توجه آلاف المواطنين في قطاع غزة صباح يوم الأحد إلى مراكز توزيع المساعدات الإنسانية غرب مدينة رفح، على أمل الحصول على معونات تكفي لسد جوع أطفالهم، لكن هذه المراكز تحولت إلى مصائد موت جماعي، حيث أسفرت عن سقوط عشرات القتلى والجرحى في واحدة من أبشع الجرائم التي ارتكبتها قوات الاحتلال منذ تطبيق آلية توزيع المساعدات الجديدة.
وفق تقارير حقوقية دولية، دُعي المواطنون للتجمع عند نقاط توزيع المساعدات والانتظار لساعات قبل أن يتعرضوا لهجوم مباشر من طائرات مسيّرة وقصف دبابات، بالإضافة إلى استخدام قنابل الغاز المسيل للدموع من قبل عناصر شركة أمريكية خاصة مكلفة بالإشراف على التوزيع.
أثارت هذه المجزرة غضباً واسعاً على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث استنكر آلاف الفلسطينيين والعرب الجريمة التي أودت بحياة مدنيين بينهم نساء وأطفال، معتبرين أن هذه المساعدات كانت غطاءً لعملية إبادة منظمة تستهدف السكان المحاصرين.
تشير التقارير إلى أن ما جرى هو استمرار لسياسة ممنهجة لتحويل نقاط التوزيع إلى ساحات قتال وإذلال، تستهدف ليس فقط تجويع السكان بل القضاء عليهم بشكل ممنهج تحت غطاء إنساني مزيف.
منذ بدء تطبيق هذه الآلية، ارتفع عدد الضحايا الذين سقطوا خلال محاولاتهم الحصول على المساعدات إلى ما يقارب خمسين شهيداً ومئات الإصابات، مع وجود عدد من المفقودين، مما يثير مخاوف من تصاعد العنف وتزايد الانتهاكات.
وتؤكد المصادر الحقوقية أن هذه الآلية لا تلتزم بالمعايير الدولية للعمل الإنساني، بل تهدف إلى شرعنة حصار وتجويع سكان القطاع، مع استبعاد المنظمات الدولية الفاعلة، ووضع التوزيع تحت إشراف جهات تتعاون مع الاحتلال.
تُطالب منظمات حقوقية المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته الإنسانية والقانونية، وإلغاء هذه الآلية التي تكرّس الجريمة، وفتح قنوات المساعدات عبر الأمم المتحدة والوكالات المعنية بشكل مباشر، مع توفير الحماية الدولية للمدنيين الفلسطينيين.
تُظهر الوقائع أن المجزرة لم تكن حادثة منفصلة، بل نتيجة لسياسة متكاملة تدعمها جهات دولية لتحقيق أهداف أمنية وسياسية، فيما يتضح أن الدور الدولي في المنطقة تحول من وسيط محايد إلى طرف مشارك في فرض شروط تخدم الاحتلال.
مراكز توزيع المساعدات لم تعد مجرد نقاط لتقديم الدعم، بل تحولت إلى ساحات تنفيذ للإبادة ممنهجة، حيث يتم استهداف الجوعى بقرارات منظمة وبمشاركة جهات مدنية مسلحة مرتبطة بجهات أجنبية.
كما يشير الواقع إلى وجود تمويل وغطاء سياسي مباشر للاحتلال، مع إشراف على توزيع المساعدات باستخدام القوة، مما يشكل تناقضاً صارخاً مع أي ادعاء إنساني من قبل الجهات المسؤولة، ويعكس تحولاً خطيراً في الدور الدولي تجاه القضية الفلسطينية.
وارتكب الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الأحد، مجزرة دموية جديدة في قطاع غزة، استهدفت الفلسطينيين المتجمهرين للحصول على المساعدات الإنسانية، ما أسفر عن سقوط مئات الشهداء والجرحى، قرب موقع لتوزيع مساعدات أمريكية غرب مدينة رفح جنوبي القطاع.
وتوجه آلاف المواطنين فجر اليوم إلى نقطة المساعدات التي يديرها الاحتلال الإسرائيلي بالتنسيق مع جهات أمريكية في حي تل السلطان برفح، وسرعان ما أطلقت طائرات مسيّرة من نوع “كوادكابتر” النار صوبهم، قبل أن يستهدفهم الاحتلال بقذائف مدفعية، مما أسفر عن سقوط مئات الضحايا بين شهيد وجريح.
وأكد شهود عيان أن جنود جيش الاحتلال أطلقوا النار، بمشاركة طائرات مسيّرة من طراز “كوادكابتر”، على جموع المواطنين الذين كانوا يصطفون للحصول على المساعدات من الموقع الأمريكي الواقع غرب رفح.
