الترهل المتفشي في الإنتخابات البلدية – موقع قناة المنار – لبنان
المجموعة اللبنانية للإعلام
قناة المنار

الترهل المتفشي في الإنتخابات البلدية

الانتخابات البلدية

د. قاسم مصطفى البستاني (دكتور في القانون العام)

إن المادة السابعة من الدستور اللبناني تضمن المساواة بين جميع المواطنين في حقوقهم المدنية والسياسية. إن الحق بالترشح إلى الإنتخابات النيابية أو البلدية هو من أبرز الحقوق السياسية، الذي يشهد أحياناً بعض الإنتهاكات التي تشكل إخلالاً بمبدأ المساواة بين المرشحين الذين يخضعون للشروط ذاتها لتولي منصب نيابي أو بلدي.

ولقد إعتادت الأوطان التي تعمل على ترسيخ مبادئ الديمقراطية أن تحرص على نزاهة وعدالة العملية الإنتخابية لضمان تعزيز الديمقراطية النابعة من إختيار الشعب لممثليه، وأن الصوت الإنتخابي يستطيع أن يقلب الموازين السياسية إذا نظمت الإنتخابات وفقاً للشروط القانونية والدستورية التي يحددها القانون والدستور، ولذلك فعدم المشاركة الإنتخابية يعكس عدم ثقة الشعب، فالشعب الذي يعاني من عدم إخلاص ممثليه، يعاني من مشاعر الإحباط التي تدفعه إلى مشاعر عدم جدوى المشاركة في صنع القرار، لكونه يدرك أن المشاركة الإنتخابية لن تغير الواقع، ولن تحقق له متطلباته.

ومن أجل ضمان أفضل علاقة إيجابية بناءة ومؤثرة في الإدارة المنتخبة، ومن أجل توجيه تلك الإدارة نحو برامج تصب في خدمة جمهور الشعب المصوت، لابد أن يشارك أوسع جمهور في عملية التصويت من جهة وأن تتم عملية الإختيار والإنتخاب على وفق معايير دقيقة وقراءة متمعنة في طبيعة الإدارة المنتخبة وفي توجهاتهم وبرامجهم من جهة أخرى.

ويمكن أن تتحقق أهداف المشاركة الإنتخابية في الإنتخابات البلدية، لا بد من الوقوف على معالجة حقيقة أنه لا زالت معطيات مختلفة تتحكم بالأساس التي يتوجه على أساسها الناخب إلى صندوق الإقتراع وتحديداً تلك البنى التقليدية ذات الأبعاد الإجتماعية التي ترتبط بالإنتماءات الضيقة والكلاسيكية، تبدأ مع العائلة ككيان مستقل لتصل الى أصول العائلة في حالات كثيرة. الحزازات العائلية والحزبية تطغى عادة في الحياة المحلية، فلا يحصل نقاش محلي عام حول القضايا الحياتية اليومية التي تتطلب إبعادها عن الصرعات السياسية، ولا تحصل تعبئة محلية لصالح مشروع مشترك يهم كل الناس. المشترك موجود ولكنه غائب في إدراكنا وفي ثقافتنا.

يجب التركيز على المنتخبين المحليين بحيث تكون التنمية المحلية المحرك الرئيسي عند القيام بالإنتخابات المحلية، إذ يعاني العمل البلدي قلة خبرات المنتخبين المحليين وذلك للأسباب التالية: ذهنية الناخبين فغالباً ما ينتخب السكان المحليون ممثليهم على أساس حزبي و/أو عائلي وبمعزل عن أي إعتبار إنمائي. سيطرة الأحزاب والزعماء على رؤساء البلديات والإتحادات غالباً ما يكون رئيس البلدية أو الإتحاد منتخباً على أساس إنتمائه الحزبي أو الفئوي، وبالتالي يكون خاضعاً لحسابات حزبه الإنتخابية عند إتخاذه العديد من القرارات.

سوء ممارسة المنتخبين السلطتين التنفيذية والتقريرية غالباً ما يتفرد رئيس البلدية بالقرار فيتصرف وكأنه السلطة التقريرية والتنفيذية في آن متغاضياً عن ضرورة التعاون مع أعضاء المجلس البلدي. ولا شك في أن أعضاء المجلس المنتخب يتحملون جزءاً من المسؤولية بإعتبار أنه يفترض بهم مراقبة السلطة التنفيذية ومحاسبتها ومساءلتها.

طغيان الإعتبارات الشخصية على المصلحة العامة لدى المنتخبين: غالباً ما ينظر رؤساء البلديات والإتحادات إلى المشاريع التي يحققونها كوسائل للظهور ولكسب أصوات الناخبين المحليين في الإنتخابات المقبلة.

غياب التخطيط الإستراتيجي على الصعيد المحلي وعدم إدراك المنتخبين الحاجات المحلية الخاصة: لا تكمن المشكلة الأساسية في مالية السلطات المحلية اللامركزية وشح مواردها بقدر ما تكمن في سوء إدارتها وتوظيفها من قبل المنتخبين المحليين، إذ تحصل البلديات اللبنانية على أموال وتبرعات كريمة من بلديات ودول ومنظمات خارجية دون أن يترجم ذلك بمشاريع إنمائية ذات أثر على صعيد مناطقها. وكذلك، يسجل، منذ سنوات، هدر في بعض البلديات الغنية بتمويل مشاريع طائلة معينة وبالتوظيف العشوائي وما إلى ذلك. وعدم إلمام المنتخبين المحليين بالقوانين التي تنظم العمل المحلي.

في الحقيقة، إن النظام الإنتخابي البلدي اللبناني يحتاج إلى تحديث وتطوير، اللذين يبدوان في ضمان حسن التمثيل عبر القفز فوق التقاليد والعادات التي تعتمد على العصبيات العائلية والحزبية والطائفية لكي تسود فكرة حلول الشخص المناسب في المكان المناسب.

 

 

المصدر: بريد الموقع