بسرعة النار في الهشيم انتشر خبر فيروس “كورونا” الذي يتفشى في الصين وبالتحديد في مدينة ووهان ومنها بشكل محدود جدا الى بعض الدول الاخرى، إلا ان الصين تحاول بذل كل الجهود الممكنة للحد من توسع رقعة انتشار هذا الفيروس المعدي.
وانطلاقا من الجهود الكبيرة المبذولة قامت الحكومة الصينية ببناء مستشفى متخخص لمواجهة “كورونا” في أقل من عشرة أيام لتعويض نقص الأماكن في مستشفيات ووهان، حيث يتبين ان الطاقة الاستيعابية للصرح الطبي الجديد تصل إلى ألف سرير ويحتوي على أبنية جاهزة الصنع وعيادات سريعة، كما وضع جميع تقنيات الذكاء الصناعي الصينية في مواجهة الفيروس الجديد.
وبهذا الإطار، قالت مصادر صينية إن “المستشفيات الصينية تستعين بروبوتات قادرة على التعامل مع المرضى بتميزها بخاصية تطهير نفسها من أي آثار للفيروس والحد من مخاطر انتقال العدوى”، ولفتت الى ان “الروبوتات قادرة على فتح الأبواب وارتياد المصاعد وتستطيع توصيل الأدوية للمصابين الى جانب جمع فراش الأسرة والمخلفات الطبية”.
وحول الاجراءات الصينية المتبعة، قال الاعلامي المتخصص بالشأن الصيني محمود ريا إن “ما تقوم به الصين من اجراءات لمعالجة كورونا والآثار السلبية لها يدخل في إطار الإعجاز ويطرح السؤال حول ماذا لو وقع هذا الفيروس في دولة اخرى؟ ماذا كان حصل في هذه الدولة وفي العالم ككل؟”، وتابع “الاجراءات الصينية تهدف لمحاصرة الفيروس ومن ثم القضاء عليه وآثاره ومعالجة المرضى الذين أصيبوا به”، ولفت الى ان “الذين تعافوا من كورونا هم اكثر بكثير من عدد الوفيات ونحن نتوقع خلال الايام المقبلة سوف ينخفض عدد المصابين بكورونا بشكل كبير لأن اجراءات الحجر والمعالجة بدأت تؤتي ثمارها”، وذكر ان “مدة حضانة الفيروس هي 14 يوما والآن مدة الاجراءات الصينية قد تجاوزت هذا الرقم وهذا يعني ان عدد الاصابات سوف يخف بشكل كبير جدا”.
ونوه ريا في حديث لموقع “قناة المنار” بالاجراءات المهمة التي تقوم بها الصين، سواء فيما يتعلق ببناء المستشفيات او تأمين المستلزمات الطبية بشكل كبير او من خلال الرحلات التي تقوم بها الطائرات الى المناطق الموبوءة لتقديم المستلزمات الطبية او من خلال اجراءات الحجر التي تنفذ في اكثر من مدينة، ولفت الى “السعي الصيني لتأمين علاج سريع وحقيقي وفعال لهذا الفيروس”، وتابع “نحن شهدنا اجتماعين كبيرين للقيادة العليا في الصين خلال عشرة ايام وهذا من النادر ان يحصل وكانت برئاسة رئيس الدولة وأمين عام الحزب الشيوعي تشي جين بينغ مما يدل على مدى الأولولة التي تقدمها القيادة الصينية لهذا الفيروس”.
وحول التبعات الاقتصادية لانتشار كورونا، قال ريا “لا شك ان هذا الفيروس وما دار حوله سيترك آثارا كبيرة على الاقتصاد الصيني وسيؤدي الى تباطؤ الى حد ما، ولكن هذا الامر هو لفترة قصيرة زمنيا قد لا تتجاوز شهرين ومن ثم سيتعافى الاقتصاد الصيني”، واوضح ان “الخطط متوسطة وطويلة المدى ما تزال تسير بشكل طبيعي جدا والاقتصاد الصيني مرن جدا للتعاطي مع هذه المشاكل او الثغرات التي تطرأ بين فترة واخرى”، وتابع “ربما يكون هذا الفيروس فرصة لتطور صيني اكبر من خلال شد الأحزمة والاهتمام بالتفاصيل الداخلية اكثر من الاهتمام بالتصدير الى الخارج”.
أما حول التبعات السياسية مع انتشار بعض الشائعات والتحليلات التي تتهم الولايات المتحدة الاميركية بوقوفها خلف انتشار “كورونا” في الصين على خلفية الصراع الاقتصادي والسياسي الذي فتحه مع الصين الرئيس الاميركي دونالد ترامب ومحاولته ابتزاز بكين في اكثر من ملف، بينما استطاعت القيادة الصينية عن ردعه ومنعه من التمادي في سياساته المتهورة التي يعتمدها مع العديد من دول العالم، وموضوع الاتهام لاميركا بالوقوف خلق “كورونا” وبالرغم انه ليس مستبعدا بشكل نهائي نتيجة قلة الثقة بممارسات وأخلاقيات الادارة الاميركية وما فعلته هذه الدولة من فظائع عبر التاريخ بحق مختلف الشعوب حول العالم، إلا ان هذا الأمر حتى الساعة لا يوجد مع يؤكده كما لا يوجد ما ينفيه.
وبالاصل مثل هذه الاتهامات لن يتم بسهولة كشفها والحصول على أدلة دامغة حولها بهذه السرعة، إلا ان اللافت حول ما أعلنته المتحدثة باسم الحكومة الصينية هوا تشونينج عن عدم التعاون الاميركي مع الصين في هذه الازمة التي تعتبر قبل كل شيء مسألة إنسانية بالدرجة الأولى وبالتالي يجب إبعاد كل الاحقاد والمصالح الضيقة بشأنها والاهتمام بأرواح الناس وحياتهم ومستقبلهم، فقد أكدت المتحدثة ان “واشنطن لم تقدم اي مساعدة الى الصين بعد تفشي الوباء بل تعمل جاهدة على نشر الذعر”، وشددت على انه “سنفوز بالحرب على الوباء وسنحمي المواطنين والأجانب داخل حدودنا”.
وبالتالي فقد رفعت الصين مستوى التحدي الى أعلى مستوياته امام نفسها وامام مواطنيها وامام العالم كله، حين اعتبرت ان الامر أشبه بـ”الحرب” وانها ستفوز بها، ومن هنا يمكن فهم لماذا تبذل كل هذه الجهود من أعلى الهرم في الدولة الصينية الى كافة المواطنين الذين يلتزمون بالتعلميات بدقة تامة وكأنهم جنود في المعركة تحت إمرة القيادة التي تعمل بجد في المجالات الطبية واللوجستية وغيرها، ما يعزز التوقعات بأن الصين ستتغلب على “كورونا” وكل من يحاول الاستفادة من مآسي الآخرين في هذه الأزمة او غيرها.
المصدر: موقع المنار