أعتبر سماحة الشيخ علي دعموش في خطبة الجمعة: أن المرأة في لبنان ساهمت بدور كبير في المقاومة في مواجهة الإحتلال، وكانت الشريك الحقيقي في التحرير وفي صنع الإنتصارات على الصهاينة وهي ما زالت مستمرة في القيام بدورها الرسالي والجهادي في معركة الدفاع المقدس، وأنها وصلت بفعل المقاومة الى روحية إيمانية عالية ، فالأم والزوجة والأخت التي كانت تبكي ولدها أو زوجها أو أخاها، صارت تفاخر اليوم بشهادته وتضحياته.
وقال: اليوم بفعل هذه الروحية الإيمانية التي وصل اليها أهلنا وإخواننا واخواتنا ومجاهدونا لا يمكن للعدو الإسرائيلي ولا للعدو التكفيري أن ينال منا ومن بلدنا وشعبنا,كما لا يمكن لكل التوصيفات والقرارات الظالمة بحق المقاومة أن تحبطنا او تشل ارادتنا او تثنينا عن القيام بواجبنا في الدفاع عن وطننا وأهلنا في مواجهة العدوين الإسرائيلي والتكفيري .
وأضاف: كنا السباقين في مواجهة الإرهاب التكفيري الذي بات العالم كله يعاني من جرائمه ووحشيته, وقدمنا الشهداء والأرواح من أجل حماية بلدنا وحماية كل اللبنانين في مناطقهم وعلى اختلاف طوائفهم ومذاهبهم وانتماءاتهم, ولولا هذه التضحيات لكان لبنان مسرحاً لجرائم الإرهابيين وإمارة تكفيرية في المنطقة.. وبدل أن نُشكر على ذلك كوننا الجهة الوحيدة الى جانب الجيش التي تصدت للمجموعات الإرهابية على الحدود ومنعت من تمدد هؤلاء الى القرى والبلدات اللبنانية نُوصّف من قبل المستسلمين للعدو الصهيوني والمهزومين أمامه والمتعاونين معه بأننا منظمة إرهابية!.
نص الخطبة
يقول الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً ﴾ النساء/1.
نبارك لكم وللأمة الإسلامية ذكرى ولادة بنت رسول الله سيدة نساء العالمين الصديقة الكبرى فاطمة الزهراء(ع) التي كانت ولادتها في العشرين من شهر جمادى الثاني من السنة الخامسة بعد البعثة النبوية الشريفة, وقد اعتبر الإمام الخميني(قده) يوم ولادة الزهراء(ع) يوماً عالمياً للمرأة المسلمة.
لقد ولدت فاطمة وفيها رائحة الجنة, فقد حملت خديجة بفاطمة(ع) بعد عودة النبي(ص) من رحلة الإسراء والمعراج التي تناول النبي(ص) خلالها من ثمار الجنة, فانعقدت نطفة الزهراء(ع) من تلك الثمار, ولذلك كان رسول الله (ص) كلما اشتاق الى رائحة الجنة يشم رائحة فاطمة(ع)، فيجد منها رائحة الجنة ورائحة شجرة طوبى, ولذلك كان يكثر تقبيلها ويقول: “فاطمة بضعة مني، من سرَّها فقد سرّني, ومن ساءها فقد ساءني، فاطمة أعزّ الناس إليَّ”.
كانت فاطمة بالنسبة الى رسول الله(ص) بمثابة الأم لأبيها، لأنها كانت ترعاه وتخدمه وتهتم به(ص)، وتغدق عليه المحبة والعطف والحنان وتقف الى جانبه لتخفف عن آلمه ومعاناته خصوصاً في الظروف الصعبة عندما كان يواجه التحديات والضغوط والحصار.وكانت حسنة التبعل لزوجها أمير المؤمنين(ع) تعمل على إرضائه وإسعاده, وقد ورد أنها قالت لأمير المؤمنين (ع):” يا بن عمّ، ما عهدتني كاذبة، ولا خائنة، ولا خالفتك منذ عاشرتني؟ فقال الإمام علي (ع): معاذ الله أنتِ أعلم بالله، وأبرّ وأتقى وأكرم، وأشدّ خوفاً من الله من أن أُوبّخكِ بمخالفتي.”
