تناولت الصحف اللبنانية الصادرة في بيروت صباح اليوم الخميس 20-3-2025 سلسلة من الملفات المحلية والاقليمية والدولية.
الاخبار:
عهد الحروب المقنّعة: ترامب يقـود حملة «تأديب» المنطقة
على الرغم من أن التجربة الطويلة تزخر بالأمثلة عن التناقض الكامل بين خطاب الإدارات الأميركية المتعاقبة، خاصة في ميدان السياسة الخارجية، وأفعالها، فإن الكثير من الخبراء والمحلّلين والمراقبين، عبر العالم وفي منطقتنا المنكوبة، وهذا هو الأغرب، يكرّرون في كل مرة، عند بداية عهد أي إدارة أميركية جديدة، حماقةَ تصديق مزاعمها عن نواياها وتوجهاتها المعلنة.
من اقتنعوا مع بداية العهد الجديد للفاشي الأخرق، دونالد ترامب، بادّعاءاته عن تفضيله الصفقات على الحروب، هم أنفسهم الذين أصرّوا، طوال الأشهر الأولى لحرب الإبادة الإسرائيلية ضدّ غزة، على أن إدارة جو بايدن «الواقعية» ستتمايز بالضرورة عمّا تفعله حكومة بنيامين نتنياهو «الأيديولوجية المتطرفة»، على رغم الشراكة الرسمية الكاملة بين هذين الطرفين.
يخوض ترامب اليوم حربَين في الإقليم، في اليمن وفي غزة، مرشّحتين للتوسع نحو ساحات أخرى فيه، وفي مقدّمتها إيران، من دون الإعلان رسمياً عن أن بلاده في حالة حرب. محاولةُ فهم هذه السياسة المعتمدة من قبله وفريقه، تقتضي التوقف قليلاً عند الاعتبارات والمفاهيم والحسابات الفعلية التي تحكمها، والتي تمثّل استمرارية لسياسة الحرب الدائمة، المنخفضة التوتر أحياناً والعالية التوتر أحياناً أخرى، والتي اتّبعتها الإدارات الأميركية المتعاقبة.
فما هي الحرب وفقاً للمنظور الفعلي لترامب؟ إذا استعدنا خطاباته ومواقفه المكرورة، منذ حملته الانتخابية في عام 2016 وإلى الآن، سنرى أن الحرب تعني بالنسبة إليه الاضطرار إلى إرسال آلاف الجنود للقتال في بلدان بعيدة، من مثل أفغانستان والعراق، وتكبّد خسائر كبيرة في صفوفهم.
أما إذا اقتصر الأمر على شنّ الجيش لحملات قصف جوي وصاروخي مدمّرة، تمتد لأيام وربما أسابيع، كما يحصل في اليمن اليوم، تحصد أرواح «الأشرار» من دون سقوط قتلى أميركيين، فإن ذلك في عرفه، وفي عرف القطعان الفاشية التي صوّتت له، ليس حرباً.
الحرب تعني، وفقاً له، عودة جثث الجنود الأميركيين في أكياس إلى البلاد، فحسب. كما أن التقدّم التكنولوجي الهائل الذي تحقّق بفضل الثورة الرقمية، عاد ليدغدغ الأحلام القديمة للإمبراطورية الهرمة بتمكينها من المبادرة إلى عمليات تأديبية، قد تتحوّل إلى عمليات إبادة جزئية، من دون خوض معارك ودفع أثمان بشرية من جهتها.
سبق لمثل هذه الأحلام، التي انتعشت بفضل «الثورة في الشؤون العسكرية»، وحربَي الكويت (1991) وكوسوفو (1999)، أن خابت بعد حربي العراق الثانية (2003) وأفغانستان (2001)، والخسائر التي تكبّدتها القوات الأميركية المحتلة في البلدين المذكورين كليهما. لكنّ الثورة الرقمية، و«الإنجازات» التي يدّعيها الطرف الإسرائيلي في حربيه على لبنان وغزة، أحيت تلك الأحلام مرة أخرى.
والواقع أن ثمة علاقة وثيقة ومعروفة بين التقدّم التكنولوجي واستسهال اللجوء إلى القوة العسكرية العارية، من قِبل القوى الاستعمارية القديمة والجديدة، أسهب في شرحها مفكّرون من أمثال الفرنسي آلان جوكس، في كتابَيه «إمبراطورية الفوضى» (2002) و«حروب الإمبراطورية العالمية» (2012)، والأميركي مايكل كلير في كتابه «دماء ونفط» (2005)؛ وحذّرا، كلّ من جهته، من صعود ما أسموه الفاشية التكنولوجية.
واليوم، تحاول قوى الفاشية التكنولوجية تصوير حروبها الراهنة، وربما المستقبلية، على أنها عمليات شرطة تأديبية لا أكثر، بالاستناد أساساً إلى عدم دفعها أثماناً بشرية أو اقتصادية هامة نتيجة لأفعالها.
لا تتناقض هذه السياسة العدوانية مع سعي ترامب لصفقة مع روسيا. هو والعديد من أعضاء فريقه ومستشاريه عارضوا استعداء روسيا، ومن ثم التورّط في حرب غير مباشرة معها في أوكرانيا انطلاقاً من اعتقادهم بضرورة تحييدها، وربما كسب ودّها، في المواجهة الاستراتيجية الأخطر بنظرهم بين بلادهم والصين. لكنّ الدافع الرئيسي الحالي لجهده المحموم للتوصل إلى تفاهمات مع موسكو، هو قناعته، وقطاعات من النخب العسكرية والسياسية الأميركية، بأن الأخيرة تخرج منتصرة في حرب بالوكالة بينها وبين حلف «الناتو» دامت لأكثر من 3 سنوات.
لقد أكّدت الوقائع صحة وجهة نظر الخبراء الجديّين، غير المتلفزين، والذين توقّعوا فشل الحرب الشاملة الغربية، العسكرية والاقتصادية – المالية، والأيديولوجية – الإعلامية، ضد هذا البلد على الأرض الأوكرانية، وفي مقدّمتهم المفكّر الفرنسي إيمانويل تود، الذي اختار لكتابه الصادر في بداية 2024 عنواناً حاسماً: «هزيمة الغرب». يريد ترامب عقد صفقة مع روسيا تحدّ من كلفة الحرب المادية الهائلة بالنسبة إلى إمبراطوريته المتراجعة القدرات، وتوفّر شروطاً ملائمة لتوافقات مع موسكو حيال المجابهة الأميركية – الصينية، إن كان ذلك ممكناً، وتجاه صدام محتمل بين واشنطن وطهران.
في منطقتنا، يعتبر ترامب أن في مقدوره «البناء على الإنجازات» الإسرائيلية ضدّ محور المقاومة عبر استكمال الحرب ضد أطرافه في غزة واليمن، وربما غداً في إيران ولبنان.
الإيمان الأعمى بقدرات آخر الابتكارات التكنولوجية العسكرية على الإجهاز على الأعداء بأقلّ الأكلاف، والذي يعزّزه وجود أمثال إيلون ماسك في فريقه، يحكم خياراته الراهنة.
لكن سقوط قتلى أميركيين في مغامراته الحالية، وربما غداً، أو أي تطور غير متوقّع على مستوى منشآت النفط وناقلاته، وانعكاسات ذلك على أسعاره واستقرار سوقه، ستنجم عن كل ذلك تداعيات شديدة السلبية على الصعيد الداخلي الأميركي بالنسبة إلى الرئيس الأخرق. مضيّ الأخير في غيّه سيفهمه آجلاً أم عاجلاً، أنه يلعب بالنار في منطقة هي بمثابة برميل بارود له ولأمثاله.
بدء مسلسل الإخلاءات: العدو متمسّك بخطة التهجير
غزة | انتقل جيش الاحتلال الإسرائيلي سريعاً إلى المرحلة البرية في حربه المتجدّدة على قطاع غزة، حيث توغّل، ظهر أمس، إلى «محور نتساريم» وأعاد السيطرة عليه، قاطعاً الطريق أمام تنقّل المواطنين بين شمال القطاع وجنوبه، في خطوة بدت منسّقة تماماً مع القوة الأمنية الأجنبية والعربية المشتركة، والتي استبقت الهجوم الإسرائيلي وانسحبت من الحاجز المستحدث.
وفي موازاة ذلك، كثّفت الطائرات الحربية الإسرائيلية من ارتكاب المجازر الجماعية بحق العائلات الآمنة، حيث قصفت بيت عزاء مكتظّاً بالأهالي الذين تجمّعوا لمواساة عائلة مبارك في حي السلاطين في مدينة بيت لاهيا شمال القطاع. وكانت العائلة قد فقدت ستة من أبنائها في عملية اغتيال طاولت سيارة مدنية، وأدّت إلى سقوط أكثر من 25 شهيداً وإصابة العشرات بجروح متفاوتة. كذلك، قصفت الطائرات الحربية منزلاً مأهولاً لعائلة الحطاب في حي الصبرة جنوب مدينة غزة، ما تسبّب في سقوط نحو 30 شهيداً وجريحاً.
