استشهدت طفلة في غزة تبلغ من العمر (20 يوماً)، بعد أن تجمد الدم في عروقها لتفارق الحياة من شدة البرد، في خيمة نزوح في المواصي غرب مدينة رفح جنوب القطاع، في أحدث صور الإجرام الاسرائيلي في هذا القطاع المحاصر، والذي يتعرض لحرب ابادة منذ (442 يوماً) على التوالي.
منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) قالت في اخر تقاريرها أن غزة هي واحدة من أكثر الأماكن المحزنة للعاملين في المجال الإنساني، لأن كل جهد صغير لإنقاذ حياة طفل يضيع بسبب الدمار العنيف. وقالت الدكتورة ميمي سيد “نحن كأطباء ندق ناقوس الخطر بشأن الظروف الصحية المزرية في قطاع غزة. الأطفال هنا لا يعانون فقط بل يموتون في صمت. ادعو لاتخاذ إجراءات دولية عاجلة لمعالجة الأزمة الصحية ودعم الجهود الطبية على الأرض”.
ومن جانبها، اعتبرت لويز واتريدج، مسؤولة الطوارئ في الأونروا أن “كل الطرق في غزة تؤدي إلى الموت فإذا لم يمت الأهالي جراء القنابل أو حرق الخيام فإنهم يموتون بسبب نقص الأدوية وانتشار الأمراض القابلة للعلاج وشرب المياه القذرة”.
اما صور المجاعة وطوابير الأطفال الجوعى فتنتشر في انحاء القطاع. شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية قالت ان 90 % من سكان غزة يعانون درجات مختلفة بسبب المجاعة وسوء التغذية الشديدة في ظل الكميات القليلة من الغذاء التي تدخل القطاع، فضلاً عن مرور أكثر من شهرين على منع دخول الإمدادات الأساسية إلى شمال غزة، وفقدان التواصل التام مع الأسر هناك.
وفي وقت سابق حذرت الامم المتحدة من القيود التي يفرضها العدو الصهيوني على تدفق المساعدات الإنسانية، لافة إلى أن المستوى الكارثي للجوع وخطر المجاعة في غزة، أمر لا يمكن قبوله.
تطورات اليوم الميدانية في قطاع غزة
هذا، وتتواصل الغارات الاسرائيلية على كافة مناطق شمال القطاع منذ ليلة أمس وحتى اليوم، ارتقى خلالها اكثر من 23 مواطنا. وأفاد مراسل المنار بأن 3 غارات استهدفت تجمعات للمواطنين في حي الشاطئ غربي مدينة غزة، ما أدى إلى استشهاد 7 مواطنين.
واستشهد طفل وأصيب آخرون، اثر قصف للاحتلال استهدف منزلاً في محيط مدرسة التابعين شرق مدينة غزة، بالتزامن مع شن الطيران الاسرائيلي سلسلة غارات استهدفت أحياء الزيتون، والصبرا، جنوب مدينة غزة، ما تسبب بارتقاء عدد من الشهداء.
وطوال ليل أمس وحتى اليوم، شهدت المناطق المحاصرة في شمال غزة، وأبرزها مخيم جباليا ومشروع بيت لاهيا وحي تل الزعتر، عشرات عمليات النسف والتفجير باستخدام الروبوتات المتفجرة والمكعبات المتفجرة. وطالت هذه التفجيرات أيضاً محيط مستشفى كمال عدوان وتحديدا حي العلمي المحاذي لها. وفي المنطقة نفسها، شن الاحتلال عدداً من الغارات قبل أن يستهدفها بالقذائف الحارقة التي تسببت باندلاع حرائق كبيرة في محيط المستشفى من جهاته الثلاث.
وعند مستشفى كمال عدوان أيضاً، استهدف جيش الإحتلال صباح اليوم عددا من المواطنين حاولوا الوصول إلى بوابة المستشفى للحصول على الخدمة الطبية، ما تسبب بارتقاء 3 شهداء. ومع ساعات الظهيرة استهدف الاحتلال مواطنا آخر حاول الوصول إلى المستشفى، ما تسبب بإستشهاده، ولم يستطع أحد الوصول إليه، لإنقاذه أو لإنتشال جثمانه الملقى في الشارع.
