إنّه شهر المقاومة في لبنان. فكما في كلّ عام، يتضمّن شهر آذار (مارس) أنشطة «مقاومة الاستعمار والفصل العنصري الإسرائيلي» في لبنان، بالتزامن مع أنشطة مماثلة تقام في أكثر من 200 دولة حول العالم.
هذا النشاط السنوي الذي بدأه ناشطون فلسطينيّون ولبنانيّون منذ ما يقارب خمس سنوات في لبنان، يعود الى أكثر من عشر سنوات حين انطلق من كندا.
يتميّز الشهر هذا العام بأنشطة متنوّعة تطال مواضيع عدّة. يوم الأحد 6 آذار، تنظَّم جولة داخل مخيّم برج البراجنة حيث سيزور المشاركون مراكز مبادراتٍ شبابيّة داخل المخيّم للاطلاع على أعمالها ولفتح سبل تواصل ومشاركة بين داخل المخيّم وخارجه. كذلك، تقام محاضرة مرتقبة حول «المقاومة بأشكالها المتعدّدة» (7/3) العسكريّة والإعلاميّة والاقتصاديّة والثقافيّة في الجامعة الأميركيّة في بيروت، يشارك الأسير المحرّر والإعلامي أنو ياسين والأكاديمي ستيفن ساليطة والناشطة في حملة المقاطعة عفيفة كركي، إلى جانب الزميل بيار أبي صعب.
كذلك، تنظّم الحملة أمسية شعريّة تقدّمها الناشطة وإحدى مؤسسي «أسبوع الفصل العنصري»، الشاعرة الفلسطينيّة رفيف زيادة، التي اشتهرت بأدائها قصيدة «نحن نعلّم الحياة، سيّدي» (We teach life, sir). تُقام الأمسية في الجامعة الأميركيّة في بيروت في 10 آذار ويليها حوار مفتوح مع الشاعرة.
كذلك، ستُقام ندوة في 14 آذار حول «التمييز العنصري ضد الفلسطينيين في لبنان» تشارك فيها الزميلة ضحى شمس والباحث جابر سليمان. ومن المحطّات المهمّة والمنتظرة، محاضرة في 21 آذار في الجامعة الأميركيّة حول «مقاومة المشروع الصهيوني منذ 1936»، يقدّمها الكاتب والصحافيّ فوّاز طرابلسي وأخرى حول «سياسة تقليصات الأونروا» يشارك فيها الباحث علي هويدي في 23 آذار في مخيّم برج البراجنة. كذلك، سيتمّ عرض فيلم «المطلوبون الـ 18» للفلسطيني عامر شوملي في أماكن وتواريخ عدّة، إلى جانب عروض سينمائية ومسرحية للأطفال وعروض رقص معاصر وأمسيات موسيقيّة متنوّعة وصولاً الى نهاية الشهر وإحياء «يوم الأرض» في 30 آذار من خلال أنشطة مختلفة. وسيتمّ الإعلان قريباً عن الحفل الموسيقيّ الريعيّ في ختام الشهر لدعم أنشطة الشباب في مركز النقب في مخيّم برج البراجنة.
أما «أسبوع الفصل العنصريّ الإسرائيليّ» (Israeli Apartheid Week) الذي تخطّى الأسبوع فعلياً وأصبح يمتد لقرابة الشهر في معظم الدول، فهو حركة مقاومةٍ مدنيّةٍ يُنظّم سنويّاً خلال شهر آذار من قبل ناشطين من أجل القضيّة الفلسطينيّة وحقوق الإنسان. تهدف هذه الفعاليّة الى نشر الوعي حول سياسات التمييز العنصريّ الممارس من العدو الإسرائيليّ على الشعب الفلسطيني في الأراضي المحتلة كجدار الفصل العنصريّ في الضفة الغربيّة وفي دول الشّتات عبر منع اللاجئين من العودة، وحشد الرأي العام ضد المشروع الاستعماري الإسرائيلي وممارساته العنصريّة. انطلقت هذه الفعاليّة عام 2005 بمبادرةٍ من «تجمّع الطّلّاب العرب» في «جامعة تورونتو» الكنديّة، ثمّ انتشرت بعدها حول العالم آخذة في التّوسّع كلّ سنةٍ حتّى شملت في العام الماضي أكثر من 150 مدينة.
يشكّل هذا الحدث السّنويّ جزءاً رئيسيّاً من الحركة الدّوليّة للتّضامن مع القضيّة الفلسطينيّة، ويعمل إلى جانب «حركة مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها» المعروفة بـ BDS التي انطلقت عام 2005 بدعوةٍ من المجتمع المدني الفلسطيني. المقاومة المدنيّة تلعب دوراً مكمّلاً للمقاومة المسلّحة الّتي لم تهدأ ولم تهادن العدوّ منذ النكبة حتى يومنا مع «انتفاضة السّكاكين» المندلعة منذ تشرين الثاني (نوفمبر) 2015.
على مدى ثلاثين يوماً اذاً، تمتدّ سلسلة الأنشطة في لبنان لتشمل أماكن متنوّعة: من الجامعة الأميركيّة في بيروت والجامعة اللبنانيّة الأميركيّة الى «جامعة البلمند»، و»مركز النقب» في مخيّم برج البراجنة، ومخيّمات اللاجئين الفلسطينييّن في عين الحلوة وشاتيلا ونهر البارد الى قاعات عدّة في طرابلس وصيدا ومقهى «تاء مربوطة» في الحمرا. يشارك في تنظيم هذه الفعاليّة كل من المخيّمات المذكورة و»النادي الثقافي الفلسطيني» و»نادي السنديانة الحمرا» في الجامعة الأميركيّة وحملة المقاطعة.
الفعاليّة التي يستعدّ المنظّمون لاستكمالها بالمزيد من الأنشطة طوال العام، هي قبل كل شيء تأكيد من هؤلاء الناشطين الفلسطينيين واللبنانيين على أن القضيّة الفلسطينيّة قضيّة تعني لبنان كما فلسطين، والعمل لأجلها يتطلّب توحيد الجهود في اتجاهٍ واحدٍ من أجل مقاومة العدو والانتصار عليه.
وجديرٌ بالذكر هنا بأنّ سوريا تشارك هذا العام في الفعاليّة خلال شهر آذار بالرغم من الحرب الدائرة فيهان إذ تُنظّم بعض الأنشطة في أماكن مختلفة هناك. فكما قال أديب فلسطين المقاوم الشهيد غسّان كنفاني «اذا كنّا مدافعين فاشلين عن القضيّة، فالأجدر بنا أن نغيّر المدافعين، لا أن نغيّر القضية». إنّ هؤلاء المنظّمين الشباب لم يغيّروا القضيّة المحور، فلسطين، ولم ينتظروا الأنظمة الفاشلة في دفاعها عن القضيّة لتصحّح أخطاءها في مواجعة العدو، بل أخذوا المسؤوليّة على عاتقهم والمبادرة للعمل من أجل فلسطين حرّة، بكامل ترابها، وفي حضن امتدادها التاريخيّ والثقافيّ الطبيعي.
«شهر مقاومة الاستعمار والفصل العنصري الاسرائيلي ـ لبنان»: حتى 30 آذار (مارس)
facebook.com/IAWLebanon