التوغّل إلى «نتساريم» بدا منسّقاً مع القوة الأجنبية والعربية المشتركة التي انسحبت من الحاجز
وخلال ساعات النهار، استهدفت الطائرات الحربية منزلاً لعائلة الكفارنة في مدينة بيت حانون أقصى شمال القطاع، ما أدّى إلى استشهاد ثلاثة مواطنين وإصابة آخرين. كما استهدف جيش الاحتلال العشرات من خيام النازحين والمنازل المأهولة في مدينتي خانيونس ورفح، جنوبي القطاع.
وبحسب إحصائيات جهاز الدفاع المدني، سُجّل، أمس، استشهاد نحو 50 مواطناً وإصابة المئات في مجازر متفرّقة. على أن الحدث الأبرز، كان استهداف مبنى في مدينة دير البلح وسط القطاع، يُستخدم مقراً لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية «أوتشا»، بقذيفة مدفعية، ما تسبّب في مقتل أحد الموظفين الأجانب وإصابة خمسة آخرين، فضلاً عن مقتل موظفين محليين من «وكالة غوث وتشغيل اللاجئين» (أونروا).
وتأتي تلك التطورات في وقت يهدّد فيه جيش الاحتلال بالانتقال إلى المرحلة التالية من التصعيد، والتي تتمثّل بتهجير كل سكان شمال القطاع ومدينة غزة إلى مواصي خانيونس جنوباً، علماً أن العدو وسّع، أمس، إنذارات الإخلاء لتشمل المناطق الشمالية من مدينتي بيت لاهيا وبيت حانون، والمناطق الشرقية لحي الشجاعية شرق مدينة غزة، وبلدات خزاعة وعبسان الكبيرة والقرارة شرق خانيونس. ووفقاً لقناة «كان» العبرية، فإن إسرائيل تنوي الاستفادة من التصعيد الميداني الحالي في دعم خطة التهجير، في حين يقوم المستوى السياسي بدراسة البدء الفعلي بتهجير سكان شمال القطاع، بحسب الحاجة.
من جانبها، أكّدت حركة «حماس»، على لسان القيادي فيها سهيل الهندي، أن «المقاومة لا تزال تلتزم بوقف إطلاق النار على رغم التصعيد الإسرائيلي، وأن التواصل جارٍ مع الوسطاء على مدار الساعة للعودة إلى الهدوء».
لكنه أوضح أن «المقاومة لن تقبل إلا بضمان اندحار الاحتلال عن غزة، وإنهاء العدوان بشكل كامل، وإعادة الإعمار. ونأمل الوصول إلى حل مُرضٍ لشعبنا».
وعلى الصعيد الإنساني، اتّخذت الأوضاع المعيشية في القطاع منحى خطيراً، حيث فُقدت البضائع الأساسية من الأسواق تماماً، فيما يعاني سكان شمال القطاع ووسطه من أزمة حادّة في المياه، في ظل شح الوقود اللازم لتشغيل الآبار الجوفية. كذلك، ناشدت وزارة الصحة في غزة، المؤسسات الدولية، التدخّل العاجل لإدخال المستهلكات الطبية، وذلك في ظل حالة الإشغال التام للمستشفيات وإنهاك النظام الصحي.
الضفة أيضاً تحت العدوان: الاحتلال ينقل التصعيد إلى نابلس
رام الله | وسّع جيش الاحتلال، فجر أمس، عدوانه الذي يُطلق عليه «السور الحديدي» في شمال الضفة الغربية، ليطاول محافظة نابلس ومخيّماتها (العين وبلاطة وعسكر)، حيث تركّزت العملية العسكرية الجديدة في مخيم العين غرب المدينة، فيما يُتوقّع أن تتّسع لتشمل بلاطة وعسكر في الأيام المقبلة.
وأبلغ الاحتلال، الأهالي في «العين»، بأنه في صدد تنفيذ هجوم في المخيم سيستمرّ لثلاثة أيام، في حين ألقى الجيش الإسرائيلي منشورات هدَّد فيها السكان بملاقاة مصير مشابه لمصير مخيّمات جنين وطولكرم ونور شمس.
وفرضت قوات الاحتلال حصاراً على مخيم العين، حيث شرعت في مداهمة المنازل وإجبار أصحابها على الخروج منها، وسط مواجهات وإطلاق للرصاص المطاطي وقنابل الغاز على الناس.
وإذ لم تتطور العملية العسكرية في «العين» بعد إلى مستوى التدمير والخراب اللذين لحقا بمخيّمَي جنين وطولكرم، فإن جيش الاحتلال بدأ بخطوات أخرى شبيهة، حيث أخلى نحو 50 منزلاً تقع على طريق موازية لشارع السكة الذي يفصل أحياء مدينة نابلس عن المخيم، مجبراً سكّانها على تركها تحت تهديد السلاح.
ويترقّب الفلسطينيون في مدينة نابلس، أن تصعّد إسرائيل من عمليتها لتطاول مخيَّمَي بلاطة وعسكر، في ظلّ حصار مشدّد يعيشه أهالي المدينة وقرارها، حيث تحيط بها سبعة حواجز، و30 بوابة، ويتحكّم جيش الاحتلال بحركة السكان، فاصلاً بين بلداتها وقراها.
يترقّب الفلسطينيون في مدينة نابلس، أن تصعّد إسرائيل من عمليتها لتطاول مخيَّمَي بلاطة وعسكر
وتأتي العملية في نابلس، توازياً مع بدء إجراءات عودة الوزير المتطرّف إيتمار بن غفير إلى الحكومة الإسرائيلية، التي يجمع أركانها على ضرورة حسم الصراع في الضفة الغربية، وضمّها، وتهجير سكانها.
من جهته، دان محافظ نابلس، غسان دغلس، إجبار جيش الاحتلال عائلات من مخيم العين على النزوح وترْك منازلهم، لافتاً إلى أن العملية العسكرية أسفرت عن استشهاد الشاب عدي عادل القاطوني، واحتجاز جثمانه، وإصابة عدد من الشبان، واعتقال آخرين. وتسبّب اقتحام المخيّم، أيضاً، بحالة شلل، تحديداً في القطاع التعليمي في المنطقة الغربية لمدينة نابلس.
وكانت قوات الاحتلال استبقت الهجوم بالدفع بوحدة من «المستعربين» إلى «العين»، حيث أطلقت هذه الأخيرة الرصاص الحيّ في اتجاه إحدى المركبات، ما أدّى إلى استشهاد القاطوني، الذي نعته لاحقاً حركة «حماس». كذلك، اندلعت مواجهات داخل المخيّم، أصيب على إثرها ثلاثة مواطنين، أحدهم بالرصاص الحيّ في البطن واليد وتمّ اعتقاله، وآخر أصيب نتيجة الاعتداء عليه بالضرب، وثالث جرّاء سقوطه من مكان مرتفع، فيما اقتحم جيش العدو عدّة منازل، ونشر قناصته فوق أسطحها، قبل أن يشرع في حملة تفتيش اعتقل خلالها عدداً من شبان.
وكانت مدينة طوباس شهدت، أول أمس، عملية عسكرية استمرت لساعات، دفع الاحتلال خلالها بعشرات الآليات والجرافات العسكرية، والتي قامت بتدمير البنية التحتية، وسط اشتباكات مع مقاومين فجّروا عدداً من العبوات الناسفة المحلّية الصنع، بالآليات.
وفي مخيم جنين، واصل الجيش الإسرائيلي مداهمة المنازل وتفتيشها وتفجيرها وحرقها أو هدمها، بعد إجبار أهلها على النزوح منها، في وقت أفيد فيه مساءً عن إخطار أكثر من 60 منزلاً إضافياً بالهدم. ومع استمرار عمليات تجريف الشوارع وشقّ طرق جديدة في المخيّم، يواصل الاحتلال الدفع بتعزيزات عسكرية إلى هناك، في حين تقول بلدية جنين إن «إسرائيل جرّفت 100% من شوارع مخيم جنين، وقرابة 80% من شوارع المدينة، فيما تمّ تهجير سكان 3200 منزل من المخّيم».
من شوي اخطار اكثر كذلك، يتواصل العدوان الإسرائيلي على مدينة طولكرم ومخيّمها لليوم الـ52 على التوالي، ولليوم الـ39 على مخيم نور شمس، حيث كثّفت قوات الاحتلال عمليات المداهمة والهدم، وأجبرت السكان على مغادرة منازلهم بالقوة، وسط حصار خانق وتعزيزات عسكرية متزايدة.
وأفادت مصادر محلّية بأن جيش العدو أبلغ، صباح أمس، سكان حارتَي الحدايدة والمطار في مخيم طولكرم بضرورة إخلاء منازلهم حتى الساعة 12 ظهراً، بينما اقتحم المنازل في حارة الربايعة، وأجرى عمليات تفتيش واسعة داخلها وأخضع سكانها للاستجواب.
واشنطن تهدّد لبنان بغزّة: المفاوضات الآن… أو إطلاق يد إسرائيل!
