يصوت الكونغرس الأميركي في ختام مفاوضات مضنية على اقتراح قانون يمنح السودان حصانة من أي ملاحقة قضائية جديدة في الولايات المتحدة تتعلق بهجمات إرهابية سابقة، في خطوة تندرج في إطار الاتفاق التاريخي الذي أبرمه البلدان مؤخرا.
وينص اقتراح القانون على “إعادة الحصانة السيادية للسودان في الولايات المتحدة باستثناء القضايا التي ما زالت عالقة أمام القضاء الفدرالي” والمتعلقة باعتداءات 11 أيلول/سبتمبر 2001، بحسب ما أعلن السناتوران
الديموقراطيان تشاك شومر وبوب مينينديز في بيان مشترك.
كذلك فإن النص الذي طرح على الكونغرس الإثنين ينص على تقديم مساعدات بقيمة 700 مليون دولار للسودان، و120 مليون دولار إضافية ستخصص لسداد ديون مترتبة عليه لصندوق النقد الدولي.
ويندرج هذا التشريع في إطار ملحق ضخم بالموازنة الأميركية يلحظ خطة جديدة لدعم الاقتصاد في مواجهة تداعيات جائحة كوفيد-19.
وتأتي هذه الخطوة بعدما رفعت الولايات المتحدة الأسبوع الماضي اسم السودان من قائمتها للدول الداعمة للإرهاب، لتفتح بذلك الأبواب أمام حصوله على مساعدات مالية أميركية وتزيل إحدى أبرز العراقيل التي كانت تحول دون تدفق الاستثمارات الأجنبية عليه.
وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب أعلن في تشرين الأول/أكتوبر شطب اسم السودان من القائمة الأميركية السودان بموجب اتفاق ينص على أن تدفع الخرطوم 335 مليون دولار تعويضات لعائلات ضحايا التفجيرين اللذين نفذهما تنظيم القاعدة في 1998 ضد سفارتي الولايات المتحدة في كينيا وتنزانيا، وهجوم ثالث نفذه التنظيم في 2000 واستهدف المدمرة الأميركية “يو إس إس كول” قبالة سواحل اليمن.
وأسفرت تلك الهجمات عن مقتل أكثر من 200 شخص، وقد حملت الولايات المتحدة السودان المسؤولة جزئيا عنها كون الخرطوم كانت تستضيف في ذلك الوقت زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن.
وحولت الخرطوم قيمة هذه التعويضات إلى حساب ضمان مجمد في الولايات المتحدة، لكن الإفراج عن هذه الأموال مرهون. بموجب الاتفاق بإقرار الكونغرس الأميركي قانون إعادة الحصانة القضائية إلى السودان.
ودارت مفاوضات شاقة بين وزارة الخارجية الأميركية وأعضاء في الكونغرس بهدف التوصل إلى حل وسط بشأن الصيغة التي سيقر بها هذا التشريع.
وأراد السناتوران شومر ومينينديز. اللذان يمثلان على التوالي نيويورك ونيوجيرسي المجاورة لها، وهما ولايتان يتحدر منهما عدد كبير من ضحايا اعتداءات الحادي عشر من أيلول/سبتمبر 2001، أن يصاغ التشريع بصورة لا تحرم ذوي هؤلاء الضحايا من حقهم في مقاضاة السودان بسبب إيوائه زعيم تنظيم القاعدة المسؤول عن تلك الاعتداءات.
وبذلت إدارة ترامب قصارى جهدها لتمرير هذا التشريع في الكونغرس لكي تظهر أولا دعمها الواضح للسلطات الانتقالية السودانية بعد عامين من اندلاع الانتفاضة التي أطاحت بالرئيس عمر البشير ولكي تحول ثانيا دون أن تجد الخرطوم أي ذريعة للتملص من اعترافها التاريخي بإسرائيل.
وكان السودان حذر مؤخرا من أن هذه العرقلة قد تؤدي إلى “تأخير تطبيق اتفاق” التطبيع مع اسرائيل.
ومنذ إدراجه على القائمة الأميركية للدول الداعمة للإرهاب في 1993 فقد السودان حصانته السيادية وأصبح عرضة للتقاضي في القضايا المتعلقة بالإرهاب أمام المحاكم الأميركية.
المصدر: وكالة الصحافة الفرنسية