ضياء أبو طعام – ذوالفقار ضاهر
دعونا نتخيل المشهد: سكرتير البيت الأبيض في واشنطن يدخل مكتب الرئيس الأميركي ليعرض عليه جدول الأعمال اليومي، ومن ضمنه: الساعة ٨:٣٥ بتوقيت بيروت – خطاب لأمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله، فالخطاب يأتي بعد ساعات فقط من بدء زيارة بايدن إلى المنطقة، ومن مكتب البيت الأبيض سوف تصدر تعاميم المتابعة ورفع التقديرات لكل من وزارة الخارجية ووزارة الحرب والسفارة الأميركية في بيروت.
إلى بروكسل حيث مقري الاتحاد الأوروبي والناتو: تكليف المترجمين في نفس التوقيت لتزويد قادة أوروبا بمواقف السيد نصر الله التي قد تتضمن اشارات بشأن ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وفلسطين المحتلة لحسم اتجاه معضلة تصدير الغاز من حقل كاريش.
تل أبيب، الساعة ٨:٣٥ سيخيم الصمت على كل دوائرها السياسية والأمنية والاقتصادية. سيجلسون كأن على رؤوسهم الطير للاستماع إلى الخطاب الأول للسيد نصر الله بعد واقعة الطائرات المسيّرة فوق حقل كاريش.
القصور والدواوين الملكية والرئاسية في ٩ دول عربية من المتوقع أنها ستشارك في قمة جدة يوم الجمعة المقبل، سينشغل المستشارون بتدوين النقاط، فربما حمل الخطاب ما يمكن أن يعدل في جدول أعمال قمتهم مع الرئيس الأميركي.
بكل واقعية هكذا هو المشهد اليوم. إذ سيطل الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله اليوم الأربعاء في خطاب يكتسب أهمية خاصة، فهو يأتي بلحظة دقيقة وحساسة لا سيما في المسائل الاقليمية والدولية التي تشهد تحولات كبرى تتعلق بمدى استمرار السيطرة الاميركية والغربية عالميا، وفي ظل ما تعانيه أوروبا جراء العملية الروسية في اوكرانيا، ناهيك عن العجز على فرض هيمنة الكيان الاسرائيلي المؤقت على المنطقة على الرغم من الدعم الاميركي والغربي له، وما يرافقه من تشبيك وتعزيز العلاقات الاسرائيلية مع بعض الانظمة العربية لا سيما الخليجية.
وهنا تطرح تساؤلات عديدة حول ما يمكن أن يحمله خطاب السيد نصر الله في هذه الظروف بالتحديد وما يمكن ان يبحثه من مسائل ترتبط بالواقع وفرض معادلات تؤثر على مستقل المنطقة والعالم، خاصة ان هناك مؤشرات عديدة وتحليلات كثيرة تتحدث وتظهر وجود إرهاصات لحصول تحولات كبرى في المنطقة والعالم، ما يدفع للاعتقاد ان السيد نصر الله سيعقّب على العديد من الملفات والاحداث التي تحدث حاليا.
وخطاب السيد نصر الله، وإن تزامن مع الذكرى السنوية الـ16 لحرب تموز 2006 وما يمكن ان تحمله هذه المناسبة من رسائل على تثبيت معادلات الردع للعدو الاسرائيلي، إلا ان توضيح مكتب العلاقات الاعلامية في حزب الله أن خطاب الأمين العام هو للتعليق على آخر المستجدات السياسية، دفع لتعزيز القناعة بأن الخطاب يشكل محطة أبعد من كلام في ذكرى سنوية لمناسبة على أهميتها كحرب تموز.
فالخطاب يأتي التزامن مع وصول الرئيس الاميركي جو بايدن الذي يعقد لقاءاته الرسمية الخميس في كيان الاحتلال الاسرائيلي على وقع ارتدادات رسائل مسيرات المقاومة الاسلامية التي حلقت فوق حقل “كاريش” النفطي، قبل ان ينتقل بايدن الجمعة من “اسرائيل” الى السعودية مع كل ما يحمله ذلك من رمزية عن العلاقات المفترضة بين تل أبيب والرياض وما قيل عن إمكانية إنشاء “حلف” عسكري وأمني وسياسي يستهدف محور المقاومة وعلى رأسه إيران.
وخطاب السيد نصر الله يأتي بعد أيام من إرسال المقاومة للمسيّرات وما تبعه ذلك من مواقف دولية وإقليمية ودولية، خاصة فيما يتعلق بالخوف الاسرائيلي من قدرات المقاومة، هذا الخوف الذي كان إحد أبرز نماذجه الشكوى الاسرائيلية للادارة الاميركية من المسيرات، ومن ثم شكوى واشنطن للسلطات اللبنانية عبر السفيرة في لبنان دوروثي شيا.
من كل ذلك فالخطاب اليوم سيكون محط أنظار مختلف دوائر القرار ووسائل الاعلام في العالم والمنطقة، خصوصاً – وهنا نستذكر حرب تموز ٢٠٠٦ – أن سماحة الأمين العام هو سيد المفاجآت التي تغير المسارات، فلربما كانت لعبارات الخطاب اليوم تأثيرات ليس على معادلات الردع فقط، وإنما على مسارات السياسة والأمن والاستثمارات في البحر المتوسط.
يبقى ان ننتظر الكلام الفصل عند الإطلالة المنتظرة للسيد نصر الله عند الساعة الثامنة والدقيقة الخامسة والثلاثين على شاشة قناة المنار، والتي سيواكبها الموقع الالكتروني مباشرة بلغاته الأربعة. وبالتالي فليس على قادة القرار في العالم إلا أن يضبطوا ساعاتهم على هذا التوقيت ليعرفوا كيف ستسير الأمور.
المصدر: موقع المنار