لا يزال لبنان يتهيّب من استدراجه عبر «مجموعات العمل الدبلوماسية» إلى مباحثات مباشرة مع العدو الإسرائيلي كخطوة أولى على طريق التطبيع، خصوصاً مع انتقال الولايات المتحدة إلى مستوى جديد من الضغط، عبر الطلب إلى لبنان إعداد فريق غير عسكري في مهلة لا تتجاوز نهاية الشهر الجاري، لبدء البحث في النقاط التي أعلنت عنها نائبة المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط مورغان أورتاغوس، وتشمل ملفات الأسرى اللبنانيين والتلال الخمس التي أبقتْها إسرائيل تحت الاحتلال والنقاط البرية الخلافية الـ 13 على الخط الأزرق.
ومع كل الإيحاءات التي أعلنها العدو والولايات المتحدة حول دبلوماسية التفاوض على القضايا العالقة، فإن لبنان المُحاصر بين مثلّث الضغوط القصوى الأميركية – الإسرائيلية والموقف العربي المستسلِم للتطبيع والاعتبارات الداخلية، لا يبدو قادراً على اتخاذ قرار رسمي في هذا الشأن، وإبلاغه إلى الولايات المتحدة. فما خرجَ من مواقف على لسان مسؤولين، من بينهم وزير الخارجية يوسف رجي عن أنه «لم يصلنا أي موقف رسمي حول ما يُشاع عن تطبيع مع إسرائيل، وهذا الموضوع ليس مطروحاً نهائياً»، لا ينفي وجود ضغط جدّي على الدولة اللبنانية للسير في مشروع التطبيع وربطه بعملية إعادة الإعمار، ولا يُعفي الدولة من مسؤولياتها في التعامل مع هذا الأمر، في وقت تبدو السلطة السياسية غائبة تماماً.
وفي سياق «الضغوط القصوى» التي تمارسها في المنطقة ضد كل خصوم إسرائيل، بعثت الإدارة الأميركية برسالة عاجلة إلى المسؤولين اللبنانيين، تولّت أورتاغوس نقلها شخصياً إلى الرؤساء، تطلب فيها التجاوب السريع مع طلب المحادثات السياسية المباشرة حول النقاط الخلافية مع إسرائيل. ونقلت مصادر مطّلعة عن مسؤول لبناني أن الجانب الأميركي تحدّث بلهجة تهديد، وأن المسؤولة الأميركية قالت إن المفاوضات المباشرة هي السبيل الوحيد لمعالجة النقاط الخلافية. وفي حال قرّر لبنان عدم التجاوب، لا يرى الجانب الأميركي داعياً لاستمرار عمل لجنة الإشراف على اتفاق وقف إطلاق النار.
رئيس الجمهورية يدعو إلى لقاء رئاسي ويقترح إدخال خبراء مدنيين إلى الوفد العسكري لعدم إغضاب واشنطن
وتحدّثت المعلومات عن تهديد أميركي بالانسحاب من لجنة الإشراف ووقف أي ضغط على إسرائيل للانسحاب من النقاط المحتلة أو إطلاق سراح الأسرى. والأهم أن الأميركيين أشاروا إلى أن إسرائيل ستكون في حلّ من أي التزام تجاه الأمن في لبنان، وهو ما اعتبر مسؤول لبناني بارز أنه يشبه ما قامت به الإدارة الأميركية عندما قدّمت الغطاء لإسرائيل للخروج من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، وتغطية استئناف الحرب ضد الفلسطينيين في القطاع.
وعلمت «الأخبار» أن رئيس الجمهورية جوزيف عون اقترح عقد اجتماع رئاسي مع رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة نواف سلام للبحث في الكلام الأميركي عن اللجان، لكنّ الاجتماع لم يحصل حتى الآن، مع ترجيحات بأن يكون هناك لقاء على هامش الإفطار الذي سيقام في بعبدا اليوم لمناقشة الأمر.
وبحسب المعلومات، فإن فريق رئيس الجمهورية يقترح أن يقدّم لبنان تصوّراً مقابلاً، لا يلتزم فيه بالمباحثات السياسية وفي الوقت نفسه لا يرفض الطرح الأميركي، وذلك بإضافة خبراء وتقنيين مدنيين إلى الوفد العسكري المشارك في لجنة الإشراف على تنفيذ قرار وقف إطلاق النار، يشبه ما فعله لبنان في مرحلة التفاوض على الحدود البحرية، ما يمكّنه من التوصّل إلى تفاهم سريع. ولم يتضح موقف رئيس المجلس من الاقتراح، فيما لا يبدو رئيس الحكومة معترضاً من حيث المبدأ، وإن كان قد التزم أمام فريق وزاري بأنه «لن يكون شريكاً في مفاوضات تقود إلى تطبيع مع العدو».
وتقول أوساط سياسية بارزة إن محاولة واشنطن وتل أبيب رسم مستقبل المنطقة بالحديد والنار، تضع الجميع في حالة من الصدمة والقلق، في ظل التخوف من أن يعمَد العدو إلى استئناف حربه على لبنان بالتوازي مع غزة، والعدوان الأميركي على اليمن الذي «أتت ساعته» بحسب الرئيس دونالد ترامب، خصوصاً أن واشنطن وتل أبيب تتصرفان من دون أي اعتبارات أو خطوط حمر.
ولذلك، فإن المعنيين يشعرون بالتخبط، ويظهر جلياً غياب التوازن السياسي الذي يسمح بأن يكون للبنان موقف موحّد، خصوصاً أن أطرافاً داخلية تعتبر أن الفرصة الآن مؤاتية لتحقيق ما لم يكن بالإمكان تحقيقه سابقاً، وهو توقيع اتفاقية سلام مع إسرائيل، ركوناً إلى الحرب الأخيرة واقتناعاً من هذه الأطراف بأن الجو الدولي سيضغط بكل السبل لتنفيذ هذا المشروع، وأن الولايات المتحدة مصرّة على الذهاب بعيداً للتخلص من حزب الله الذي لن يكون بمقدوره الوقوف في وجه اتفاق من هذا النوع.
ومع عودة الحرب على غزة، والتخوف من تداعياتها على الجبهة اللبنانية، استؤنفت الحركة الغربية تجاه بيروت التي زارتها وزيرة خارجية ألمانيا أنالينا بيربوك، وأكّد الرئيس عون أمامها أن «استمرار احتلال إسرائيل لأراضٍ وتلال في الجنوب، يُعرقل تنفيذ القرار 1701 ويتناقض مع الاتفاق الذي تمّ التوصل إليه في تشرين الثاني الماضي»، مشيراً إلى أن «إسرائيل رفضت كل الاقتراحات الّتي تقدّم بها لبنان لإخلاء التلال الخمس، وهي لا تزال تحتفظ بعددٍ من الأسرى اللبنانيين». ومن المفترض أن يزور المبعوث الفرنسي إلى لبنان جان إيف لودريان بيروت الثلاثاء المقبل قبل أيام من زيارة عون لباريس في 28 الجاري، علماً أن لودريان بات مكلّفاً بملف مساعدة لبنان على إعادة الإعمار.
ويتكوف: نثق بعون وسلام
نفى مكتب المبعوث الاميركي للشرق الاوسط ستيف ويتكوف، على صفحته على منصة «اكس» أمس، صحة التقرير الذي نشرته «النهار» حول مواقف قالت انه أبلغها الى شخصيات لبنانية التقاها في الدوحة. وأوضح في بيان «أن التقرير الذي يزعم أن المبعوث الخاص ويتكوف التقى بمسؤول لبناني لم يُذكر اسمه في الدوحة هو تقرير كاذب ومضلل، والترويج للشائعات والأخبار الزائفة لا يؤدي إلا إلى نشر الفوضى وتقويض مصداقية وسائل الإعلام». وأضاف أن «لبنان دولة مستقلة لها قراراتها السيادية». وشدد ويتكوف على «أننا ندعم الرئيس جوزيف عون وحكومة رئيس مجلس الوزراء نواف سلام في سعيهما لبسط سيادة الدولة على كامل الأراضي اللبنانية».
سلام يعدّ فريق التفاوض مع صندوق النقد: البساط خلفاً للشامي شرط التنسيق مع جابر
مع اقتراب موعد استئناف المفاوضات بين لبنان وصندوق النقد الدولي حول اتفاق على برنامج تعاون، يعود النقاش في لبنان مجدّداً حول الرؤية التي ستعتمدها الحكومة في مقاربة الأزمة، بشقّيها المالي والنقدي، علماً أن الجميع يعترف بصعوبة إقرار رؤية موحّدة تعيد النظر في شكل الاقتصاد اللبناني عموماً، مع سيطرة هاجس إقناع الدول الغنية بتقديم معونات للبنان مقابل خطوات تقوم بها الحكومة، تحت عنوان «الإصلاحات»، فيما جوهر ما يريده الغرب والخليج يتعلق بالجانب السياسي. وتصبح الأمور أكثر تعقيداً مع الضغط الأميركي المتزايد على لبنان للسير في مفاوضات سياسية مع إسرائيل بشأن النقاط العالقة في اتفاق وقف إطلاق النار ومسألة الحدود.
