أشار رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري، خلال كلمة القاها في مؤتمر بروكسل حول مستقبل سوريا والمنطقة الى أزمة النزوح التي يعاني منها لبنان، متحدثاً عن “قصة أربعة ملايين لبناني، استضافوا 1.5 مليون نازح سوري، إضافة إلى نصف مليون لاجئ فلسطيني موجودين اساسا في لبنان. ان ذلك اشبه بأن يستيقظ 500 مليون مواطن في الاتحاد الأوروبي فجأة ويرون انه حصلت زيادة 250 مليون شخص بين ليلة وضحاها! وانه على الأوروبيين انفسهم مساعدتهم فيما هم بالكاد قادرون على مساعدة أنفسهم”.
وتابع الحريري “وبقدر ما لا يمكن تصور هذه القصة، إلا أن ما لا يمكن تخيله قد حصل، فقد انخفض معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي في لبنان من نسبة 8 في المئة قبل الأزمة إلى ما يزيد قليلاً على واحد في المئة في السنوات اللاحقة. كذلك فإن الخسارة التي لحقت بالناتج المحلي الإجمالي منذ بداية النزاع بلغت 18 مليار دولار في 2015. معدل الفقر وصل الى الـ 30 في المائة، وتضاعف معدل البطالة إلى 20%، في حين أن البطالة بين الشباب اللبناني هي 30%. كذلك فإن الخدمات العامة تعمل فوق طاقتها والبنى التحتية مستنفذة، وغني عن القول إن نسبة ديون عجز الموازنة قد زادت. وعلاوة على ذلك، فان التقديرات تشير إلى أن أكثر من 500,000 شاب بين سوري ولبناني يواجهون خطر زيادة سوء الاوضاع الاجتماعية”.
وفي السياق، أعلن الحريري “أن 90% من الشباب اللبناني يشعرون بأنهم مهددون من قبل النازحين السوريين، والتوترات بين هذين المجتمعين وصلت الى مستويات خطيرة، وهذا ما يمكن أن يؤدي إلى اضطرابات اجتماعية وأعمال عنف من شأنها أن تهدد أمن البلاد واستقرارها السياسي”. وقال الحريري “إن الوضع الحالي في لبنان هو بمثابة قنبلة موقوتة. وفي الوقت الذي يواجه فيه لبنان هذه الظروف الصعبة، الا انه كان قادرا على الوفاء بالتزاماته حيال مؤتمر لندن، وهو يستمر في توفير الصالح العام العالمي بالنيابة عن بقية الدول. أنا مرتاح جدا للمتابعة التي تمت لمؤتمر لندن، ونأمل أن نرى في المستقبل القريب متابعة لمؤتمر بروكسل. نحن بحاجة إلى الحفاظ على الحوار والتعاون في ما بيننا فهو امر لا بد منه. ومع ذلك، فإن الصراع في سوريا استمر أطول مما اعتقدنا جميعنا كذلك فان احتمالات العودة الآمنة للنازحين السوريين إلى وطنهم لا تزال غير مؤكدة”.
وأكد “ان المساعدات الإنسانية كانت مفيدة جدا، ولكنها لا تزال غير كافية. لقد حان الوقت لتنفيذ حلول طويلة الامد لهذه الأزمة الطويلة. لم تظهر اي دولة السخاء الذي اظهره لبنان، نظرا لوضعنا الاقتصادي والسياسي والتحديات التي واجهناها طوال السنوات الماضية. لكنني أخشى أن لا يتمكن لبنان من الاستمرار، وهو لن يستمر في تحمل عواقب دعمه استضافة 1،5 مليون نازح سوري على اراضيه، ما لم يتم وضع خطة جديدة حيز التنفيذ”.
وتابع رئيس الوزراء اللبناني “ما هي الطريق التي يجب ان نسلكها؟ الأمر متروك لكم لتحديد كيف ستستمر قصة عبد الله، فإما ان تسلك مسار الأمل أو مسار اليأس. يمكننا معا الاستثمار في الامل واسير في الرؤية التي وضعتها الحكومة اللبنانية والدخول في عصر النمو والاستقرار والتطور، حيث يتلقى السوريون التعليم والتدريب ويكونوا مجهزين تجهيزا جيدا للمساهمة في مستقبل بلدهم، أو، يمكننا أن نستسلم لليأس والسماح للفقر والبطالة في لبنان بالازدياد، ونكون بذلك ندفع النازحين السوريين إلى مزيد من انعدام الأمن والضعف إلى التطرف … و ما هو أسوأ، فانا أخشى أن زيادة التدهور الاقتصادي وانعدام الأمن قد يدفعان، على حد سواء، اللبنانيين واللاجئين السوريين، إلى ايجاد ملاذات اخرى”.
وأضاف الحريري “أقف امامكم هذا الصباح لأسألكم الاستثمار في الأمل، تماما كما فعل لبنان. لقد وضعنا استراتيجية واضحة للتعامل مع التداعيات الشديدة للأزمة السورية، ولوضع لبنان مرة أخرى على طريق تحقيق الاستقرار والتنمية المستدامة. وهذه الاستراتيجية تعتمد على ركنين اثنين: أولهما إطلاق برنامج لاستثمار رأس المال على نطاق واسع من شأنه أن يساعد على توليد العمالة لدى كل من اللبنانيين والسوريين، والثاني هو توفير فرص التعليم للنازحين السوريين، بما في ذلك التعليم غير الرسمي، والتدريب التقني والمهني”.
ودعا الحريري”للاستثمار في السلام ودعم استقرارنا”. وقال ” دعونا نستثمر في لبنان وفي جيل المستقبل في سوريا، حيث يمكن للبنان ان يشكل الارضية المثالية لانطلاق عملية إعادة الإعمار في سوريا”.
المصدر: الوكالة الوطنية للإعلام