أكد نائب رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله الشيخ علي دعموش أن “المعركة الانتخابية في 15 أيار المقبل ستكون بين نهجيْن: نهج يريد حماية البلد وبناء الدولة ووقف الانهيار، ولديه مشروع كامل لذلك، ويستند إلى تجربة نظيفة وصادقة في العمل السياسي والوطني، وفي مقدّمة من يعتمد هذا النهج هو حزب الله”، مضيفًا أن هناك “نهجًا آخر لا يملك سوى شعارات وعناوين غير واقعية تستهدف قوة لبنان ومقاومته، وليس لديه برنامج انتخابي أو مشروع لإنقاذ البلد، بل همه ومشروعه إلغاء المقاومة وسحب سلاحها استرضاء لأميركا والغرب ولبعض الدول العربية واستدراج دعمها المالي، وفي مقدمة من يعتمد هذا النهج أزلام السفارات ومن يعيش اليوم على موائدها”.
ولفت الشيخ دعموش في خطبة الجمعة، إلى أن “أصحاب النهج الآخر يراهنون من خلال حملات التحريض وبث الأكاذيب وتوزيع المال الانتخابي على تغيير المزاج الشعبي واختراق بيئة المقاومة وإبعاد الناس عن خياراتها”، وقال: “فاتهم أن ما يراهنون عليه جربوه في استحقاقات سابقة وفشلوا، وخابت رهاناتهم واصطدموا بصلابة وثبات أهلنا وازدياد شعبية المقاومة”.
وقال الشيخ دعموش: “في 15 أيار سيُثبت أهلنا كما في كل استحقاق، أنهم أكرم الناس وأوفى الناس للمقاومة، وأنهم أهلٌ لتحمل المسؤولية في هذا الاستحقاق الوطني”.
نص الخطبة
نبارك لولي أمر المسلمين ولعموم المؤمنين والموالين الذكرى العطرة لولادة الإمام الثاني من أئمة أهل البيت(ع) الإمام الحسن بن علي بن أبي طالب(ع) الذي ولد في الخامس عشر من شهر رمضان في السنة الثالثة من الهجرة في المدينة المنورة، وكان أول مولود لفاطمة وعلي (عليهما السلام) وأول حفيد لرسول الله (ص).
يقول الله تعالى: {وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ {.
وروي عن الإمام الحسن المجتبى (ع) أنه سئل مَا اَلْحِلْمُ؟ فَقَالَ(ع): (كَظْمُ اَلْغَيْظِ وَمِلْكُ اَلنَّفْسِ).
الحلم يعني ان بترفع الانسان عن الإساءات والاستفزازات التي تواجهه بالأناة والهدوء وبضبط الأعصاب والسيطرة على النفس والتحكم بالانفعال والغضب ابتغاء وجه الله.
وهذا الضبط الإرادي يعطى الحليم الفرصة للتفكير الهادئ والتمهل والتثبت في الامور قبل القيام باي رد فعل على الاساءات او الإهانات او الشتائم او غير ذلك.
ان لم تكن حليما فتحلم، خاصة في شهر رمضان حيث إن النفس الانسانية بسبب الجوع والتعب وضغوط الحياة تكون مستنفرة فربما ادنى شي يستفزها ويجعلها تغضب وتنفعل، فلا بد من التحكم والسيطرة على الانفعالات وضبط النفس.
وفي علاقات الإنسان العائلية، ومع زملائه، وفي الحياة العامة، يحتاج الإنسان إلى التدرّب على التحكم بأعصابه تجاه الاستفزازات، وتجاه ما يزعجه، ولا ينبغي للإنسان أن يترك ثورة الغضب تنفجر داخل نفسه، فقد ورد عن علي (ع): اَلْغَضَبُ شَرٌّ إِنْ أَطَعْتَهُ دَمَّرَ)
وكم رأينا حوادث مرّة دفع أصحابها ثمنًا باهظًا، بسبب هيجان ثورة الغضب في نفوسهم، تجاه مواقف لا تستحقّ ذلك، كالخلاف على موقف سيارة أو سماع كلمة نابية
عندما نتأمل في بعض آيات القرآن الكريم التى تعالج الحلم نجد أنها تذكره كصفة لله (عز وجل) ثم لأنبيائه (ع) وأنها تقرنه غالبًا بالمغفرة والعفو.
يقول تعالى: { لاَّ يُؤَاخِذُكُمُ اللّهُ بِاللَّغْوِ فِى أَيْمَانِكُمْ وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ } .ويقول تعالى::{اعلّموا أّن اللَّه غّفور حّلٌيم}. وفي اية ثالثة:{ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لأوَّاهٌ حَلِيمٌ }.