بقاء الخطاب السياسي الرسمي حول مستقبل المفاوضات ضبابياً، لا يعكس نية أهل الحكم رفض الطلبات الأميركية، لكنه محاولة لعدم الوقوع في فخ نزاع داخلي حتمي، في حال قرّر طرف في لبنان السير في مسار تطبيعي مع العدو.
ولذلك، هناك محاولات حثيثة لنقل النقاش إلى الجانب الاقتصادي والمالي، من خلال التركيز مجدّداً على مشروع الإصلاحات، علماً أن ما رافق تشكيل الحكومة الجديدة، والتعيينات التي أجرتها في المواقع الأمنية والعسكرية، وما هو متوقّع في التعيينات المالية والقضائية، يشير إلى استمرار منطق المحاصصة بمعناه التقليدي. لكنّ الفرق أن الرئيس جوزيف عون يستفيد من دعم أميركي – سعودي غير مسبوق ليفرض وجهة نظره على الآخرين، من دون اشتباك مع رئيس الحكومة أو مع القوى البارزة في البلاد.
لكن، يبدو أن الأمور تتجه نحو لحظة مفصلية، لأن النقاش حول الإصلاحات المالية يقترب من التحوّل إلى بند رئيسي على جدول الأعمال، خصوصاً بعدما لمس الرئيسان عون وسلام أن كل الحديث عن مساعدات خارجية، عربية أو غربية، ليس سوى كلام عام، وأن لا وجود لخطة دعم خارج التفاهم مع «المجتمع العربي والدولي»، فيما يركّز الأميركيون على دور محوري للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي، وليس عبر المنظمات التابعة للأمم المتحدة كما رغب كثيرون، وهو ما يعزّز التيار المحلي الراغب في وضع استراتيجية خاصة للتفاوض مع هذه المؤسسات.
نقاش حول تعديل قانون النقد والتسليف وإعادة النظر في دور هيئة التحقيق الخاصة في مصرف لبنان
وفي هذا السياق، يستمر البحث حول اسم الحاكم الجديد لمصرف لبنان، إذ لم يتضح بعد ما إذا كان المرشّح الرئاسي السابق سمير عساف قد وافق على طلب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والرئيس سلام القبول بتعيينه حاكماً، بعدما اعتبر الفرنسيون أنهم لا يحتاجون إلى دور خاص للوزير السابق جهاد أزعور الذي لا يحظى بدعم رئيس الجمهورية، علماً أن المقرّبين من سلام يقولون أيضاً إنه ليس في رأس قائمة مرشحيه لمنصب الحاكم.
تعيين الحاكم الجديد، واختيار نواب أربعة له مطلع حزيران المقبل، سيكون لهما أثرهما على ملفات كثيرة تتعلّق بالإصلاحات المالية والنقدية والاقتصادية، خصوصاً أن هناك نقاشاً حول ضرورة إدخال تعديلات على القوانين الناظمة، بما فيها قانون النقد والتسليف، لإدخال نوع من الرقابة على عمل الحاكم، بعد الفضائح التي حفل بها عهد الحاكم السابق رياض سلامة. كما يجري البحث في وزارة العدل في تعديلات تتعلق بهيئة التحقيق المصرفية، ربطاً بملفات التحقيق المتّصلة بالوضع المالي والنقدي، سواء داخل مصرف لبنان أو مع المصارف التجارية.
وربطاً بهذا النقاش، عادت لتطفو على السطح المعركة الكبرى حول الوجهة التي يُفترض بالحكومة السير بها في المرحلة المقبلة. وبالعودة قليلاً إلى الوراء، يدرك الجميع أن الرئيس سلام عندما كان يسعى إلى إسقاط الصفة السيادية عن وزارات بعينها، وعدم بقائها حكراً على طوائف معيّنة، ومن ثم تحوّله مع فشل هذه الوجهة إلى تحقيق المداورة في الحقائب السيادية، وتكليف أرثوذكسي بوزارة الداخلية وشيعي بالدفاع وماروني بالخارجية، إنما كان هاجسه الأساسي تسليم الوزير عامر البساط وزارة المالية. لكن فشل المحاولة والإصرار على تولي الوزير ياسين جابر حقيبة المالية، جعلا فريق رئيس الحكومة يتعامل مع الأمر بطريقة مختلفة.
يعرف الجميع أن البساط لم يتردّد في التعبير عن غضبه من قبول سلام بالصيغة التي حملت جابر إلى المالية. لكنّ أحداً لا يتحدث عن الثمن الذي وُعد به مقابل إقناعه بقبول حقيبة الاقتصاد، خصوصاً أن وزن البساط يتأتّى أساساً من موقع مجموعة «كلنا إرادة» في البرنامج الأميركي للحكم في لبنان، وهي جمعية لها تأثيرها الجدّي على رئيس الحكومة الذي تربطه علاقة خاصة بغالبية النافذين فيها منذ ما قبل انتفاضة 17 تشرين، التي سعت الجمعية إلى استثمارها سياسياً على مستوى تركيبة السلطة.
وعلمت «الأخبار» أن سلام وعد البساط بتعيينه مسؤولاً عن إدارة التفاوض مع المؤسسات الدولية في المرحلة المقبلة، ما يعني عملياً تسليمه الملفات التي كان يتولاها نائب رئيس الحكومة السابق سعادة الشامي. وقد طلب رئيس الحكومة من البساط المبادرة إلى تنظيم علاقته بوزير المال، لأن الأخير سيكون حاضراً في كثير من التفاصيل، بما فيها تعيين حاكم جديد لمصرف لبنان، ليس فقط ارتباطاً بموقعه الوزاري، بل بكونه ممثلاً للرئيس نبيه بري الذي يرغب رئيس الجمهورية بالتنسيق معه من دون أي توتر.
وإلى جانب الورقة البحثية التي قدّمها البساط بالتعاون مع الباحث إسحاق ديوان، نشر أول أمس على صفحته في موقع LinkedIn ما سمّاه «بعض الأفكار حول أجندة السياسة الاقتصادية اللبنانية»، جاء فيها:
«أولاً، الاقتصاد اللبناني مهيّأ للتعافي. لقد علقنا في حالة توازن سيئة لفترة طويلة. يعمل لبنان بأقل من إمكاناته بكثير، ومسار المقاومة الأقل هو الصعود لا الهبوط. لقد فُتحت نافذة، وهناك أسباب لتوقّع انتعاش اقتصادي حادّ في النصف الثاني من هذا العام.
ثانياً، أربع أجندات للإنعاش على المدى القصير:
* إعادة الإعمار والسياسات الاجتماعية (كلتاهما تتمتعان بمضاعفات مالية عالية)؛
* السياسات القطاعية (خاصةً في قطاعي الكهرباء والاتصالات، وأيضاً في القطاعات الإنتاجية)؛
* إعادة بناء مؤسسات الدولة (بما في ذلك التعيينات الرئيسية)؛
* إعادة هيكلة القطاع المالي ووضع حل عادل ومنصف يصون حقوق المودعين. وستكون «مظلة» صندوق النقد الدولي المدعومة بتمويل أجنبي حاسمة لتمويل هذه الأجندات.
ثالثاً، مع ذلك، يجب أن ترتكز أجندة النمو المذكورة أعلاه على مبدأين أساسييْن. 1) سيظل القطاع الخاص حجر الزاوية في ازدهار لبنان. 2) لا يمكن أن يكون النمو على حساب العدالة الاجتماعية بمعناها الواسع: عبر مستويات الدخل، والمناطق، والأجناس. لا ينبغي أبداً اعتبار هذين المبدأين متعارضيْن.
رابعاً، إطلاق الاقتصاد ضروري ولكنه غير كافٍ. يكمن التحدّي الحقيقي في كيفية الحفاظ على انتعاش اقتصادي (سهل نسبياً) لمدة ثلاث سنوات، وتحويله إلى قصة نجاح تمتد لثلاثين عاماً. هناك عدد كبير من القيود التي يجب التغلّب عليها. وسيكون بذل جهد موازٍ للتحوّلات الهيكلية – الاقتصادية والسياسية – أمراً بالغ الأهمية».
فرع المعلومات يطوي مرحلة الـ 2005: عهد إقصاء «الحريريّة» بدأ!
فوْر عودة الرئيس سعد الحريري من أبو ظبي لإحياء الذكرى العشرين لاغتيال الرئيس رفيق الحريري في شباط الماضي، سارع إلى زيارة السراي الحكومي للقاء الرئيس نوّاف سلام، قبل أن يُعلن من ساحة الشهداء دعمه الكامل للعهد الجديد. ومنذ تسمية سلام لرئاسة الحكومة، جرى تناقل كثير من الكلام المعسول عن كل من «المستقبليين» وسلام، عن علاقة فيها الكثير من الودّ بين الطّرفين.
لكن ما يحصل في الحقيقة غير ذلك، إذ إن «ساكن السراي»، منذ تسميته، يعتبر نفسه أوْلى بالحصّة السنيّة والاستفراد بها من دون الزّعامات الأُخرى. تبدّى ذلك في إصراره على تسمية الوزراء السنّة، قبل البدء في «نفضة» التعيينات الأمنية التي أرخت جواً يوحي بأنّ معركة «قصقصة أجنحة» تيّار المستقبل داخل الأجهزة الأمنية بدأت، وتحديداً من المديريّة العامّة لقوى الأمن الدّاخلي، وذراعها الأقوى شعبة المعلومات التي لطالما عُدّت، منذ عام 2005، واحدةً من أدوات «الحريريّة السياسيّة»، نَمَت في ظلّها وتوسّعت نفوذاً في عهدها، وبالتالي، فأيّ تعديل في توازن القوى داخلها هو بمثابة «تَعدٍّ» على تيّار المستقبل نفسه.
