في ظل تصاعد الضغوط الداخلية والانقسامات المتزايدة داخل الائتلاف الحاكم في كيان الاحتلال، يعقد رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، مساء اليوم الخميس، اجتماعًا أمنيًا عالي المستوى لبحث المقترح الأميركي الجديد لصفقة تبادل الأسرى مع حركة حماس، الذي قدّمه مبعوث الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ستيف فيتكوف. ويأتي الاجتماع في وقت تتصاعد فيه التصريحات الرافضة للمقترح من عدد من الوزراء والقيادات السياسية في الكيان الإسرائيلي.
ويعقد هذا الاجتماع في لحظة سياسية شديدة الحساسية، وسط تصاعد الخلافات حول شروط الصفقة، ومخاوف بعض الوزراء من أن تفضي إلى ما وصفوه بـ”رفع الراية البيضاء” أمام المقاومة في قطاع غزة.
وشارك في الاجتماع عدد من الوزراء البارزين، بينهم وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش، ووزير الخارجية غدعون ساعر، في وقت تسارعت فيه المواقف الرافضة من أعضاء الائتلاف الحاكم، الذين عبّروا صراحة عن معارضتهم للاتفاق المحتمل.
وجدد بن غفير، في مقابلة إذاعية صباح اليوم، رفضه لأي صفقة تتضمن وقفًا جزئيًا للحرب أو إطلاق سراح أسرى فلسطينيين، قائلًا: “أنا لا أطلق تهديدات، لكن رئيس الحكومة يعرف خطي الأحمر ويعلم متى يتجاوزه. أنا الوحيد الذي انسحب من الحكومة سابقًا، ولن أبقى إذا تم تجاوز هذا الخط”.
وأضاف: “صفقة جزئية ستكون خطأ تاريخيًا. إذا أفرجنا عن نصف الأسرى الآن، فإننا نؤجل تحرير النصف الآخر ونمنح حماس انتصارًا. هذا بمثابة رفع الراية البيضاء، ولا يمكن القبول به”.
وفي انتقاد صريح للمساعدات الإنسانية التي تدخل قطاع غزة، قال بن غفير: “نحن نمنح العدو أكسجينًا، نفتح له المخابز ونساعده على البقاء. هذه ليست دولة طبيعية، هذا انتحار سياسي وأمني”. ورفض الإفصاح صراحةً عمّا إذا كان سيستقيل في حال تمت المصادقة على الصفقة.
وحذر بن غفير من أن تنفيذ اتفاق جزئي “يعني استعادة نصف الأسرى فقط، ويُبعد إمكانية استعادة الباقين”، مضيفًا: “إطلاق سراح النصف الثاني سيكون بمثابة رفع راية بيضاء، وهذا سيكون خطأً تاريخيًا لأجيال. لا يجوز لنا التراجع”.
أما وزير الشتات ومكافحة معاداة السامية، عميحاي شيكلي، فقال: “كفى مع الصفقات الجزئية. لا بد من تمكين الجيش من إتمام المهمة كاملة. يجب أن تسلّم حماس سلاحها وتعيد جميع الأسرى، مقابل السماح لمن تبقى من قادتها بالخروج أحياء”.
وفي السياق ذاته، كتب عضو الكنيست موشيه سعادا (الليكود): “قبول مسار جزئي يعيد بعض الأسرى دون غيرهم، ويستأنف المساعدات عبر الأمم المتحدة، سيكون خطأً أخلاقيًا وأمنيًا. هذه صفقة تنقذ حماس من الانهيار، وقد تؤدي إلى 7 أكتوبر جديد. يجب على رئيس الحكومة أن يضع حدًا لهذه المهزلة”.
بدوره، أعلن سموتريتش، مساء أمس، رفضه القاطع للمقترح، محذرًا من أن “إبرام صفقة الآن يمنح حماس شريان حياة ويساعدها على التعافي”. وأضاف: “نحن على بعد خطوات من انهيار التنظيم، ويجب تشديد الخناق لا تخفيفه. المطلوب هو صفقة استسلام كاملة، لا فرصة جديدة للبقاء”.
وصباح اليوم، شدد سموتريتش في مقابلة إذاعية على بقائه في الحكومة “من أجل ضمان العودة إلى القتال وتحقيق كامل أهداف الحرب، وعلى رأسها تدمير حماس وتحرير الأسرى”، وقال: “في اللحظة التي أُدرك فيها أن الكيان الإسرائيلي يتجه نحو الاستسلام وليس النصر، سأغادر الحكومة وسأُسقطها بأسرع طريقة ممكنة. قلت ذلك مرارًا وتكرارًا”.
في المقابل، عبّر وزير الخارجية غدعون ساعر عن موقف مغاير، قائلًا: “قبل 11 يومًا وافقت حكومة الاحتلال على مقترح أميركي رفضته حماس، وإذا بات هناك احتمال فعلي للإفراج عن الأسرى، يجب استغلاله، فهذا ما يريده أغلب الشعب. علينا أن نتحرك وفق المصلحة القومية لا تحت ضغط الخلافات الداخلية”.
تفاصيل المقترح الأميركي الجديد
ينص المقترح الذي قدّمه ويتكوف لحكومة الاحتلال على وقف لإطلاق النار لمدة 60 يومًا، يتم خلالها إطلاق سراح 10 أسرى من الكيان الإسرائيلي على قيد الحياة و18 جثمانًا لجنود قُتلوا خلال الحرب، وذلك على مرحلتين خلال أسبوع واحد.
ووفق تقديرات الأجهزة الأمنية في الكيان، وتصريحات نتنياهو خلال اليومين الماضيين، فإن نحو 20 أسيرًا لا يزالون على قيد الحياة، في حين يُعتقد أن قرابة 38 آخرين قد قُتلوا إما أثناء الاحتجاز أو في غارات جيش الاحتلال على غزة.
وخلال فترة وقف إطلاق النار، ستُجرى مفاوضات للتوصل إلى اتفاق شامل لإنهاء الحرب، وفي حال التوصل إلى تسوية، سيتم الإفراج عن باقي الأسرى الأحياء والجثامين. أما في حال فشل المفاوضات، فيتيح المقترح لحكومة الاحتلال استئناف الحرب أو تمديد وقف إطلاق النار مقابل الإفراج عن دفعات إضافية من الأسرى.
ويتضمّن المقترح كذلك استئناف إدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة بإشراف الأمم المتحدة ومنظمات دولية، إضافة إلى الإفراج عن أسرى فلسطينيين وفق الآليات السابقة. كما تنص البنود على تراجع جيش الاحتلال إلى مواقع ما قبل استئناف الحرب في 18 آذار/ مارس، ما يعني الحفاظ على التمركز في محور فيلادلفي، والانسحاب من محور “موراغ”.
ووفق ما نشره موقع صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإلكتروني (واينت)، فإن حكومة الاحتلال لن تعارض مبدئيًا المقترح الجديد، نظرًا لتقارب بنوده مع الصيغة الأميركية الأصلية، إلا أنها لم تصدر موقفًا رسميًا نهائيًا بعد.
وفي حال الموافقة، ستنطلق مفاوضات غير مباشرة في العاصمة القطرية الدوحة لصياغة البنود النهائية. وعلى الرغم من أن مسألة استئناف المساعدات تثير خلافات داخل حكومة الاحتلال، إلا أن المقترح يفتح، وفق فيتكوف، “نافذة جديّة أمام وقف مؤقت لإطلاق النار، ثم تسوية دائمة تنهي النزاع”.
المصدر: مواقع