوبة.
بالتزامن مع صدور القانون كان رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو يعلن تراجع لمسار التفاوض مع سورية، وتضاؤل فرص التوصل إلى اتفاق، بينما يستعدّ نتنياهو للسفر إلى واشنطن، ويقوم بإعداد ملفاته وبينها مسارات التفاوض مع سورية، التي يحمل مسؤولية التراجع على مسارها للمبعوث الأميركي توماس برّاك الذي وصفه بالسفير التركي، انطلاقاً من مفهوم نتنياهو لمستقبل سورية بعيداً عن النفوذ التركي، ومنع تركيا من إقامة أي منشآت عسكرية نوعية في سورية، وإبقاء الأجواء السورية مباحة للطيران الإسرائيلي.
واشنطن التي تستعد للبدء بترجمة مفهومها الجديد للأمن القومي الذي يقوم على التراجع من الانخراط في التزامات دولية كانت عنوان الاستراتيجيات السابقة، نحو اعتبار القارة الأميركية المدى الحيويّ للأمن القومي الأميركي الجديد، وكانت أولى الترجمات ما شهدته سواحل فنزويلا من تصعيد عسكري أميركي تمثل باحتجاز ناقلة نفط فنزويلية، ما أثار مناخات من التوتر في المنطقة، وقلقاً من تطور الأمور نحو عمل عسكري أميركي كبير يستهدف فنزويلا التي يتحدث قادتها وعلى رأسهم الرئيس نيكولاس مادورو عن الاستعداد لمواجهة أسوأ الاحتمالات.
في لبنان، والاعتداءات الإسرائيلية متواصلة، حطت رحال جولة السفير الأميركي ميشال عيسى برفقة مجموعة العمل الأميركية لأجل لبنان في عين التينة واستمعت كما قال السفير الأميركي بعد اللقاء إلى رؤية رئيس مجلس النواب نبيه بري، داعياً إلى عدم الحكم على مسار التفاوض من الجلسة الأولى، مؤكداً مواصلة واشنطن دعم الجيش اللبناني.
في لبنان أيضا كشف ممثل نقابة المحامين في لجنة وضع مشروع قانون الفجوة المالية علي زبيب عن فضيحة تمثلت بإرسال المشروع من دون عرضه على اللجنة ودون الأخذ بالملاحظات التي وضعها لضمان حقوق المودعين، وقال زبيب «تم عقد عدد من الاجتماعات خلال شهري أيلول وتشرين الأول وقد أبديت موقفي الإعتراضي الواضح تجاه عدد من الأفكار والبنود في الصياغات الأولية، وخاصة التي تمس بحقوق المودعين، على سبيل المثال لا الحصر التفرقة بين المودعين واستثناء صناديق النقابات ورد الودائع الكبيرة بصيغة سندات لمدة طويلة جداً دون أي فوائد ودون الضمانة الكافية للسداد، والضريبة الاستثنائية دون المحاسبة وغيرها، كما كان لي دور في إدخال تعديلات تهدف لحماية المودعين»، وأضاف «توقفت عن المشاركة في الاجتماعات وعلقت عضويتي في اللجنة منذ حوالي الشهر أي في أول أسبوع من تشرين الثاني، بانتظار استلامي النسخة النهائية للتعليق عليها، وقد اكتشفت مؤخرا أن مسودة النسخة الأخيرة قد أصبحت في عهدة حاكم المصرف المركزي ووزير المال بمشاركة من قبل رئيس الحكومة ووزير الاقتصاد من أجل إصدار نسخة جاهزة لتقديمها إلى الحكومة، دون إطلاعي عليها، مما شكل إقصاء واضحاً لدوري ومواقفي التي كانت صارمة وتقنية في الوقت ذاته، مع العلم بأن النسخة المسرّبة غير النهائية قد تضمنت عدداً كبيراً من البنود التي أبديت اعتراضي عليها».

وفيما تعجّ الساحة الداخلية بالوفود الدبلوماسية الأميركية والأوروبية والعربية حاملة الرسائل والنصائح للدولة اللبنانية، حطّ رئيس مجموعة العمل الأميركية من أجل لبنان إدوارد غبريال وعدد من أعضاء الكونغرس في لبنان للإطلاع عن كثب من المرجعيات الرئاسية والقيادات السياسية على حقيقة الوضع في لبنان ولنقل الأجواء إلى الإدارة الأميركية في واشنطن.