مخاوف من أن تؤدّي التشكيلات إلى إضعاف أقوى الأجهزة الأمنية
وهذا ما حصل أمس مع تعميم المدير العام لقوى الأمن الدّاخلي، اللواء رائد عبدالله برقيّة تتضمّن فصل عدد من المسؤولين الأمنيين الأساسيين في المديريّة، ما فُسّر إفراغاً لـ«المعلومات» والمديريّة من رموز «المستقبل» وإقصاء التيّار من السّلطة السياسيّة والأمنيّة، وأشبه ما يكون بـ«عمليّة إبادة» لـ«الحريريين» من الشعبة، علماً أنّ المعلومات عن هذه التشكيلات ليست وليدة ساعتها، بل تسرّبت مع تولّي سلام تشكيل الحكومة، وحتّى قبل تعيين عبدالله في مركزه، ما يؤكّد أنّ تعميم المدير العام هو أشبه بتنفيذ لـ«تمنيات سياسيّة»، في ظلّ ما نُميَ عن ضغطٍ يُمارسه الرئيس فؤاد السنيورة لتسليم العميد محمود قبرصلي المديريّة أو شعبة المعلومات.
وبعدما نجحت ضغوط رئيس الجمهوريّة جوزيف عون في وجه «محاولات الانقلاب» التي يُريدها السنيورة في المديريّة، جاء تعيين عبدالله حلاً لعدم فرض «السادات تاور» سطوتها على التعيينات. إلّا أنّ السنيورة لم يستسلم، بل تقاطعت ضغوطه مع رغبة بعض الأطراف السياسيّة بالإطاحة برئيس شعبة المعلومات، العميد خالد حمود، واستبداله بقبرصلي.
قرارٌ متوقّع
وعليه، لم يُفاجأ «الحريريون» الذين كانوا ينتظرون القرار «المتوقّع»، على حد تعبيرهم، خصوصاً أنّه تسرّب إلى جميع المرجعيّات، ومن بينهم حمّود الذي نُقل عنه أنّه كان يعدّ كتاب استقالته، بعدما وُضع في الديوان، بتصرّف المدير العام الذي كان حتّى الأمس القريب مرؤوسه في العمل.
وإذا كان «تطيير» حمّود (وقبله المدير العام السابق اللواء عماد عثمان) جاء بناءً على تقاطعات محليّة وخارجيّة، فإنّ إبعاد رئيس القوة الضاربة في شعبة المعلومات العميد خالد عليوان أتى بشكلٍ مفاجئ. «رجل المهمّات الصعبة» الذي كان اسمه مطروحاً لتولي منصب المدير العام، تمّت تنحيته فعلياً، بعدما وُضع في تصرّف المدير العام.
ومثلهما، كان مصير قائد معهد قوى الأمن الدّاخلي بالوكالة العميد بلال الحجّار، الذي كان أيضاً مُرشّحاً محتملاً لخلافة عثمان، قبل أن «يُخفى» اسمه عن لائحة العهد الجديد ويتم وضعه في تصرّف وزير الدّاخليّة والبلديّات.
في حين يبدو إقصاء رئيس فرع معلومات بيروت، العميد عبدالله السمروط، مُختلفاً عن زملائه، لكوْنه يمتلك أقدميّة على مديره الجديد، ما يجعله فعلياً أعلى منه.
هكذا، بجرّة قلم، «قضى» عبدالله على أكثر الضبّاط السُّنّة قوّة ونفوذاً داخل المديريّة، مع ما يُمثّلون من قوّة سياسيّة لالتصاق أسمائهم بـ«المستقبل». وهو ما قُرئ على أنّه صفحة جديدة في عهد الانقلاب على «الازرق»، وإن كانت معركة إضعاف «الحريريّة» وإبعادها عن السُّلطة تُخاض تحت عنوان «المعايير والسير الذاتية الحسنة».
في المقابل، أراح المدير العام الجديد نفسه من عناء التصرّف مع الضباط الكبار، كما أراح مسيرة قبرصلي، الذي سقط بطريقة غير مفهومة على فرع أمني يتطلب اختصاصاً ومعرفة سياسية، سيما أن قبرصلي يُعد من الضبّاط الإداريين الذين لا يمتلكون خبرةً بآليّة العمل داخل «الشعبة» التي لم يتسلّق درجاتها، كما حصل مع أسلافه، وفق تعبير عدد من ضبّاط المديريّة.
واعتبر هؤلاء أنّ «تعيينه قد يؤثّر سلباً على سيْر العمل»، وسط انطباع واسع، بأن اللواء عبدالله الآتي من الشعبة نفسها، سيكون هو الرئيس الفعلي لها، وليس قبرصلي. ما عزّز مخاوف الضباط المعترضين من أن هذه التشكيلات قد تكون مقدّمة لإضعاف الشعبة التي تُعدّ أكثر الأجهزة تطوّراً ودقّة والإجهاز عليها، بعد إفراغها من أهمّ ضبّاطها وأكثرهم خبرةً.
ولم يُعرف كيف سيملأ عبدالله «المقاعد الشاغرة» داخل المديريّة، وتحديداً منصب رئيس القوّة الضاربة، وإذا ما أعدّ «اسماً استفزازياً» لـ«المستقبليين».
وإن كان بعض المتابعين يلفتون إلى أنّ كل الأسماء المطروحة من العمداء السُّنّة، ومن بينهم قبرصلي، ليسوا بعيدين عن «المستقبل» باعتبار أنّ جميعهم يدورون أصلاً في فلكه.
وإلى جانب التشكيلات في ما خصّ الضبّاط السُّنّة، برزت في تعميم عبدالله الإطاحة برئيس المكتب الإقليمي لشعبة المعلومات في الجنوب العميد زاهر عاصي، المقرّب من رئيس مجلس النوّاب نبيه بري. فيما شُكّل العميد جورج خيرالله رئيساً لديوان المدير العام.
اللواء:
ترحيب بقاعي بانتشار الجيش.. والبدء بإغلاق معابر التهريب
عون: لبنان مصرّ على إنهاء احتلال النقاط الخمس واستعادة الأسرى.. وسلام يؤكد على ملاحقة المهربين
في خطوة تركت ارتياحاً واسعاً، شعبياً وسياسياً، بسط الجيش اللبناني سلطاته على قرية حوش السيد علي، بتنسيق مع السلطات السورية، للحؤول دون عودة الأوضاع للتدهور، كما سيطر على عدد من المعابر غير الشرعية. وعلى الرغم من بعض التشويشات غير المبررة، التي واجه «بعض العناصر» وحدات الجيش، والهتافات التي اطلقت، بغير اتجاه، وبلا اي معنى، فضلاً عن ممارسات مسيئة ضد بعض الاعلاميين الذين تواجدوا في المنطقة لتغطية التطورات العسكرية الايجابية.
وقالت مصادر سياسية لـ«اللواء» أن آلية التعيينات الإدارية يفترض أن تسلك طريقها في مجلس الوزراء اليوم بعد ما اشبعت درسا ورأت أنه بمجرد إقرارها فإن هناك شروطا تتم مراعاتها قبل أن تكون الكلمة الفصل لمجلس الوزراء.
إلى ذلك تحدثت المصادر نفسها عن أن التطورات على الحدود مع سوريا وما جرى في منطقة حوش السيد علي قد يحضر في مجلس الوزراء حيث يتم التأكيد على دور القوى العسكرية الشرعية ومن غير المستبعد أن يتم التطرق إلى ما وجِّه للجيش من اتهامات بالتخوين لحظة دخوله المنطقة.
وفي قصر بعبدا أنجزت التحضيرات لمأدبة الافطار التي يقيمها رئيس الجمهورية بحضور سياسيين وديبلوماسيين وامنيين وشخصيات مختلفة وأمامهم يلقي كلمة شاملة تتمحور حول الملفات الأساسية.
ونفى مصدر وزاري لـ«اللواء» كل ما تروِّجه مطابخ بعض السياسيين، عن تعيينات معينة في بعض الادارات العامة، مؤكداً ان كل التعيينات ستخضع للآلية التي سيقرها مجلس الوزراء اليوم، والتي تحافظ على الاسس التي ارسى قواعدها اتفاق الطائف.
وسط ذلك، تصر الادارة الاميركية على لبنان لفتح قنوات اتصال لحل احتلال النقاط الخمس، وقد تواصلت الموفدة الاميركية مورغن اروتاغوس مع كبار المسؤولين من اجل ذلك.
وقالت المعلومات ان الاتصال جاء بهدف تشكيل لجان تفاوض تحت طائلة سحب اليد الاميركية من لجنة المراقبة، وترك اسرائيل تتصرف كما هي الحال في غزة.