وكانت فاطمة وهي ابنة خاتم الأنبياء (ص) مطيعة لزوجها طاعة تامة, لا تثقل عليه بالطلبات أبداً, وترضى منه باليسير من المال والطعام واللباس, لأنها كانت تعيش الآخرة في قلبها وعقلها فلم تكن الدنيا وزينة الدنيا وزخارفه وبهارجها تعني بالنسبة لها شيئاً, ولذلك كان علي(ع) يقول:(ما أغضبتها يوماً ولا أغضبتني).وكانت مدرسة في تربية أبنائها، فقد اعتنت اعتناء عظيماً بتربية الحسنين(ع) وزينب وأم كلثوم وتعليمهم الآداب والحكمة والعبادة واحترام الناس والإيثار, كما كانت تهتم بملابسهم وبنظافتهم وأناقتهم مراعاة وتجسيدا لتعاليم الإسلام الذي حث على النظافة والترتيب والأناقة والطهارة.
ونجاح الزهراء (ع) في وظيفتها الأُسرية وقيامها بدورها العائلي لم يمنعها من أن تؤدي دورها الرسالي والاجتماعي والجهادي والسياسي، فقد عملت على بث الوعي والثقافة في أوساط المجتمع، فكانت تعلم نساء المدينة ممن رغبن في التعلم ومعرفة الاحكام الشرعية أو تفسير القرآن…وتجيب على أسئلتهم, وساهمت في الأعمال الجهادية حيث دخلت ساحة الحرب بعد أن انتهت معركة أحد لتداوي جراحات النبي(ص) وجراحات زوجها علي بن أبي طالب(ع), وكانت تشجع علياً(ع) بشكل دائم عند خروجه للجهاد, فكانت امرأة في البيت وامرأة مجاهدة في ميدان الجهاد والحرب.وفي المجال السياسي وقفت تدافع عن حق أمير المؤمنين(ع) واستحقاقه لقيادة الأمة بعد رسول الله(ص) ، ودافعت عن حقها في فدك ولم تجلس في بيتها مكتفية بالبكاء ، وإنما خرجت مطالبة بحقها وأعلنت ظلامتها أمام الرأي العام بكل وضوح وصراحة وشجاعة.
إن حياة الزهراء(ع) تكشف عن كمال هذه المرأة التي جسدت تعاليم الاسلام, والتي يفترض أن تكون قدوة لنساء العالمين وللرجال .. نتعلم منها قيم الاسلام ونتعلم منها كيف ينبغي للمرأة ان تحافظ على حقوقها التي أعطاها إياها الاسلام, وكيف تقوم بدورها في الحياة العامة. فقد أعطى الإسلام للمرأة الكثير من المزايا والحقوق, فالقرآن الكريم جعل الرجل والمرأة شريكين في تحمل المسؤوليات في الحياة, وكفل لها الكثير من الحقوق التي لا يجوز التعدي عليها:
من حقوق المرأة في الإسلام: حق اختيار الزوج والشريك, فليس لأحد إجبارها على الزواج أو على زوج لا تريده سواء كانت بكرً أو ثيباً, وولاية الأب على البنت لا تعني إكراه الأب إبنته على الزواج من شخص لا ترغب فيه أو منعها من الزواج بشخص ترغب فيه أو تحبه إذا كان كفوءاً من الناحية الدينية والأخلاقية والإجتماعية, فولاية الأب على البنت واشتراط إذنه وإجازته في الزواج من البكر إنما تكون نافذة عندما يراعي الأب مصلحة البنت كما قلنا في الأسبوع الماضي, فإذا أساء التصرف بمنعها من الزواج من الكفوء التي ترغب به تسقط ولايته عليها.
ومن حقوق المرأة التي فرضها الاسلام: حق المرأة الراشدة في التصرف في أموالها وممتلكاتها الخاصة باستقلالية تامة بعيداً عن ولاية أي أحد عليها، فلا الأب له الولاية على البنت في ذلك ولا الزوج على الزوجة ولا الأخ على الأخت.المرأة كالرجل لها استقلالية كاملة في قرارها المالي وفي حق التملك وفي البيع والشراء واجراء المعاملات الخاصة بها , وقد نص القرآن الكريم صراحة على حقها في التملك فقال تعالى: (للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما أكتسبن.(
لذلك لا يجوز للآباء ولا للإخوة ولا للإزواج التعدي على أموالها وممتلكاتها, أو ابتزازها من أجل الاستيلاء على أموالها, أو إجبارها على التنازل عن حقوقها المالية, أو إجبارها للتنازل عن حقها في الميراث .