وزار الوفد برفقة السفير الأميركي في لبنان ميشال عيسى رئيس مجلس النواب نبيه برّي، في عين التينة، وخلال اللقاء، وبحسب معلومات صحافية، قال عيسى لبرّي «إنّ هدف الزيارة هو الاستماع إليك، للمساعدة في معالجة الملفات، لا سيما أن بعض المعطيات تُفهم بشكل خاطئ حول الوضع اللبناني، ولذلك يفضل الاستماع إليك مباشرة تفادياً للأخبار المغلوطة».
ولفت عيسى بعد انتهاء اللقاء إلى أن «»إسرائيل» تفرّق بين المفاوضات مع الحكومة اللبنانية وحربها ضدّ حزب الله وما يحصل هو محاولة للتوصل إلى حل». وأكد أنّ «المساعدات للجيش اللبناني مستمرة»، مشيراً إلى أنّ «زيارة قائد الجيش إلى واشنطن ستحصل ولكن لا موعد محدداً، ولهيكل رسالة إلى الولايات المتحدة الأميركية من الأفضل أن تكون مباشرة»، واعتبر أن «على حزب الله ان يقوم بواجباته وهو يعرفها».
وأفادت قناة «الجديد»، بأنّ «الوفد الأميركي المتمثل بمجموعة العمل الأميركية من أجل لبنان، حمل رسالة تحذيرية في زيارته إلى بيروت مفادها أنّ لبنان سيخسر الاهتمام الأميركي في حال لم يقم بما هو مطلوب منه، من حصر السلاح إلى إقرار الإصلاحات الاقتصادية قبل نهاية العام الحالي».
ولفتت إلى أن «الوفد حمل إنذاراً اقتصادياً إصلاحياً لإقرار القوانين الإصلاحية، وإلا خسارة الدعم الأميركي في أكثر من مجال، ومن ضمنها القروض الأربعة المقدّمة من البنك الدولي والتي تبلغ قيمتها نحو مليار دولار».
ولفتت أوساط دبلوماسية مطلعة على جولات المسؤولين الأميركيين إلى بيروت لـ»البناء» إلى أنّ «الأميركيين مهتمون جداً بلبنان على كافة الصعد لا سيما الوضع على الحدود الجنوبية ويريدون إنهاء الصراع وعدم تكرار الحرب الأخيرة بين لبنان و»إسرائيل» ويعملون على تغليب لغة الدبلوماسية على لغة الحرب لمنح فرصة لإعادة الاستقرار والازدهار والاستثمارات في لبنان وإسرائيل والمنطقة»، لذلك فإنّ «الاهتمام الأميركي سيتفاعل مطلع العام وستكون هناك خطوات عملية على هذه الصعد، ولبنان أمام فرصة تاريخية للخروج من مستنقع أزماته، وبحال لم يستجب للمطالب فإنه سيفقد الاهتمام الأميركي وستتدهور الأوضاع أكثر على كافة المستويات».
وزار وفد منظمة «أميركان تاسك فورس فور ليبانون» ATFL برئاسة إدوارد غابريال رئيس حزب القوات سمير جعجع، في معراب. وبعد اللقاء الذي دام ساعة ونصف الساعة وصف غابريال الاجتماع بالمثمر، حيث تمّ البحث «مطولاً في نظرة واشنطن إلى لبنان وإلى التحديات التي تواجه العلاقة مع الولايات المتحدة، ليس على مستوى الإدارة الأميركية وحسب بل على مستوى الكونغرس». كما سيلتقي الوفد رئيس الحكومة نواف سلام وقائد الجيش العماد ردولف هيكل.
