اعتبر الوزير السابق حسن مراد أن “واجبنا اليوم أن نقف مع بعضنا ونساعد بعضنا البعض، وواجب المغتربين أن يقفوا مع أهلهم ويساعدوا أبناء قراهم كما كانوا دائما”.
كلام مراد جاء خلال تكريم السفير البرازيلي هيرمانو تالز ريبيرو، في ديوان القصر في الخيارة- البقاع الغربي، في حضور رئيس اتحاد بلديات السهل محمد المجذوب ورؤساء بلديات ومخاتير وأبناء الجالية في البرازيل.
وقال مراد: “منذ قرن ونيف وأهالي هذه المنطقة وغيرها من مناطق لبنان هاجروا، هربا من الفقر والجوع والظلم الى أقاصي الدنيا، بحثا عن مكان يشعرون فيه بكرامتهم وإنسانيتهم، وكانت البرازيل من أكثر الدول التي استقبلتهم وفتحت قلبها ومدنها لهم، في حين ضيقت بعض الدول عليهم وعاملتهم بتمييز عانوا منه لعقود”.
وأسف لأن “المسؤولين في لبنان نسوا أو تجاهلوا سعينا عندما كنا في الحكومة لإدخال لبنان الى الميركوسور من أجل فتح أسواق الدول التي يضمها أمام المنتوجات اللبنانية وندخل الى خزينتنا العملة الصعبة، وكأن هذا الجهد الذي بذلناه كان مردوده لنا بشكل شخصي وليس لاجل الوطن بأكمله”.
ورأى أن “المسؤولين تقاعسوا عن فتح أبواب الحوار والتلاقي مع سوريا التي تبلغ حدودها معنا 350 كيلومترا فقط، وهي بوابتنا الى الوطن العربي ودوله الشقيقة وأسواقه التي تغنيها منتجاتنا الزراعية ومشتقاتها، ولم يبادروا الى الحديث مع سوريا لاجل مصلحتنا الوطنية للطلب منها تخفيف الرسوم الجمركية على منتجاتنا المصدرة عبر حدودها وادخال العملة الصعبة أيضا”.
وسأل: “هل المطلوب المزيد من الابتعاد عن سوريا بالشحن والأحقاد؟ حتما لا. بل المطلوب هو العودة الى أصالة العلاقات ونبذ الاحقاد وعدم الرهان على أوهام لم نحصد منها الا المآسي، المطلوب إعلاء مصلحة لبنان وشعبه وإخراجه من أزماته الراهنة، وذلك يتطلب قوة إرادة وجرأة موقف ورجال لها ركاب ما بتهز”.
وقال: “بكل أسف يطل عدد كبير من المسؤولين على الشاشات والمواقع الإعلامية وليس لديهم سوى الشكوى والنق وطلب المساعدات، ويصرفون وقتهم في جولات مكوكية بين دولة ودولة، لكنهم لم يقدموا مشروعا للانقاذ او مبادرة تفتح نافذة أمل وتبعث التفاؤل عند المواطنين، وليس عندهم أي أفق في الاستفادة من الطاقات الاغترابية التي لحق بها الظلم الكبير نتيجة سياسة المقامرة بأموال الناس والمغتربين منهم، مما أفقد المغترب ثقته بدولته. لم نسمع مرة عن خطة نهوض فعلية تؤسس لاقتصاد منتج في الزراعة والصناعة وغيرها، وكل ما سمعناه هو عن الخصخصة والمزيد من الاستدانة، وكأن ما أوصلنا الى ما نحن فيه ليس الدين والخصخصة”.
