تعددت ولاءات فصائل الجنوب السوري، بين التبعية لغرفة “الموك” التي تدريها مخابرات الإقليم، وبين التبعية للتيار “الجهادي”، داعش كان أو جبهة نصرة، وكل الفريقين تتقاطع مصالحه مع دولة الاحتلال الإسرائيلي على حدود الجولان المحتل.
توقف عمليات فصائل الجنوب ضد الجيش السوري، أمر رأت فيه العديد من الجهات المحسوبة على المسلحين، أنه نتيجة أمر من “الموك” بالتوجه لقتال داعش، في إطار سياسة أميركية، لتحقيق إنجاز ما، قبل خروج الرئيس باراك أوباما من البيت الأبيض، في كانون الثاني / يناير المقبل، بعدما أيقنت إدارة واشنطن، أنه من المستحيل تحقيق تقدم على الجيش السوري في تلك المنطقة الحساسة.
وتلقت فصائل الجنوب العديد من الضربات العسكرية، من خلال مقتل العديد من قادتها على يد الجيش السوري، الذي ما يزال يمسك بالمفاصل الاستراتيجية في تلك المنطقة، ويمنع المسلحين من خرق السد المنيع الذي أنشأه الجيش السوري في مثلث أرياف “القنيطرة دمشق درعا”.
وفي خضم هذه التطورات، بالإضافة إلى مفرزات جنيف، والتزاماتها بالنسبة إلى دول الإقليم، تحرك تنظيم داعش إلى منطقة درعا، وأنشأ العديد من الخلايا السرية، وربط العديد من الفصائل ببيعات سرية، وبعضها علنية مثل “جيش خالد بن الوليد” المشكل حديثاً من حركة المثنى ولواء شهداء اليرموك، وجماعة المجاهدين.
تقدم داعش في الجنوب السوري وجهة ضربة كبيرة إلى جبهة النصرة، بشخص متزعمها في تلك المنطقة “أبو ماريا القحطاني”، باعتباره المحرض الأساس لقتال داعش داخل الجبهة، وأيضاً إلى تيار “الغلو” داخل الجبهة بحسب التوصيفات الجهادية، الذي تعاون مع حركة المثنى خلال الاعوام السابقة، انطلاقاً من وحدة المنهج الذي يجمع الطرفين.
وللمفارقة هنا، أن غرفة الموك طلبت سابقاً من فصائل الجيش الحر عدم محاربة داعش، الذي كان يقاتل تحت ستار “لواء شهداء اليرموك”، بسبب ارتباطات اللواء بالمخابرات الأردنية، لكن الذي حصل هو أن واشنطن وجهت حلفائها في المنطقة لقتال داعش وفصائلها، بعد الإتفاق مع موسكو على تسورية الأزمة في سوريا، فعدلت الموك قرارها، ووجهت جماعاتها لقتال داعش.
وكانت غرفة الموك فقدت الدعم المالي والتسليح عن جماعاتها في الجنوب، بسبب فشلها بالسيطرة على درعا المدينة، رغم الكم الهائل من الأسلحة والذخائر والمال الذي قُدم لها في سبيل هذه المعركة، والتي سميت بـ “عاصفة الجنوب”، كما أن تورط العديد من قادة الجيش الحر في صفقات بيع أسلحة إلى داعش، دفع بالموك إلى معاقبتهم، وقطع التمويل عنهم.
وبعد مواجهات انخل قبل يومين بين فصائل الحر وجماعة داعش، بعد تنفيذ الأخيرة عملية انتحارية قتل فيها مسؤول لواء مجاهدي حوران – الجيش الحر “قاسم السمير” و 6 مسؤولين آخرين، تتجه الأوضاع في الجنوب إلى مزيد من التأزم بين الطرفين، ويبدو أن المنطقة الجنوبية مقبلة على مواجهة دامية بين الجماعات المسلحة، اذا ما أعادت الموك ترتيب أوراقها، وإجبار مسلحيها على مواجهة داعش.