في موازاة ذلك، واصل الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان جولته على القيادات اللبنانيّة، والتقى في ساحة النجمة نائب رئيس مجلس النواب النائب الياس بوصعب وتمّت مناقشة الأوضاع الراهنة والتهديدات الإسرائيلية المستمرة وإمكانية إيجاد حلول جدّية لتفادي التصعيد. وفي قصر الصنوبر اجتمع مع النائبين ميشال معوض وفؤاد مخزومي. وإذ أفيدَ بأنه «رحب خلال لقاءاته في لبنان بتكليف سيمون كرم للمشاركة في اجتماع «الميكانيزم» إلا انه أكد أنّ الدول المراقبة لا ترى أنّ ذلك كافٍ من أجل إبعاد شبح التصعيد عن لبنان والمطلوب نزع سلاح حزب الله».
ووفق معلومات «البناء» فإنّ «لودريان شدّد خلال جولته على المسؤولين اللبنانين على ثلاثة ملفات: الأول مسألة معالجة سلاح حزب الله وتطبيق القرار 1701 واتفاق 27 تشرين الثاني من الجانبين اللبناني والإسرائيلي، والثاني استكمال الإصلاحات المالية والاقتصادية التي تمهّد الطريق لمؤتمر الدعم المالي الدولي الذي تسعى فرنسا لعقده في باريس والذي لم تنضج ظروفه بعد، والنقطة الثالثة إجراء الانتخابات النيابية في موعدها مع ضرورة الاتفاق على قانون الانتخاب ويسعى الفرنسيون وفق المعلومات أن تقدم الحكومة اللبنانية خطوات حثيثة على صعيد الملفات الثلاثة قبل الاجتماع المزمع عقده في باريس الذي يضمّ إلى جانب ممثل لبنان، فرنسا والولايات المتحدة والسعودية».
على صعيد آخر، بعد انتهاء جلسة لجنة المال والموازنة، دعا عضو كتلة «التحرير والتنمية» النائب علي حسن خليل خلال مؤتمر صحافي مشترك مع النائب حسن فضل الله في مجلس النواب، الحكومة إلى أن «تقوم بما هو مطلوب منها لجهة إصدار القرار المنظِّم لإعادة الترميم والإعمار، وهذا الأمر تأخّر، ومع الأسف وُضع على جدول أعمال مجلس الوزراء مرّتين. ونأمل في الجلسة المقبلة أن يتم إقراره ليعرف كلّ الناس حقوقهم وواجباتهم».
بدوره قال فضل الله: «صحيح أن من مسؤولية الحكومة أن توفر الاعتمادات الضرورية لإعادة الإعمار، ولكن المجلس النيابي اليوم أطلق عملياً الخطوة الأولى الميدانية لورشة إعادة الإعمار، وإنْ كان بمبالغ أولية تشمل قضايا محورية للمواطن، سواء بالإيواء أو بالترميم الإنشائيّ أو بالقضايا المُلحة، ولكن بالتأكيد هذه تبلسم بعض الجراح».
وأضاف: «أثبتنا اليوم ومن داخل الموازنة ودون أن نمسّ بتوازن هذه الموازنة، أنه لدينا قدرة على أن نقول للمواطن اللبناني المتضرر، إنّ هناك مَن يقف إلى جانبه، وإنه غير متروك، وإنّ هذه القضية هي محورية بالنسبة لنا، وموقفنا ككتلتين من كلّ الموازنة مبنيّ على مقاربتها لهذه القضية الوطنية التي تحمل عنوان إعادة الإعمار وتثبيت أبناء الجنوب في أرضهم، خصوصاً في القرى المواجهة للمستوطنات الشمالية، والتي يريد العدوّ أن يحوّلها إلى منطقة عازلة».
إلى ذلك، واصل وزير الخارجية يوسف رجي، «بهلواناته الدبلوماسية» على حدّ وصف أكثر من دبلوماسي لبناني سابق، وأعلن اعتذاره عن عدم قبول الدعوة لزيارة طهران راهناً في ظلّ الظروف الحالية. وأوضح أنّ اعتذاره عن تلبية الدعوة لا يعني رفضاً للنقاش، إنما الأجواء المؤاتية غير متوفرة.
