تعددت اسبابها والنتيجة واحدة وواضحة، هي ازمة لبنان الحالية المعقدة والمرشحة للمزيد من التأزم.. أما النتيجة فيعيشها كل لبناني يوميا وأما الاسباب فبات يعرفها معظمنا وليست حكرا على الخبير والمطلع.
معاناة يومية تتفاقم مع كل تأخر لاعتمادات من مصرف لبنان او عند كل صعود للدولار، والغائب الابرز اموال المودعين كما غابت قبلهم اموال الناس من دافعي الرسوم والضرائب فلم تبنِ دولة ولا انتاجا ولا كهرباء ولا سدودا، والتعداد يطول. وهو البلد الذي ادت السياسات المالية والنقدية والهدر والفساد وتحكُّم سياسات الريع والديون لا تقوية الانتاج والمؤسسات، الى اضعافه وتراكم انهاكه شيئا فشيئا، حتى وصلنا الى ضائقة كبرى وبات رفع الدعم احد الحلول التي يطرحها البعض والتي ستؤثر على ما تبقى من قدرة شرائية.
أما التضليل فكبير ومحاولات التأثير والتغيير في عقول وتفكير الناس فمسعى مكثّف، ومن منظومة اعلامية متكاملة تحرّف الكلام والمقاصد وتشن الحملات ، بل تتهم الاطراف الحريصة على الوطن والمواطن والتي ضحت لبقاء كيان هذا البلد، بالتقصير، بل ان من يسعون للحلول باتوا عند البعض متهمين بالازمة.
نعم في لبنان حصار ، وفي لبنان تتضاعف آثار هذا الحصار جراء وجود منظومة فساد أمكَن استغلالها، بل ان بعضا من اركانها كان مرعيا من واشنطن لسنوات.. الحصار الاقتصادي والنقدي يأتي ايضا استغلالا للتحكم بالنظام البنكي العالمي مما يساعد الاميركيين في مسعاهم بالضغط والتضييق. والأسباب يدركها اولاً من يؤمن ان واشنطن لم تكن حريصة يوما على شعب ومصلحته، فهل نظرت الى مأساة شعب ومعاناة وجوع جراء حرب وحصار وعقوبات فرضتها في كل الدول التي بات الصغير قبل الكبير يستطيع تعدادها؟ وهل من يصدق انها حريصة اليوم على التغيير وعلى اصلاحات في لبنان فيما هي تضيّق عليه وهي التي شهدت على عقود من الفساد في لبنان دون اي انتقاد.
نعم لقد فشلت اميركا واسرائيل في حرب العسكر في كل محطاتها الاخيرة، وفشلت حرب الوكيل الارهابي، وها هي في حرب الاقتصاد تنتقل من بلد الى بلد وحطت رحالها في سوريا ولبنان مؤخرا بل وخلال ذلك لم تتوقف عن مساعي الحرب في الامن والاستقرار. ولعل من اسباب ذلك:
– المزيد من الاضعاف الاقتصادي والاجتماعي والمالي يخدم الضغوط السياسية وتمرير القرارات والشروط الدولية وشروط صندوق النقد.
– التركيز الغربي على الانتخابات ومحاولة تأليب الرأي العام قبل ذلك باستخدام صعوبة الاوضاع مع ماكينة تضليل اعلامية ضخمة في لبنان والاقليم مع الاعلام الاكتروني ووسائل تواصل ومنصات تحاول ان تفعل فعلها.
– اسرائيل القلقة من تعاظم المقاومة تسعى عبر لوبياتها في واشنطن لتمرير كل ما يشغل الدول المقاومة بنفسها وابعاد اي كأس مُرة.
– موضوع فشل التحكم الكامل بلبنان لوجود المقاومة والمعارضين لسياسات اميركا في اكثر من ملف واخرها ملف ترسيم الحدود البحرية.
– انحسار واشنطن من الشرق الاوسط عسكريا في مرحلة بدأت معالمها في نهايات عهد ترامب وتكثفت في زمن بايدن.. انحسار عسكري اسبابه عديدة من الضغط الداخلي الى الفشل الميداني الى هزيمة الجماعات الوكيلة في دورها التخريبي والسرقة المشتركة بين الاصيل والوكيل لموارد الدول.
مواجهة فُرضت على الشعب اللبناني الناقم اصلاً من سياسات الفساد والذي يعاني من ضائقة تاريخية.. هي ايضا حرب خارجية حقيقية تدفع الشعب والاوفياء في لبنان الى خطوات تعزز الصمود وتصوب الجهود، واعلاء الصوت بوجه الحصار الخارجي والفساد الداخلي بطريقة محسوبة ومؤثرة دون التسبب باضرار جانبية كبيرة، بموازاة تفعيل التعاون والتكافل في المجتمع، والمبادرات الحزبية والخيرية التي تجري لمساعدة كل محتاج، وتفعيل اي تعاون ومساعدة ممكنة بين دور المحور ، والحرص على حكومة قادرة على قرارات تقدمية تخفف حدة الازمة وتعالج بعض اسبابها ، وذات قرارات جريئة في تلقف العروض الروسية والصينية والايرانية وغيرها ، مع مواصلة العمل من داخل مجلس النواب لتخفيف وطأة الازمة، ومقاطعة الشعب للتجار المستغلين والمحتكرين ومواصلة تفعيل مبادرات الزراعة والانتاج عبر المواطن او الجمعيات او المؤسسات.
هي مرحلة صعبة وخطرة يمر بها لبنان تطاله امنه الاجتماعي بشكل غير مسبوق، على امل ان يتخطاها لبنان بوعي وان لا تطول وتتشعب اكثر، وبوعي الشعب وحكمة المخلصين تصل الرسالة من الشعب المنتصر وتجعل خطط الضغط تتراجع وتوصلها الى خيبة جديدة لتتوجه الانظار اكثر الى استكمال معركة مواجهة الفساد والوصول تدريجيا الى اعادة تعويم قيمة الاجور وفرص العمل.
المصدر: موقع المنار