وفى القران الكريم مدح وثناء وتقدير كبير للحلماء والكاظمين الغيظوالذين يغفرون عند الغضب {وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} { وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ } .
وقد ورد فى الروايات العديد من الأحاديث التى تحث على التحلي بصفة الحلم باعتبارها من الصفات الاخلاقية التي قوة شخصية الانسان وقدرته على التحكم بسلوكه وانفعالاته.
فعن النبى (ص): «ما من جرعة أعظم أجرًا عند الله من جرعة غيظ كظمها عبد ابتغاء وجه الله»
وعنه(ص): «ألا أدلكم على أشدكم؟ قالوا بلى. قال: أملككم لنفسه عند الغضب»
في حديث ثالث: «ليس الشديد بالصرعة، إنما الشديد الذى يملك نفسه عند الغضب».
بعض الناس ربما يفكر انه اذا ضبط اعصابه امام حالات الاستفزاز فهذا ضعف وعجز النبي يقول هذا من علامات القوة لانه يعبر عن قوة الارادة وعن ان الانسان لديه قدرة هائلة على السيطرة على نفسه عند الغضب.
وطبعا ان يمتلك الانسان مثل هذه القدرة ليس بالامر السهل؛ لأنها تتطلب اخلاق عالية وشخصية قوية وإرادة قوية وأعصاب قوية لضبط الانفعال العنيف والشديد.
فاذن الحلم والصفح والعفو من علامات القوة، وليس من علامات الضعف والعجز، قال تعالى: { وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ} اي وَلَمَنْ صَبَرَ } على ما يواجهه من اساءات واخلاق سيئة { وَغَفَرَ } لهم، وغفا عنهم { إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ } أي: لمن الأمور التي يريده الله ويحث الله عليها ويؤكدها
تعظم قيمة الحلم عندما يتحلى بها الانسان وهو قادر على رد الصاع صاعين يعني عندما يملك كل عناصر المواجهة والمقارعة والجدال وافتعال المشاكل ويكون قادرا على ان يفعل ما يشاء ولكنه ينكفأ ويتأنى ويتثبت ويصبرعلى جهل الاخرين كما قال تعالى (واذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما).
احيانا يشمئز الانسان من الرد نتيجة سخافة ما يسمعه وما ينقل اليه ومدى جهل قائله كالكثير من الاكاذيب التي نسمعها اليوم حول المقاومة او حول الشيعة ومناسبتهم وعاداتهم
بالامس احدى المرشحات للانتخابات تقول لبنان بلد الفودكا والعرق المعتق والخمر شو هاي عاشورا وبكاء، يعني جهل ليس بعده جهل.
عندما نأتي الى الإمام الحسن(ع) نجد انه كان صورة مصغرة عن جده رسول الله في العلم والعبادة والأخلاق والكرم وقضاء حوائج الناس والوقوف الى جانب المستضعفين والفقراء والمحتاجين ولذلك استحق ذلك الوسام النبوي من رسول الله (ص) عندما قال له: (لقد أشبهت خلقي وخلقي).
وما كان متوقعًا أن يتجرأ أحد على النيل من الإمام الحسن، أو الإساءة إلى شخصيته العظيمة.
لكننا حين نقرأ سيرة الإمام الحسن وخاصة في المرحلة التي تولى فيها مسؤولية الإمامة بعد أبيه وبالاخص بعد توقيع الصلح مع معاوية نجد أنه واجه الكثير من الإساءات والتجني حتى من اقرب الناس اليه فتجرأوا عليه ونالوا منه، وخاطبوه بأبشع العبارات، ووجهوا له أسوأ الاتّهامات وكان بعضهم من اقرب اصحابه من اولئك الذين لم يفهموا خلفية الصلح وابعاده ومن اولئك الذين تاثروا بالحملة الاعلامية والنفسية المضادة، ولكنه مع ذلك كان قمة في الحلم .
