لفت السيد علي فضل الله أن “العالم ينتظر إجراء تحقيق دولي، كان من الطبيعي أن يحصل بعد المجزرة المروعة التي حصلت في إدلب، إذ دخلت الإدارة الأميركية على الخط الساخن، من خلال قصفها لأراض سورية، ما يعزز الشكوك في أن ما حدث في خان شيخون كان مدبرا من الأساس”، مضيفاً “إننا نلمح في ذلك الى محاولة من الرئيس الأميركي لإخراج نفسه من الأزمات التي يعانيها منذ تسلمه مقاليد السلطة، وإمعانا في الدخول الأميركي على خط الأزمة في سوريا، لإطالة أمدها والاستمرار في حالة النزف في هذا البلد، وهو ما يعود بالفائدة على الكيان الصهيوني، الذي يشعر بالارتياح أكثر عند كل ضربة تؤثر استراتيجيا في الجيش السوري، وفي أي موقع من مواقع القوة في المنطقة”.
وفي خطبة صلاة الجمعة التي القاها في مسجد الإمامين الحسنين (ع) في حارة حريك، قال السيد فضل الله إنه “في الوقت الذي نستنكر فيه المجزرة في إدلب، وأي تعرض للمدنيين، من أي كان، ندعو إلى إجراء تحقيق جدي في كل ملابساتها، لينال مرتكبها الجزاء العادل، فأرواح المدنيين لا ينبغي أن يتهاون فيها، وهي ليست مادة للاستثمار في لعبة الكبار وغير الكبار. إن الذي يحرص على أرواح المدنيين، لا بد من أن يحرص عليها في كل مكان، فنحن لم نر هذا الحرص، في غزة، وفي العراق، وفي اليمن وغيره”، مشيراً الى أنه “لا نتوقع في يوم من الأيام أن تكون أميركا هي القاضي العادل في هذا العالم، بعد أن أخذت دور الجلاد، علما أننا لم نكن نريد لها هذا الدور، ولكن أميركا ستبقى نفسها، وهي تريد أن تأخذ الدورين، ولكن في المقابل، فإن للشعوب خياراتها، وعليها أن تعي قدراتها، وهي موجودة وجاهزة”.
من جهة ثانية، وفي ما يتعلق بالملفات الداخلية، أشار السيد الى أن “لبنان، الذي لا يزال يعيش على وقع فشل القوى السياسية في إنجاز قانون انتخابي، فإن هذه القوى لا تزال على مواقفها، من دون أن يتقدم أي منها خطوة لملاقاة الآخرين، ما يجنب البلاد الوصول إلى واحد من محاذير ثلاثة، تتمثل في الفراغ والتمديد وقانون الستين”، مشيراً الى أنه “لقد أتقن النادي السياسي لعبة “حافة الهاوية”، وبالطبع، فإنه لن يسقط فيها، ولكن الخشية تتمثل في أن يسقط البلد عندها. إن ممارسة القوى السياسية هذه اللعبة قد يكون أمرا طبيعيا في السياسة، لتحقيق مكاسب أكثر لها، ولكن هذا الأمر غير مقبول في بلد تضج فيه المشاكل وتحيط به النيران”.
وفي السياق، دعا السيد فضل الله “الحكومة التي تضم أغلب القوى السياسية إلى لعب دورها في إنجاز هذا القانون الذي جعلته من أولوياتها، ونحن نريد القانون الذي يؤمن التمثيل الصحيح، ويجدد الحياة السياسية، وهذا ما نراه في قانون النسبية، لكونه خطوة مهمة على طريق دولة الإنسان، دولة المواطنة التي ندعو إليها في لبنان.إننا نريد للمجلس النيابي الذي يجتمع في هذه الأيام ليناقش الحكومة، أن يلعب دوره في تصعيد الضغط عليها. وفي الوقت نفسه، أن يساعدها على القيام بدورها، لأن الحكومة تعبير عن أكثرية المجلس النيابي، والبلد لا يتحمل تقاذف الكرة بين الحكومة والمجلس النيابي أو تسجيل النقاط، مما هو معتاد في السياسة اللبنانية”.
هذا وحذر السيد أنه “في هذا الوقت، تبرز العديد من الأزمات التي نخشى أن تهدد الاستقرار السياسي، الذي ينبغي المحافظة عليه، ولا سيما أن كل شيء في هذا البلد يحمل البعد الطائفي والمذهبي، وهو ما نشهده في تنازع الصلاحيات بين المواقع الرسمية، وفي التعيينات التي حصلت أخيرا في بعض الأجهزة الأمنية، أو في الأزمات الاجتماعية التي تتفاقم يوما بعد يوم، والتي لا تقف عند حدود الماء والكهرباء، وسلامة الغذاء والصحة، لتصل إلى الأصوات المتعالية المحذرة من انهيار النظام الصحي التابع للضمان الاجتماعي.ويواكب ذلك توترات أمنية تكررت الأسبوع الماضي في الضاحية الجنوبية، وأدت إلى سقوط ضحايا بريئة، وتنام لظواهر نراها محدودة، ولكنها تسيء إلى صورة هذه المنطقة، التي شكلت وستبقى تشكل حاضنة للجيش اللبناني والمقاومة”.
وفي السياق، أكد فضل الله “الدور الأساس للدولة، والتي من مسؤوليتها أن تقوم به. وهنا، نقدر جهود القوى الأمنية التي قدمت تضحيات في هذا المجال في الأيام الماضية. نعم، هناك أدوار أخرى مطلوبة مؤيدة ومساندة وداعمة. وعندما لا تقوم الدولة بدورها، فمن الطبيعي أن يملأ أحد الفراغ، وهذا ما لا نريده ولا ندعو إليه”.
المصدر: الوكالة الوطنية للإعلام