وأشار الشهود إلى أن عناصر يرتدون زيًا أمنيًا تابعًا للشركة الأمريكية المكلّفة بتأمين المساعدات، شاركوا إلى جانب قوات الاحتلال في إطلاق النار، ما يكشف عن تورّط مباشر للولايات المتحدة في الجريمة، ليس فقط عبر الدعم السياسي والعسكري، بل من خلال شركائها الميدانيين على الأرض.
ويأتي هذا الهجوم في وقت تروّج فيه الإدارة الأمريكية لما تصفه بـ”جهود تقديم المساعدات”، إلا أن هذه المساعدات تحوّلت اليوم إلى غطاء لارتكاب جريمة إبادة جماعية بحق المدنيين الجوعى.
وقال المكتب الإعلامي الحكومي في غزة إنّ الجريمة الجديدة تمثّل دليلاً إضافيًا على مضيّ الاحتلال في تنفيذ خطة ممنهجة للإبادة الجماعية عبر سياسة التجويع. وأوضح، في بيان له، أن عدد الشهداء في مواقع توزيع المساعدات بلغ 39 شهيدًا وأكثر من 220 مصابًا خلال أقل من أسبوع.
وأضاف البيان أن الاحتلال حوّل مواقع توزيع المساعدات من نقاط للإغاثة الإنسانية إلى مصائد للقتل الجماعي، مشددًا على أن ما يجري هو استخدام ممنهج للمساعدات كأداة حرب وابتزاز ضد المدنيين الجوعى.
وأشار إلى أن الاحتلال، عبر سياسة تجويع متعمّدة تمهّد للتهجير القسري، وفق ما تؤكده تقارير الأمم المتحدة، دفع نحو 2.4 مليون فلسطيني في غزة إلى حافة المجاعة، بعد أن أبقى المعابر مغلقة أمام المساعدات الإنسانية، وخصوصًا الغذائية، لأكثر من 90 يومًا.
وبعيدًا عن إشراف الأمم المتحدة والمنظمات الإغاثية الدولية، بدأت تل أبيب منذ 27 مايو/أيار الماضي تنفيذ خطة لتوزيع المساعدات عبر ما تُعرف بـ”مؤسسة غزة للإغاثة الإنسانية”، وهي جهة مدعومة من إسرائيل والولايات المتحدة، لكنها مرفوضة من قبل الأمم المتحدة.
ويجري توزيع المساعدات في ما تُسمى “المناطق العازلة” جنوب غزة، وسط مؤشرات متزايدة على فشل هذا المخطط، إذ توقفت عمليات التوزيع مرارًا بسبب تدفق أعداد هائلة من المدنيين الجياع، ما دفع القوات الإسرائيلية إلى إطلاق النار على المتجمعين، وأسفر عن وقوع قتلى وجرحى. كما أن الكميات الموزعة وُصفت بأنها شحيحة، ولا تلبي الحد الأدنى من احتياجات مئات الآلاف من الجياع في القطاع.
لا أستطيع وصف هذا المشهد…
المعاناة مستمرة، ما بين قتلٍ بلا رحمة وتجويعٍ بلا نهاية. #غزة #مجزرة pic.twitter.com/0RduglAEor— أنس الشريف Anas Al-Sharif (@AnasAlSharif0) June 1, 2025
حركة حماس تحمل الاحتلال والإدارة الأمريكية مسؤولية المجزرة
حملت حركة المقاومة الإسلامية “حماس” الاحتلال الإسرائيلي والإدارة الأمريكية المسؤولية الكاملة عن المجازر المرتكبة في مواقع توزيع المساعدات، وعن استخدام سياسة التجويع كسلاح حرب ضد الشعب الفلسطيني.
وأدانت الحركة، في بيان، المجزرة الوحشية التي ارتكبها “جيش الاحتلال الفاشي” باستهدافه آلاف المواطنين الذين توجهوا إلى أحد مراكز توزيع المساعدات، وفق آلية حددها الاحتلال غرب مدينة رفح، ما أسفر عن استشهاد أكثر من 35 مواطنًا، وإصابة أكثر من 150 آخرين بجراح متفاوتة.
وأكدت أن “هذه المجزرة تؤكد الطبيعة الفاشية للاحتلال وأهدافه الإجرامية من وراء هذه الآلية، حيث يستخدم المراكز الخاضعة لسيطرته كمصائد لاستدراج المدنيين الجوعى، ويمارس أبشع صور القتل والإذلال بحقهم”.
وأضافت الحركة: “لقد توجه آلاف المواطنين، فجر اليوم، إلى منطقة توزيع المساعدات، استجابة لدعوة صادرة عن جيش الاحتلال، رغم ما يعانونه من حرب إبادة وتجويع غير مسبوقة، قبل أن يطلق عليهم النار بوحشية، في تأكيد صارخ على النية المبيّتة لارتكاب هذه الجريمة”.
