وجه رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان رسالة الإسراء والمعراج، هنأ فيها اللبنانيين عموما والمسلمين خصوصا. وجاء فيها:
“إن ذكرى الإسراء والمعراج المبعث النبوي الشريف هي يوم اتصال السماء والأرض، فكانت هذه الرحلة معجزة القرون والعصور وكرامة للنبي محمد، فيوم الإسراء والمعراج محطة تاريخية في حياة البشرية إذ أجابت على تساؤلات كبرى وكشفت عن أسرار وحقائق هذا الكون حيث انطلق النبي في مسيرة الإسراء في ليلة واحدة من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى فقام برحلة المعراج مع جبرائيل حتى وصل الى مكان لم يصل اليه احد حتى بلغ سدرة المنتهى، فكان قاب قوسين او أدنى، اذ سخرت الإرادة الإلهية الإمكانيات التي يعجز عن امتلاكها كل البشر والمخلوقات فكان المجد لمحمد في السماء حيث رجع بالتعاليم الإسلامية ليحل السلام في الأرض، فهو بعث ليتمم مكارم الأخلاق، وأرسل رحمة للعالمين مصداقا لقوله تعالى في كتابه العزيز “وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين”، فكان رسول الله القدوة الحسنة التي تستحق الاقتداء بها فكان قريبا من السماء محبا للناس يتعاون معهم ويتودد إليهم ويهديهم النصيحة ويتحنن على فقرائهم ويساعد محتاجيهم”.
اضاف سماحته: “من هنا، فإننا مطالبون بالتزام دعوة رسول الله في التمسك بالحق وقيمه ومبادئه، والاقتداء بنهج وسيرة رسول الله وأهل بيته في تعاطيهم مع الناس والتقرب إلى الله بالعمل لما فيه خير الإنسان والإنسانية.
واكد الشيخ قبلان “أن اسراء النبي من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى يحمل الدلالة الواضحة على أن هذين المسجدين توأمان في موضع التكريم الالهي، وهما معرضان اليوم لاستهداف الارهاب الصهيوني والتكفيري، وعلينا أن نعمل للحفاظ عليهما وصد شذاذ الأرض والمفسدين والظالمين الذين يسعون لضرب قيم الإيمان ومعالمه. فالقدس الشريف محتلة كما اراض فلسطين مهددة بالاستيطان من الارهاب الصهيوني، وكل مساجدنا وكنائسنا وشعوبنا عرضة لاستهداف الارهاب التكفيري الذي يطال الحجر والبشر على السواء، وهذا ما يحتم على قادة العرب والمسلمين ان يتضامنوا في مواجهة هذا الارهاب الذي وصل في اجرامه الى مرحلة جعلت منه سرطانا أمميا ينبغي ان تتضافر الجهود لاستئصاله من الجذور بوصفه عدوا خبيثا للانسانية جمعاء، وعليهم ان يتقوا الله في بلاده وعباده فيتعظوا ممن سبقهم فيوقفوا نزيف الدم في سوريا واليمن وينصفوا شعب البحرين، ويدعموا الحلول السلمية التي تعيد الامن والاستقرار الى بلادنا وتبعد عنها خطر التقسيم وتبقيها بمنأى عن الاستعمار الجديد الذي يريد اخضاع شعوبنا واغراقها في الفوضى والاضطراب خدمة للمشروع الصهيوني”.
وطالب “الفلسطينيين بوعي الأخطار المحدقة بهم ومواجهتها بمزيد من التلاحم والتشاور والتعاون في ما بينهم، لأن العدو الإسرائيلي لا يميز بين فلسطيني وآخر، فسجون الاحتلال وغرف التعذيب تغص بالاسرى الفلسطينين من النساء والرجال والاطفال الذين نحيي انتفضاتهم وصبرهم. ونناشد المسلمين والمسيحيين برفع الصوت عاليا لإدانة ما تتعرض له فلسطين من انتهاكات وجرائم، فالرد الأمثل على إسرائيل وعدوانها يكون بتوثيق العلاقات بين المسيحيين والمسلمين في مواجهة الحقد التلمودي ضد الديانتين السماويتين، وعلى الفلسطينيين ان يتوحدوا تحت لواء تحرير فلسطين من رجس الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة بعاصمتها القدس الشريف بعد عودة اللاجئين الى ديارهم، وعلينا ان نتوحد عربا ومسلمين لتحرير أرضنا المحتلة في فلسطين والجولان ومزارع شبعا وتلال كفرشوبا.
ودعا قبلان اللبنانيين الى “العمل متضامنين متعاونين ليعود لبنان ساحة محبة ووئام، لان الخلاف لا يبني وطنا والمناكفات تعيق مسيرة الاستقرار، وعليهم ان يبذلوا الجهد لتحصين الشراكة الحقيقية القائمة على الاندماج الوطني الذي يصهر جميع المكونات الطائفية والسياسية بعيدا من الغبن والمحاصصة لاي مكون، من هنا نطالب السياسيين بأن يتفقوا على انجاز قانون جديد للانتخابات يحقق الانصاف في التمثيل ويقوم على النسبية بما يجعل من لبنان دائرة انتخابية واحدة يتساوى فيها الجميع في انتخاب من يرون فيه مؤهلا لتمثيلهم بغض النظر عن طائفته وانتمائه، وعلى الجميع ان يضعوا مصلحة الوطن واهله فوق كل الاعتبارات فينجزوا قانونا على قياس الوطن وليس على قياس طائفة او جهة. فنحن نريد قانونا منصفا يرسخ العيش المشترك ويعبر بوطننا الى دولة العدالة والمساواة التي يكون فيها المواطن هو الوحدة السياسية وتكون دولة القانون والمؤسسات هي الحضن والملاذ لكل اللبنانيين”.
وهنأ “الجيش اللبناني بالعملية النوعية التي نفذها في عرسال، والتي تكشف ان لبنان المستهدف من الارهاب التكفيري والصهيوني يحتاج الى مزيد من التضامن الوطني بين مكوناته”، وقال: “هنا نوجه تحية الاكبار والتقدير الى افراد وضباط الجيش اللبناني والقوى الامنية ورجال المقاومة الذين اثبتوا انهم العين الساهرة على امن الوطن واستقراره وحفظ حدوده، ونأمل ان يحظى جيشنا الباسل بالدعم المطلق من العهد الجديد، فنوفر له كل العتاد والتجهيزات والدعم المطلوب ليظل سياجا يحمي الوطن ويحفظ استقراره ويدفع الخطر عن شعبه”.