يمكن للبشر الشعور بالقشعريرة أثناء المرور بلحظة عاطفية مميزة مثلا أو خلال الشعور بالبرد. وتصيب القشعريرة جميع أنحاء الجسم تقريبا، إذ تنقبض العضلات الصغيرة التي تؤثر على بصيلات الشعر وهو ما ينتج توقف الشعر وانقباض الغدد الدهنية للعضلات وتظهر كأنها متورمة، وهم ما يسميه الألمان “جِلْد الإوز” (Gänsehaut)
والقشعريرة هي ردة فعل تعود إلى زمن قديم جدا عندما كان الإنسان يمتلك الكثير من الشعر مقارنة بالوقت الحالي، كما ذكر الموقع الإلكتروني لقناة “أن تي فاو n-tv” الألمانية. وذكر الموقع أنه كان للقشعريرة وظيفتان سابقا عند البشر، وهما: عندما يتعرض الجسم للبرودة يتم إيقاف شعر الجسم بالقشعريرة حتى يكبر حجم الهواء تحت الشعر وفوق الجلد ويسبب عزل حراري أفضل للجسم. هذه الظاهرة يمكن مشاهدتها في الوقت الحاضر عند بعض الحيوانات التي تزغب (يقف الشعر انتصابا) لمقاومة البرد.
وتظهر القشعريرة أيضا في حالة وجود تهديد، وهي متوارثة من الإنسان القديم أيضا الذي كان يوقف شعر جسمه بالكامل، حتى يظهر وكانه أكبر، مما يبث الخوف في نفس العدو. وهذه الظاهرة موجودة اليوم أيضا عند بعض الحيوانات مثل القطط والكلاب وتظهر عندها عندما تشعر هذه الحيوانات بالتهديد، نقلا عن موقع “أن تي فاو n-tv” الألماني
وخلال مرحلة التطور البشري وجد الإنسان طرق أفضل للحماية من البرد وللدفاع عن نفسه. وتراجعت كثافة الشعر في الجسم مع الوقت، لكن الشعور بالقشعريرة ظل مصاحبا للبشر، مع استثناء منطقتي باطن اليد وأسفل القدم الملساوان، والتي لا ينمو فيها الشعر.
من جانبه، ذكر البروفيسور كريستيان كيرنباخ أستاذ المشاعر العاطفية وعلم النفس في جامعة كيل الألمانية لصحيفة “فيلت” الألمانية أن القشعريرة هي إحدى بقايا التطور البشري.
وهناك بعض الحالات التي يشعر فيها الإنسان بالقشعريرة رغم عدم وجود برد أو الشعور بالخوف، مثل سماع صوت ضوضاء مزعجة كحركة الطباشير على السبورة أو صرير الحشرات. وحتى هذه الظاهرة يمكن أن تكون غريزة بدائية للبشر، لأنه وفي أوقات قديمة جدا كانت المواقف الخطرة عادة مصحوبة بأصوات غريبة وأصوات عالية وصاخبة. والقشعريرة في هذه الحالات كانت تنبه الجسم من خطر ما وتهيئه للمواجهة
وينطبق الأمر نفسه على مشاهد الأفلام المؤثرة على بعض الأشخاص، والتي تسبب لهم القشعريرة . ولا يوجد تفسير علمي لماذا تسبب هذه المشاهد القشعريرة لبعض الناس، فيما يتفاعل معها آخرون بطريقة أخرى. وهنا تلعب شخصية الإنسان وطبيعته وذوقه وذكرياته الخاصة دورا كبيرا في ذلك. وهذه الأشياء لا يمكن قياسها من الناحية العلمية. وهو ما أكده أيضا البروفيسور كريستيان كيرنباخ في حواره مع صحيفة “فيلت” وذكر أن القشعريرة تعتمد أيضا على التجارب والذكريات الشخصية.
المصدر: dw.com