وتوقفت مصادر سياسية عند ما قاله وزير الخارجية يوسف رجي من ان حزب الله يتنصل من اتفاق وقف النار، والنص واضح وصريح ويحدد المجموعات المسموح لها حمل السلاح.
وفي الاطار، كشف مصدر على صلة بالادارة الاميركية ان واشنطن لا تمانع ان تعاود اسرائيل الحرب في لبنان، عبر اجتياح بري واسع، يهدف الى تهجير شيعة الجنوب، في حال رفضوا الرضوخ لما يمكن وصفه بـ«سايكس – بيكو» جديد، وهو يعني معاهدات وتسولات مع اسرائيل للتنازل عن مساحات حدودية شاسعة جنوباً لصالح توسيع دولة الاحتلال.
وتحضر هذه الاوضاع الخطيرة وانعكاساتها على جدول اعمال مجلس الوزراء اليوم، والمخصص اصلاً لإعادة قراءة آلية التعيين في وظائف الدولة، ثم اقرارها بصورتها النهائية.
وكشف مصدر مطلع انه صرف النظر عن جلسة كانت متوقعة غداً، لتعيين حاكم لمصرف لبنان.
سياسة ومناقالات أمنية
وتبقى التشكيلات والتعيينات الدبلوماسية موضع عناية وزير الخارجية يوسف رجّي الذي قال لـ «اللواء»: لا شيء بعد على صعيد التشكيلات الدبلوماسية ونحن نقوم بدرسها بالتنسيق مع الرئيسين جوزاف عون ونواف سلام على ما يجب ان نقوم به.
وحول معالجة الوضع مع سوريا قال الوزير رجّي: التنسيق قائم بين وزيري دفاع البلدين في هذا الموضوع، ونحن نعمل دوماً على متابعة الوضع وندرس الخطوات المقبلة، لكن الامر بحاجة الى بعض الوقت.
ويرافق الوزير رجي الرئيس عون في زيارته المرتقبة الى باريس في 28 من الشهر الحالي، فيما يرتقب وصول الموفد الرئاسي الفرنسي إلى لبنان جان إيف لودريان إلى بيروت الثلاثاء المقبل لتنسيق الزيارة والاطلاع على تطورات الوضع اللبناني لوضع الرئيس الفرنسي ماركون في صورته قبل زيارة عون لباريس.
وفي اطار المناقلات والتشكيلات الامنية، اصدر مدير عام قوى الأمن الداخلي اللواء رائد عبدالله برقية مناقلات في المديرية ابرز ما فيها تعيين العميد محمود قبرصلي رئيساً لشعبة المعلومات، بدل العميد خالد حمود الذي جرى فصله مع العميد خالد عليوان الى الديوان بتصرف المدير العام. كما جرى فصل العميد جورج خير الله من إمرة فصيلة الاشرفية وتعيينه في رئاسة ديوان المدير العام. وفصل رئيس مكتب مكافحة المخدرات الاقليمي في الجنوب العميد زاهر عاصي ووضعه بتصرف المدير العام.
وفي السياق، أكد رئيس الحكومة نواف سلام، «أن حكومته بدأت العمل على جملة ملفات، سياسية واقتصادية واجتماعية، معتبراً أن لا بد لقطار الدولة أن ينطلق على أكثر من مستوى أو مسار، من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب، وفي العاصمة بيروت. وأشار سلام إلى التركيز على معالجة كل الأزمات في بيروت، بما تعنيه من عاصمة وحاضنة ومدينة جامعة لكل اللبنانيين من مختلف المكونات. وذلك من خلال تكثيف العمل على تعزيز الأمن والسلم الأهلي، والتنسيق مع كل الجمعيات المعنية في المدينة لتعزيز الواقع الأمني، والإنمائي والاجتماعي والصحة.
وقال: فعلى الصعيد الأمني نعمل على إطلاق خطة أمنية وخطة تتصل بالسير والسلامة المرورية في العاصمة. وسترون نشاطاً بارزاً للقوى الأمنية على هذا الصعيد.
وزيرة خارجية المانيا
في هذا الوقت حطت وزيرة خارجية المانيا انالينا بيربوك في بيروت في زيارة وصفتها مصادر رسمية لـ «اللواء» بانها استطلاعية قبل نهاية ولايتها الوزارية. والتقت الرئيس عون بحضور الوزير رجّي، واكدت بيربوك على أهمية إقرار الاصلاحات بعد تشكيل الحكومة، ونقلت اهتمام بلادها بالأوضاع في لبنان لاسيما في الجنوب وعلى الحدود اللبنانية- السورية. واستوضحت «طبيعة الاحداث التي وقعت على الحدود اللبنانية-السورية».
وابلغ الرئيس عون الوزيرة أنه مقتنع بأن «لبنان لا يمكن ان ينهض من جديد من دون اصلاحات، وبالتالي فإن هذا المطلب ليس مطلبا دوليا او اقليميا، بل حاجة لبنانية، مؤكدا ان توجهات العهد والحكومة واضحة لجهة السير بهذه الاصلاحات على مختلف المستويات.
وأكد الرئيس عون ان «استمرار احتلال اسرائيل لاراض وتلال في الجنوب يعرقل تنفيذ القرار 1701 ويتناقض مع الاتفاق الذي تم التوصل اليه في تشرين الثاني الماضي»، لافتا الى ان «الجيش اللبناني الذي انتشر في كل الاماكن التي انسحب منها الاسرائيليون يقوم بواجبه كاملا في بسط الامن ومصادرة السلاح على انواعه».
وأكد الرئيس عون للوزيرة الالمانية ان «اسرائيل رفضت كل الاقتراحات التي تقدم بها لبنان لإخلاء التلال الخمس التي لا تزال تحتلها واحلال قوات دولية مكانها، ولا تزال المساعي الديبلوماسية والمفاوضات مستمرة من اجل ايجاد حل جذري لهذه المسألة»، مشيرا الى أن «اسرائيل لا تزال تحتفظ بعدد من الاسرى اللبنانيين ولم تسلم سوى خمسة منهم، علماً ان لبنان مصر على استعادة جميع الاسرى الذين اعتقلتهم اسرائيل مؤخرا».
وردا على سؤال حول الاوضاع على الحدود اللبنانية-السورية، ابلغ الرئيس عون وزيرة الخارجية الالمانية ان «الاتصالات مستمرة مع الجانب السوري لاعادة الاستقرار الى الحدود اللبنانية- السورية وأن الجيش اللبناني انتشر في البلدات المتاخمة لمنع تكرار ما حصل خلال الايام الثلاثة الماضية.
وزارت بيربوك رئيس مجلس الوزراء الدكتور نواف سلام، وأكدت له استمرار دعم بلادها للبنان في هذه المرحلة، عبر مشاريع اقتصادية واجتماعية بالاضافة إلى استمرار دعم الجيش اللبناني ومن خلال المشاركة في قوات اليونيفيل.
وقال سلام خلال اللقاء: أن توطيد الاستقرار في لبنان يبدأ من الجنوب. وأن تحقيق الاستقرار يتطلب دعم لبنان بالمجالات المختلفة، لا سيما في ملف إعادة الاعمار، وفي القطاعات الاقتصادية. خصوصاً أن الحكومة استأنفت المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، ووضعت خطة شاملة للإصلاح وهي التزمت بالإصلاح في بيانها الوزاري، كحاجة وضرورة وطنيتين.
واعتبر سلام أن هناك فرصة جدية في سوريا بنتيجة التغيير الذي حصل، مطالباً ألمانيا بالمساعدة على توفير المتطلبات اللازمة لإعادة النازحين السوريين بما يتطابق مع شروط عودتهم الكريمة والمستدامة.
الجيش في حوش السيد علي
في البقاع، تمركزت خمسون آلية في الجانب اللبناني من حوش السيد علي لحفظ الامن والتصدي للخروقات.
وقالت قيادة الجيش اللبناني ان الوحدات العسكرية بدأت بتنفيذ تدابير امنية في البلدة، بما في ذلك تسيير دوريات.
على ان المثير للاشمئزاز ظهور كلام عدائي ضد الجنود والضباط، وهتافات للشهيد السيد حسن نصر الله، لكن عشائر الهرمل سارعت الى الاستنكار وطالبت بحماية الجيش.
وشدد الرئيس جوزف عون على ضرورة تثبيت وقف اطلاق النار، ووقف الاعتداءات وضبط الحدود عند القرى المتاخمة.
وكان عون بقي على اتصال مع قائد الجيش رودولف هيكل، لمتابعة سير دخول الجيش واتصالات التهدئة مع الجانب السوري.
كما تابع وزير الدفاع ميشال منسى التطورات الميدانية عند الحدود الشرقية والشمالية، واجرى ما يلزم من اتصالات للمحافظة على الاستقرار في المنطقة.
وشهدت الحدود الشمالية الشرقية انتشاراً كبيراً لوحدات الجيش اللبناني، في حين تستعد العائلات التي نزحت عن البلدة قبل يومين للعودة إليها، بانتظار استكمال إعادة انتشار الجيش اللبناني وفتح الطريق أمامهم للدخول مجددًا.
