في خطوةٍ تواكبها قناة المنار منذ أيام، يستعد النائب حسن فضل الله لإطلاق كتابه “الفساد… والقضاء” مع ملحقات تفصيلية بالوقائع والوثائق والأرقام، وهذا الكتاب، هو نتاج جهد أكثر من ثلاث سنوات للجنة من حزب الله وأهل الإختصاص، وأثمر عن تكوين 14 ملفاً حول شبهات فساد واضحة، وتم تقديم كامل هذه الملفات الى النيابة العامة المالية منذ أكثر من سنة من قِبل النائب فضل الله باسم كتلة الوفاء للمقاومة، ونتيجة المماطلة في الأداء القضائي، أحال النائب فضل الله نُسخاً عن هذه الملفات الى لجنة الإدارة والعدل النيابية ولكن دون جدوى، ما دفع به الى التقدُّم بدعوى لدى التفتيش القضائي بحق كل قاضٍ لديه أي ملف مهمل في أدراج مكتبه.
قد يتساءل البعض عن جدوى إصدار كتاب من هذا النوع، سيما وأنه سبق للتيار الوطني الحر، أن أصدر منذ سنوات كتاب “الإبراء المستحيل”، الذي كان يتضمّن أيضاً أرقاماً تُدين مَن كانوا في السلطة المالية بالحكومات الحريرية، وقد عمِل تيار المستقبل لاحقاً على الردّ، عبر كتاب “الإفتراء في كتاب الإبراء”، وسادت بعد ذلك حكاية “التسوية الرئاسية” وأن التيار الوطني الحر قد تخلَّى عن اتهاماته مقابل وصول الرئيس ميشال عون الى قصر بعبدا.
ليست المسألة بهذه البساطة التي تناولها بعض البسطاء، أن تحصل تسويات سياسية على حساب انهيار دولة، وليس بكل بساطة “يُدفن الشيخ زنكي” ومعه خزينة وطن ومصير شعب، لأن التيار الوطني الحر أودع كتابه بما يحمل من مخالفات خطيرة، لدى الأجهزة الرقابية والقضاء، تماماً كما فعلت كتلة الوفاء للمقاومة، والتسوية الرئاسية تمَّت بمعزل عن المسار القضائي بحق المُقصِّرين والفاسدين، لا بل لو أن القضاء أنجز مهامه بالسرعة المطلوبة لما حصلت ربما التسوية الرئاسية.
ومن حق المواطن اللبناني المسحوق معيشياً، الإستمرار بالتشكيك حول جدوى كتاب “الفساد …والقضاء”، طالما أنه يرى بأن “الإبراء المستحيل” لو يأتِ بنتيجة حتى الآن ولكن، حتى “ثورة 17 تشرين ” التي رفعت شعار “كلُّن يعني كلُّن” قد أشعلتها ثورة الرئيس ميشال عون وتياره على الفساد ضمن كتاب “الإبراء المستحيل”، مع وجود وقائع جديدة تضمن بأن كتاب “الفساد …والقضاء” سيذهب للنهاية المُرضية لأن الظروف السياسية قد تغيَّرت.
أولاً: انتهى الخوف من فتنة طائفية كان سيُحدثها الإبراء المستحيل، عبر فضح الحكومات الحريرية، لأن كل الحريرية قد انتهت الآن على الساحة السياسية اللبنانية ولم ولن تحصل فتنة لحماية فاسدين.
ثانياً: اللجنة التي أنجزت مضامين كتاب “الفساد…والقضاء”، كانت بإشراف شخصي من السيد حسن نصرالله، وأخذ على عاتقه قبيل انتخابات العام 2018 مسؤولية كشف ملفات الفساد، ولا نعتقد أن السيد نصرالله يضع نفسه في الواجهة لمعالجة أمر وطني وإنساني وأخلاقي، لو لم يكُن واثقاً بتحقيق “النصر” وهو سينتصر.
ثالثاً وأخيراً: المحاكم الأوروبية بدأت بتجميد أرصدة اللبنانيين المشكوك بفسادهم، وفي طليعتهم رياض سلامة الذي لم يعُد خطاً أحمر عند أحد، وهذه المحاكم من حقها القانوني وضع اليد على أصول وأموال وممتلكات الفاسدين اللبنانين على أرضها، وبالتالي سيضيع حق لبنان في الإسترداد، إذا استمر القضاء اللبناني في المماطلة، ولذلك، تحرَّك هذا القضاء مؤخراً ولن يتوقَّف في كشف الفاسدين، كي لا يكون بنظر القضاء الخارجي هو الفاسد الأكبر…
المصدر: جريدة الثبات