واعتبر أن “تأليف الحكومة قد لا يكون أولوية عند بعض أصحاب القرار الذين لا يعنيهم ابدا طوابير الاذلال أمام محطات المحروقات والافران والصيدليات والمشاكل في السوبر ماركات بين الآباء الذين يسعون للحصول على علبة حليب أو سلعة غذائية لأطفالهم، قد يتلذذون بذلك ويخططون له ظنا منهم أن اذلال الناس وسيلة لكسب ولائهم أكثر وأن تجويع الناس هو السبيل الى اشعارهم بالحاجة الى الزعيم. هناك قسم كبير من السياسيين في لبنان لم يتغيروا وليس لديهم النية في ذلك، لكن الأكيد أن الناس تغيرت وكفرت بالزعامات وانتفضت أو ستنتفض بالتأكيد امتثالا لقول الامام علي عجبت لجائع لا يشهر سيفه، وكم نحن بحاجة لاشهار السيوف على الفاسدين واللصوص الذين نهبوا أموال الناس وسرقوا أحلام الشباب وحليب الاطفال ودواء المرضى وأموال المغتربين. مخطئون هؤلاء الذين أوصلوا البلد الى الانهيار اذا كانوا يظنون أن الضحك على عقول الطيبين سيستمر وأن خداع بعض الناس ممكن كل الوقت، وخداع كل الناس بعض الوقت ممكن أيضا لكن لا يمكن خداع كل الناس كل الوقت”.
ورأى أنه “اقترب الوقت الذي ستلفظ فيه الناس أغلبية هذه الطبقة التي انكشف احتيالها على الناس وعلى الوطن، فأمامنا أيام وأشهر صعبة وقد تكون أصعب مما نحن فيه وما نشاهده ويتأكد لنا يوما بعد يوم أن الدولة الى مزيد من الانهيار وأن المؤسسات الرسمية العرجاء اليوم قد تصبح كسيحة غدا، ولان اصحاب القرار في واد آخر وهمهم حماية مكتسباتهم وحماية أصحاب المصارف والكارتيلات المتحكمة بنا على حساب حماية مصالح الناس ومعيشتهم وأمنهم الغذائي والصحي والتربوي، أولوية الدولة اليوم بمحل ثان وبموقع ثان، لان رعاية أصحاب المصارف وأصحاب الكارتيلات واحتضان المحتكرين يبدو أهم من رعاية الناس”.
وقال: “واجبنا اليوم كما كنا دائما أن نقف مع بعضنا ونساعد بعضنا وواجب المغتربين ان يقفوا مع أهلهم ويساعدوا أبناء قراهم كما كانوا دائما في عطائهم وكرم أخلاقهم وشعورهم مع أهلهم وأقربائهم، ونحن كما عرفتمونا دائما كنا وما زلنا وسنبقى مع مجتمعنا واهلنا، ومنحازون لقضاياهم المحقة في التعليم والغذاء والدواء وفرص العمل، وستبقى بيوتنا ومؤسساتنا مفتوحة امام كل الناس لتلبية حاجاتهم ضمن امكاناتنا دون تفرقة بين احد بالسياسة او المذهب او الانتماء، واجبنا حماية مجتمعنا من الطوفان الآتي، وان شاء الله نكون عند حسن ظن مجتمعنا بنا، ولكن اليد الواحدة لا تصفق، فالوضع الراهن يحتاج الى تكاتف الجميع حتى نعبر من هذه الأزمة بأمان واطمئنان”.
وختم مراد: “لا أريد أن أحبطكم أو أرسم صورة قاتمة للواقع، انما أخاطبكم بصدق كما تعودنا أن نصارح بعضنا من دون مواربة ومن دون أن نطلق وعودا تذهب مع الريح بعد الانتخابات، لكن الواقع أليم والمسؤولية علينا جسيمة لنتخطى أزمتنا. وطننا مريض واذا مرض يجب أن نفتش له عن الدواء لا أن نتركه يحتضر”.
بدوره، شكر السفير البرازيلي لمراد “اهتمامه بالجالية البرازيلية في لبنان وحضوره وتواصله الدائم مع الجهات الحكومية في البرازيل، لتأمين مزيد من الاهتمام والرعاية للبنانيين في البرازيل”، واعتبر ان “المشتركات كثيرة بين الشعبين اللبناني والبرازيلي”، متمنيا للبنان “النهوض والخروج من أزمته الحالية والوصول إلى تأليف حكومة قادرة على معالجة المشاكل والازمات التي يعيشها”.
المصدر: بريد الموقع