أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أن بلاده ستقدم مساعدة عسكرية لجمهوريتي دونيتسك ولوغانسك وسترسل قوات مسلحة إلى أراضيهما حال تطلبت الضرورة ذلك.
وقال بوتين خلال مؤتمر صحفي عقده اليوم الثلاثاء، إن روسيا كانت مهتمة بتنفيذ اتفاقات مينسك الخاصة بتسوية الأزمة في جنوب شرق أوكرانيا، لافتا إلى أنه كان أحد معدي هذه الوثائق، التي شدد على أنها كانت “نتيجة للتوافق”.
وأعاد إلى الأذهان أن هذه الاتفاقات وقع عليها رئيسا جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك الشعبيتين في حينه، لكن أحدهما، رئيس جمهورية دونيتسك، ألكسندر زاخارتشينكو، قتل عام 2018 بعملية اغتيال نفذتها الاستخبارات الأوكرانية.
وتابع “على الرغم من كل الأمور تم إيجاد توافق، إنه كان حراكا حقيقيا في طريق التسوية السلمية، لكن جرى تصفية كل شيء بجهود السلطات في كييف على مدار السنوات الماضية… تم قتل اتفاقات مينسك قبل وقت طويل من الاعتراف بالجمهوريتين الشعبيتين في دونباس أمس. وتم القيام بذلك من قبل السلطات الحالية في كييف وليس من قبلنا أو ممثلي الجمهوريتين”، موضحاً أن الاعتراف باستقلال جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك من طرف روسيا إجراء ناجم عن التأكيدات العلنية للسلطات الأوكرانية أنها لا تنوي تنفيذ هذه الاتفاقات، موضحا أن روسيا لن تنتظر “استمرارا للإبادة الجماعية بحق نحو 4 ملايين شخص يقيمون في تلك الأراضي ولا يمكن التسامح مع ذلك”.
وشدد على أن الدول الغربية لم تتمكن من دفع الطرف الأوكراني إلى الالتزام باتفاقات مينسك، مؤكدا: “بالطبع، من حيث هذا المعنى باتت اتفاقات مينسك غير موجودة، وكيف يمكن تطبيقها لو اعترفنا باستقلال هذين الكيانين (جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك)”.
وأوضح الرئيس الروسي أن بلاده اعترفت بجمهوريتي دونيتسك ولوغانسك ما يعني الاعتراف بوثائقهما التأسيسية، بما في ذلك الدستوران، اللذان “يرسمان حدود الجمهوريتين في إطار مقاطعتي دونيتسك ولوغانسك في فترة دخولهما إلى قوام أوكرانيا”.
وتابع “لكننا نأمل في أن يتم حل كل القضايا الخلافية خلال مفاوضات بين السلطات الحالية في كييف وإدارتي الجمهوريتين. للأسف نفهم الآن أن ذلك أمر مستحيل لأن الأعمال القتالية هناك لا تزال مستمرة بل تتخذ توجها نحو التصعيد”.
وردا على سؤال حول ما إذا كانت روسيا مستعدة لإرسال قواتها المسلحة إلى دونباس، قال بوتين: “بالطبع، نحن وقعنا أمس على الاتفاقين (حول الصداقة والتعاون والمساعدة المتبادلة) مع جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك، ويشمل الاتفاقان بنودا مناسبة تنص على أننا سنقدم للجمهوريتين مساعدة، بما في ذلك العسكرية”.
وتابع بوتين: “في ظل استمرار النزاع هناك، نؤكد بهذا القرار بوضوح أننا نعتزم تنفيذ الالتزامات التي تحملناها في حال تطلبت الضرورة ذلك”.
وفي إجابة على سؤال آخر أوضح بوتين: “لم أقل إن قواتنا ستتوجه إلى هناك فورا… لا يمكن التنبؤ بأي تطور دقيق للإجراءات المحتملة، هذا يتوقف على الأوضاع المتشكلة على الأرض”.
وفي تطرقه إلى الإجراءات التي يجب اتخاذها من قبل كييف لتسوية التوتر الحالي مع موسكو، أشار بوتين إلى أن هذه القضية تمت مناقشتها مرارا مع الولايات المتحدة والدول الأوروبية، مبينا: “النقطة الأولى التي يجب القيام بها تكمن في الاعتراف بإعراب الناس الذين يقيمون في سيفاستوبل والقرم عن إرادتهم، لماذا الإعراب عن هذه الإرادة أسوأ مما حدث في كوسوفو؟ إنه ليس كذلك، الفارق يكمن في أن القرار هناك تم اتخاذه من قبل البرلمان، وهنا في الاستفتاء الشعبي”.
وأشار إلى أن المشاركين في الاستفتاء صوتوا بشكل طوعي واتخذوا قرارهم للم الشمل مع روسيا، ويجب احترام هذا القرار لأنه تم التوصل إليه في استفتاء وهو “أعلى شكل للديمقراطية”.
وأردف بوتين: “ثانيا، وهذا ما نتحدث عنه علنا ونخوص خلافا حادا بشأنه مع واشنطن والناتو، إننا نعارض بشكل قاطع قبول انضمام أوكرانيا للحلف، لأن هذا الأمر يمثل تهديدا لنا وثمة حجج تؤكد ذلك”.
وأضاف: “ننطلق من أمر يتحدث عنه الكثيرون، بما في ذلك في العواصم الغربية، وهو أن الحل الأفضل لهذه القضية والذي يضمن أن زملاءنا لن يفقدوا ماء وجوههم يتمثل في تخلي السلطات الحالية في كييف بنفسها عن الانضمام إلى الناتو، ما يعني عمليا تطبيق فكرة الحيادية”.
ولفت إلى أن النقطة الثالثة “خسرت حيويتها” وهي كانت تكمن في حل قضية دونباس عن طريق المفاوضات بين دونيتسك ولوغانسك من جهة وكييف من جهة أخرى.
واستطرد بالقول “رابعا، كل ما تم ذكره أعلاه يمكن قلبه في غضون ثانية واحدة في حال قيام ما يسمى بشركائنا الغربيين بضخ السلطات الراهنة في كييف بالأنواع الحديثة من الأسلحة. لهذا السبب تتمثل النقطة الأساسية في نزع عسكرة أوكرانيا الحالية لدرجة معينة، لأن ذلك عامل وحيد يمكن السيطرة عليه موضوعيا مع مراقبته والرد عليه”.
وفي تناوله التصريحات الأخيرة للرئيس الأوكراني، فلاديمير زيلينسكي، حول إمكانية تخلي كييف عن معاهدة بودابيست بشأن إتلاف أسلحتها النووية، قال بوتين إن ظهورها لدى أوكرانيا سيكون تهديدا بالنسبة إلى روسيا.
وأوضح “ظهور حتى أسلحة نووية تكتيكية لدى أوكرانيا سيمثل تهديدا استراتيجيا لنا، ويجب أخذ هذا الأمر بعين الاعتبار”.
وتابع “تمتلك أوكرانيا منذ زمن الاتحاد السوفييتي كفاءات نووية واسعة بما فيه الكفاية، ثمة عدة وحدات نووية، وتم تطوير الصناعية النووية على نطاق واسع وبشكل جيد… يوجد هناك كل شيء لحل هذه القضية بوتيرة أسرع بكثير من الدول التي تقوم بذلك من الصفر”.
المصدر: روسيا اليوم