جدد الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في كلمته الاخيرة خلال الاحتفال بالذكرى الـ30 لتأسيس هيئة دعم المقاومة الاسلامية، التأكيد على المضي قدما وحتى النهاية في معركة مكافحة الفساد والحد من الهدر المالي في الادارات اللبنانية والعمل لمنع هذا النزف الحاصل عبر الكثير من مزاريب المحاصصة والمنافع الخاصة التي باتت تهدد جديا بقاء الدولة والمؤسسات في لبنان.
والسيد نصر الله جدد التأكيد والتذكير بمدى الخطورة المتأتية من الفساد المستشري في الكثير من مفاصل الدولة بحيث بات الامر اشبه بالخطر الوجودي على لبنان واللبنانيين، وهو الامر الذي يجمع غالبية الافرقاء في الوطن على جديته وبأنه بات يحتاج الى معالجات طارئة وجذرية ولا يحتمل معه التسويات، ولعل حساسية وخطورة هذا الموضوع هو ما دفع حزب الله للمبادرة بشكل واضح وقاطع كما لم يحصل من قبل، وهو ما قاله بالحرف السيد نصر الله “نحن امام مفصل وجودي نحن امام حالة تهدد وجود البلد، في معركه المقاومة كنا ندافع عن الوجود لكن العنوان الأخطر كان الدفاع عن السيادة الدفاع عن خيرات البلد الدفاع عن كرامته عن عزته عن حريته من اجل استعادت ارضه، لكن الانهيار المالي والاقتصادي والافلاس معناها انه ذهب كل شيء ذهاب الدولة وذهاب البلد وانهيار البلد”.
وهذا الجهد القوي والمدروس من حزب الله يهدف الى الحفاظ على المكتسبات الوطنية التي سبق ان حققتها المقاومة ومن خلفها كل الوطن في مواجهة العدوين الاسرائيلي والتكفيري، حيث قدمت المقاومة على هذا الدرب خيرة قادتها وشبابها للحفاظ على سيادة لبنان ومنع تقسيمه او تفتيته وصونا للتنوع القائم فيه منذ عشرات السنين وحتى اليوم، ولذلك فمقاومة الفساد لها خلفياتها ومبرراتها الدينية والاخلاقية والوطنية والانسانية، فكل الاسباب تؤدي الى النتيجة التي اعلنها حزب الله بضرورة مكافحة الفساد ومحاربته وجعلها في هذه المرحلة احدى أبرز الاولويات، ولا يوجد اي مبرر يمنع الانطلاقة القوية لمكافحة الفساد او المواصلة بها ووضعها على السكة الصحيحة للوصول الى النتائج المرجوة منها أيا كانت المهل الزمنية التي تتطلبها المسألة وإن طال الوقت للوصول الى الهدف المنشود.
والسيد نصر الله قد اكد ان محاربة الفساد لا تقبل اي شكل من أشكال التسويات على الطريقة اللبنانية كما يعتقد البعض او يسعون الى ذلك في العديد من الملفات، على الرغم من ان الموضوع قد يؤدي الى نشوء حساسيات معينة لدى بعض الجهات التي قد تعتبر نفسها مستهدفة بشكل او بآخر من فتح ملفات الفساد هنا او هناك، وحزب الله قد اعلن في اكثر من مناسبة على لسان السيد نصر الله والعديد من قياداته وأيضا نواب كتلة “الوفاء للمقاومة” ان موضوع مكافحة الفساد لا يستهدف اي احد لاي جهة او طائفة او مذهب او حزب او تيار انتمى، لكن بالموازاة لن يقف حزب الله موقف المتفرج بعد اليوم على الفساد أيا كان مصدره ولن تأخذه في ذلك لومة لائم، وبهذا المعنى قال السيد نصر الله “لا نستطيع ان نقف متفرجين لأجل فلان لا يزعل والحزب الفلاني ما يتحسس والتيار الفلاني لا يغضب وبالتالي نترك بلدنا يسير تجاه الانهيار..”.
وحزب الله منذ اللحظة الاولى للاعلان عن عزمه على مكافحة الفساد، يتبع أسلوبا راقيا وأخلاقيا وقانونيا في هذه المعركة(يتماشى مع أدبيات وسلوكيات هذه المقاومة والقيم الاسلامية الاصيلة) عبر بذله الجهود الكبيرة لتحضير الملفات القانونية واللجوء الى القضاء باعتباره الجهة المخولة بالتحقيق والاتهام والحكم، فحزب الله يبتعد عن سياسة التشهير والكيدية والانتقام وفضح اسماء من قد تدور حولهم الشبهات، ولذلك لم نجد اي تهمة ساقها الحزب بحق احد في وسائل الاعلام او عبر منصات التواصل او في غيرها وكل ما فعله حتى الآن هو تقديم بعض الملفات الى القضاء عبر مسؤول ملف مكافحة الفساد في الحزب النائب حسن فضل الله.
وبنفس الاطار، طالما دعا الحزب الجميع ليس فقط الى ملاقاته في منتصف الطريق الطويل لمحاربة الفساد، بل دعاهم الى الخوض في هذا الملف ولو سبقوه فيه باعتبار ان الهدف هو الوصول الى النتائج المرجوة من معركة مكافحة الفساد لا تسجيل انتصارات او نقاط او استثمار ذلك في رفع الرصيد الشعبي والسياسي للحزب، وحول ذلك قال السيد نصر الله “يهمنا ان يقف الهدر يهمنا ان يقف الفساد يهمنا أن يعود المال المنهوب من الدولة الى الدولة لأن هذا المال هو ملك الشعب اللبناني… أي أحد عنده أدلة ومستندات على ملفات فساد وهدر مالي في الدولة ويتقدم بها إلى القضاء نحن معه وندعمه وخلفه، نحن كل من يحمل راية هذه المعركة نقبل به قائدا وحاضرين أن نكون عنده جنودا وضباطا، إذا هذا هو هدفنا بكل صدق وإخلاص نحن نريد تحقيق الهدف..”.
وتأكيدا على القرار الحاسم الجازم بمكافحة الفساد رفع السيد المعركة الى مصاف المقاومة بما لها من قدسية وعظمة وبما تحمله من مفاهيم الحرية والاستقلال ورفع التبعية والاستبداد، قال السيد نصر الله “يجب ان نكمل في معركة الفساد والهدر المالي، في هذا الشق الآخر من معركة المقاومة يجب ان نكمل ليبقى لنا بلدنا سيدا عزيزا قويا قادرا على الصمود في مواجهة كل العواصف والزلازل، وقادرا على معالجة مشاكله الاقتصادية والاجتماعية والحياتية”.
يبقى ان على مختلف الاطراف في لبنان ملاقاة ومشاركة حزب الله في حربه ومقاومته للفساد، لاثبات صدق نواياها وحقيقة ما ترفعه من شعارات وكي لا تبقى هذه الخطابات حبرا على ورق ومجرد كلام لا يقدم ولا يؤخر، فقد وضع الحزب الملف على مشرحة الحقيقة والقضاء وفتح الباب امام الجميع للمشاركة بتقديم كل ما لديهم من وثائق ومستندات تساعد وتفيد في هذه المعركة، والأهم رفع الغطاء عن أي متورط وعدم تسييس الموضوع أو أخذه الى مناحٍ طائفية بغية الالتفاف عليه ومنعه من تحقيق النتائج المبتغاة منه.
المصدر: موقع المنار