أما في حي الزعتر وفي محيط مستشفى العودة، فقد فجر جيش الإحتلال عدد من الروبوتات في شارع الصالة. وفي الجهات الشرقية لمستشفى العودة توالت عمليات النسف والتفجير ثم الإستهداف بقذائف المدفعية لمحيط المستشفى ما تسبب بإصابة عدد من المواطنين.
مدير مستشفى كمال عدوان أطلق صباح اليوم مناشدة للجهات الدولية والحقوقية بضرور. التدخل لإنقاذ الجرحى والطواقم الطبية في مستشفيات كمال العدوان والعودة والأندونيسي، المحاصرة لليوم الـ 80 على التوالي، حيث لم تصلها إمدادات الطعام ولا إمدادات المستهلكات الطبية والدواء.
الانروا: حرب كيان الاحتلال الوقحة على الوكالة لن تنهي مسألة اللاجئين
ومنذ بدء العدوان على غزة، كثف كيان العدو حملته التحريضية ضد وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين ” الأنروا” بهدف تفكيكها وإنهاء عملها، حيث أوقفت عدة دول مانحة تمويلها لهذه الوكالة التي تّعد حالياً أكبر مزود للمساعدات الإنسانية للناس في غزة.
هجومٌ دفع مفوض الاونروا فيليب لازاريني إلى التساؤل عن موقف العالم مما تتعرض له الوكالة. فتحت عنوان “الاونروا قد تُجبر على التوقف عن إنقاذ الأرواح في غزة، فهل سيسمح العالم بحدوث ذلك” حذر لازاريني في مقال له في صحيفة الغارديان من أن الوكالة قد تُضطر إلى وقف عملها في الأراضي الفلسطينية المحتلة إذا تم تنفيذ التشريع الذي أقره الكنيست الصهيوني. مضيفاً أن هذه القوانين من شأنها أن تعيق الرد الإنساني في غزة وتحرم الملايين من اللاجئين الفلسطينيين من الخدمات الأساسية في الضفة الغربية بما في ذلك القدس.
وشدد لازاريني على أن حرب إسرائيل الوقحة على الأونروا لن تنهي مسألة اللاجئين داعياً العالم إلى التحلي بالشجاعة لمنع توقفها. وهنا، نبّه مفوض الأنروا إلى أن منع اللاجئين الفلسطينيين من الوصول إلى التعليم والرعاية الصحية والخدمات الاجتماعية الأخرى سيكون تأثيره مدمراً وممتداً إلى أجيال عديدة، معتبراً أن التواطؤ في هذا المسعى لا يؤدي إلى تآكل إنسانيتنا فحسب بل وإلى تآكل شرعية نظامنا المتعدد الأطراف أيضاً.
ورأى لازاريني أن الغياب شبه الكامل للعقوبات السياسية أو الاقتصادية أو القانونية عن الانتهاكات الصارخة لاتفاقيات جنيف، والتجاهل التام لقرارات مجلس الأمن والجمعية العامة، والتحدي العلني لأحكام محكمة العدل الدولية، يجعل النظام الدولي القائم على القواعد موضع سخرية.
وحول الحملة التضليلية الصهيونية ضد الاونروا، لفت لازاريني إلى أن الحرب على غزة ترافق معها هجوم على من يتحدثون دفاعا عن حقوق الإنسان والقانون الدولي وضحايا الحرب البربرية، وفجأة يتم تصنيف العاملين في المجال الإنساني الذين خدموا لعقود من الزمن، السكان المتضررين من الحرب، على أنهم إرهابيون.
وأوضح أنه يتم ترهيب ومضايقة منتقدي سياسات حكومة نتنياهو وأفعالها، والآن يتم نشر الدعاية التحريضية التي ترعاها وزارة الخارجية الإسرائيلية على لوحات إعلانية في مواقع رئيسية في الولايات المتحدة وأوروبا، وتكملها إعلانات غوغل التي تروج لمواقع الويب المليئة بالمعلومات المضللة، مؤكداً أن هذه جهود مموّلة جيدا لصرف الانتباه عن وحشية الاحتلال غير القانوني والجرائم الدولية التي تُرتكب بإفلات تام من العقاب تحت أبصارنا.
المصدر: المنار