دعا المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان في خطبة الجمعة اللبنانيين جميعا مسلمين ومسيحيين إلى “اعتماد مبدأ النفع والخدمة والتفاني والابتعاد عن كل ما يؤسس للضغائن ويثير النعرات، فنحن أحوج ما نكون في هذه الأيام العصيبة إلى الإلفة والتعاون، وتجاوز كل الخلافات، كي نتمكن وبمشاركة الجميع من تخطي المطبات، والخروج من هذا النفق السياسي المظلم الذي يكاد يوصل البلد إلى حافة الانهيار والانحلال، وهذا بالتأكيد أمر لا يرضاه لا المسيحي ولا المسلم، ولا يمكن أن يقبل به أي لبناني عاقل”.
وطالب “كل القيادات السياسية والحزبية وكل المعنيين بإدارة شؤون البلاد والعباد بإيقاف ارتهاناتهم السياسية وبازاراتهم الطائفية والمذهبية، وليكن التوجه صادقا نحو قيامة وطن وبناء دولة، إذ يكفي اللبنانيين صراعات ونزاعات واصطفافات، وأصبح من الملح جدا أن نتعاون جميعا على تخفيف التوترات والانقسامات، ونتناصح ونتكافل من أجل أن ننقذ بلدنا، وننأى به عن كل الصراعات والتجاذبات الإقليمية والدولية، فاللبنانيون لم يعودوا قادرين على التحمل، والأوضاع الاقتصادية والمعيشية والاجتماعية باتت تشكل هاجسا مقلقا وخطيرا، ولا يجوز التعامي عنها أو الاستخفاف بما قد تفرزه من انعكاسات، وتحدثه من انفجار اجتماعي يعرض لبنان ووحدته إلى أفظع وأبشع المخاطر”.
ونبه المفتي قبلان “الجميع وحذرهم من استمرار تعطيل الدولة، وشل مؤسساتها”، داعياً إلى “التلاقي والتوافق بأسرع وقت على قانون انتخابي عصري يؤمن صحة التمثيل، ويؤسس لتكوين سلطة سياسية واعية وقادرة على قيادة ورشة وطنية إنقاذية، تخرج لبنان واللبنانيين من كل هذا التخبط السياسي والأمني والاقتصادي، وتعيد للمؤسسات دورها وحركتها الطبيعية في إدارة شؤون الدولة ومعالجة هموم الناس، وحماية وحفظ لبنان من أي مشروع يهدف إلى زعزعة كيانيته ومصيره”.
وشدد “على الوفاق وضرورة الخروج من حلبة الصراع على السلطة، وطي صفحة الخلافات، وفك الارتباطات والارتهانات بالخارج، فمصير ومستقبل لبنان لا يتقرر ولا يتحدد إلا بوفاق وتوافق أبنائه، الذين وحدهم قادرون على تحصين بلدهم وتعزيز دوره في مواجهة كل ما يتهدده، لاسيما في هذه المرحلة الصعبة التي تجتاح المنطقة، والتي توجب علينا جميعا أن نكون واعين ومدركين لمخاطر وتداعيات ما قد يحدثه استمرار الانقسامات السياسية والتحسسات الطائفية والمذهبية التي من شأنها استنزاف قدرات اللبنانيين وتعريضهم لأسوأ الاحتمالات”.
وعن الانتخابات البلدية، قال “إننا أمام انتخابات بلدية واختيارية، نأمل أن تنجز بما يحقق المصلحة العامة، وبمستوى عال من المسؤولية، فالخدمة البلدية هي بمثابة الأوكسجين لكل قرية وبلدة، وهذا يفترض شراكة أهل البلد، بخلفية عقل تنموي مدروس، بعيدا عن الامتيازات الذاتية والعائلية وغيرها، لأن البلدة تحيا بأهلها، وتتمزق بالخلافات العائلية والأنانية، وهذا يحتاج إلى تقوى ونكران للذات، وتأكيد لعقل الجماعة، وتثمير لمشروع “أن البلدة عائلة واحدة”، و”أن ربح البلدة هو ربح كل العائلات”.
ودعا المفتي قبلان “الجميع إلى تحكيم المشروع، وتحديد أولويات البلدة، وحاجاتها، لأن أي عمل بلدي بلا أولويات وأطر موضوعية وعقل مستقبلي يعني الفشل والضياع. كما نطالبهم بأن يكون هذا الاستحقاق، استحقاق نهضة وتنمية وبذل جهود وتضحية من أجل الاتيان برؤساء بلديات ومخاتير يكونون فعلا في خدمة الناس والصالح العام، آملين أن يكون هذا الاستحقاق مقدمة لإنجاز الاستحقاق الذي ننتظره جميعا ألا وهو انتخاب رئيس للجمهورية وانطلاق مسيرة بناء الدولة”.
المصدر: الوكالة الوطنية للإعلام