الإثنين   
   03 11 2025   
   12 جمادى الأولى 1447   
   بيروت 23:50

عراقجي: طهران مستعدة للحرب أكثر من أي وقت والعدو يدرك أن ردنا سيكون مدمراً

أكد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي أن بلاده أصبحت أكثر استعداداً للحرب من أي وقت مضى، مشدداً على أن طهران لا تثق بوعود الأميركيين لكنها مستعدة لمفاوضات عادلة تضمن مصالح جميع الأطراف دون المساس بحقوقها النووية.

وجاءت تصريحات عراقجي خلال مشاركته في برنامج “المقابلة” عبر قناة الجزيرة، حيث تناول الحرب الأخيرة بين إيران والكيان الإسرائيلي، والملف النووي الإيراني، والعلاقة المعقدة مع الغرب، ومسيرته الدبلوماسية التي امتدت لأكثر من ثلاثة عقود.

وأوضح أن الحرب الأخيرة التي استمرت 12 يوماً أثبتت قدرة إيران على مواجهة مباشرة مع الكيان الإسرائيلي، واعتبرها اختباراً حقيقياً للصواريخ الإيرانية وأنظمتها الدفاعية. وأضاف: “إيران اكتسبت من تلك المواجهة خبرة عسكرية وفنية نوعية، وأثبتت فعلياً فعالية صواريخها في المعارك الحقيقية، وأكدت أن منظومات الدفاع الإسرائيلية يمكن اختراقها”.

وأشار عراقجي إلى أن الاستعدادات العسكرية الإيرانية بلغت مستويات غير مسبوقة، معرباً عن قناعته بأن “الكيان الإسرائيلي لن يجرؤ على شن حرب جديدة، لإدراكه أن الرد الإيراني سيكون مدمراً”. ولفت إلى أن طهران تتعامل مع كل الاحتمالات بجدية، وتضع في اعتبارها وقوع أي سلوك عدواني من الكيان الإسرائيلي.

وبشأن الهجوم الإسرائيلي على المنشآت النووية الإيرانية، أكد عراقجي أن العملية لم تحقق أهدافها، مشيراً إلى أن “المواد النووية لا تزال في أماكنها تحت أنقاض المنشآت التي قصفت”، رغم اعترافه بتكبد بلاده خسائر مادية وتقنية، لكنه شدد على أن إيران “لم تفقد المعرفة والخبرة” وأن البرنامج النووي “لا يزال قائماً وقادراً على النهوض مجدداً”.

وعن حق إيران في تخصيب اليورانيوم، أوضح أنه “ما لم يُنتزع بالحرب لن يُمنح بالسياسة”، ووصف تفعيل الدول الأوروبية لآلية الزناد ضد بلاده بأنه إجراء غير قانوني ويفتقر لإجماع دولي، مؤكداً أن إيران لن توقف تخصيب اليورانيوم تحت أي ظرف باعتباره حقاً سيادياً لا يقبل المساومة.

وفيما يخص المفاوضات النووية، جدد وزير الخارجية الإيراني استعداد بلاده للحوار من أجل تبديد أية مخاوف تتعلق ببرنامجها النووي، شرط أن تكون المفاوضات عادلة ومتوازنة. ورأى أن هناك إمكانية للتوصل إلى اتفاق منصف، متهماً الولايات المتحدة بفرض “شروط تعجيزية غير مقبولة”، ومشيراً إلى أنها انسحبت من اتفاق عام 2015 وافتعلت الأزمة الحالية.

وأوضح عراقجي أن إيران لا ترغب في مفاوضات مباشرة مع الأميركيين، لكنها لا تمانع في الحوار غير المباشر عبر وسطاء دوليين. وأضاف: “الكرة ليست في ملعب إيران، بل في ملعب واشنطن التي لم تستفد من أخطائها السابقة”، معتبراً أن “سياسة الضغط الأقصى فشلت تماماً، وأي عودة إلى طاولة المفاوضات يجب أن تقوم على أساس الاحترام المتبادل”.