وطالبت الحركة الأمم المتحدة، ولا سيما مجلس الأمن الدولي، باتخاذ قرارات عاجلة وملزمة تُجبر الاحتلال على وقف هذه الآلية الدموية، وفتح معابر قطاع غزة فورًا، وضمان تدفق المساعدات الإنسانية عبر المؤسسات الأممية المعتمدة.
كما دعت إلى تشكيل لجنة تحقيق دولية مستقلة، تدخل قطاع غزة للتحقيق في هذه الجرائم الممنهجة بحق المدنيين، ومحاسبة المسؤولين عنها كمجرمي حرب.
وحثّت الدول العربية والإسلامية على التحرّك العاجل لإغاثة سكان القطاع، والضغط لوقف حرب الإبادة الوحشية، وكسر الحصار، وضمان دخول المساعدات الإنسانية دون شروط.
أطباء بلا حدود: إسرائيل تستخدم المساعدات كأداة للتطهير العرقي
أكدت منظمة “أطباء بلا حدود” أن “البداية الكارثية لتوزيع المساعدات الغذائية تثبت فشل الخطة الأميركية – الإسرائيلية، وتؤكد أن إسرائيل تستخدم المساعدات كوسيلة لتهجير السكان قسرًا، ضمن ما يبدو أنه إستراتيجية للتطهير العرقي”.
جاء ذلك في بيان صادر عن المنظمة عقب المجزرة التي ارتكبتها قوات الاحتلال صباح اليوم، بحق المواطنين أثناء توجههم إلى نقطة توزيع المساعدات في منطقة المواصي برفح، والتي أسفرت عن استشهاد ما لا يقل عن 30 مواطنًا، وإصابة 150 آخرين.
وأشارت المنظمة إلى أن إسرائيل تمارس منذ أكثر من 19 شهرًا سياسات تنتهك أبسط مبادئ الإنسانية في غزة، وتتبنى نهجًا خطيرًا في توزيع المساعدات عبر توجيهها إلى مناطق محددة يتم فيها حشد المدنيين عمدًا.
وأوضحت أن النظام الإنساني في غزة يوشك على الانهيار بسبب القيود الإسرائيلية الصارمة، التي سمحت بدخول أعداد ضئيلة من شاحنات المساعدات، مشددة على أن استغلال المساعدات كسلاح قد يرقى إلى مستوى جرائم ضد الإنسانية.
المرصد الأورومتوسطي: مجزرة اليوم هي الأكبر منذ فرض آلية توزيع المساعدات
من جانبه، دعا المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان المجتمع الدولي إلى التحرك الفوري والجاد لإجبار إسرائيل على وقف العمل بآليتها غير الإنسانية لتوزيع المساعدات في قطاع غزة، وذلك عقب المجزرة التي راح ضحيتها أكثر من 220 مدنيًا صباح اليوم، نتيجة إطلاق نار مباشر قرب إحدى نقاط المساعدات المدعومة أمريكيًا جنوب رفح.
وقال المرصد، في بيان صحافي، إن فريقه الميداني وثق قيام جيش الاحتلال بإطلاق النار باتجاه آلاف المدنيين الذين تجمعوا فجر الأحد 1 يونيو/حزيران 2025، في حي تل السلطان غرب رفح، قرب نقطة مساعدات أقامها الجيش الإسرائيلي، ما أدى إلى استشهاد نحو 30 مدنيًا – بينهم امرأتان – في حصيلة أولية مرشحة للارتفاع، إلى جانب إصابة أكثر من 200 آخرين، وسط فقدان عدد غير محدد من الأشخاص، في ظل تدهور بالغ في النظام الصحي بفعل الحصار واستهداف المنظومة الطبية.
وأشار المرصد إلى أن الجيش الإسرائيلي والمنظمة الأميركية الشريكة له، وجّها الفلسطينيين إلى نقطة توزيع المساعدات وطلبا منهم الانتظار حتى الساعة السادسة صباحًا للمرور عبر بوابات التفتيش، قبل أن تُفتح النيران عليهم من طائرات “كوادكابتر” المسيّرة، وتُستكمل بقصف مدفعي مباشر، بالإضافة إلى إطلاق عناصر الشركة الأميركية قنابل الغاز على الجموع، ما أدى إلى سقوط ضحايا وحدوث تدافع كبير للفرار من الموت.
وبحسب شهود عيان قابلهم فريق المرصد، فإن المنظمة الأميركية تحضر كميات محدودة من الطرود الإغاثية، وتستدعي عشرات الآلاف من الفلسطينيين إلى مناطق التوزيع الخطرة، حيث يتعرضون لإطلاق النار والقذائف، فيما يتنازع من ينجو منهم على كمية ضئيلة من المساعدات لا تكفي إلا لأعداد محدودة جدًا.
المصدر: مواقع