محادثات نووية غير مباشرة بين ايران وأمريكا في مسقط وسط “اجواء بناءة” – موقع قناة المنار – لبنان
المجموعة اللبنانية للإعلام
قناة المنار

محادثات نووية غير مباشرة بين ايران وأمريكا في مسقط وسط “اجواء بناءة”

طهران

شهدت العاصمة العُمانية مسقط جولة من المحادثات غير المباشرة بين الولايات المتحدة وإيران، في إطار السعي لإحياء المسار الدبلوماسي بشأن البرنامج النووي الإيراني، وذلك في أول تحرّك من هذا النوع منذ انسحاب الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب من الاتفاق النووي خلال ولايته الأولى.

وسلّم كبير المفاوضين الإيرانيين، عباس عراقجي، ورقة المطالب والشروط الإيرانية إلى وزير الخارجية العُماني بدر البوسعيدي، ليقوم الأخير بنقلها إلى المبعوث الأميركي الخاص، ستيف ويتكوف، تمهيدًا للحصول على رد واشنطن الرسمي.

وفي السياق، أكدت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولين ليفيت، أن إدارة ترامب تعتبر الحوار السبيل الأمثل لتحقيق الأهداف الأمنية الأميركية في المنطقة، مشيرة إلى أن الرئيس ترامب نفسه يؤمن بأهمية الدبلوماسية والمفاوضات المباشرة، باعتبارها الطريق الأسرع نحو الحلول المنشودة.

وأكد عراقجي، بعد لقائه الوزير العُماني، أن المفاوضات ستُجرى بصيغة غير مباشرة وستقتصر حصريًا على الملف النووي، مشيرًا إلى أن طهران ستتخذ قرارها بشأن الجدول الزمني للمفاوضات في حال تبيّن لها وجود جدية لدى الطرف الآخر.

الخارجية الإيرانية: اتفاق على استمرار هذه المحادثات الأسبوع المقبل

أعلنت الخارجية الإيرانية أنه جرى اتفاق على استمرار المحادثات غير المباشرة مع الولايات المتحدة في الأسبوع المقبل، وذلك في بيان أعقب انتهاء المحادثات غير المباشرة بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية والولايات المتحدة الأمريكية، والتي تركزت على قضية رفع العقوبات والملف النووي.

وخلال هذه المحادثات، التي جرت بوساطة سلطنة عمان، تبادل وزير الخارجية الإيرانية عباس عراقجي، مع الممثل الخاص للرئيس الأمريكي إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف مواقف حكومتيهما بشأن القضايا المتعلقة بالبرنامج النووي السلمي الإيراني ورفع العقوبات غير القانونية ضد إيران، عبر وزير خارجية سلطنة عمان، في أجواء بنّاءة قائمة على الاحترام المتبادل.

ويُذكر أنه بعد أكثر من ساعتين ونصف من المفاوضات غير المباشرة، تحدث رئيسا الوفدين الإيراني والأمريكي لبضع دقائق بحضور وزير الخارجية العماني أثناء مغادرتهما المحادثات.

فردوسي بور: إيران تشترط حصراً على الملف النووي في مفاوضاتها مع الولايات المتحدة

اعتبر مدير دراسات الشرق الأوسط في وزارة الخارجية الإيرانية، مجتبى فردوسي بور، في مقابلة مع المنار، أن المحادثات لم تعد مجرد مباحثات، كما أن هذه المباحثات ليست ذات فائدة حقيقية، اذا لم يتم تعزيز المصالح والمنافع بين الجانبين.

وأضاف أنه يعتقد أن هناك دعمًا لاستمرار المفاوضات، حيث تم الاتفاق على استمرارها في الأسبوع المقبل بدءًا من يوم السبت. وستتم خلال ذلك تحديد أجندة العمل للمرحلة المقبلة، على أن تبدأ المفاوضات وفقًا لهذه الأجندة المشتركة.