وجدّد رجي دعوة عراقجي لعقد لقاء في دولة ثالثة محايدة يتم التوافق عليها، معرباً عن كامل الاستعداد لإرساء عهٍد جديد من العلاقات البنّاءة بين لبنان وإيران شريطة أن تكون قائمة حصراً على الاحترام المتبادل والمطلق لاستقلال وسيادة كلّ بلد وعدم التدخل في شؤونه الداخلية بأي شكلٍ من الأشكال وتحت أي ذريعة كانت. وتساءل أحد الدبلوماسيين السابقين: هل إيران أصبحت عدواً بنظر الوزير القواتي لكي يرفض زيارتها أو الاجتماع مع وزير خارجيتها على أرض إيرانيّة؟ ولماذا يصرّ رجي على التصرف كوزير قواتي وفي حكومة «القوات» لا كوزير لبنانيّ وفي الحكومة اللبنانية؟ ورأى الدبلوماسي السابق أن رجي يبتدع سوابق غير مألوفة في تاريخ الدبلوماسية في لبنان والعلاقات الدولية.
على صعيد العلاقة اللبنانية – السورية، أشار نائب رئيس الحكومة طارق متري، في تصريح تلفزيوني إلى أنّ «الاجتماع الثالث للجنة المشتركة بين لبنان وسورية حول التعاون القضائي لمعالجة السجناء السوريين في لبنان انعقد في دمشق، ولم يكن هناك أيّ أمر استثنائي في الاجتماع، وكان غنياً بالأفكار».
وأعلن أنه «تمّ الاتفاق على أن يضع الجانب السوري ملاحظاته بشأن مسودة لبنانية، ونحن سوف نعدّلها في ضوء هذه الملاحظات، وأثق بأنه في الاجتماع المقبل سيكون هناك تقدم»، وشدّد متري على أنه يجب رفع العقبة بشأن السجناء عبر التعاون بين البلدين، مؤكداً «أننا نبحث عن سند قانوني لحل هذه المسألة».
وسجّلت قضية إخفاء الإمام موسى الصدر ورفيقيه تطوّرات جديدة، حيث عقدت لجنة المتابعة الرسمية للقضية مؤتمراً صحافياً في نقابة الصحافة في بيروت بحضور حشدٍ من الشخصيات السياسية والقانونية والإعلامية.
وكشف خلاله مقرّر اللجنة القاضي حسن الشامي أن العديد من فحوصات الحمض النووي أُجريت في أهمّ مختبرات العالم، وأثبتت جميعها أنّ العيّنات لا تعود للإمام الصدر ولا للشيخ محمد يعقوب ولا للصحافي عباس بدر الدين، ما يؤكد أنّ المطالبة بتحرير الإمام ورفيقيه هي مطلب حق.
وأشار الشامي إلى أنّ اللجنة زارت ليبيا ست مرات، كما زارها الليبيون مرات عديدة، موضحاً أنه جرى لقاء قضاة النيابة العامة وشهود ومشتبه بهم في دول ثالثة. وكشف أنه تمّ لقاء كلّ أركان النظام السابق باستثناء عبد السلام جلود، لافتاً إلى أنّ أغلب من جرى التواصل معهم رفضوا الإفصاح عن معلومات تقود إلى معرفة مكان وجود الإمام ورفيقيه، لأنهم لا يريدون إدانة معمر القذافي.
بدوره كشف نجل الإمام صدر الدين الصدر، أن جميع المعطيات والمعلومات والتحقيقات تقاطعت على نفي فرضية الاغتيال الفوريّ التي جرى تداولها لأهداف معروفة، وأشار الصدر إلى أنّ المتابعات والتحقيقات والمعلومات المتقاطعة أكدت انتقال الإمام من مكان احتجاز إلى آخر حتّى عام 2011 على الأقل.
وانتقد الصدرُ الإفراجَ عن هنيبعل القذافي، معتبراً أنّ هذا الإفراج ليس إلا انعكاس بارز للخلل في سير العدالة، وأضاف: هذا الإفراج هو صفقة سياسية مشبوهة، فيما قضية الإمام الصدر وأخويه فوق كلّ المساومات والصفقات، رافضاً من جهة ثانية الحديث عن فرض تطبيع اقتصادي أو إعلامي أو حتّى دبلوماسي مع ليبيا، متسائلاً عن الصمت الحكومي في لبنان وعن استقبال رئيس الحكومة لهنيبعل القذافي وهو مُخلًى سبيله.

المصدر: صحف