فقد دخل عليه سفيان بن أبي ليلى الهمداني وقال: (السّلام عليك يا مُذلّ المؤمنين)
ودخل عليه بعض أصحابه قائلًا: (يا بن رسول الله، أذللت رقابنا)
واتجاه مثل هذه المواقف كان الإمام يتحلّى بحلم يوازن الجبال، وهي شهادة من أحد خصومه وهو مروان بن الحكم، فقد ورد في الخبر: (لَمَّا أَخرجُوا جَنَازَةَ الحَسَنِ حَمَلَ مَرْوَانُ سَرِيرَهُ، فَقَالَ الحُسَيْنُ: تَحملُ سَرِيْرَهُ! أَمَا وَاللهِ لَقَدْ كُنْتَ تُجَرِّعُهُ الغَيْظَ، قَالَ: كُنْتُ أَفْعَلُ ذَلِكَ بِمَنْ يُوَازِنُ حِلْمُهُ الجِبَالَ).
هذا المستوى العظيم من الحلم، الذي واجه به الإمام الحسن (ع) كلّ تلك الإساءات والاستفزازات، يكشف عن قوة إرادة وعمق وعي وإدراك، كما يدلّ على ثقة الإمام واطمئنانه بمواقفه، وأنه يتفهّم الظروف التي أنتجت المواقف المؤذية له.
إنّ حلم الامام الحسن(ع) هو درس بليغ لنا في ضبط الاعصاب والحلم والصبر على الاذى والاساءات فالإمام بالرغم من عظمة شخصيته وطهره وموقعه ومكانته، لم يكن بمناىء عن الاتهامات والاساءات و السب والشتم والتجريح، فهل نكون نحن اتباعهم بمناىء عن ذلك من الجهله واتباع السفارات ؟
المجاهدون والمصلحون والذين يحملون هموم اوطانهم وشعوبهم ويجاهدون من اجل عزة وكرامة وحرية بلدانهم وشعوبهم، يجب أن يتحمّلوا ما يصيبهم وما يعانونه في سبيل الله، وسبب مواقفهم وتمسكهم بثوابتهم وأن يتخلّقوا بصفة الحلم والترفع عن التجاوزات لكن هذا لا يعني ان لا نبين الحقائق بالطرق العلمية الهادئة وباسلوب منطقي حتى يفهم الناس الحقائق ولا يقعوا تحت تاثيرالحملات السياسية والاعلامية .
اليوم المعركة الانتخابية في ١٥ ايار هي بين نهجين : نهج يريد حماية البلد وبناء الدولة ووقف الانهيار، ولديه مشروع كامل لذلك، ويستند الى تجربة نظيفة وصادقة في العمل السياسي والوطني، وفي مقدّمة من يعتمد هذا النهج حزب الله. ونهج اخر لا يملك سوى شعارات وعناوين غير واقعية تستهدف قوة لبنان ومقاومته، وليس لديه برنامج انتخابي او مشروع لانقاذ البلد، بل همه ومشروعه إلغاء المقاومة وسحب سلاحها استرضاء لاميركا والغرب ولبعض الدول العربية التي لديها مشكلة مع حزب الله واستدراج دعمها المالي وفي مقدمة من يعتمد هذا النهج ازلام السفارات ومن يعيش اليوم على موائدها.
أصحاب النهج الاخر يراهنون من خلال حملات التحريض وبث الاكاذيب وتوزيع المال الانتخابي على تغيير المزاج الشعبي واختراق بيئة المقاومة وإبعاد الناس عن خياراتها، وفاتهم أن ما يراهنون عليه جربوه في استحقاقات سابقة وفشلوا وخابت رهاناتهم واصطدموا بصلابة وثبات أهلنا وازدياد شعبية المقاومة.
المشاركة الواسعة في الانتخابات ورفع نسبة التصويت في الدوائر المختلفة كفيل بانجاح اللوائح التي تعتمد نهج المقاومة وحلفائها ومنع وصول اللوائح المنافسة، بينما الانكفاء او التراخي واللامبالاة او البناء على ان الامور محسومة سيمنح اصحاب النهج المعادي للمقاومة فرصا أكبر للفوز، وهذا ما لا ينبغي ان يحصل، ولذلك نحن ندعو الى أوسع مشاركة في هذا الاستحقاق والتصويت بقوة لتفويت الفرصة على المراهنين على انكفاء الناس عن المشاركة في هذا الاستحقاق المهم والمفصلي.
في ١٥ أيار سيثبت شعبنا كما في كل استحقاق انهم أكرم الناس وأوفى الناس للمقاومة، وانهم أهلٌ لتحمل المسؤولية في هذا الاستحقاق الوطني، وسيشهد العالم مجددا أن قناعتهم بالمقاومة وخياراتها وتحالفاتها ثابتة وراسخة ومستمرة، وان شعبية المقاومة في ازدياد مطرد رغم التحريض وان لا احد يستطيع إلغاء المقاومة او النيل منها ومن جمهورها.