توصلت دراسة جديدة إلى أن الأطفال والبالغين ينتجون أنواعا وكميات مختلفة من الأجسام المضادة استجابة للإصابة بفيروس كورونا الجديد.
وتشير الاختلافات في الأجسام المضادة إلى أن مسار العدوى والاستجابة المناعية مميزة لدى الأطفال، ومعظم الأطفال يتخلصون بسهولة من الفيروس من أجسامهم، وفقا للدراسة التي أجراها الباحثون في كلية فاجيلوس للأطباء والجراحين في جامعة كولومبيا.
وتقول عالمة المناعة بجامعة كولومبيا دونا فاربر، أستاذة العلوم الجراحية في جورج إتش همفريز الثاني في قسم الجراحة، والتي قادت الدراسة مع الدكتور ماتيو بوروتو، الأستاذ المشارك في قسم طب الأطفال في كولومبيا: “توفر دراستنا فحصا متعمقا للأجسام المضادة لـ SARS-CoV-2 لدى الأطفال، وتكشف عن تناقض صارخ مع البالغين”.
وقام الباحثون المشاركون، ستيوارت ويسبرغ، الأستاذ المساعد في علم الأمراض وبيولوجيا الخلية، وتوماس كونورس، الأستاذ المساعد في طب الأطفال، بتسجيل المرضى في الدراسة وأجروا تحليلا للبيانات.
ويقول بوروتو: “في الأطفال، يكون مسار العدوى أقصر بكثير وربما لا ينتشر كما هو الحال لدى البالغين. قد يتخلص الأطفال من هذا الفيروس بشكل أكثر كفاءة من البالغين وقد لا يحتاجون إلى استجابة مناعية قوية للأجسام المضادة للتخلص منه”.
ومن بين أحد المظاهر اللافتة للنظر لوباء “كوفيد-19” هو أن غالبية الأطفال يتأقلمون بشكل جيد مع الفيروس بينما يعاني كبار السن.
وتوضح فاربر: “هذه عدوى جديدة للجميع، لكن الأطفال يتأقلمون بشكل فريد لرؤية مسببات الأمراض للمرة الأولى. وهذا ما صُمم نظام المناعة لديهم للقيام به. الأطفال لديهم الكثير من الخلايا التائية الساذجة (غير البالغة) القادرة على التعرف على جميع أنواع مسببات الأمراض الجديدة ، في حين أن كبار السن يعتمدون أكثر على ذكرياتنا المناعية، فنحن لسنا قادرين على الاستجابة لمسببات الأمراض الجديدة مثل الأطفال”.
ومن بين الأطفال الـ 47 في الدراسة، تم علاج 16 في مركز إيرفينغ الطبي التابع لجامعة كولومبيا بسبب متلازمة الالتهاب متعدد الأجهزة عند الأطفال (MIS-C)، و31 طفلا من نفس الأعمار أثبتت إصابتهم بالفيروس بعد زيارة المركز الطبي لعلاج حالات أخرى.
ووجدت الدراسة أن كلا المجموعتين من الأطفال تنتجان نفس صورة الجسم المضاد، والتي تختلف عن تلك الخاصة بالبالغين.
وبالمقارنة مع البالغين، أنتج الأطفال عددا أقل من الأجسام المضادة ضد بروتين spike، الذي يستخدمه الفيروس لإصابة الخلايا البشرية.
وكانت الأجسام المضادة للأطفال أقل نشاطا، بينما أنتج جميع البالغين، بما في ذلك الشباب في العشرينات من العمر، أجساما مضادة معادلة. وكان لدى البالغين الأكثر مرضا النشاط الأكثر تحييدا.
وأوضحت فاربر: “هناك علاقة بين حجم استجابتك المناعية وحجم العدوى: فكلما زادت حدة العدوى، زادت قوة الاستجابة المناعية، لأنك بحاجة إلى المزيد من الخلايا المناعية وردود الفعل المناعية لإزالة جرعة أعلى من العوامل الممرضة”.
وعلى عكس البالغين، أنتج الأطفال أيضا عددا قليلا جدا من الأجسام المضادة ضد بروتين فيروسي لا يظهر إلا لجهاز المناعة بعد أن يصيب الفيروس الخلايا البشرية.
وتقول فاربر: “هذا يشير إلى أن العدوى في الأطفال لا تنتشر كثيرا ولا تقتل الكثير من خلاياهم”.
وتابع بوروتو: “نظرا لأن الأطفال يتخلصون من الفيروس الطبيعي بسرعة، فإنهم لا يعانون من عدوى منتشرة ولا يحتاجون إلى استجابة قوية من الأجسام المضادة”.
وقد يشير المسار المنخفض للعدوى عند الأطفال إلى أنهم معديون لفترة زمنية أقصر مقارنة بالبالغين، وبالتالي أقل عرضة لنشر الفيروس، على الرغم من أن الباحثين لم يقيسوا الحمل الفيروسي لدى الأطفال.
وعلى الرغم من أن النتائج تشير إلى أن مسار العدوى لدى الأطفال والبالغين مختلف، إلا أنه لا يزال من غير المعروف كيف يمكن للأطفال التخلص من الفيروس بسهولة أكبر، وما يفتقر إليه جهاز المناعة لدى البالغين.
وتبحث فاربر وبوروتو وزملاؤهما في جامعة كولومبيا الآن، عن الاختلافات في استجابة الخلايا التائية (يتم إنتاج الأجسام المضادة بواسطة الخلايا البائية في الجهاز المناعي)، وخاصة الخلايا التائية الموجودة في الرئة.
وقد يولد الأطفال المصابون بـ SARS-CoV-2 أيضا استجابة أقوى من الجهاز المناعي الفطري، الذي ينشر الإنترفيرون وخلايا تسمى البلاعم لمهاجمة الخلايا المصابة بمسببات الأمراض بشكل عشوائي. وتشير الدراسات السابقة إلى أن الاستجابة المناعية الفطرية قد تتأخر عند البالغين المصابين بـ SARS-CoV-2.
ومن الممكن أيضا أن يكون الفيروس أقل قدرة على إصابة خلايا الأطفال، ربما لأن خلايا الأطفال تعبر عن عدد أقل من البروتينات التي يحتاجها الفيروس لإصابة الخلايا البشرية.
ويقوم باحثو كولومبيا الآن باختبار هذه الاحتمالات باستخدام خلايا من الأطفال مقابل البالغين.
•
المصدر: ساينس دايلي