وأشار إلى أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب كان يتطلع إلى مفاوضات مباشرة، لكن إيران أكدت أنها لن تقبل بمفاوضات مباشرة بل ستقتصر على المفاوضات غير المباشرة، تحت إشراف طرف ثالث، وهو سلطنة عمان ووزير خارجيتها، الذين يتوسطون بين الطرفين.

واعتبر مجتبى فردوسي بور أن إيران تفضل أن تُجرى المفاوضات في سلطنة عمان، نظرًا لتجربتها الكبيرة في المفاوضات غير المباشرة، وكذلك في المفاوضات المباشرة بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية. وهذا يدل على الثقة التي تضعها إيران في سلطنة عمان، وهو أمر بالغ الأهمية.

وقال فردوسي بور إن الولايات المتحدة الأمريكية أظهرت مرونة وهدوءًا إيجابيًا في هذه المرحلة، وهو ما دفع إلى استمرارية المفاوضات المشتركة في الأسبوعين المقبلين. كما أكد أن إيران اشترطت أن تكون المفاوضات مقتصرة على الملف النووي فقط، دون أن تشمل ملفات أخرى، مشيرًا إلى أن إيران قد حققت الاكتفاء الذاتي في المجال النووي، وأنها حققت تقدمًا كبيرًا في هذا المجال بعد الاتفاقية التي تم التوصل إليها في عام 2015.

وأكد مجتبى فردوسي بور أن إيران لم تتراجع عن موقفها بشأن التخصيب، وأنها جادة في مفاوضاتها، رغم اختلاف نوايا الطرفين. وأضاف أن أجندة العمل التي تضعها إيران تتمحور حول حماية مصالح الشعب الإيراني والحكومة الإسلامية الإيرانية، دون أن تشمل أي قضايا أخرى.

وأكد أن الهدف الأساسي لإيران هو رفع كافة العقوبات المفروضة عليها، والإفراج عن أصولها المحتجزة في الغرب، بما في ذلك الأموال الإيرانية المجمدة لدى الولايات المتحدة.

أفقهي للمنار: إيران لا تخشى الخيار العسكري وهي في حالة جهوزية تامة

وفي مقابلة مع قناة المنار، اعتبر الدبلوماسي الإيراني السابق، هادي أفقهي، أن إصرار إيران على إجراء المفاوضات بصورة غير مباشرة شكّل أول مكسب سياسي لطهران، في مقابل الضغط الأميركي لإجراء حوار مباشر. وقال إن طهران لن تنخرط في أي حوار مباشر قبل التأكد من وجود نوايا حقيقية لدى واشنطن للتوصل إلى حل فعلي للملف النووي.

وأضاف أن إيران وضعت منذ البداية شروطًا واضحة، أبرزها اقتصار الحوار على الشأن النووي، ورفضها التام لبحث ملفات مثل البرنامج الصاروخي، أو دعمها لمحور المقاومة، أو توسّعها الاستراتيجي في المنطقة، مشيرًا إلى أن هذه القضايا تُعدّ خطوطًا حمراء بالنسبة لطهران.

كما أشار أفقهي إلى أن إيران أصرت على عقد اللقاءات في العاصمة العُمانية، في وقت كانت فيه واشنطن تطرح دولًا أخرى كمواقع بديلة. ورغم تلويح المبعوث الأميركي، ويتكوف، بعدم التوجّه إلى مسقط، إلا أن تقارير إعلامية أكدت لاحقًا وصوله إليها.

وأكد أفقهي أن الوفد الإيراني سيتحقق في بداية المفاوضات من مدى جدية الطرف الأميركي والتزامه بحل دبلوماسي، مشددًا على أن المعيار الأساس لاستمرار المحادثات هو إثبات حسن النية وتوافر الإرادة السياسية، بعيدًا عن لغة التهديد العسكري.

ولفت إلى أن إيران لا تخشى الخيار العسكري، وهي في حالة جهوزية تامة، مشيرًا إلى أن انطلاق المفاوضات تزامن مع إعلان القوات المسلحة الإيرانية حالة تأهب تحسبًا لأي مفاجآت، خصوصًا في ظل مخاوف من هجمات مباغتة قد تستهدف المصالح الإيرانية، سواء الاقتصادية أو النووية أو العسكرية.

