انسحب جيش الاحتلال الإسرائيلي نهائياً من محور نتساريم الذي يفصل شمالي قطاع غزة عن جنوبه؛ تطبيقًا لاتفاقية وقف إطلاق النار. وذكر المراسل العسكري لموقع “والا” العبري أمير بوخبوط، أن الجيش تلقى تعليمات بإخلاء محور نتساريم الليلة تطبيقًا للاتفاق. ونشر المراسل مقطع فيديو يظهر حديثًا لأحد الضباط عبر اللاسلكي يطالب فيه الجنود بالانسحاب من نتساريم.
وفصلت قوات الاحتلال محافظتي غزة والشمال عن محافظات الوسط والجنوب في القطاع أوائل نوفمبر/تشرين الثاني 2023، وأجبرت أكثر من نصف مليون مواطن، تحت القصف والإبادة، على النزوح إلى ما زعمت أنها “مناطق إنسانية” جنوبي القطاع، لكنها لاحقتهم بالموت هناك.
وانسحبت قوات الاحتلال من معظم مناطق المحور (من البحر غربًا حتى شرق شارع صلاح الدين شرقًا) يوم 27 يناير/كانون الثاني الماضي؛ تنفيذًا لاتفاق وقف إطلاق النار، ما مكّن أكثر من نصف نازح من العودة إلى شمال غزة.
انسحاب جيش الاحتلال من محور “نتساريم” وسط قطاع غزة، وذلك في إطار اتفاق وقف إطلاق النار. pic.twitter.com/WAAujchbym
— شبكة قدس الإخبارية (@qudsn) February 9, 2025
مركز العمليات الإسرائيلي
وكان جيش الاحتلال قد أنشأ محور نتساريم، الممتد من كيبوتس “بئيري” في غلاف غزة إلى البحر الأبيض المتوسط، بطول 8 كيلومترات وعرض 7 كيلومترات، بهدف عزل شمال القطاع عن وسطه وجنوبه، وتأمين تحركات قواته بين مناطق التمركز العسكرية.
ويُعرف المحور إسرائيليًا بأنه كان مركز العمليات العسكرية التي أعقبت الاجتياح البري لقطاع غزة في أكتوبر/تشرين الأول 2023، حيث لعب دورًا رئيسيًا في تقسيم القطاع جغرافياً واجتماعياً، مما أدى إلى عزل آلاف العائلات وتأزيم الأوضاع الإنسانية في المناطق الشمالية.
وعلق روعي شارون لقناة “كان” العبرية، بعد قرار الإخلاء لمحور “نتساريم”، بالقول: “لم يتبق الكثير من وسائل الضغط بيد (إسرائيل) في هذه المرحلة، من المتوقع أن يقوم الجيش بإخلاء محور نتساريم، وبعد ذلك، ما سيبقى هو بطبيعة الحال إطلاق سراح المزيد من الفلسطينيين”، مضيفًا: “عندما يقول رئيس الوزراء: ‘لن نتجاهل الصور المروعة التي شاهدناها اليوم’، لست متأكدًا ما إذا كان هناك أي شيء آخر يمكن القيام به للضغط على حماس”.
وقالت صحيفة “يديعوت أحرونوت” إن المواقع التي تم إخلاؤها تقع شرق شارع صلاح الدين، مما يعني أن الجيش الإسرائيلي لن يبقي على أي وجود له في وسط وشمال قطاع غزة، باستثناء قوات الفرقة 162 التي تنتشر على طول المنطقة العازلة قرب الحدود. وأشارت الصحيفة إلى أن محور نتساريم كان يمثل نقطة استراتيجية للمناورة العسكرية الإسرائيلية، فضلاً عن أهميته لدى المستوطنين الذين كانوا يطمحون للعودة إلى الاستيطان في شمال القطاع.
المغول الجُدُد!
“لن نترك شيئاً للغزيين”
جنود الاحتلال يحرقون الممتلكات
قبيل انسحابهم من محور “نتساريم” في قطاع غزة pic.twitter.com/J1WMnUV72j
— أدهم شرقاوي (@adhamsharkawi) February 8, 2025
تحول استراتيجي في المعركة
وقال محللون فلسطينيون إن انسحاب جيش الاحتلال الإسرائيلي من محور نتساريم يمثل تحولًا استراتيجيًا في المعركة، إذ فشلت خطته في تقسيم قطاع غزة والسيطرة على شماله.
وحاول الاحتلال ترسيخ وجود دائم في المنطقة، لكنه اضطر للتراجع تحت وطأة المعارك وضغوط الاتفاقات السياسية، كما وسع سابقًا محور نتساريم ليصل عرضه إلى 80 كيلومترًا وعمقه إلى ما بين 6.5 و7 كيلومترات، وأقام 4 مواقع رئيسية مدعومة بأخرى مساندة.
وبالرغم من بدء جيش الاحتلال إنشاء بنى تحتية لتعزيز ديمومة وجوده، فإن معظم منشآته كانت قابلة للتفكيك، مما يعكس إدراكه إمكانية الانسحاب في أي لحظة. وفرض اتفاق وقف إطلاق النار في غزة على الاحتلال الخروج من نتساريم نهائيًا.
وكانت الخطة الإسرائيلية تهدف للسيطرة على المناطق الشمالية لغزة في مرحلة أولى، لكن المقاومة فرضت واقعًا مغايرًا أدى إلى إعادة الحسابات. وسيسهل الانسحاب الإسرائيلي من نتساريم حركة المواطنين، خاصة في ظل الحصار الذي فُرض بفعل سيطرة الاحتلال على المحور.
ضابط في الجيش الإسرائيلي أصدر أوامره قبل قليل بالانسحاب من المنطقة المتبقية من محور نتساريم، ما يعني انسحابًا كاملًا من المحور، على أن يكتمل الانسحاب قبل السادسة صباحًا تنفيذاً للاتفاق مع المقاومة الفلسطينية . pic.twitter.com/aONgfX1K3i
— Tamer | تامر (@tamerqdh) February 8, 2025
واعتبر المحللون أن الانسحاب ليس مجرد خطوة عسكرية، بل يحمل أبعادًا سياسية واستراتيجية، إذ يعكس إخفاق الرؤية الإسرائيلية تجاه غزة، ويؤكد أن إرادة المقاومة والتفاوض يمكن أن تفرض معادلات جديدة على الأرض.
وبدأ سريان اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى بغزة يوم 19 يناير/كانون الثاني الماضي، ويتضمن 3 مراحل تستمر كل منها 42 يومًا، يتم في الأولى التفاوض لبدء مرحلة ثانية ثم ثالثة، بوساطة كل من قطر ومصر والولايات المتحدة.
المصدر: مواقع