يحرص الكثير من الأشخاص على زيارة أماكن العلاج الطبيعي، حيث توجد ينابيع المياه الساخنة التي تستخدم لعلاج الكثير من الأمراض. وإذا كنت أحد هؤلاء الذين يبحثون عن رحلة ترفيهية وسياحة علاجية معًا، وتخطّط لزيارة تركيا مستقبلاً، فسيكون ذلك خياراً جيداً. في البداية، يمكنك أن تحدد وجهتك وتقصد منطقة باموق قلعة الواقعة تحديداً في ولاية دنيزلي شمال غربي الأناضول. هناك، بإمكانك أن تعانق الطبيعة الساحرة، وتقضي أوقاتاً منعشة في أحواض المياه الساخنة بمدينة هيرابوليس الأثرية.
ما إن تضع خطواتك الأولى في منطقة باموق قلعة، والتي تبعد عن مركز مدينة دنيزلي بنحو 18 كيلومتراً، ستشاهد تلك الينابيع الحارة، والتي تصل درجة حرارتها إلى 35 درجة مئوية، وستأخذك حتماً إلى رحلةٍ عبر الزمن نحو الماضي، وأنت جالس في وسط المياه، وبقايا تلك الأعمدة الأثرية وقطع الرخام تحيطُ بالمكان. يطلق على المنطقة اسم “الجنة البيضاء” وذلك نتيجة اللون الأبيض الناجم عن ترسبات الجير، والذي يختلط ببياض الثلوج التي تكسو المكان خلال فصل الشتاء تحديداً، ليكوّنا لوحة فريدة، يتوُّجها دخان تلك الينابيع الساخنة. ويعود تاريخ إنشاء مدينة هيرابوليس إلى نحو 2800 عام. وتشكلت أحواض المياه الساخنة في مدينة هيرابوليس الأثرية عبر عوامل طبيعية، أبرزها تراكم المياه الحارة وبقايا حطام أعمدة المدينة جراء زلزال وقع في المنطقة عام 692 ميلادية.
وخلال السنوات الأخيرة، أصبحت منطقة باموق قلعة السياحية الوجهة الأولى للباحثين عن السياحة العلاجية بتركيا. ووفقاً لإحصائيات رسمية، فإنّ المعدل اليومي للسياح خلال الأسبوع يصل لنحو 11 ألف زائر. وفي الأيام الأخيرة، تجاوز عدد الزوار هذا العدد، ووصل إلى أكثر من 17 ألف زائر في اليوم الواحد. وغالباً ما يحرص زوار المنطقة، إلى جانب العلاج بالمياه الساخنة، على الاستمتاع بالكثير من الأشياء، ومن بينها التحليق في سماء المدنية عبر رحلة بالمناطيد لمدة 40 دقيقة. إذ يقومون أيضاً خلال هذه الرحلة بالتقاط الصور من ارتفاع يصل أحياناً إلى ألف و500 متر، وهم ينظرون إلى مشاهد الطبيعة الساحرة من تحتهم. وقد سجلت منطقة باموق قلعة رقما قياسياً في عدد السياح الذين استقبلتهم خلال العام الماضي 2018؛ إذْ تجاوز عدد زوارها أكثر من مليوني سائح أجنبي ومحلي.
ومن أبرز معالم المنطقة إلى جانب الينابيع الحارة، المسرح القديم و”باب جهنّم”، والذي يسمّى أيضاً بـ”باب الانتقال إلى عالم الأموات”. إضافة إلى ضريح القديس فيليبس الذي يقال بأنه كان أحد تلاميذ السيد المسيح، وهو ما يجعل المنطقة وجهة للسياحة الدينية أيضاً. وبالطبع فإن باموق قلعة ليست المنطقة الوحيدة في تركيا التي يتوفر فيها مراكز العلاج الطبيعي، إذا يوجد هناك أكثر من 1500 نبع طبيعي في تركيا، وتنتشر تلك الينابيع الحارة في منطقة بحر إيجة (جنوب غرب) ومرمرة (شمال غرب) ومنطقة الأناضول (وسط)، ومدن يالوفا وإسطنبول.
ولعل أكثر ما يشجع السائحين في تركيا على زيارة هذه الأماكن، هو احتواء المياه الساخنة في ينابيعها على خواص تساعد في علاج من العديد من الأمراض. إضافة إلى أنّ المياه الساخنة، وكما هو معروف، تساهم في ارتخاء العضلات، وتفيد في علاج آلام مرض الروماتيزم وآلام مرض فتق النواة اللبيّة، حتى أنه ينصح بشرب مياه بعض تلك الينابيع.
المصدر: العربي الجديد