من ضمن القضايا التي يهتم الناشط الحقوقي السعودي علي الدبيسي تحضر اليوم قضية “البدون” أو ما يُعرف بـ “عديمي الجنسية” في السعودية. على “تويتر” تنشط صفحة الدبيسي، الذي تهدد محاكم المملكة بمحاكمته غيابياً، للترويج للندوة التي ستُناقش خلال ندوة تنعقد بمجلس حقوق الإنسان بجنيف في 15أيلول/سبتمبر الجاري.
في حسابه على “تويتر” يثير الدبيسي قضايا: “البدون”، والمعتقلون في سجون المملكة، التعذيب والإقصاء في الداخل، وحقوق المرأة في الداخل السعودي، وإعدام القُصّر، وجرائم النظام في اليمن، وفي زحمة هذا النشاط، بدا تفاعل علي الدبيسي مع قضية محاكمته في الداخل السعودي خجولاً جداً.
من هو علي الدبيسي؟
هو ناشط حقوقي سعودي من مواليد بلدة العوامية في محافظة القطيف شرق المملكة السعودية. في أواخر أيلول/سبتمبر اعتقل الدبيسي على خلفية مشاركته في التظاهرات السلمية التي خرجت تطالب بإصلاحات في المملكة، قبل أن يتم الإفراج عنه لاحقاً، ويغادر مع عائلته إلى برلين طالباً اللجوء في نيسان/أبريل 2013. حالياً يقيم علي الدبيسي في ألمانيا حيث يرأس من هناك المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان التي تم إطلاق نشاطها قبل 3 سنوات.
خلال سنوات ثلاث تمكنت “الأوروبية- السعودية” من إثارة قضايا حقوقية عديدة في الداخل السعودي، كما نجحت المنظمة في كسر الحواجز الطائفية التي تكرسها سياسات النظام على قاعدة “فرق تسد” كما يقول الدبيسي في إحدى تغريداته: “أُسست السعودية بالسيف والإستبداد واستخدمت فرق تسد، وعليه فمهمة المصلحين مواطنين+مهجّرين، -قبل العمل المشترك- بلورة (قيم الدولة المستقبلية).”
القضايا التي تعالجها المنظمة الأوروبية السعودية لا تقتصر على فئة دون أخرى في الداخل السعودي، ولا على منطقة دون منطقة، ولعل الإشارة إلى هذه النقطة قد يكون مفيداً لفهم الخطوة المثيرة للجدل التي أقدمت عليها السلطة السعودية مؤخراً. أواخر شهر آب/أغسطس الماضي، أعلنت المحكمة الجزائية المتخصصة في الرياض أنها ستقيم محاكمة غيابياً للناشط الحقوقي “علي الدبيسي” في حال عدم حضوره للمحكمة. وكالة الأنباء السعودية “واس” نقلت أن المحاكمة ستتم غيابياً في حال عدم حضور الدبيسي.
في تصريح لموقع المنار، قال علي الدبيسي إن أسباب محاكمته من قبل السلطات السعودية لم تتضح أسبابها حتى الآن، مشيراً إلى أنه يعتقد “أن هذه الخطوة لها ما بعدها”، ولعل ما يُدعم كلام الدبيسي أنها المرة الأولى التي تحاكم فيها المملكة السعودية ” غيابياً ” أحد النشطاء الحقوقيين أو المعارضين في الخارج .
وقال الدبيسي: “لعل الأيام ستحمل توضيحاً. لايوجد أي تهم ضدي حتى مغادرتي السعودية… ولا أدري مضمون المحاكمة التي جاءت بعد سنوات من خروجي من السعودية”. ويلفت إلى أن الخطوة تأتي ضمن المواقف العدائية التي تبديها المملكة وبشكل متصاعد ضد النشاط الحقوقي، سواء من المنظمات أو حتى ضد الأفراد، بهدف التعمية على الممارسات التي ترتكب بحق مواطني المملكة.
“الهدف من هذه الخطوة هو قمع النشاط الحقوقي، ولكن وسيلة تحقيق هذا الهدف أتت خاطئة”. ويرى أن “الحكومة تريد أن تقول من خلال هذه المحاكمة: أنه لا أحد خارج قبضة الدولة سواء في الداخل أو الخارج، ولكن بالتأكيد فإن سيطرتها على الخارج أمر محدود. قبل المحاكمة وبعد إعلان المحاكمة”، بحسب الدبيسي.
ماذا تعني محاكمة علي الدبيسي؟ وما انعكاس الخطوة على عمل المنظمة الأوروبية-السعودية؟
ابن بلدة العوامية، التي تعاني تهميشاً واقصاءاً يُمارس على مناطق عديدة في الداخل السعودي تحت عناوين مختلفة، يقرأ في الخطوة القضائية تأكيد رسمي على أن “الدولة مستمرة في عدم التوافق مع المطالبات التي تدعوها لتحسين واحترام حقوق الإنسان والكف عن الإنتهاكات، لذلك هي تنتهج أسلوباً قمعيا عدائياً مستمراً لكل الدعاوى الاصلاحية، وتفتقد للرشد في التعامل مع هذه الأصوات، فتراها تعدم وتسجن وتفكر باستمرار في طرق انتقامية وقمعية، وذلك بدلاً من الاستفادة من هذه الأصوات لإصلاح الواقع”.
ورغم البرود في التعاطي مع القضية المرفوعة من قبل محاكم المملكة، يُقر الدبيسي أنه ما يزال في طور التفكير للطريقة المثلى للتعامل مع الدعوى.
الثقة بالقضاء السعودي معدومة ولا يوجد في سيرة القضاء السعودي ما يورث الثقة، يجزم الدبيسي. “قضاء المملكة فاقد للاستقلالية والموضوعية وأسس العدالة، والسجون السعودية شاهدة على ذلك، والسيوف مستمرة في قطع رؤوس بريئة، عبر قرارات صادرة من هذا القضاء”.
يختم الدبيسي حديثه لموقع المنار بأن المحاكمة دافع جيد للمنظمة لتكثيف نشاطها كماً وكيفاً، مؤكداً أن “المنظمة مستمرة في التعامل الموضوعي مع الإنتهاكات في السعودية وفق طاقتها وإمكانيتها ومستمرة على دورها الذي بدأته منذ ٣ سنوات، وتتطلع لزيادة طاقتها وتعمل على ذلك.”