ومن الحقوق أيضاً : حق المرأة في النفقة ، فمن واجب الزوج الإنفاق على زوجته الدائمة, من الاطعام واللباس والمسكن والاستشفاء وكل ما تحتاجه بحسب حالها وبما يتناسب مع أوضاع الزوج المالية والاجتماعية, ولا يجوز حرمان المرأة من النفقة بأي حال من الأحوال حتى لو كانت غنية وغير محتاجة .
ولا يجب على المرأة شرعاً عندما تكون أوضاعها المالية جيدة, كما لو كان لديها مال من ميراث أو من أحد اقربائها أو كانت تعمل ولديها دخل شهري .. أن تنفق على نفسها أو أُسرتها, فإن الإنفاق هو من واجب الزوج على الزوجة وعلى الأُسرة ، إلا أنه مع ذلك من مصلحتها مشاركة الزوج مالياً في الإنفاق على الأُسرة والأولاد من الناحية الاخلاقية إذا كانت تملك مالاً أو كان لديها دخل مالي جيد, خصوصاً عندما يكون الزوج عاجزاً عن تلبية احتياجات العائلة نتيجة ضيق المعيشة والظروف الصعبة , ومشاركتها يجب ان تكون عن طيب خاطر وليس فرضاً أو ابتزازاً, فإن الحياة الزوجية ينبغي أن يكون فيها مشاركة وتعاون بين الزوجين, والتعاون بين الزوج والزوجة ينبغي أن ينسحب على مجمل الحياة وعلى مجمل الاحتياجات حتى الاحتياجات المنزلية إن أمكن .
ولذلك كانت الزهراء (ع) تتقاسم مع علي (ع) شؤون العائلة والحياة داخل الأُسرة, فكان علي (ع) يعمل ويأتي بالمال ويساعد الزهراء (ع) في شؤون المنزل ومتابعة تربية الأولاد والقيام بشؤونهم, وكانت الزهراء(ع) تقوم بدورها داخل المنزل على أكمل وجه, ولم يُسمع يوماً أن فاطمة(ع) تكبرت وأصابها العجب أو الغرور وامتنعت عن القيام بما يحتاجه المنزل والأسرة, بل كانت على رغم نسبها الرفيع وموقعها الشامخ متواضعة في ملابسها وحياتها اليومية, فكانت لها شملة عباءة قد خيطت أثنى عشر مكاناً بسعف النخل, وكانت تطحن بالرحى بيدها حتى مجلت. ومن الحقوق: حق الميراث فمن حق المرأة أن ترث بنتاً كانت أو زوجة أو أماً أو أختاً, ولا يجوز بأي حال حرمانها من الإرث كما يفعل بعض الآباء او الأخوة. وهذ الحق هو حق مفروض بنص القرآن, فقد قال تعالى: (لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ ۚ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا) النساء /7
ونصيب المرأة في الميراث من حقها وحدها, ولها مطلق الحرية في إنفاقه أو عدم إنفاقه، فمن حقها أن تحتفظ به دون الإنفاق منه، ويلزم الرجل سواء أكان زوجها أو أخاها أو إبنها بالإنفاق عليها.
ومن الحقوق: حق المرأة في العمل: وذلك وفق شروط :
أـ أن ينسجم العمل وطبيعة المرأة كالتعليم والمهن والوظائف الخاصة بالنساء..
ب ـ أن يكون العمل بعيدا عن جو الاختلاط.. وذلك منعا للشبهات وحفاظا على الأخلاق الطيبة..
ج ـ ألا يتعارض عمل المرأة مع رسالتها الحقيقية وهي الأمومة ورعاية البيت وتربية الأولاد وطاعة الزوج.
ومن الحقوق : حق المرأة في أن يكون لها دور في الحياة العامة وفي الشأن العام ، فإن المرأة تستطيع ان تساهم في تنمية المجتمع وأن يكون لها دور رسالي وفي خدمة الدين ودور سياسي وجهادي ويمكنها أن تساهم في الدفاع عن الأوطان والمظلومين والمضطهدين والمستضعفين.