وأوضح أن احتمالات توجيه ضربة عسكرية إلى إيران ضئيلة في الوقت الراهن، لكنه لم يستبعد هذا السيناريو كليًا. وقال: “لا يمكن الحديث عن تعثّر المفاوضات قبل انطلاقها رسميًا، وفي حال فشلت، فهل يلجأ ترامب إلى التصعيد المباشر؟ أم يعتمد سياسة التأجيل والتسويف؟ وربما تدخل أطراف دولية على خط الأزمة، كما حصل مع زيارة ويتكوف إلى موسكو ولقائه بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في إشارة إلى تفضيل الحلول الدبلوماسية على التصعيد العسكري”.

وشدد على أن أي تسوية يجب أن تضمن حقوق إيران كاملة، كما أكد كبير المفاوضين الإيرانيين، عباس عراقجي، في أكثر من مناسبة، ضرورة أن تكون المفاوضات “جدية، وعادلة، وحقيقية، دون إملاءات أو ضغوط من الطرف الأميركي”.

وختم أفقهي بالتنبيه إلى حساسية المنطقة، قائلاً إن الشرق الأوسط، أو ما يُعرف بغرب آسيا، يُعدّ من أكثر المناطق توترًا على الصعيدين الأمني والاقتصادي، باعتباره مصدرًا رئيسيًا لتدفق النفط والغاز والمعادن الثمينة. كما تنتشر فيه قواعد عسكرية أميركية وفرنسية وبريطانية، ويُقدّر عدد الجنود الأميركيين هناك بأكثر من خمسين ألف جندي.

وأضاف: “إذا اندلعت مواجهة عسكرية – لا قدّر الله – فستشتعل المنطقة بأكملها، وسيتأثر الجميع. أما في حال التوصل إلى حل بضمانات موثوقة، فستشهد المنطقة ازدهارًا مشتركًا، بشرط أن تُدار الأمور وفق القانون الدولي، لا عبر منطق الفرض والاستقواء العسكري”.

عراقجي يلتقي نظيره العُماني في مسقط

وفي مسقط، التقى عباس عراقجي نظيره العُماني بدر البوسعيدي، حيث أعرب عن “سعادته بالعلاقات المتينة والراسخة بين البلدين في مختلف المجالات”، مشيدًا بموقف سلطنة عُمان المسؤول حيال القضايا والتطورات الإقليمية.

واعتبر عراقجي استضافة مسقط للمفاوضات غير المباشرة بين إيران والولايات المتحدة دليلاً على هذا النهج الإيجابي، موجّهًا شكره لوزير الخارجية العُماني على اهتمامه البالغ بهذا الملف.

وقال عراقجي: “المفاوضات ستكون غير مباشرة وتشمل الملف النووي فقط، وأغلب المواضيع الأساسية والجوهرية ستتضح خلالها”. وأضاف: “لدينا الإرادة اللازمة للتوصل إلى اتفاق من موقع متكافئ يؤدي إلى تحقيق مصالح شعبنا الوطنية”.

من جانبه، رحّب وزير الخارجية العُماني بعراقجي والوفد المرافق له، واصفًا العلاقات الثنائية بين عُمان وإيران بأنها علاقات متميزة، ومعربًا عن تقديره للجمهورية الإسلامية الإيرانية لاختيارها مسقط مقرًا لهذه المفاوضات المهمة.

كما أطلع البوسعيدي نظيره الإيراني على “الترتيبات والإجراءات التي تمّ إعدادها لعقد المفاوضات غير المباشرة المقررة لهذا اليوم”. وأشار إلى أنّه، في إطار هذه المفاوضات، قام وزير الخارجية الإيراني بتقديم محاور ومواقف الجمهورية الإسلامية الإيرانية لنظيره العُماني، تمهيدًا لنقلها إلى الطرف الأميركي.

المصدر: موقع المنار