توصلت دراسة جديدة إلى أن الجلوس بجانب نار مفتوحة في المنزل قد يعرض الناس لتلوث الهواء أكثر من السفر والذهاب إلى العمل، ونسبة التلوث تكون أكبر من وقت الذروة التي يحصل فيها تكدس مروري وازدحام الناس في المواصلات العامة.
يقول باحثون بريطانيون في دراسة نشرها موقع “dailymail” البريطاني، إن “التعرض لجزيئات صغيرة من المواد السامة من النيران المكشوفة (الموقدة) في المنزل، “قد يتجاوز” بخطورته التلوث الهوائي المتواجد على الطريق في وقت الذروة التي يحصل فيها تكدس مروري وازدحام الناس في المواصلات العامة، ويساهم في ظهور أعراض الخرف”.
ويضيف الباحثون :
“يمكن أن تجد جزيئات تلوث الهواء الناتجة عن الحرائق طريقها إلى الرئتين ثم إلى مجرى الدم ويمكن أن تؤثر سلبا على الصحة الإدراكية”.
ووجد الخبراء صلة بين استخدام المواقد ذات النيران المفتوحة في المنزل وضعف الوظيفة الإدراكية لدى كبار السن في أيرلندا، ويتكهنون بأنها تلحق الضرر بشكل خاص بالناس مع تقدمهم في السن حيث يقضون وقتا أطول في منازلهم. ويتابع الباحثون قولهم:
“قضى كبار السن الكثير من حياتهم أمام النيران المكشوفة(الموقدة) طوال القرن العشرين قبل أن يتم فهم آثارها الصحية الضارة بشكل صحيح”.
وقالت البروفيسور باربرا ماهر وهي باحثة رئيسية في جامعة لانكستر:
“الهواء الملوث يؤدي إلى حالة طوارئ صحية، وإن احتراق الحطب أو الفحم ينتج عنه غاز أول أكسيد الكربون الذي يحل محل الأكسجين في الدم وبالتالي يقلل القدرة على التنفس، و أن الوضع يختلف باختلاف طبيعة المكان، فتأثير الاحتراق على الأماكن المغلقة يختلف عن الأماكن المفتوحة”.
وتابعت، قائلة: “بأنه ليس هناك شك اليوم في أن تلوث الهواء يمثل حالة طوارئ عالمية للصحة العامة، إنه يهدد الجميع من الأطفال الذين لم يولدوا بعد حتى الأطفال وهم في طريقهم إلى المدرسة، والنساء اللواتي يطبخن على مواقد نار في أماكن مفتوحة… ففي المنازل، ينجم تلوث الهواء في الغالب من الوقود وأنظمة التدفئة والطهي العالية الانبعاثات”.
وأضافت ماهر:
“ويعد الوقود النظيف والتدفئة والوقود والتقنيات الحديثة بعيدة المنال بالنسبة للأسر ذات الدخل المنخفض، لذلك يلجأون إلى البدائل الملوثة. ويعتمد نحو 3 مليارات شخص على حرق الوقود الصلب أو الكيروسين لتلبية الاحتياجات الخاصة بالحصول على الطاقة المنزلية، ويموت 3.8 مليون منهم كل عام بسبب التعرض لهذه الملوثات. ويسهم عدم الوعي بالمخاطر المرتبطة بتنفس الهواء الملوث أيضا في تفاقم المشكلة، بالإضافة إلى ارتفاع التكلفة وصعوبة الحصول على الرعاية الصحية”.
وخلصت نتائج الدراسة إلى القول:
“عند إشعال الحطب أو الفحم للتدفئة في مكان مغلق يكون الأمر في “منتهى الخطورة” لأن في هذه الحالة الهواء لا يتجدد ويستنشق الفرد ذلك الهواء الملوث بغاز أول أكسيد الكربون الذي يحل محل الأكسجين في الدم مسببا الاختناق، وعند زيادته في الدم تزداد لزوجة الدم مسببة احتمالات تجلط الدم وتصلب الشرايين، الأمر لا يتوقف على ذلك فقط، فغاز أول أكسيد الكربون يتحد مع الهيموجلوبين وقد يتسبب في تسمم الدم”.
وأكدت الدراسة أن تلوث الهواء المنزلي يضر بشكل خاص النساء والأطفال بسبب أدوارهم المنزلية التقليدية في العديد من الثقافات. وتحدث نحو 60 في المائة من الوفيات المرتبطة بتلوث الهواء في المنازل على مستوى العالم بين النساء والأطفال، وأكثر من نصف الوفيات الناجمة عن الالتهاب الرئوي لدى الأطفال دون سن الخامسة يمكن أن تعزى إلى تلوث الهواء الداخلي.
وأضافت الدراسة أن مصادر تلوث الهواء في الشارع وداخل المنزل، يمكن أن تكون مختلفة تماما، لكن آثارها مميتة أيضا، حيث تعد الإصابة بأمراض الربو وأمراض الجهاز التنفسي الأخرى وأمراض القلب هي من بين الآثار الضارة بالصحة التي يعرف أنها ناجمة عن الهواء الملوث.
وأخيرا تضيف الدراسة مجموعة من الأدلة حول “لماذا يجب علينا التحول عن استخدام الوقود الأحفوري كمصدر للحرارة لصالح بدائل أنظف وصديقة للمناخ”، ونشرت الدراسة بشكل كامل في مجلة “Environmental Research”.
المصدر: سبوتنيك