ومساء، اعلن الجيش السوري عن اتفاق مع الجيش اللبناني على إنهاء الوجود العسكري في قرية حوش السيد علي وإعادة المدنيّين. وقال: نه تم خلال الاتفاق على انسحاب وحدات الجيشين السوري واللبناني من أراضي قرية حوش السيد علي وضمان عودة المدنيين إليها دون أي وجود عسكري داخلها، حيث يتمركز الجانبان على أطراف البلدة.
ونقلت وكالة «سانا» عن قائد عسكري سوري: أن الجيش السوري ملتزم بتنفيذ الاتفاق ونؤكد على أن أي خرق لهذا التفاهم من قبل «حزب الله» سيواجه برد حازم ومباشر دون إنذار مسبق.
ولكن يبدو ان بعض اهالي المنطقة استاؤوا من انسحاب الجيش الى خارج البلدة وطالبوا ببقائه لحمايتهم من اي اعتداء.
وبدأ الجيش اللبناني اغلاق معابر غير شرعية بين الاراضي اللبنانية والسورية.
اللجنة الوزارية
وعقدت اللجنة الوزارية المكلفة بدراسة التدابير الواجب اتخاذها لضبط ومراقبة الحدود على اختلافها ومكافحة التهريب إجتماعاً برئاسة رئيس الحكومة الدكتور نواف سلام، وفي حضور وزراء المالية ياسين جابر، الدفاع الوطني اللواء ميشال منسى، الداخلية والبلديات العميد احمد الحجار، العدل عادل نصار، الاشغال العامة والنقل فايز رسامني ، مدير عام القصر الجمهوري الدكتور انطوان شقير والامين العام لمجلس الوزراء محمود مكية.
وبعد الاجتماع جرى التأكيد على: تقدير الدور الذي يقوم به الجيش اللبناني، في حماية أمن المواطنين.
تعزيز إمكانيات الجيش عتاداً وعديداً.
التشدد في مكافحة التهريب.
واعتقال المهربين، وإحالتهم إلى القضاء المختص.
كما تقرر الطلب إلى وزير الدفاع متابعة التواصل مع نظيره السوري لمعالجة الأسباب التي أدت إلى اندلاع الاشتباكات، مؤخراً، ولمنع تكرارها، وذلك عبر تعزيز التنسيق والتواصل مع السلطات السورية لما يحفظ أمن البلدين وسلامة الأراضي والمواطنين.
وانطلاقاً من استراتيجية الادارة المتكاملة للحدود (Ibm)، قررت اللجنة ضرورة متابعة إجراءاتها التنفيذية من قبل الوزارات والجهات المعنية. على أن تستكمل اللجنة عملها في اجتماع قريب، في ضوء الاقتراحات التي قدمها الوزراء المعنيون.
الأمم المتحدة تدعو إسرائيل للانسحاب
وفي الجنوب، دعت الامم المتحدة اسرائيل الى سحب قواتها من جنوب لبنان، مشيرة الى رصد سبعة انشطة للجيش الاسرائيلي شمالي الخط الازرق.
ميدانياً، استهدف العدو الاسرائيلي منطقة «رباع التبن» جنوب كفرشوبا بقذيفة مدفعية. واطلقت قوات الاحتلال بعد ظهر أمس النار على مواطن في تل النحاس وجرى نقله الى مستشفى مرجعيون للعلاج.
وسمعت نهاراً صوات انفجارات ورمايات في بعض قرى الجنوب في القطاع الغربي تبين انها ناتجة عن مناورة يجريها العدو الاسرائيلي في الجليل قرب الحدود مع لبنان.
البناء:
التصعيد الأميركي الإسرائيلي على اليمن وغزة يواجه بالصمود ويستنهض العالم
انفجار الوضع في تركيا بعد اعتقال رئيس بلدية اسطنبول وتظاهرات تعمّ المدن
تفاؤل بقاعيّ بانتشار الجيش وتصدّيه للاعتداءات… والجنوبيون يأملون المثل
كتب المحرّر السياسيّ
تواصلت الاعتداءات الأميركية على اليمن مستهدفة مدنه وتجمعاته السكنية، بينما واصلت القوات اليمنية الردّ على الاعتداءات واستهداف حاملة الطائرات الأميركية هاري ترومان بالصواريخ البالستية والطائرات المسيرة، فيما دخلت الحرب على غزة يومها الثاني بالمزيد من الغارات التي تحصد أرواح النساء والأطفال. ومع الثبات اليمني والفلسطيني على خط مواجهة العدوان، عادت التظاهرات المساندة لغزة إلى ملء شوارع المدن العالمية الكبرى، فعمت التظاهرات مدن أوروبا وأميركا وعدداً من المدن العربية. وشهدت المواقف السياسية للحكومات الغربية دعوات واضحة لوقف الحرب والعودة الى اتفاق وقف إطلاق النار، وتسجيل فشل إعلامي ودبلوماسي أميركي إسرائيلي في حشد رأي عام مساند للحرب أو في حشد تأييد سياسي للحكومات التي وقفت مع الحرب الإسرائيلية بعد طوفان الأقصى.
الحدث الجديد الذي فاجأ المنطقة والعالم كان ما شهدته تركيا مع الحملة التي شنتها حكومة الرئيس رجب أردوغان على المعارضة التي يمثل حزب الشعب الجمهوري ومرشحه الرئاسي أكرم إمام اوغلو الذي جرى اعتقاله بتهم رشى وفساد وإرهاب مع مئة من مناصريه، ولم تتأخر الحركة الاحتجاجية على العملية عن الظهور بقوة تمثلت بآلاف المتظاهرين الذين ملأوا شوارع المدن التركية الكبرى، وسط حظر للتجول أعلن في اسطنبول، وحظر شمل وسائل التواصل الاجتماعي، بينما بدأت الاتصالات بين أحزاب المعارضة لتنظيم تحركات حاشدة يتوقع أن تشهدها المدن التركية اليوم مع دعوة حزب الشعب الجمهوري لأعضائه إلى الحضور الى مراكز الحزب في كل أنحاء تركيا العاشرة صباح اليوم لتنظيم التحركات الاحتجاجية. والأحداث التركية تأتي على خلفية انقسامات عميقة ممتدة إلى تاريخ بدء الحرب على غزة والاتهامات التي واجهت أردوغان بالخداع وتقديم الدعم لحكومة بنيامين نتنياهو اقتصادياً والإحجام عن إغلاق سفارة الاحتلال في أنقرة، وجاءت أحداث سورية ودخول الجماعات المسلحة المدعومة من حكومة أردوغان إلى دمشق وتسليمها الحكم فيها، مع ارتفاع صيحات العثمانية المتطرفة التي تصفها المعارضة بـ الفاشية الجديدة، لتنفجر الأوضاع مع مجازر الساحل السوري التي فوجئت الجماعات التركية العلوية بعدم اتخاذ حكومة أردوغان أي خطوة لوقفها، ما وضع العلوييين في تركيا في حالة تصادم مع الحكومة على خلفية اتهام الحكومة برعاية أعمال تطهير عرقي ضد الطائفة العلوية. وتتابع الأوساط الدولية ما يجري في تركيا باهتمام مع مواقف صدرت عن الاتحاد الأوروبي تصف ما جرى بالخطير والمثير للقلق.
لبنانياً، مع دخول الجيش إلى بلدة حوش السيد علي في الشمال الشرقي للبقاع، ساد التفاؤل الأجواء بين الأهالي بعدما قام الجيش بالتصدّي للاعتداءات التي تعرّض لها أبناء البقاع من الجماعات المسلحة خلف الحدود، وكان للحدث البقاعي ترددات في الجنوب حيث يواصل الاحتلال اعتداءاته اليومية ويتمسك باحتلال أراضٍ لبنانيّة تزيد عن مساحة التلال الخمس، وسط موقف أميركيّ يقدم التغطية للاحتلال والعدوان ويدعو لبنان لقبول الدعوة للتفاوض السياسي، وتتحدّث أوساط جنوبية عن تفاؤل بأن يقف الجيش اللبناني في الجنوب وقفة شبيهة بوقفته البقاعية، كترجمة لتحمله المسؤولية الحصرية لحمل السلاح في جنوب نهر الليطاني، وامتلاكه حق الدفاع عن النفس بموجب اتفاق وقف إطلاق النار.
بقي الوضع الأمني الحدودي من البقاع الى الجنوب في واجهة الاهتمام المحلي الرسمي والعسكري والشعبي أمس. في السياق، أعلنت قيادة الجيش – مديرية التوجيه في بيان أن «في ظل الأحداث التي شهدتها منطقة الحدود اللبنانية السورية، وبعد التنسيق بين السلطات اللبنانية والسورية بغية الحؤول دون تدهور الأوضاع على الحدود، بدأت الوحدات العسكرية المنتشرة تنفيذ تدابير أمنية في منطقة حوش السيد علي – الهرمل، بما في ذلك تسيير دوريات، لضبط الأمن والحفاظ على الاستقرار في المنطقة الحدودية». وكانت قيادة الجيش أشارت أيضاً إلى أن «ضمن إطار مراقبة الحدود وضبطها في ظل الأوضاع الراهنة، والعمل على منع أعمال التسلل والتهريب، أغلقت وحدة من الجيش المعابر غير الشرعية: المطلبة في منطقة القصر – الهرمل، والفتحة والمعراوية وشحيط الحجيري في منطقة مشاريع القاع – بعلبك».
