الثلاثاء   
   28 10 2025   
   6 جمادى الأولى 1447   
   بيروت 15:52

الإعصار “ميليسا” العنيف يودي بحياة ثلاثة أشخاص في جامايكا ويهدد بفيضانات كارثية

ضرب الإعصار “ميليسا”، الذي يُعد من أعنف الأعاصير في تاريخ جامايكا، البلاد قبل أن يبلغ اليابسة رسمياً الثلاثاء، متسبباً بمقتل ثلاثة أشخاص، وسط توقعات بحدوث فيضانات وانهيارات أرضية كارثية تلقي بظلالها على سكان المنطقة.

وفي التفاصيل، تصنف السلطات الإعصار “ميليسا” ضمن الفئة الخامسة، وهي الأعلى على مقياس شدة الأعاصير، إذ ترافقه رياح تصل سرعتها إلى 280 كيلومتراً في الساعة. وقد أسفر عن مقتل ثلاثة أشخاص في جامايكا، وثلاثة آخرين في هايتي، بالإضافة إلى شخص واحد في جمهورية الدومينيكان.

ومع تصاعد المخاطر، ناشد المركز الوطني الأميركي للأعاصير السكان ضرورة البقاء في منازلهم، منعاً لأي تعرض للعواصف العاتية “المهددة للحياة”، محذراً من امكانية وقوع دمار مشابه لما خلفه إعصاري “ماريا” في بورتوريكو عام 2017 و”كاترينا” في نيو أورلينز عام 2005.

من جانبها، أفادت السلطات المحلية الاثنين بأن ثلاثة أشخاص فقدوا حياتهم أثناء التحضير لمواجهة العاصفة، إذ كانوا يقطعون أغصان أشجار على سلالم استعداداً لوصول الإعصار. ويُشار إلى أنه في حال استمرار شدة “ميليسا”، فإن ذلك قد يجعله الأعنف منذ بدء عمليات الرصد والتتبع المناخي في جامايكا.

وتعليقاً على خطورة الأوضاع، حذر رئيس الوزراء أندرو هولنس من أن الإعصار قد يُحدث أضراراً جسيمة، خاصة في غرب البلاد؛ فقد صرّح لمحطة “سي إن إن” قائلاً: “لا أعتقد أن أي منشأة في هذه المنطقة يمكنها الصمود أمام إعصار من الفئة الخامسة، لذلك قد تكون هناك أضرار جسيمة”، داعياً في الوقت نفسه السكان إلى إخلاء المناطق المعرضة للخطر.

ورغم ذلك، يرفض عدد كبير من المواطنين الانصياع لتوصيات الإخلاء، إذ توضح جنيفر رامديال، العاملة في صيد السمك، لوكالة فرانس برس من بورت رويال قرب العاصمة كينغستون: “ببساطة لا أريد المغادرة”. فيما يؤكد روي براون، السباك وعامل البلاط: “حتى لو كان الإعصار من الفئة السادسة، فلن أغادر”، رغم أن مقياس سافير-سمبسون يتوقف عند الفئة الخامسة.

وعلى صعيد آخر، يرجع امتناع البعض عن الإخلاء إلى تجاربهم السابقة في الملاجئ المخصصة للأعاصير التي وفرتها السلطات، حيث أشار عدد منهم إلى عدم رغبتهم في ترك منازلهم لهذا السبب.
وقد لوحظ انتشار مقاطع فيديو مصنوعة بتقنيات الذكاء الاصطناعي عبر مواقع التواصل، تروّج لصورة تقلل من خطورة الإعصار، وتظهر السكان وهم يحتفلون أو يمارسون الرياضة المائية. وقد علّقت وزيرة الإعلام، دانا ديكسون، مؤكدة أن عدداً كبيراً منها “مزيّف”.

أما في سانت توماس شرق البلاد، فقد لجأ نحو ستين شخصاً إلى مدرسة ابتدائية بحثاً عن المأوى، بينما أشار رئيس الوزراء إلى أنه تم فتح 881 ملجأ في أنحاء الجزيرة التي يبلغ عدد سكانها 2.8 مليون نسمة.

ولا تزال آثار الإعصار متواصلة في منطقة الكاريبي، حيث تسبب أيضاً بمقتل أربعة أشخاص على الأقل في هايتي وجمهورية الدومينيكان.

وفي جامايكا، يحذر مدير المركز الوطني الأميركي للأعاصير، مايكل برينان، من أن المياه قد تغمر المناطق الساحلية حتى ارتفاع أربعة أمتار، ما ينذر بفيضانات تهدد طول الساحل الجنوبي وأمطار غزيرة في المناطق الداخلية.

وقد شدد برينان، مساء الاثنين، على ضرورة أن يتواجد الجميع في أماكن آمنة حتى تمر العاصفة. من جهتها، أفادت مسؤولة التواصل في الصليب الأحمر في جامايكا، إستر بينوك، بأن الأمطار بدأت بالهطول مع رياح قوية، مشيرة إلى تفاقم الأوضاع ساعة بعد أخرى.

وبالنظر إلى التحولات المناخية، تزداد المخاوف نتيجة تقدم الإعصار ببطء شديد، بسرعة لا تتجاوز 4 كيلومترات في الساعة، ما يسبب استمرار الأمطار الغزيرة والرياح العاتية. كما تشير بينوك إلى أن التربة مشبعة بالمياه بسبب الأمطار السابقة، الأمر الذي يرفع من احتمالية وقوع الانهيارات الأرضية.

وفي سياق التحليل العلمي، يرى عالم المناخ دانيال غيلفورد أن ظاهرة التغير المناخي تضاعف “مختلف الجوانب الأكثر خطورة لإعصار ميليسا”، مبيناً أن هذا الحدث يتسبب بهطول أمطار وفيضانات ساحلية بشكل أكبر مما كان عليه الحال في عالم دون تغير مناخي.

وجدير بالذكر أن آخر إعصار كبير ضرب جامايكا كان “غيلبرت” في سبتمبر 1988، وأسفر حينها عن مقتل 40 شخصاً وإلحاق أضرار بالغة بالبلاد.

ومع اقتراب الإعصار “ميليسا”، تتخذ السلطات تدابير وقائية حديثة، شملت إغلاق الموانئ والمطار الدولي؛ كما أن من المتوقع أن يصل الإعصار إلى كوبا صباح الأربعاء، وقد شرعت السلطات هناك بإغلاق المدارس وإجلاء السكان، إلا أن انقطاع التيار الكهربائي يعرقل وصول رسائل التحذير بشكل فعال.

وبينما يتجه الإعصار شمالاً، يُحتمل أن يضرب جنوب جزر الباهاماس وأرخبيل جزر توركس وكايكوس، وهو مقاطعة بريطانية.

المصدر: أ.ف.ب.