ومن هذا الفهم انخرطت المرأة هنا في لبنان في المقاومة وساهمت بدور كبير في مواجهة الإحتلال، وكانت الشريك الحقيقي في التحرير وفي تحقيق الإنتصارات على الصهاينة وهي ما زالت مستمرة في القيام بدورها الرسالي والجهادي في معركة الدفاع المقدس.
فالمرأة اللبنانية هي التي حمت ظهر المقاومين والمجاهدين في القرى والبلدات، ووقفت في مواجهة جنود العدو عندما كانوا يقتحمون القرى للتنكيل بأهلها أو اعتقال مجاهديها، هي التي رمتهم بالزيت المغلي، وهي التي رشقتهم بالحجارة ، وهي التي سهرت الليالي في حراسة المجاهدين، وهي التي فتحت باب منزلها ليأوي المجاهد إليه متخفياً من أعين العدو وملاحقته، وهي التي كانت تقدم المعلومات وتنقلها من قرية إلى أخرى للمجاهدين، وهي التي شكلت صلة الوصل بين مجموعات المقاومة في مختلف القرى لتوجيه الضربات للعدو في أكثر من مكان ، وهي التي كانت تشحن السيارة بالسلاح وتنقله إلى مأمنه وتفرغه وتجهزه للمقاومين. وهي التي ربت العائلة والاولاد على حب المقاومة والاستشهاد في سبيل الله، وزرعت في النفوس العنفوان والإرادة وعدم الرضوخ لإرادة المحتل.
وهي التي انخرطت في إطار المؤسسات الرعائية الاجتماعية والتربوية والصحية وغيرها، كما ساهمت بتأسيس العديد من اللجان والمؤسسات التي تسهم مباشرة بدعم المقاومة وتأمين حاجياتها المادية والمعنوية.
وقد وصلت المرأة بفعل المقاومة الى روحية إيمانية عالية ، فالأم والزوجة والأخت التي كانت تبكي ولدها أو زوجها أو أخاها، صارت تفاخر بشهادته وحثه على الجهاد والمقاومة.اليوم بفعل هذه الروحية الإيمانية التي وصل اليها أهلنا وإخواننا واخواتنا ومجاهدونا لا يمكن للعدو الإسرائيلي ولا للعدو التكفيري أن ينال منا ومن بلدنا وشعبنا.
كما لا يمكن لكل التوصيفات والقرارات الظالمة بحق المقاومة أن تحبطنا او تشل ارادتنا او تثنينا عن القيام بواجبنا في الدفاع عن وطننا وأهلنا في مواجهة العدوين الإسرائيلي والتكفيري .
لقد كنا السباقين في مواجهة الإرهاب التكفيري الذي بات العالم كله يعاني من جرائمه ووحشيته وقدمنا التضحيات والشهداء من أجل حماية بلدنا وحماية كل اللبنانين في مناطقهم وعلى اختلاف طوائفهم ومذاهبهم وانتماءاتهم, ولولا هذه التضحيات لكان لبنان مسرحاً لجرائم الإرهابيين وإمارة تكفيرية في المنطقة وبدل أن نشكر على ذلك كوننا الجهة الوحيدة الى جانب الجيش التي تصدت للمجموعات الإرهابية على الحدود ومنعت من تمدد هؤلاء الى القرى والبلدات اللبنانية نوصف من قبل المستسلمين للعدو الصهيوني والمهزومين أمامه والمتعاونين معه بأننا منظمة إرهابية!
السعودية هي أساس الإرهاب التكفيري وهي وحلفاؤها لم يتركوا وسيلة الا ودعموا فيها الارهابيين التكفيريين بالمال والسلاح والإعلام وغير ذلك من أجل تفكيك دول هذه المنطقة وتفتيت شعوبها وإضعاف جيوشها وتحويلها الى دول ضعيفة أمام اسرائيل وعاجزة عن تحمل مسؤولياتها القومية والإسلامية تجاه القضية الفلسطينية.
نحن لن نتراجع عن قناعتنا ولن نتخلى عن مسؤولياتنا تجاه وطننا وقضايا أمتنا وليقولوا عنا ما شاؤا فلسنا من النوع الذي يخون وطنه وشعبه وقضايا أمته.
المصدر: خاص