دخلت الحكومة الأميركية، يوم الأربعاء، في حالة إغلاق، ما أثار نقاشاً واسعاً في الأسواق العالمية، حيث يسعى المستثمرون إلى تقييم التداعيات المحتملة على الاقتصاد الكلي.
وعلى الرغم من أن الإغلاقات الحكومية غالباً ما يكون تأثيرها محدوداً على أسواق المال، إلا أن توقيت الأزمة الحالية يزيد من خطورتها. فبيانات الوظائف الأميركية، التي كان مقرراً نشرها الجمعة، ستتأخر بسبب الإغلاق، ما يفاقم حالة الغموض أمام الاحتياطي الفدرالي قبل أسابيع قليلة من اجتماعه المقبل. كما أن الرئيس دونالد ترامب هدّد باستخدام الإغلاق وسيلة لتنفيذ «الكثير» من عمليات خفض الوظائف في القطاع العام.
ومع غياب مؤشرات على قرب التوصل إلى اتفاق، يبقى من غير الواضح مدى طول أمد هذا الجمود الذي يبقي المكاتب الفدرالية مغلقة. وكانت الولايات المتحدة قد شهدت، خلال الولاية الأولى لترامب، أطول إغلاق جزئي في تاريخها.
شهدت الأصول الأميركية عالية المخاطر تذبذباً ملحوظاً يوم الأربعاء، في حين صعد الذهب – الذي يُنظر إليه عادة كملاذ آمن في أوقات الاضطراب – ليسجل للمرة الـ39 هذا العام مستوى قياسياً جديداً.
أما الأسهم الأوروبية فارتفعت بشكل طفيف بعد بداية متواضعة، فيما جاءت تداولات الأسواق الآسيوية متباينة. وعلى صعيد السندات، تراجع العائد على سندات الخزانة الأميركية لأجل 10 سنوات بمقدار 4 نقاط أساس، متأثراً بانخفاض مفاجئ في وظائف القطاع الخاص، في حين تباطأت وتيرة الارتفاع في عوائد السندات الأوروبية.
يرى محللون أن الإغلاق يعكس «حالة خلل» في الولايات المتحدة، وقد يدفع المستثمرين للبحث عن أسواق بديلة. وقال خبراء اقتصاديون إن الأزمة تفاقم المخاوف المرتبطة بمصداقية المؤسسات الأميركية والوضع المالي وحالة «الشلل» السياسي، مشيرين إلى أن الفدرالي، باعتباره المؤسسة الأساسية لأسواق رأس المال العالمية، يواجه ضغوطاً متزايدة، خصوصاً على العوائد طويلة الأجل.
في المقابل، شدد آخرون على أن الأسواق قادرة على تجاوز الأزمة، معتبرين أن تأثيرها سيكون في الغالب قصير الأمد، إلا إذا استمر الإغلاق لفترة طويلة واقترب من المستوى القياسي الذي سُجل عام 2018-2019.
توقّع خبراء أن يؤدي استمرار الإغلاق إلى تراجع قيمة الدولار، ما قد يدعم تدفقات رؤوس الأموال نحو اليورو والين. كما أن عمليات تسريح جماعية محتملة للموظفين الفدراليين قد تُحدث آثاراً غير مباشرة على الصناعات الأوروبية، ولا سيما قطاع السيارات الألماني الذي يعتمد على الطلب الأميركي.
بحسب محللين في بنك الاستثمار السويسري «يو بي إس»، فإن الإغلاقات الحكومية كانت تاريخياً محدودة الأثر على الأسواق، ولم تتسبب إلا في تقلبات طفيفة وقصيرة المدى. ورجّح البنك أن يمضي الاحتياطي الفدرالي قدماً في خفض الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في اجتماعه المقرر في 29 أكتوبر/تشرين الأول، رغم تأخر البيانات الاقتصادية الرسمية.
ونصح البنك المستثمرين بالتركيز على العوامل الأخرى المؤثرة في الأسواق، مثل سياسة التيسير النقدي المستمرة للفدرالي، وقوة أرباح الشركات، والإنفاق المتزايد في مجالات التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي.
المصدر: مواقع