تصاعدت الحملة الدعائية للإنتخابات النيابية اللبنانية المقررة في أيار، وكل ما هو ضمن سقف القانون مقبول، بصرف النظر عن الوسائل التي يعتمدها كل مرشَّحٍ وكل كتلة، لكن ما يُميِّز بعض الحملات الإنتخابية هذا العام، أنها بدل الحديث عن برامج واعية واعدة، تُسدِّد على الخصوم بأساليب اعتدناها في بعض وسائل الإعلام دون اقتراح حلول عملية لمشاكل المجتمع والناس.
ويتبادر لأذهاننا سؤال الى كل من أدبروا خوفاً من تحمُّل المسؤولية وعزفوا عن الترشيح، والى كل مَن أعلنوا ترشيحاتهم، فيما برامجهم الإنتخابية تعتمد على التشهير الباطل بالآخرين، رغم أنهم كانوا شركاء في السلطة ونقول: أينكُم وأين كنتم من مسؤولية صُنع القرار في البلد؟ وماذا أنجزتم طالما ان خطابكم الإنتخابي لا يتضمن سوى التجريح ؟ ولتكُن لديكم جرأة مواجهة ناخبيكم بواقعية بدل تسخير الذمم في القدح والذمّ!
نستحضر مثلاً يقول: هناك أشخاص يصنعون الحدث، وأشخاص يساهمون في صناعته، وأشخاص يتفرَّجون على صانعيه، وأشخاص يراهنون على فشل كل حدث، وفي لبنان، الفئة الرابعة هي للأسف موجودة بكثرة، ومطلوب منها ليس فقط الرهان على فشل كل حدث، بل العمل على تقويض كل عمل وطني، بدءاً من حماية الأرض، وصولاً الى تجنيد الطاقات في خدمة المواطن اللبناني، ليتجاوز هذه المحنة المعيشية القاسية التي لا تحميه منها تلك العبارات الإنتخابية الإستعراضية التي بدأت تظهر على لوحات الإعلان بأسلوبٍ أقل ما يُقال فيه أنه دون المستوى.
وقبل توجيه الملامة لكل نائب عزف عن ترشيح نفسه لإنتخابات أيار 2022، ولم يتكرَّم على الناس بتعداد ما أنجز خلال مسيرته النيابية، نتوجَّه الى بعض الكتل النيابية من منطلق مسؤوليتها الأدبية أمام جماهيرها ونسأل: ما هي المسائل التي نجحتم في إنجازها وأين أخفقتم؟ وقد سمعنا تقييم سماحة السيد حسن نصرالله لما قامت به كتلة الوفاء للمقاومة خلال السنوات الأربع الماضية، على المستويين القانوني والتشريعي، خاصة في موضوع مكافحة الفساد، ويبقى على القضاء الذي أودِعَت لديه الملفات الكاملة أن يقوم بواجبه، خاصة أن اللجنة المكلَّفة، سلَّمت هذه الملفات الى النيابة العامة المالية، وأخطرت لجنة الإدارة والعدل النيابية بها ثم أحالت القضية دون التشهير بأحد الى التفتيش القضائي وفق الأصول.
هذا هو العمل النيابي المسؤول الذي يُقنع الناس، والعراقيل التي تُوضع أمام القضاء مسألة أخرى، لكن حسبُ هؤلاء النواب أنهم قاموا بواجبهم الى جانب أهل الإختصاص، وحسب المؤسسة الحزبية التي ينتمون إليها، أنها قامت بالدور الرعائي للناس بصرف النظر عن الموضوع الإنتخابي، هذه الرعاية التي تمثَّلت خصوصاً بإنشاء عشرات أماكن العزل الصحي والمُعالجة من جائحة كورونا، وحاولت قدر الإمكان المساهمة في تخفيف أعباء الأدوية والأغذية والوقود عن الذين قصم الغلاء والإحتكار ظهورهم.
وعليه، ليس الناس بانتظار بون بنزين إنتخابي رغم قساوة أوضاعهم، بل هُم بانتظار الكلام الصادق الواعد، وليرتقِ البعض الى سُدَّة الصراحة المسؤولة واعتماد الأدبيات اللائقة في مخاطبة الناخبين، وعدم بيع الكلام الإعلاني كما السمك في البحر لأن لا أحد يشتري عبر إعلانات كلامية فضفاضة مهما ارتفع صراخ البائعين…
المصدر: خاص