ومهدت العديد من الأحداث التي وقعت الشهر الماضي لانطلاق شرارة القتال، رصدها الإعلام الحربي المركزي، وهي على الشكل التالي:
– اشتباكات في بلدة المليحة الشرقية في ريف درعا الشرقي بين مسلحين من “ألوية العمري – جيش حر” ومجموعة من “بدو المنطقة”، استخدمت فيها الأسلحة المتوسطة والخفيفة، وذلك عقب منع “البدو” من المرور على حاجز بلدة “صمّا” المجاورة إلاّ بأمر من “دار العدل في حوران” بسبب إعتقالهم لأحد الأشخاص من البلدة، وتشهد البلدة توتراً بين الطرفين على خلفية الحادثة، وسط محاولة مجموعات مسلحة أخرى التدخل وتهدئة الأمور.
– قتل مسؤول “كتيبة أهل السنة” محمد راكان قنبس الملقب “أبو قاسم” مع عدد من المسلحين خلال اشتباكات في مدينة الحارة بريف درعا الشمالي الغربي، بين مسلحين تابعين “للمجلس العسكري في انخل – جيش حر”، ومسلحين آخرين من مدينة الحارّة، عقب اقتحام مجموعات “المجلس العسكري” للمدينة، وفتحها نيران رشاشاتها الثقيلة بشكل عشوائي في حملة بحث عن المتورطين باغتيال “منجد الزامل” أحد المسؤولين في “فرقة الحمزة” والذي قتل ومرافقه على أيدي مسلحين مجهولين بمدينة الحارّة.
ـ اعلن “جيش اليرموك” التابع لـ”الجيش الحر” عن مقتل 3 من مسلحيه في الهجوم الذي شنّه مسلحون مجهولون على حاجز بلدة السهوة في ريف درعا الشرقي صباح اليوم، وأعقب الهجوم مطاردة وحصار المسلحين في إحدى المزارع حيث قام أحدهم بتفجير حزامه الناسف ما أدى لمقتله ومسلح آخر كان برفقته، والقبض على المسلحين الآخرين.
-المجلس العسكري الأعلى في مدينة انخل” يعلن فرض حظر للتجوال واغلاق مداخل بلدة “الهجة” بريف القنيطرة، بالتزامن مع اقتحام مسلحيه للبلدة، وذلك على خلفية الاقتتال بين عشائر البلدة والذي أسفر عن سقوط قتلى وجرحى.
-طالب “المجلس العسكري الأعلى في مدينة الحارة” في بيان له من “محكمة دار العدل” بمحاسبة مجموعات تابعة “المجلس العسكري في مدينة انخل” التي اقتحمت مدينة الحارة بريف درعا الشمالي الغربي وفتحت نيران رشاشاتها الثقيلة باتجاه المدينة، إضافة لعمليات السلب والنهب التي ارتكبتها بحق منازل المدنيين، واعتقالها عدداَ من الشبان واهانتهم، وتصفية مسؤول “كتيبة فدائيو السنة” محمد راكان قنبس بحجة البحث عن مطلوبين باغتيال أحد مسؤوليها “منجد الزامل”.
ونفى “مجلس الحارة العسكري” وجود أي خلايا مرتبطة بتنظيم داعش في المدينة الخاضعة لسيطرته، والتي تُتخذ حجة عند كل عملية خطف أو قتل. وفي سياق متصل، أعلنت بعض المجموعات المسلحة فك ارتباطها بـ “مجلس انخل العسكري” عقب اقتحامه لمدينة الحارة، ومن أبرز هذه المجموعات، مجموعة “أبو عرب الوادي” ومجموعة “عمر الفلسطيني”، ما استدعى لتدخل “أحرار الشام” وبعض أعيان المنطقة لحل الخلاف بين مدينتي الحارة وانخل بعد تعهد “المجلس العسكري في مدينة انخل” بإطلاق سراح المعتقلين المدنيين والعسكريين من أهالي مدينة الحارة، وإحالة قضايا السرقة والتخريب إلى “محكمة دار العدل في حوران”.