وتابع رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون التطورات الأمنية عند الحدود الشمالية – الشرقية، وتلقى سلسلة اتصالات من قائد الجيش العماد رودولف هيكل أطلعه فيها على الإجراءات التي يتخذها الجيش لإعادة الهدوء والاستقرار إلى المنطقة. وشدّد الرئيس عون على «ضرورة تثبيت وقف إطلاق النار ووقف الاعتداءات وضبط الحدود على القرى المتاخمة».
جنوباً، أصيب جندي في قوات «اليونيفيل» جراء انفجار لغم أرضي في الوادي الواقع بين ياطر وزبقين في القطاع الغربي.
ليس بعيداً، حاضر قائد القطاع الغربي لليونيفيل، الجنرال نيكولا ماندوليسي، خلال ورشة عمل جامعية مخصصة للتواصل الفعّال، شملت دروسًا حضورية وأنشطة تجريبية.
وتحدّث عن «التركيز الحالي للبعثة، الذي يشمل مراقبة وقف الأعمال العدائية، ودعم عمل الجيش اللبناني وتسهيله، ومساعدة السكان المحليين». ولفت إلى أن «وجود اليونيفيل أمر أساسي لتحقيق الاستقرار والسلام»، وأن تعاوننا وتفاعلنا مع المجتمعات المحلية والجيش اللبناني هما عنصران أساسيان لنجاح السلام»، وقال: «أنتم، الشباب، أنتم الحاضر والمستقبل للمجتمع». وشدّد على «أهمية التعاون المستمر في بناء الثقة وتعزيز السلام، وعلى أن التفاعل مع المجتمعات المحلية هو ركيزة أساسية في مهمة حفظ السلام في لبنان، مما يرمز إلى الحضور الدولي».
وسط هذه الأجواء، وصلت الى بيروت بعد ظهر اليوم وزيرة الخارجية الألمانية انالينا بيربوك، مستهلة زيارة للبنان تلتقي خلالها عدداً من المسؤولين اللبنانيين ستعرض خلالها لمختلف التطورات سياسياً واقتصادياً وعسكرياً.
أكد رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون لوزيرة الخارجية الألمانية Annalena Charlotte Alma Baerbock خلال استقباله لها بعد ظهر أمس في قصر بعبدا مع الوفد المرافق، بحضور وزير الخارجية والمغتربين يوسف رجي، أنه مقتنع بأن «لبنان لا يمكن ان ينهض من جديد من دون إصلاحات، وبالتالي فإن هذا المطلب ليس مطلباً دولياً أو إقليمياً، بل حاجة لبنانية»، مؤكداً ان «توجهات العهد والحكومة واضحة لجهة السير بهذه الإصلاحات على مختلف المستويات».
وأكد الرئيس عون أن «استمرار احتلال «إسرائيل» لأراضٍ وتلال في الجنوب يعرقل تنفيذ القرار 1701 ويتناقض مع الاتفاق الذي تمّ التوصل إليه في تشرين الثاني الماضي»، لافتاً إلى أن «الجيش اللبناني الذي انتشر في كل الأماكن التي انسحب منها الإسرائيليون يقوم بواجبه كاملاً في بسط الأمن ومصادرة السلاح على أنواعه».
وأكد الرئيس عون للوزيرة الألمانية أن «إسرائيل» رفضت كل الاقتراحات التي تقدم بها لبنان لإخلاء التلال الخمس التي لا تزال تحتلها وإحلال قوات دولية مكانها، ولا تزال المساعي الديبلوماسية والمفاوضات مستمرة من أجل إيجاد حل جذري لهذه المسألة»، مشيراً إلى أن «إسرائيل» لا تزال تحتفظ بعدد من الأسرى اللبنانيين ولم تسلم سوى خمسة منهم، علماً أن لبنان مصرّ على استعادة جميع الاسرى الذين اعتقلتهم «إسرائيل» مؤخراً».
وأكد رئيس مجلس الوزراء الدكتور نواف سلام خلال استقباله وزيرة خارجية ألمانيا أن توطيد الاستقرار في لبنان يبدأ من الجنوب. وقد حضرت الوزيرة الألمانية على رأس وفد ضمّ: النائب أرمن لاشيه، سفير المانيا في لبنان كورت جورج شتوكل -شتيلفريلد، ومدير دائرة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في الخارجية الألمانية توبيا تانكل، الناطقة باسم الخارجية الألمانية كاثرين ديشاور، وكليمنس شور من مكتب وزيرة الخارجية.
وأشار سلام إلى أن تحقيق الاستقرار يتطلّب دعم لبنان بالمجالات المختلفة، لا سيما في ملف إعادة الإعمار، وفي القطاعات الاقتصادية، خصوصاً أن الحكومة استأنفت المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، ووضعت خطة شاملة للإصلاح وهي التزمت بالإصلاح في بيانها الوزاري، كحاجة وضرورة وطنيتين.
نفى المبعوث الأميركي الخاص للشرق الأوسط ستيف ويتكوف ما أوردته إحدى الصحف حول لقاء ويتكوف بمسؤول لبناني لم يُكشف عن هويته في الدوحة، مشدداً على أن التقرير «كاذب ومضلل»، موضحًا أن «نشر الشائعات والأخبار الكاذبة لا يؤدي إلا إلى إثارة البلبلة وزعزعة مصداقية وسائل الإعلام».
وأكد، في تصريح، أن «لبنان دولة مستقلة تتخذ قراراتها السياديّة بنفسها ونحن نثق في قدرة الحكومة على ذلك».
وشدّد ويتكوف على «أننا ندعم الرئيس جوزاف عون وحكومة رئيس مجلس الوزراء نواف سلام في سعيهما لبسط سيادة الدولة على كامل الأراضي اللبنانية».
وعشيّة جلسة لمجلس الوزراء ستخصّص لإقرار آلية التعيينات اليوم، أكد رئيس الحكومة نواف سلام، أن حكومته بدأت العمل على جملة ملفات، سياسية واقتصادية واجتماعية، معتبراً أن لا بد لقطار الدولة أن ينطلق على أكثر من مستوى أو مسار، من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب، وفي العاصمة بيروت. وأشار سلام إلى التركيز على معالجة كل الأزمات في بيروت، بما تعنيه من عاصمة وحاضنة ومدينة جامعة لكل اللبنانيين من مختلف المكوّنات. وذلك من خلال تكثيف العمل على تعزيز الأمن والسلم الأهلي، والتنسيق مع كل الجمعيات المعنية في المدينة لتعزيز الواقع الأمني، والإنمائي والاجتماعي والصحة. فعلى الصعيد الأمني نعمل على إطلاق خطة أمنية وخطة تتصل بالسير والسلامة المرورية في العاصمة. وسترون نشاطاً بارزاً للقوى الأمنية على هذا الصعيد.
عرض وزير المال ياسين جابر في مكتبه في الوزارة مع السفيرة الأميركية في لبنان ليزا جونسون شؤوناً عامة. كما التقى وفداً من مؤسسة «لازارد» Lazard برئاسة الخبير Jerome Alexis عرض لنظرة مؤسسته للإصلاحات التي تزمع الحكومة السير بها بالتعاون مع صندوق النقد الدولي، ولإعادة هيكلة الدين العام ومحفظة اليوروبوند.
واستقبل البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في الصرح البطريركي في بكركي، النائب فريد هيكل الخازن، الذي اعتبر بعد اللقاء أنّ «الوضع الأمني على الحدود خطير، وأن الأمور تتّجه نحو مزيد من التأزم»، مؤكّداً أن «الرادع الوحيد لحماية لبنان يكون بتعزيز مؤسسات الدولة، وإعادة بنائها، والمضي في الإصلاحات لتمكينه من مواجهة التحديات المتصاعدة». الخازن وبعد لقائه البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي في بكركي دعا الحكومة الى «اعتماد الكفاءة والشفافية والابتعاد عن الزبائنية السياسية في التعيينات الإدارية، والى القيام بالإصلاحات المطلوبة وعلى رأسها اللامركزية الإدارية وإقرار الهيئات الناظمة في الكهرباء والاتّصالات والمطار نظرًا لدورها المهم، بالإضافة إلى إقرار الإصلاحات الضرائبية». وحذّر من «تأجيل هذه الخطوات»، مشيراً إلى أنّ «يجب عدم تمرير الوقت بالتحجج بوجود انتخابات بلدية ومن بعدها انتخابات نيابية، فلا أولويات على الإصلاحات المطلوبة من الدول الخارجية وصندوق النقد ومن الداخل أيضاً».
من جهة ثانية، وفي إطار التشكيلات الأمنية، عيّن مدير عام قوى الأمن الداخلي اللواء رائد عبدالله العميد محمود قبرصلي رئيساً لشعبة المعلومات، بعد فصل العميد خالد حمود.
المصدر: صحف