وأكد عراقجي رفض بلاده لأي تفاوض حول برنامجها الصاروخي، وقال: “لا دولة عاقلة تقبل بنزع سلاحها الدفاعي”، مشدداً على أن إيران لن تسمح لأي طرف بفرض شروطها عليها فيما يتعلق بأمنها القومي، وأن البرنامج الصاروخي جزء أساسي من منظومة الردع التي تحمي سيادة البلاد.

وانتقد عراقجي ما وصفه بازدواجية المعايير في المواقف الأوروبية، مضيفاً أن أوروبا “تسير خلف الولايات المتحدة رغم معرفتها بأن الضغط على إيران لم يحقق نتائج”، كما اتهم الأوروبيين بالتخلف عن تنفيذ التزاماتهم تجاه خطة العمل الشاملة المشتركة، وأكد أن الثقة في التزامهم مستقبلاً قد تراجعت بشكل كبير.

وفي حديثه عن قرار مجلس الأمن رقم 2231 الذي انتهى في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أوضح أن انتهاء القرار يعفي إيران من القيود المفروضة على برنامجها النووي، وأنها أصبحت تعمل ضمن إطار القانون الدولي دون وصاية خارجية.

وأضاف عراقجي أن “الكيان الإسرائيلي يعيش أزمة وجودية حقيقية”، مؤكداً أن الحرب الأخيرة أبانت هشاشته العسكرية والسياسية، مشدداً على أن إيران لا تبحث عن الحرب لكنها مستعدة لها، وأن “الردع يمثل أفضل وسيلة لتجنب الصدام، وإذا فرضت الحرب فلن تكون أبداً في صالح إسرائيل”.

ورأى وزير الخارجية الإيراني أن الكيان الإسرائيلي “لم يكن ليبدأ الحرب دون ضوء أخضر أميركي”، مشيراً إلى أن بعض القوى الغربية “ما زالت تراهن على إضعاف إيران عبر العقوبات والتهديد”، لكنه أكد أن طهران باتت “أقوى وأكثر تماسكا سياسياً واقتصادياً رغم كل الضغوط”.

وخلال الحلقة، استعرض عراقجي تجربته الطويلة في مفاوضات الملف النووي، قائلاً إن السياسة “ليست معركة كسر عظم بل ساحة لاختبار الصبر والدبلوماسية”. وأشار إلى ذكريات بداياته في العمل الدبلوماسي، حيث التحق بوزارة الخارجية بعد الثورة بسنوات قليلة، وعمل مساعداً في الوفد الإيراني لدى الأمم المتحدة، ثم سفيراً لبلاده في طوكيو، قبل أن يتولى رئاسة لجنة المفاوضات النووية في عهد الرئيس حسن روحاني.

وأكد عراقجي أن العمل في الميدان الدبلوماسي خلال العقود الماضية “كشف له الوجه الحقيقي للسياسة الدولية”، مضيفاً أن القوى الكبرى “لا تبحث عن العدالة بل المصالح”، مشيراً إلى أن الدول المستقلة يجب أن تعتمد على قوتها الذاتية لفرض احترامها على الدول الأخرى.

ونوه وزير خارجية إيران إلى أن العقوبات لم تُضعف بلاده، بل دفعتها إلى الاعتماد على إمكانياتها الذاتية في قطاعات الصناعة والطاقة والبحث العلمي، مؤكداً أن إيران تجاوزت مرحلة التبعية الاقتصادية، وأصبحت تمتلك مقومات الصمود الطويل في مواجهة الضغوط الغربية.

وعبّر عراقجي عن قناعته بأن “المستقبل سيكون لصوت الشعوب وليس لصوت القوة”، مؤكداً أن إيران ستظل منفتحة على الحوار، لكنها “لن ترضخ للابتزاز أو التهديد”، وأنها اليوم “أكثر استعداداً للحرب، وأكثر ثقة بقدرتها على حماية مصالحها من أي عدوان محتمل”.

المصدر: وكالة مهر